الغاز الكربوني قد يكون وقوداً للطائرات في المستقبل

 

طوّر فريق دولي من الباحثين طريقة لإنتاج وقود الطائرات باستخدام ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وتسمح هذه التقنية الجديدة -إن ثبتت قابليتها للاستخدام على نطاق واسع- بتقليل انبعاثات الكربون من الطيران في وقت قصير.
وقدّم الباحثون هذه التقنية المبتكرة في ورقتهم المنشورة مؤخراً في دورية “نيتشر كوميونكيشنز” (Nature Communications)، ونقل تقرير لموقع “ساينس ألرت” (ScienceAlert) أهم نتائجها.
مع استمرارهم في البحث عن طرق لتقليل كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة في الغلاف الجوي، يركز العلماء بشكل متزايد على القطاعات الأكثر تلويثاً للبيئة، أحد هذه القطاعات هو النقل الجوي، الذي يعد مصدر حوالي 12% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالنقل التي تساهم بحوالي 3% في الاحترار العالمي الناتج عن النشاط البشري، وقد ثبت أن الحد من انبعاثات الكربون في هذا المجال يمثل تحديا نظرا لصعوبة استخدام الطاقات النظيفة وتركيب البطاريات الثقيلة داخل الطائرات.
في هذه الدراسة الجديدة، طوّر فريق دولي من الباحثين بإشراف جامعة أكسفورد (University of Oxford) عملية كيميائية يمكن استخدامها لإنتاج وقود خال من الكربون، وبدلا من نفث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ستتمكن الطائرات من التقاط هذا الغاز من الهواء وحرقه كوقود.
استخدم الباحثون عملية تسمى طريقة الاحتراق العضوي لتحويل ثاني أكسيد الكربون في الهواء إلى وقود نفاث ومنتجات أخرى.
في العادة، عندما يحترق الوقود الأحفوري تتحول الهيدروكربونات التي يحتويها إلى ثاني أكسيد الكربون وماء، مما يطلق الطاقة، لكن العملية الجديدة تقلب هذه العملية الطبيعية رأساً على عقب، تمكّن الباحثون من الجمع بين ثاني أكسيد الكربون (CO2) والهيدروجين (Hydrogen) عند حرارة تبلغ 350 درجة مئوية لإنتاج بضعة غرامات من الوقود السائل الذي يقولون إنه يمكن أن يعمل في محرك نفاث.
يتكون المحفز المسؤول عن هذا التفاعل الكيميائي المثير للإعجاب من الحديد (Iron) والمنغنيز (Manganese) والبوتاسيوم (Potassium)، وهي عناصر أرضية وفيرة، أسهل في التحضير وأرخص من العديد من العناصر المماثلة، كما أنه تفاعل أيضا بسهولة مع الهيدروجين، ويظهر انتقائية عالية لمجموعة من هيدروكربونات الوقود النفاث.
وتنتج العملية نوعاً من جزيئات الهيدروكربون (Hydrocarbon) التي يتكون منها وقود الطائرات السائل، إضافة إلى تكوين جزيئات الماء ومنتجات أخرى.
وأظهر الاختبار أنه خلال 20 ساعة، حوّلت العملية 38% من ثاني أكسيد الكربون في حجرة مضغوطة إلى وقود نفاث ومنتجات أخرى، وشكل وقود الطائرات 48% منها، أما باقي المنتجات فكانت الماء والبروبيلين (Polypropylene) والإيثيلين (ethylene).
ولاحظ الباحثون أيضاً أن استخدام هذا الوقود في الطائرات سيكون “محايداً للكربون” لأن حرقه سيطلق الكمية نفسها من ثاني أكسيد الكربون التي تم استخدامها في صنعه.
يقول الباحثون إن عمليتهم أقل تكلفة من الطرق الأخرى المستخدمة لإنتاج وقود للطائرات، مثل تلك التي تحول الهيدروجين والماء إلى وقود، وذلك لكونها تستخدم كمية أقل من الطاقة، وأشاروا أيضاً إلى أنه يمكن تثبيت أنظمة التحويل المبتكرة في المحطات التي تنبعث منها حاليا كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مثل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
لا يعد هذا النظام الجديد الذي يحول انبعاثات الكربون إلى وقود حيوي، المرغوب فيه الأول من نوعه، ففي كندا، أنشأ العلماء قبل سنوات مجمعا صناعيا لالتقاط غاز ثاني أوكسيد الكربون مثل الأشجار قصد استخدامه في تصنيع الوقود الهيدروكربوني.
وكان باحثون من جامعة بوسطن (Boston University) قد تمكنوا في عام 2015 من تطوير تقنية مماثلة عبر التقاط الغاز الكربوني من الجو وتحويله إلى أنابيب نانوية باستخدام أكسيد الليثيوم(Lithium-oxide) والطاقة الشمسية لبلوغ حرارة تصل إلى 750 درجة مئوية.
لا تزال كمية الوقود السائل التي يتم إنتاجها في الدراسة الجديدة أصغر بكثير من أن تشغل طائرة فعلية، غير أن مؤلفي الدراسة يقولون إن هذه العملية تكشف طريقة واعدة ليس فقط للتخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن أيضاً لإنتاج وقود الطائرات المتجددة والمستدامة، هذا إذا أمكن التقاط الكربون من الهواء بكميات كافية، وتحويله إلى طاقة بكفاءة عالية.

قد يعجبك ايضا