رئيس الهيئة العامة للكتاب الأستاذ عبدالرزاق قطران: المكتبة الوطنية مشروع هام واستراتيجي ويعتبر ثالث مشروع ثقافي في الشرق الأوسط
الكتاب هو المنبع الرئيسي للمعرفة، ويحتل المرتبة الأولى في اهتمامات المثقفين وجمهور القراء، ومن خلاله يتم نقل وتوثيق ثقافة أمة والترويج لها
سيشهد العام الحالي تنظيم عدة معارض للكتاب في عدد من المحافظات
تعرَّضت الهيئة لأضرار مباشرة وغير مباشرة بسبب العدوان الهمجي الصهيوأمريكي، وتم قصف المكتبات الوطنية
أوضح رئيس الهيئة العامة للكتاب الأستاذ عبدالرزاق قطران أن استراتيجية الهيئة للعام الحالي تتضمن إقامة العديد من معارض الكتاب في مختلف المحافظات وذلك من أجل إيصال الكتاب إلى شريحة أوسع وأكبر من القراء، وتخفيف العبء عليهم، وأشار إلى أن الهيئة لديها ما يقارب 30 عنواناً جاهزة للإخراج، وبحاجة إلى دعم من أجل طباعتها.
وتطرَّق في حوار أجريناه معه إلى أنشطة الهيئة خلال العام الماضي وما قدمته لجمهور القراء من فعاليات وأنشطة ومعارض كتاب لقيت رواجاً واقبالاً، مشيراً إلى آثار العدوان على الكتاب من خلال قصف المنشآت الثقافية كالمكتبات وغيرها، وأدى ذلك إلى تراجع القراءة بشكل عام.
واستعرض قطران عدداً من القضايا الثقافية العامة مثل أسباب توقف مشروع المكتبة الوطنية الكبرى ودور الكتاب التنويري في المجتمع وفي نشر الثقافة الوطنية.. فإلى التفاصيل:
حوار/ خليل المعلمي
ما تقييمكم لوضع الهيئة العامة للكتاب وأنشطتها خلال الفترة الماضية وبالأخص خلال العام الماضي 2020م؟
– نعرف جميعاً الأوضاع التي تمر بها بلادنا من حرب وحصار كان لهما تأثير على كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية بل والثقافية.. وبالرغم من ذلك فنحن خلال الفترة السابقة عملنا بكل جهد في حدود الإمكانيات المتاحة والمتدنية، وبجهود ذاتية واستطعنا أن ننفذ عدداً من الأنشطة والفعاليات الثقافية في ظل عدم توفر هذه الاعتمادات، مدركين جميعاً في الهيئة المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقنا في ظل ما تمر به البلاد في هذه الفترة.
لقد نفذت الهيئة العديد من الفعاليات من ضمنها ثلاثة معارض للكتاب، منها معرض خاص باللوحات التشكيلية المقتطفة من الكتب، وكان الإقبال على هذه المعارض مقبولاً ومرضياً لنا وللجمهور، وهذا حافز لنا لإقامة الكثير من الفعاليات في العام الجديد 2021م، وإن شاء الله تكون فعاليات نوعية على مستوى المحافظات، تبدأ من صعدة إلى محافظة ذمار إلى إب والحديدة وتعز، وغيرها من محافظات الجمهورية اليمنية.
ونؤكد بكل صدق وأمانة أن العائد المادي لم يقف عائقاً أمامنا لوجود قيادة حكيمة في وزارة الثقافة على رأسها الأستاذ عبدالله الكبسي وزير الثقافة والأستاذ محمد حيدره نائب وزير الثقافة، اللذان يشكلان الدافع الرئيسي للهيئة من أجل القيام بالمهام التي توكل إليها.
نعلم أن ميزانية الدولة شحيحة.. هل هناك دعم يمكن أن تحصل عليه الهيئة من جهة أخرى لممارسة بعض من مهامها؟
– لا يوجد دعم للهيئة من أي جهة باستثناء مبلغ مائة ألف ريال يأتينا من صندوق التراث والتنمية الثقافية وهو مخصص للحراسة الخاصة بالمكتبة الوطنية التي تعتبر ثالث مشروع ثقافي على مستوى الشرق الأوسط وهو المشروع المستقبلي العملاق في البلاد.
أما الفعاليات التي نظمناها فهي بدعم ذاتي وليس للصندوق أي صلة بذلك.
أين موقع الهيئة العامة للكتاب في الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة؟
– شاركت الهيئة العامة للكتاب في إعداد الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة من خلال خطط وبرامج في إطار ما نستطيع عمله، وطموحنا الأكبر هو الحصول على مطبعة خاصة بالهيئة، وقد خاطبنا عدة جهات لدعم إنشاء المطبعة التي ستكون داعماً كبيراً لاستمرار عملنا وتحقيق الإنجازات في عملية الإصدارات.
هل يقدم صندوق التراث والتنمية الثقافية دعماً للهيئة وهل يكفي هذا الدعم لأنشطة الهيئة؟
– نحن نعمل بجهود ذاتية كما سبق وذكرت، أما بالنسبة لصندوق التراث والتنمية الثقافية فلا يقدم إلا مبلغ مائة ألف ريال شهرياً لحراسة المكتبة الوطنية الكبرى والمتوقف العمل فيها منذ 2015م.
نحن في العام 2021م، ما هي خطة الهيئة العامة للكتاب واستراتيجيتها لهذا العام؟
– لقد عملنا بكامل طاقتنا خلال العام الماضي 2020م، وأنجزنا الكثير من المهام والأنشطة والفعاليات، أما العام الجديد 2021م فقد أعددنا خطة استراتيجية، منها إنشاء العديد من معارض للكتاب ليس في أمانة العاصمة فقط، ولكن في عدد من المحافظات بداية من صعدة والحديدة وذمار وإب وغيرها من المحافظات، ورأينا من خلال هذه الاستراتيجية تسهيل وصول الكتاب إلى القارئ في هذه المحافظات، وتخفيف العبء عليه، وسنسعى أيضاً خلال هذا العام إلى القيام بالدمج بين الفعاليات الرسمية والفعاليات الخاصة ببرنامج المسيرة القرآنية، وننفذ فعاليات مصاحبة لكل فعالية في حدود الإمكانيات المتاحة وفي الحد الأدنى لإقامتها، ونرجو أن يكون العام 2021م عاماً مثمراً ومتميزاً عن الأعوام السابقة، ونأمل أن يلتفت الصندوق لدعم الهيئات التابعة للوزارة وأن يكون له دور ملحوظ بدلاً من أن يقتصر دوره على أشياء هامشية خارجة عن الفعل الثقافي.
كانت آخر مرة قامت الهيئة بطباعة أكثر من عشرين عنواناً في العام 2013م أي قبل سبعة أعوام، متى ستعاود الهيئة طباعة الكتاب وتساهم في دعم المبدعين وتبني إبداعاتهم؟
– بالنسبة لطباعة إصدارات جديدة، هذا الأمر يتطلب إمكانيات ودعماً وميزانية من الحكومة، ونحن في الهيئة لدينا 30 عنواناً جاهزاً للإخراج النهائي، وتم التواصل مع بعض الجهات لتقديم الدعم، لكننا وجدنا أن هناك نوعا من الاستغلال، ونحن نرفض مثل هذا الاستغلال في هذا الجانب، نريد أن تكون هذه الاصدارات نوعية، ونريد أن نطبع بعض من الكتب المتميزة والقيمة للشاعر عبدالله البردوني، وطباعة الإكليل، ونريد أن يكون لها مركز الصدارة، ونحن من خلالكم نطالب القيادة السياسية وحكومة الإنقاذ الوطني لتوفير مطبعة خاصة بالهيئة والتي سيكون لها دور كبير في نشر الكتاب المتميز، ونستطيع بذلك تقديم الفكر النظيف والمتحرر من القيود، والفكر الذي ينطلق من المسيرة القرآنية، بعيداً عن المعتقدات الخاطئة.
للكتاب دور تنويري في المجتمع وفي نشر الثقافة الوطنية، ما هو دور الكتاب اليمني في ذلك قديماً وحديثاً؟
– الكتاب هو بستان المعرفة والمنبع الرئيسي للعلوم والآداب والثقافة، وبالرغم من المنافسة الشديدة من قبل وسائل الاتصال الحديثة، لكن يظل للكتاب جمهوره، فالكتاب الورقي يحتل المرتبة الأولى في اهتمامات المثقفين وجمهور القراء، ومن خلال الكتاب يتم نقل وتوثيق ثقافة أمة والترويج لها، وعمل الهيئة كان يقتصر على المعارض المحلية والدولية والترويج للكتاب اليمني، فالكتاب ليس السفير في كل المحافل العربية والدولية فقط وإنما الترويج للثقافة والفكر اليمني، وإن شاء الله القادم سيكون أفضل، وستكون هناك فعاليات نوعية ومتميزة، وهذه الظروف لن تثنينا عن إيصال رسالتنا إلى العالم أجمع، وأن ما نعيشه هذه الأيام من ظروف حصار وحرب وعدوان، أوضحت للعالم من هم اليمنيون ومن هي اليمن، وبينت الحياة التي يعيشها اليمنيون وصمودهم الأسطوري، لقد أصبح العالم يتوق ويتطلع إلى معرفة من هو اليمني، ومن هذا الرجل الأسطورة الذي استطاع أن يكافح وأن يصمد ويصبر وأن يتحمل كل هذا العدوان من قبل عشرات الدول ضد هذه الدولة الصغيرة.
ماذا قدمت الهيئة العامة للكتاب للمكتبات الوطنية المنتشرة في المحافظات والتي تعمل حالياً بجهود ذاتية؟
– لدينا في الهيئة إدارة عامة للمكتبات تقوم بمتابعة المكتبات الوطنية في بقية المحافظات، وتتلقى منها التقارير الدورية عن أنشطتها وبرامجها والقيام بتقييمها والإشراف عليها ومتابعتها.
كما أن الهيئة تقوم برفد هذه المكتبات بما يتوفر من عناوين مختلفة، وكل ما يصلنا من كتب نقوم بدعمها ورفدها بكل جديد، ونحاول الحفاظ على مستواها من أجل تقديم خدمة للناس وفق الإمكانيات المتاحة، وتعتبر هذه المكتبات هي المرجع والملجأ لكل المثقفين في كل المناطق وبعض المديريات، ولدينا خطط طموحة لتطويرها ولكن عندما تتوفر الإمكانيات إن شاء الله.
تم تدشين مشروع المكتبة الوطنية في العام 2012م، إلى أين وصل هذا المشروع الوطني العملاق وهل سيتم افتتاحها قريباً؟
– مشروع المكتبة الوطنية مشروع هام واستراتيجي ويعتبر ثالث مشروع ثقافي في الشرق الأوسط، وهو هدية من الحكومة الصينية وقد بلغت نسبة الإنجاز فيه 70 %، والعمل متوقف فيه بعد انسحاب الشركة الصينية المنفذة له في العام 2015م بعد قصف جبل عطان من قبل طيران تحالف العدوان ، وحالياً لدينا تواصل مع الجانب الصيني من أجل العودة لاستكمال العمل فيه، وقد أبدوا استعدادهم العودة لاستئناف العمل في المشروع بعد فتح مطار صنعاء الدولي.
برأيكم ما الذي سيمثله هذا المشروع للثقافة اليمنية وللمثقفين وللأجيال القادمة؟
– يعتبر هذا المشروع هو المشروع الأكبر في الجمهورية اليمنية والأهم والمستقبلي للثقافة اليمنية بشكل عام، فهو يعتبر مجمعاً ثقافياً متكاملاً، لأنه يحتوي على عدة مرافق فهو يحتوي على قاعة المكتبة الوطنية الكبرى التي ستحوي أكثر من مليون عنوان كمرحلة أولى، وكذا مبنى المسرح الروماني الخارجي الذي سيستضيف فعاليات متعددة، قاعة معارض دولية، قاعة مسرح، ويعتبر هذا مشروعاً ثقافياً متكاملاً، فهو بحق مشروع الألفية.
شهد العام الماضي تنظيم معرضين للكتاب وكان الإقبال الجماهيري على هذين المعرضين متميزاً، هل يمكن تكرار هذه التجربة خلال هذا العام ولكن بشكل أوسع وعلى نطاق أكبر؟
– كما ذكرت ضمن خطة الهيئة لهذا العام سيتم تنظيم معارض متعددة للكتاب في مختلف المحافظات من صعدة والحديدة إلى إب وذمار وغيرها من المحافظات، وذلك لتقديم الكتاب والثقافة إلى أبناء هذه المحافظات وهي خطوة متميزة وبادرة جديدة بدلاً من تخصيص المعرض في أمانة العاصمة فقط، ونرجو تعاون الجميع بما في ذلك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
بالرغم من الأزمة التي يمر بها المبدع اليمني إلا أن هناك إصدارات لبعض المبدعين خرجت إلى النور بجهودهم الذاتية، ما هي الرسالة التي يحملها الكتاب والمبدع اليمني للعالم؟
– الرسالة التي يحملها المبدع اليمني رسالة عظيمة وقيمة، فالإنسان اليمني يحمل رسالة العلم والمعرفة منذ قديم الأزل وحتى الآن، والتاريخ والمخطوطات تشهد بذلك، وكان للإنسان اليمني دور مشهود في إثراء المعرفة والعلم في ذلك بل وأنشئت الحواضر العلمية في مختلف المدن اليمنية، في زبيد وجبلة وصنعاء وذمار وتريم وشبام وسيئون وصعدة، ويمكن أن نقول في كافة المدن اليمنية بمستويات مختلفة، ولايزال المبدع اليمني والمثقف اليمني يحمل رسالة ومشعل الثقافة والعلم رغم ظروف الحصار والحرب، ويعلن للعالم أننا موجودون، ولازلنا قادرين على كسر حاجز الحصار والحرب والموت، وأن اليمني لا يثنيه ولا يوقفه أي عائق من هذه العوائق، وأنه مستعد لتقديم رسالته بأي طريقة، والكتاب هو إحدى الطرق وأهمها لتقديم الإبداع، ويقوم بتسجيل تحركات المرحلة وتاريخها، وهؤلاء قدموا شهادتهم للعصر الذي نعيشه، وهذه تجربة ممتازة، ونحن نشد على أيدي هؤلاء المبدعين الذين بذلوا الجهود الطيبة في هذه المرحلة، ونرجو أن تكون هناك إصدارات بشكل أكبر.
ما هي الأضرار التي تعرض لها الكتاب في ظل العدوان؟
– نعرف أن الكتاب هو ذاكرة الشعوب، وبالكتاب نحتفظ بموروثنا الفكري والشعبي والتاريخي والعلمي، واليمن هي منارة العلم في كل زمان ومكان، واليمنيون قد أثروا الحياة العلمية والفكرية عبر مراحل التاريخ منذ فجر التاريخ وحتى الآن، وفي ظل العدوان فقد تعرض الكتاب لأضرار مباشرة وغير مباشرة، فالعدوان لم يقتصر ضرره على البنية التحتية للمنشآت، بل وصل إلى أبعد من ذلك، حيث تعرضت المكتبات في كثير من المحافظات للقصف، منها ما تعرضت للتدمير الكلي ومنها ما تعرضت للتدمير الجزئي والتشققات، وأدى ذلك إلى إغلاق هذه المكتبات أمام جمهور القراء، كما أن الوضع والظروف الاقتصادية دفعت بالكثيرين إلى الجري والسعي وراء لقمة العيش أكثر من الاهتمام بالثقافة والقراءة والتأليف والكتابة، إذ عزف الباحثون والدارسون عن الدراسة والقراءة والاطلاع، وبالتالي تراجعت القراءة بشكل عام.
هل لديكم كلمة أخيرة تودون قولها في نهاية هذا اللقاء؟
– نريد أن نؤكد أن الكتاب والثقافة هما أحد خطوط المواجهة مع الأعداء مثلها مثل الرصاصة، ونشير إلى أن دور الكتب لا تزال مفتوحة ومستمرة في تقديم خدماتها للقراء رغم انعدام المستحقات للعاملين فيها، وكذا بيت الثقافة الذي يعتبر صرحاً للفعاليات المناهضة للعدوان والذي وجه الأخ الوزير والأخ نائب الوزير بترميمه منذ فترة أكثر من عام ولكن لاتزال المعاملة في صندوق التراث والتنمية الثقافية حبيسة الأدراج.
ولذا نتوجه برسالة إلى المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني بدعم نشاط وخطط واستراتيجية الهيئة، والتوجيه باعتماد موازنة لمشروع المكتبة الوطنية الكبرى، وأيضاً دعم الأنشطة والفعاليات الدورية، ودعم إقامة معارض الكتاب، ونسأل الله التوفيق والسداد.
تصوير/حامد فؤاد