‏الإرهاب الأمريكي «قراءة في رؤية الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه»

 

مصطلح الإرهاب قديم حديث استخدم في العصر الحديث كمفهوم عام ، فمصطلح الإرهاب تتنازعه مفاهيم اصطلاحية متعددة، وقد تلاعب الغرب بالمصطلحات والمفاهيم وتوجيهها حسب رغباته ومصالحة، مستغلا الجهل بالمصطلحات ومدلولاتها.
حيث استخدمته أمريكا ووظفته وفق مصالحها وبما يحقق أهدافها ، معتمدة الخداع والتضليل والتفسيرات المنحرفة والتبريرات الخاطئة ، وذلك لكي يتم إلصاق الإرهاب (بمفهومها) بالدول والجماعات التي لا تسير في فلكها والمقاومة لسياستها العدائية , وبمبرر مكافحة الإرهاب صنعت الولايات المتحدة الأمريكية أحداث وقضايا للتدخل في شؤون الدول والسيطرة والهيمنة عليها ، ولعل أهم القضايا في هذا الشأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م في نيويورك.

د. يحيى الخزان

فقد تم إنشاء التحالف الغربي العالمي لمكافحة الإرهاب بقيادة أمريكا واتخذت كافة الوسائل والإجراءات للتصدي لذلك ، حيث تم تسخير الأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية لخدمة ذلك التوجه، كما تم فرض معاهدات واتفاقيات دولية وإقليمية وصدرت قرارات دولية وسنت تشريعات لتجريم ومكافحة الإرهاب كما تم حشد الرأي العام العالمي لخدمة ذلك الهدف ، وقد تم تجريم الإرهاب والأعمال الإرهابية ولم يتم تحديد معنى ومفهوم للإرهاب والاتفاق على تعريف متفق عليه بين دول العالم.
وكانت أمريكا وراء ذلك فقد صنعت الذرائع والمبررات لتنفيذ مخططاتها، واتخذت إجراءات عملية ، حيث قامت بتدمير أفغانستان واحتلال العراق وتصفية القضية الفلسطينية وتخريب باكستان وبسط نفوذها على العديد من الدول ومنها اليمن ، وكان الغرب قد قام بزرع كيانات وإنشاء جماعات متطرفة داخل العالم الإسلامي ، كانت وسيلة للتواجد الأمريكي وذريعة لتنفيذ مخططاته ، تمثل ذلك في الكيان الإسرائيلي الصهيوني والكيان السعودي الوهابي وما نشأ عنهما من جماعات متطرفة.
وفيما يتعلق باستهداف اليمن والتخطيط لبسط نفوذ أمريكا عليها، فذلك يعود إلى سبعينيات القرن الماضي ، عندما تم استقطاب وتجنيد الشباب اليمني (للجهاد) في أفغانستان بذريعة مواجهة المد الشيوعي الروسي وإقناعهم أن ما يقومون به جهادا في سبيل الله حيث تم تشكيل أفكارهم وتعبئتهم بتعاليم وثقافات متطرفة ومتشددة، بعيدة عن تعاليم الدين الإسلامي الصحيح ، وبعد انتهاء الحرب ، بدء تنفيذ المؤامرة وأعيد بعضهم إلى اليمن والبعض تم توزيعهم في عدد من الدول، واقتيد بعضهم وزج بهم في سجن غوتنامو، لاستكمال تنفيذ المخطط الأمريكي. فقد كونت المخابرات الأمريكية من هؤلاء جماعات متطرفة أطلقت عليهم ما يسمى بالقاعدة ثم فيما بعد تغير المسمى إلى داعش.
وقد تسارعت الأحداث ، وبالذات بعد تنفيذ المخابرات الأمريكية لأحداث سبتمبر، ووجهت الاتهام (للمجاهدين) العائدين من أفغانستان ووصفتهم بالإرهابيين ، واستمرت أمريكا في صنع الذرائع لاستهداف اليمن ومن ذلك تفجير السفينة كول في عدن والاعتداء على ناقلة النفط الفرنسية ليمبرج في حضرموت والاعتداء على السياح والسفارات…
وخلال تلك الأحداث ظهر المشروع القرآني التوعوي المقاوم والمناهض للتوجه الأمريكي. فقد استشعر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه أهداف وغايات وأبعاد التوجه الأمريكي لما أسمي بالإرهاب ومكافحته. فاتخذ العزم على التصدي والمواجهة لذلك المشروع وفضحه وكشف حقيقته، وكونه وسيلة استعمارية جديدة للسيطرة والهيمنة على الدول والشعوب وإذلالها ونهب ثرواتها ومقدراتها.
لقد امتلك الشهيد القائد العلم والفهم والقدرة على فهم الأحداث وقراءة النصوص واستنطاقها، بما امتلك من ثقافة واسعة واطلاع ومعرفة، وبذلك استطاع فهم التوجه الأمريكي وغايات ومراميه، واذا كان التحالف الأمريكي قد اتخذ أسلوب التلاعب بالنصوص وتفسيرها وتكييفها وفق أهدافه. فإن الشهيد القائد قد فطن إلى ذلك وواجهه برؤية المشروع القرآني لمفهوم ودلالات الإرهاب، حيث انطلق في توضيح وتحديد المعنى من قوله تعالى ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).مؤكدا على ضرورة التلازم والربط بين مفردات اللغة العربية والنص القرآني، الذي يحث المسلمين على امتلاك القوة بكل ما يستطيعون لإرهاب أعدائهم وأعداء الله، وهذا هو الإرهاب المشروع.
أما الإرهاب غير المشروع فهو الذي تروج له أمريكا وتسعى إلى ترسيخه من خلال تحويل وتغيير مفاهيم ومعاني المصطلحات والتلاعب بها. ومن المفاهيم التي عملت أمريكا على ترسيخها والتي أوردها الشهيد القائد في درس الإرهاب والسلام:
1 -كل من يتحرك أو يقاوم اليهود يسمى إرهابي.
2 -كل من يصيح غضبا لدينه، غضبا لكتابه أو غضبا للمستضعفين من عباد الله يسمى إرهابي.
3 -كل من يصرخ ليعيد الناس إلى العمل بكتاب الله هو أيضا عندهم إرهابي.
4 -كل من يدرس الناس في مدرسة علوم القرآن هو عندهم إرهابي.
5 -أي كتاب يتحدث عن الأمة وعودتها إلى واجبها واستشعار مسؤوليتها هو عندهم إرهابي.
فقد استخدمت أمريكا كل الوسائل لاستهداف الإسلام والمسلمين ومنها: إبعاد الناس عن الإسلام والقرآن والشريعة واستبدالها بالقوانين وتغيير ثقافة الأمة وفرض مفهوم الإرهاب، وعدم السماح حتى بتفسير كلمة إرهاب.
كما أن الشهيد القائد وفي تصديه للمشروع الأمريكي قد قارن بين الإرهاب المشروع والإرهاب غير المشروع، وقد ساق ذلك في صيغة أسئلة استفهامية:
س:من هو الإرهابي؟ هل هو أنا وأنت، الذي لا يملك صاروخا ولا يملك قذيفة ولا يملك مصنعا للأسلحة ولا يمتلك شيئًا أم أولئك الذين يصنعون أفتك الأسلحة؟
س:من هو الإرهابي؟ أنا وأنت أم أولئك الذين يستطيعون أن يثيروا الحروب والمشاكل في كل بقعة من بقاع العالم؟
س:من هو الإرهابي؟ أنا وأنت أم أولئك الذين يستطيعون أن يفرضوا على أي شعب من الشعوب المسلمة المسكينة أي عميل من عملائهم ليدوسوها بقدمه وليغير فيها ما تريد أمريكا تنفيذه؟.
لقد عملت أمريكا على استهداف الدين الإسلامي باستهداف تعاليمه وتحريفها واستهداف الجهاد وتحويل مفاهيمه واستهداف القرآن ووصفته بالكتاب المقدس للإرهابيين. يقول الشهيد القائد في درس الإسلام وثقافة الاتباع (تصريح البيت الأبيض على موقع الإنترنت، أن القرآن هو الكتاب المقدس للإرهابيين).
واستهداف أمريكا لليمن وإلصاق تهمة الإرهاب به، قد سبق ومارسته واستخدمت ذرائع عدة لذلك وأساسها المقاتلون اليمنيون العائدون من أفغانستان مرورا بمخبرها الطالب النيجيري عمر الفاروق عبدالمطلب الذي تم إرساله إلى اليمن بحجة دراسة اللغة العربية وتمت(مسرحية) القبض عليه في هولندا!؟.
لقد عاش الشهيد القائد جرائم أمريكا في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها وأدرك خطورة المخطط الأمريكي للسيطرة والهيمنة على الأمة وخطر دخولها اليمن، فاتجه إلى خوض معركة الوعي الثقافي القرآني لاستنهاض الأمة وإحياء الروح الجهادية، وقد تناول ذلك في عدة دروس وأهمها (خطر دخول أمريكا اليمن، ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى، الإرهاب والسلام، خطورة المرحلة، الصرخة في وجه المستكبرين).
فقد أوضح الشهيد القائد وحذر من خطر دخول أمريكا إلى اليمن، وفضح تواجدهم وأهدافهم وفندها. ومن المبررات كما يقول الشهيد القائد، التي استندت إليها أمريكا للدخول إلى اليمن وتنفيذ مخططاتها ما أورته سابقا، كذلك فقد اتخذت مقابلة شبكة (CNN) الأمريكية للرئيس واعترافه بوجود إرهابيين في اليمن ووعده بالتعاون مع الأمريكيتين لمكافحة الإرهاب، فقد اعتبروا تصريحات الرئيس حجة وموافقة على تصنيف اليمن بلدا إرهابيا وتلفيق الدعايات والاتهامات وتوظيف الحملات الدعائية ضد اليمن، كذلك اختلقوا مبرر مساعدة اليمن في مواجهة الإرهاب.
وأضاف الشهيد القائد أن أهداف أمريكا للدخول إلى اليمن إنما هو للتواجد والبقاء فيها، مثلما هو حاصل في أفغانستان والعراق، كما أن الدخول يهدف للفساد والإفساد والهيمنة والسيطرة الاستعمارية في صورتها الحديثة، كذلك الإذلال ونهب الثروات وإقامة القواعد العسكرية مثلما هو حاصل في العراق ودول الخليج وغيرها.
وإذا كانت أمريكا قد استخدمت كل الوسائل لترسيخ الشرعيات لأعمالها وأفعالها ومنها الحملات الإعلامية الدعائية وغيرها.
فإن الشهيد القائد قد ركز على الحث على المقاومة والتحرك وتثوير الناس وعدم السكوت على التواجد الأمريكي، وحذر من السكوت وعواقبه الوخيمة والكارثية واستشهد بما حل بفلسطين، وضرورة استشعار قوله تعالى (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).
مما تقدم ندرك، استشراف الشهيد القائد للمستقبل من خلال قراءته للواقع ولذلك أعد العدة لمواجهة الأخطار وما ستؤول إليه الأيام، حيث ركز اهتمامه على الوسائل التوعية القرآنية لتحريك الأمة وبث روح المقاومة والتصدي للمشروع الأمريكي الصهيوني للسيطرة على البلدان والشعوب وإفسادها واستعبادها، يقول في درس ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى(إن الله عندما يقول لنا أنهم أعداء إنه يريد منا أن نتعامل معهم كأعداء، والتعامل معهم كأعداء، وعدوك عدو من هذا النوع يجب أن تقف في وجهه حتى لا يفكر بأن يعمل ضدك أي عمل، فيراك أنت متأهب تماما لمواجهته ولقطع يده).
وما شن الحروب الست على صعدة وكذلك العدوان على اليمن وحصاره إلا لتحقيق أهداف أمريكا وغاياتها وبسط نفوذها وهيمنتها.
وقد أثمر المشروع القرآن الذي بثه ورسخه الشهيد القائد في فكر ووعي وسلوكيات الناس، وهو بتوفيق الله الذي عزز الصمود لمواجهة أمريكا وأدواتها وتحالفها الشيطاني على اليمن، سواء في الحروب الست أو في في مواجهة تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي.
وما تصنيف الإدارة الأمريكية الصهيونية للمقاومين الأحرار لمشروعها للسيطرة والهيمنة على اليمن إلا نتاج ذلك الصمود الأسطوري وتمريغ أنوف المعتدين وأذنابهم في التراب.
ولا يمكن لمن يتمسك بالله ويتوكل عليه أن تخضعه أساليب العنجهية الأمريكية ومن دار في فلكها.
يقول الإمام الشافعي:
إن رباً كفاك بالأمس ما كان
سيكفيك في غدٍ ما يكون
يقول الله سبحانه وتعالى ((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)) وقال تعالى((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)) صدق الله العظيم.

قد يعجبك ايضا