الثورة / عبدالرحمن عبدالله
بدأت الجزائية المتخصصة -وهي محكمة يمنية متخصصة في الجرائم الماسة بالأمن الوطني- في صنعاء أمس الاثنين 8 فبراير 2021م ، محاكمة جواسيس وعملاء تابعين للاستخبارات البريطانية (SIS) و SIS))هو اختصار لاسم جهاز الاستخبارات البريطاني ويملك باعا طويلا في الأعمال الجاسوسية والحروب القذرة التي تمارسها بريطانيا في العالم منذ القرن السابع الميلادي» ، وتشارك بريطانيا ضمن تحالف مكون من 22 دولة غربية وعربية في العدوان العسكري على اليمن منذ مارس 2015م ، ويعتبر المحلل السياسي والكاتب المتخصص في السياسة الخارجية البريطانية ديفيد ويرنغ، إن “الحرب على اليمن حرب بريطانيا في المقام الأول” وأنها “ما كانت تبدأ من دون الدور البريطاني فيها” ، وفي مقالة نشرها على صحيفة الغارديان قال ديفيد “تعد بريطانيا عاملاً حاسمًا في تمكين حملة القصف السعودية التي تتميز بـ ‘هجمات واسعة النطاق ومنهجية’ على أهداف مدنية، لفت الكاتب البريطاني ديفيد ويرنغ إلى فيلم وثائقي عرضته القناة الرابعة في ابريل 2019 بعنوان “الحرب الخفية لبريطانيا” ، : “كشف الفيلم الوثائقي للقناة الرابعة عن عمق تورط المملكة المتحدة في تفجير المملكة العربية السعودية لليمن”.
وقد بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في العاصمة صنعاء إجراءات المحاكمة للجواسيس , وعددهم ستة أشخاص يعملون ضمن خلية مرتبطة مباشرة بضباط الاستخبارات البريطانية الذين يقيمون في مطار الغيظة بمحافظة المهرة ، وقالت لائحة الاتهام المقدمة من النيابة الجزائية إن أعضاء الخلية عملوا بشكل مباشر على كسب وتجنيد وتأهيل وتدريب عدد من الجواسيس في مختلف المحافظات اليمنية , وان جهاز الاستخبارات البريطاني قام بأعمال التجسس والتخريب باستخدامهم ومن خلالهم بعد أن زودهم بوسائل الاتصال والتواصل والأجهزة والبرامج والتطبيقات الفنية المتطورة في مجال الرصد والتعقب وتحديد المواقع وتأكيد ورفع المعلومات والإحداثيات، وقاموا بتدريبهم على استخدامها , وان أعضاء هذه الخلية نفذوا أنشطة استخباراتية في عدد من المحافظات , منها العاصمة ومحافظة صنعاء وعمران وصعدة والجوف ومارب والمهرة وحضرموت.
ويعد الإعلان الصادر من صنعاء بشأن بدء محاكمة جواسيس وعملاء بريطانيا هو الأول من نوعه ، يشير إلى نوع جديد من الدور البريطاني القذر في العدوان على اليمن ، علاوة على ما تلعبه من مشاركة مباشرة ودعم وإسناد لعمليات العدوان العسكري على اليمن ،كما يكشف عن حرب جاسوسية بريطانية ضمن مساقات الحرب العدوانية على اليمن ، كما يؤكد قدرة جهاز الأمن والمخابرات اليمني على مواجهة الأنشطة والأعمال الجاسوسية الدولية التي تستهدف الأمن القومي والمصالح الوطنية ، ووفق البلاغ الرسمي فان جهاز المخابرات تمكن من كشف نشاط الجواسيس وإلقاء القبض على عدد منهم وتحويلهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم الرادع , وأكد أن الجهاز لا زال يرصد ويتابع أنشطة من تبقى من الجواسيس، بانتظار اللحظة المناسبة للقبض عليهم وتقديمهم للعدالة.
ولم يعلن جهاز الأمن والمخابرات أي معلومات عن العملية إلا بعد أن بدأت المحكمة إجراءات المحاكمة للمتهمين وهم (عرفات قاسم عبدالله الحاشدي – علي محمد عبدالله الجعماني – باسم علي علي الخروجة – سليم عبدالله يحيى حبيش – أيمن مجاهد قايد حريش – محمد شرف قايد حريش ) ، وحسب مصادر قضائية لـ”الثورة” فإن إجراءات المحاكمة ستتم وفق القوانين الوطنية النافذة وسيتم إصدار الأحكام في حق الجواسيس وإنزال العقوبات بحقهم وفقا لمجريات العدالة وقوانينها.
وتشير المعلومات إلى أن الجواسيس يرتبطون بضباط يتبعون جهاز الاستخبارات البريطاني يقيمون في مطار الغيظة بمحافظة المهرة ، والمطار حولته القوات السعودية إلى ثكنة عسكرية وأمنية واستخباراتية يقيم فيه ضباط استخبارات أمريكيون وبريطانيون وفق تحقيقات صحفية منشورة ، ففي الـ 21 من نوفمبر 2020 شاهد أهالي مدينة الغيظة عدداً من البريطانيين برفقة تركي المالكي متحدث التحالف السعودي يتجولون في المدينة ، المعلومات أكدت أن البريطانيون هم ضباط استخبارات يقيمون داخل المطار ، بعد أيام من الحادثة وتحديدا في الخامس من ديسمبر لنفس العام أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن تعرض سفينة لهجوم قبالة السواحل اليمنية في منطقة تطل على بحر العرب، قبالة مدينة قشن بمحافظة المهرة.
وفي وقت سابق كشف بدر كلشات، وهو وكيل في محافظة المهرة عن وجود قوات أمريكية وبريطانية في مطار الغيظة وتحدث عن زيارة قام بها سفير أمريكا في اليمن «كريستوفر هنزل»، إلى المطار المدني الذي أصبح ثكنة عسكرية مغلقة للقوات الأمريكية والبريطانية ، وقال كلشات إن الزيارة تزامنت مع الاحتفال بذكرى جلاء آخر جندي بريطاني من اليمن، قبل ثلاثة وخمسين عاما ، واعتبر ذلك مثيرا لعلامات استفهام عديدة، حيث تزامنت مع الاحتفالات الوطنية بعيد الاستقلال من المحتل البريطاني.
وفي العام السابق أثار قانون تجنيد الأطفال في الأعمال الجاسوسية جدلا واسعا في بريطانيا بين مؤيدين للقانون ومعارضين ، وقد أقرته الحكومة البريطانية حيث تبيح استخدام الأطفال وتجنيدهم كجواسيس ضمن مهام جاسوسية لصالحها ، وتنشط وكالات المخابرات البريطانية في تدريب وتأهيل مخبرين وعملاء في عدد من الدول حيث يشير موقع “ميدل ايست مونيتور” إلى إن وكالات استخبارات بريطانية قامت بتدريب جواسيس كبار من السعودية والإمارات، وفقًا لتحقيق أجراه موقع “ديكلاسيفايد يو كي” البريطاني، وأشار التقرير إلى أن التدريب جرى من قبل أفراد عبر دورة لمدراء المخابرات الدولية لمدة 11 يومًا، في عام 2019م، وشمل أيضًا مسؤولين من الأردن وعمان والجزائر وباكستان وأفغانستان ، ووجدت منظمة Declassified UK أن الأماكن في الدورة السنوية، التي تديرها مجموعة تدريب المخابرات المشتركة البريطانية (JITG) في قاعدة عسكرية في بيدفوردشير، تبدو انتقائية للغاية ، كاشفة أن الدورة التي عقدت في العام 2019 كانت بهدف تعزيز الدعم المخابراتي لتحالف العدوان على اليمن.
على الرغم من الدور المكشوف والمفضوح لبريطانيا في العدوان على اليمن وما كشفته وسائل الأعلام عن التورط المباشر والدعم والإسناد من قبل القيادة البريطانية للعمليات العدوانية في الحرب على اليمن ، إلا أن محاكمة جواسيس بريطانيا في صنعاء(على الرغم مما سبق يكشف عن وجود شكل آخر من الحرب القذرة التي تمارسها بريطانيا في اليمن وهي حرب الجواسيس التي تشتهر بها المملكة الشائخة والعجوز بريطانيا)، وهذا الشكل لم يكن ناجعا في اليمن الذي أفشل حرب التكنولوجيا والأسلحة الحديثة وأسقطها أرضا.