بايدن وخطابه ..
فهمي اليوسفي
بعد صعود بايدن لعرش واشنطن أصبح البعض من مراهقي السياسة وأشباه المثقفين يتأثرون بما تسوقه الإدارة الجديدة للبيت الأبيض عبر المنابر الإعلامية الامبريالية بشقيها الغربي والعربي أو من ينظرون لقضايا المنطقة بنظارة موشي ديان لأجد من مخرجاتهم الفكرية أن إدارة بايدن سوف توقف العدوان على بلدنا وتكسر الحصار وتتولى تأديب كياني نهيان وسعود ويستدلون ببعض العبارات المفرغة من المعنى الواردة في سياق خطابه بالخارجية الأمريكية بل يبنون قناعتهم على معطيات وهمية لها طابع سطحي .
تقاس درجة التأثر لهؤلاء بوجود لديهم قناعة ذاتية أن إدارة بايدن ستكون عكس إدارة سلفه ولم يتناولوا ترجمة الخطاب بعمق خصوصا ما بين السطور . حتى لم يكلفوا أنظارهم الاتجاه نحو تصويب التناقض الوارد في نفس الخطاب ليتوهموا أن إدارة البيض الأبيض سوف تكون لها بصمات كبيرة سواء بإيقاف العدوان على اليمن كما أسلفت أوفك الحصار البري والبحري والجوي ووصول المعالجات الإنسانية والقضاء على الإرهاب الوهابي المتوحش وتتراجع عن قرار التصنيف الذي أصدره وزير خارجية ترامب ضد أنصار الله .
لو توقفنا أمام بعض النقاط الواردة في مضمون الخطاب سنجده بالغ الخطورة إذا تم قراءة ما بين السطور ويحمل في طياته خططا دبلوماسية لتجاوز تحديات البيت الأبيض في الشرق الأوسط أي التي واجهتها في عهد ترامب وتحديدا في اليمن .
الغوص بعمق في تحليل وترجمة مضمون الخطاب هذا لا يعني أن إدارة بايدن ستتمكن من إيقاف بيع أسلحة للسعودية والإمارات تحت ذريعة ارتكاب جرائم بحق المدنيين في اليمن وهنا تكمن الرسالة المشفرة لبايدن وهذا لا يعني أن إدارته الراهنة سوف تتخلى عن دعم السعودية أو الأمارات لأن كلا الإدارتين للجمهوري أو الديمقراطي هي رأسمالية متوحشة للصهيونية العالمية وهي من تحكم الأنظمة الغربية وكثير من العربية المتصهينة . وتتماشى الإدارة السعيوإماراتية مع السياسة الغربية . وماذا يعني ترحيب السعودية وحكومة المرتزقة بما ورد في خطاب بايدن أم . كيف ؟
لم يخطر لدى البعض أن بايدن من استخدم هذه العبارات فقط لكي تتمكن إدارته من تسويق الوهم الأمريكي في الشرق الأوسط من جديد بعد أن بدأ التذمر يتصاعد من الإدارة الأمريكية التي قادها ترامب وبحيث يتمكن من إعادة بناء الثقة لأمريكا في المنطقة ومنها اليمن فيتجلى برنامج خدائعه بطراز جديد من خلال العبارة الأخرى الواردة في سياق الخطاب على حد تعبيره، حين يؤكد أن واشنطن تعود بسياستها الدبلوماسية وكأنه يريد أن يقول أنها كانت في إجازة قصيرة من قبل الانتخابات والآن بعد انتهاء مسرحية ترامب وبادين تعود من جديد وهنا يعني انتهاء الإجازة القصيرة يعقبها عودة لنفس المربع وهذا لا يؤكد أن إدارة البيت الأبيض سوف تتغير سياستها الخارجية عكس إدارة ترامب بل التلميح يوحي الاستمرارية بدعم كياني سعود ونهيان لكن بديكور آخر وذرائع ومسلسلات مختلفة الأشكال والأوزان وماذا يعني كلام بايدن حين أشار إلى أن إدارته سوف تساعد السعودية على حمايتها من الصواريخ.
أليس هذا تناقضاً في مضمون الخطاب؟
كل ذلك يوضح أن الدبلوماسية الأمريكية لن تتغير من السلف للخلف بل استمرارها على نفس الخط بغض النظر عما ورد في مضمون الخطاب حين يشير إلى انه سيبذل جهوداً لإيقاف العمليات القتالية في اليمن .
الخطاب يحمل وعوداً واهية ومشاريع خداعية وخلطات سحرية لها طابع دبلوماسي .
أتمنى أن لا يغتر البعض أو يعلق الآمال أن بايدن سوف يبذل جهوداً لإيقاف الحرب وووو إلخ . بل ينبغي الإدراك انه سيبذل جهوداً لتحقيق بقية الأهداف التي تعثرت في عهد سلفه وهذا لا يعني عزم إدارته الجديدة على فك الحصار الشامل عن اليمن ووصول المساعدات الإنسانية إليها . بل استمرارية التوافد العسكري للغرب إلى دول المنطقة وعلى رأسها اليمن لتوسعة المطامع الإسرائيلية في المربع الشرق أوسطي .
هذا لا يعني أنها سوف تكافح الإرهاب الوهابي المتوحش لأن الإرهاب هو ضمن أجنداتها المتوحشة بل أنها سوف ترفع سقف دعمها للإرهاب المدعوم من المؤسسات الصهيونية في واشنطن والرياض في المنطقة وفي مقدمتها اليمن وماذا يعني تصريح المتحدث باسم البنتاجون قبل خطاب بايدن بقليل حين قال إن السعودية هي شريك أساسي مع واشنطن في مكافحة الإرهاب .مع أن الإرهاب هو جزء من جسد النظام السعودي من الماضي للحاضر ويمثل السلطة الدينية كرديف للسلطة السياسية وبإشراف من واشنطن ولندن .
هذا لا يعني أن إدارة البيت الأبيض سوف تتراجع عن قرار وزير خارجية ترامب الأسبق بتصنيف أنصار الله وتعتذر لليمن عن ذلك بل ربما سوف تبقيه معلقاً كمرحلة أولى ومن ثم تتخذه وسيلة لاستكمال عملية التدعيش في اليمن ، وماذا يعني تزامن ضجيج الإعلام الامبريالي عن الإرهابي باطرفي المتزامن بنفس اليوم مع خطاب بايدن ومن جهة أخرى لكي يكون المبرر الوهمي متوفرا ويشكل المبرر مزيدا من التواجد الأمريكي في البحر الأحمر والعربي .
بصرف النظر عن كلام بايدن حين قال: حان الوقت لإيقاف الاقتتال باليمن. فهذا لا يعني رغبته وقراره بإيقاف العدوان والحرب على اليمن لكن يظل هراء استهلاكياً، بينما الخطاب من وجهة نظري يحمل رسائل مشفرة لا يمكن أن يكتشفها إلا الراسخون في التفكير لتحليل هذه القضايا وسنجد الخطاب يحمل أهدافا مبطنة منها . إخفاء رغبة إدارة بايدن في استمرارية الدور على نفس خط ترامب بحيث يتمكن من إسقاط أي اتهامات لإدارته مستقبلا من جراء أي مشاركة بارتكاب جرائم حرب على بلدنا وليوهم العالم أن البيت الأبيض في عهد بايدن تحمل مشاريع سلام . بينما سلام البيت الأبيض مطعم بحزام ناسف . ..
كما أن الإعلان في تحديد المبعوث الأمريكي الذي سوف ترسله إدارة بايدن لليمن يضع العديد من علامات الاستفهام وكذلك تطرقه وتلويحه لروسيا والصين وإيران ماذا يعني ؟
كل ذلك يتطلب ترجمة للخطاب من عدة زوايا لتكون الصورة أوضح . مع أن السيد القائد . عبدالملك الحوثي حفظه الله لديه إدراك عميق بالخطط الحلزونية للأمريكان وما ينبغي علينا سوى الاستفادة من نصائح قائد الثورة لتجاوز تحديات اليوم لكونها نصائح قائد حكيم وزاهد ويحمل قيما جميلة بطابعها القرآني والإنساني والوطني لخدمة الأمة .
الحديث طويل عن مضمون الخطاب ذاته والخوض في التفاصيل مهم رغم أن الشيطان يكمن في التفاصيل وهي أمريكا لكن لا يسعفني الوقت لمزيد من الكتابة بشكل تفصيلي وتفسيري عن هذا الموضوع والعتب في النظر ولكوني غير مثقف في التعامل مع تقنيات الكتابة الالكترونية عبر الهاتف الجوال إضافة لافتقاري لأبسط الإمكانيات لكنني اعتز بذلك باعتباري مجاهدا مع الله ومناهضاً للعدوان في الجبهة السياسية والإعلامية والثقافية واعذروني لأن لدي فائضاً من الغباء . .
نائب وزير الإعلام