د. محمد النظاري
لن نبتعد عن الواقع إن قلنا إن المبادرات الذاتية التي تقيمها الأندية اليمنية للتغلب على توقف الدوري قد لفتت إليها الأنظار، لأنها انتقلت من مرحلة الإقامة العابرة إلى الإقامة المستمرة.
توقف النشاط الرسمي دفع الأندية لإقامة دوريات هنا وهناك، حفاظا على لياقة لاعبيها ولإمتاع الجماهير التي وجدت فيها مبتغاها وتفاعلت بشكل ملفت للنظر، ما جعل المدرجات تمتلئ بهم.
إعلان الاتحاد العام لكرة القدم إقامة الدوري أمر إيجابي وان جاء متأخرا لسنوات، وإن كان للدوريات التي أقامتها الأندية دور في تحفيز الاتحاد على إقامة الدوري كي لا تسحب الأندية كامل بساط التنظيم من تحت أقدام الاتحاد.
ليس مهما إن كان نجاح الأندية في تنظيم ملتقياتها بمشاركة أندية من محافظات أخرى هو الذي جعل الاتحاد العام يعلن إقامة الدوري، لكن الأهم أن يقام الدوري فعلا بالطريقة التي أعلن عنها.
الواقع يقول إنه لا توجد مقارنة إطلاقا بين الدوري العام الرسمي ودوريات الأندية التنشيطية، فما وجدت الأخيرة إلا لتوقف الأول، وقيمة الأول للأندية أكثر من الأخيرة.
الدوري بطريقة الكل مع الكل وجد الكثيرون صعوبة ليس في إقامته بل في مجرد التفكير في حصول ذلك، وسبب الصعوبة ليس الاتحاد، بل وضع البلد الذي يجعله ليس صعبا فقط بل يصل إلى حد الخطورة، فمن هي الجهة التي ستتولى حماية النادي منذ خروجه من محافظته حتى العودة إليها؟!
إن كان لا يعدو عن كونه مجرد محاولة لإثبات أن قرار الاتحاد بعدم إقامة الدوري طيلة السنوات الماضية كان بدافع الحفاظ على الأندية، وأن إلحاح الأخيرة جعل الاتحاد ينزل عند رغبتها، ولكن عليها اللعب ذهابا وايابا (الكل مع الكل) وإن حدث مكروه لها، فقد جنت على نفسها براقش.
إن حدث مكروه (لا قدر الله) فالمنطق يقول إن قرار الاتحاد بعدم إقامة الدوري خلال السنوات الماضية كان صائبا، كما أنه سيعزز موقفه لدى الفيفا، الأمر الذي يجعل من حماية اللاعبين أولويته الأولى، وحينها سيصبح التفكير في إقامة أي دوري قادم أضغاث أحلام.
الجانب الأمني هام جدا، والرهان عليه في إنجاح الدوري لا على الأندية الراغبة أصلا في اللعب وإن غلبتها العاطفة في عدم التركيز على الجانب الأمني.
لجنة المسابقات برئاسة الدكتور أبو علي غالب من اليسير عليها ضمان الترتيب النظري للدوري (على الجداول) بحسب تخصصها، ولكنها لا تستطيع بأي حال ضمان سير المباريات في الملاعب.
طريقة الدوري على مجموعات جغرافية هو الأكثر ملاءمة حاليا، ثم لعب النهائيات في منطقة مقبولة لدى الجميع.
تحديد مقر الاتحاد في العاصمة صنعاء مكانا لاجتماع الأندية هو قرار صحيح، ولكن هل كل الأندية ستقبل به؟! طبعا لاعتبارات غير رياضية للأسف الشديد.
العالم أصبح ينظم اجتماعاته افتراضيا بسبب جائحة كورونا، ويمكن للاتحاد إجراء الاجتماع على هذا النحو، وسيكون حلا مناسبا للجميع.
إن أردنا إنجاح الدوري، فعلى الجميع التحلي بروح المسؤولية واعتبار أن كل الأندية تنتمي إلى وطن واحد، ومن حقها التنقل بين المحافظات دون أي تسييس أو مناطقية، وحماية كل اللاعبين كونهم من مواطني الجمهورية اليمنية.
إن كل ما أوردنا من محاذير نابع من حرصنا على اكتمال الصورة الجميلة لدوري يجمع كل أبناء الوطن، والذي نشجع على إقامته، فلسنا أقل من دول تعيش ما نعيشه، ورغم ذلك مسابقاتها الكروية لم تتوقف لأنهم فهموا أن الدوري العام مسؤولية الجميع، فهل نفهم ما فهموه؟!