أبناؤنا الشهداء أحياء في قلوبنا وسننتصر بتضحياتهم
أمهات الشهداء.. اشتياق بحجم السماء وثبات بحجم الوطن
وراء كل شهيد أم بحجم وطن.. تحمل قلبا من الحب والحنان والإنسانية والكرامة والوطنية.. ليس الشهداء فحسب من يضحون بدمائهم الطاهرة، بل إن أمهات الشهداء شاركن في هذه التضحية، بل كنَّ أكثر إيثارا وعطاء وفداء حين قدمن ما هو أغلى من الروح، هو فلذات أكبادهن، حيث لا ولن تجازيهن كنوز الدنيا ومناصبها لتقوم بمقام ذلك الوفاء..
الثورة/ أسماء البزاز
أم الشهيد أحمد عبدالله عبد الرحمن الكبسي، تقول عن ولدها: كان دائما ما يتمنى الخير لأهله ولكل من حوله وكان محسنا لأهله وجيرانه وكان على الرغم من أنه أصغر إخوته إلا أنه أكثرهم استشعارا للمسؤولية تجاه أهله، فكان قريبا دائما من والديه يساعدنا ويخفف عنا من أعباء الحياة، وكل ما أريده أعرف أنه سيلبي طلبي دون تردد، وهكذا حاله مع أخته الأرملة حيث كان يعمل على إسعادها دائما ويلبي كل رغباتها لكي لا تحس بأي ضيق أو حزن بل ويتغاضى عن كل شيء بدر منها تقديرا ورحمة منه لها.
واسترسلت بالقول: وأما أمام دينه، ومسؤوليته أمام الله فقد انطلق منذ بداية المسيرة وكان معهم في الموقف، كان يتألم كثيرا ويذهب ليسعف الجرحى ويحرض رفاقه وأهله للتحرك إلى الجبهة، وأكثر ما آلمه جريمة الصالة الكبرى، حيث تألم كثيرا وأثرت على نفسيته وزادت من إرادته في مقارعة أعداء الله والوطن، وما أن سمع خطاب السيد حفظه الله وهو يتحدث عن المسؤولية، فقال( وكأني أشعر بأن السيد يكلمني أنا، لا أستطيع الجلوس أمام هذه المجازر التي حركت براكين الغيرة على ديننا وإنسانيتنا ووطنيتنا)، واستأذنني وطلب مني أن أدعو له، فرضيت عنه ودعيت له وبعدها لم يزرني إلا شهيدا ونال من الله ما كان يرجوه، فهنيئا له الشهادة.
نجوم هداية
أم الشهيد علي محمد الزايدي، تقول بكل فخر واعتزاز: يقوم الوطن إجلالا لأرواح أبطاله وتغيب الشمس خجلا من تلك الشموس المنيرة، فابني الشهيد سيظل نجمة في الليل ترشد من تاه عن الطريق.. وتبــــقى الكلمات تحاول أن تصفه ولكن هيهات.
و{الشـهيد} الذي رغب أن يكون شهيدا.. فلماذا الحزن والدموع يا عين.. لماذا كل هذا الاشتياق يا قلب.. لما كل هذا الحنين يا روح لفلذة كبدك؟ لقد استودعته الله في حله وترحاله.. بحضوره وغيابه.. في حياته واستشهاده.. فلتصبري يا نفس واحتسبي أجر الفراق لتنالي حلاوة اللقاء.
ومضت بالقول: الشهيد هو الدرع الحصين الذي نصب نفسه لصون العرض والقضاء على الظلم وهو ملاذ الخائفين ورئة الوطن ورأس ماله، فالأوطان بلا شهداء ومضحين بحياتهم تسقط ولا تصمد أبدا.. هذا هو شعار ابني الشهيد وكل شهيد في أرض هذا الوطن، تنبض قلوبهم مع إيقاعات أمجاد الأمم وكرامتها، ويحلق بالأوطان إلى أعلى المراتب، فمن يقدم دمه فداء يخيف الأعداء حتى وإن رحلت روحه إلى الرفيق الأعلى، لأنه يوجِّه لأعدائه رسالة واضحة بأن الشهيد سيتلوه شهيد آخر وأن الخير باق مادامت النفوس تأبى الذل والمهانة، وتبحث عن عزتها وتضحي بدماء أبنائها، ونحن نعاهد الله ثم شهداءنا بأننا على دربهم ماضون وعلى طريقهم سائرون، طريق الحق والعدالة ومنهاج آل البيت عليهم السلام، في الصبر والثبات والجهاد في سبيل الله والاستشهاد.
رباطة جأش
وأما أم الشهيد إسماعيل أحمد حسين الكبسي – من مواليد العام 1991م أمانة العاصمة – فقد قالت: تحلى ابني بالعديد من المناقب الحميدة منذ طفولته.
وبعد انطلاقته في المسيرة الجهادية في سبيل الله تعززت لديه العديد من الصفات منها الشجاعة والصبر واستمر في المرابطة في العديد من الجبهات متنقلا بينها ليزداد إيمانا وقربا من الله منكلا بأعدائه ببأس من بأس الله، ومما عرف به الشهيد رعايته لليتامى من ذوي القربى وحبه الشديد لهم منذ نعومة أظافرهم رغم سنه الصغير وحتى اصطفاه الله شهيدا متأثرا بمرض أصيب به وهو مرابط في سبيل الله، ضاربا بذلك أروع الأمثال في الصبر والمرابطة صابرا محتسبا الأجر من الله وعاملا في سبيله، ورغم مرضه الشديد كان حذرا من التفريط في مهامه الجهادية.. فسلام الله عليك يا قرة عيني وعلى جميع الشهداء الأبرار العظماء الأحياء عند ربهم يرزقون.
رحيل واشتياق
الشهيد حمزة عبدالاله القحوم، شعر بقهر شديد وهو يرى صور الجرائم بحق النساء والأطفال.
كان من قبل العدوان قد بدأ بالالتحاق بدورات ثقافية توعوية، وفي بداية العدوان كان من أوائل المنطلقين.. وكان المسؤولون عنه يعيدونه ويكلفونه بمهام في العاصمة لصغر سنه.
تقول عنه والدته: كان رحيما عاطفيا منذ طفولته لم يجرح أحدا ولم “يتمشكل” مع أقرانه ولم يشتم أحدا ولم يؤذ أحدا، فكان مثالا للأخلاق القرآنية الراقية.
حمزة كان كما حمزة بن عبدالمطلب في شجاعته، مقداما لا يخاف الموت ولا يهاب صوت السلاح.
حمزة أصيب مرتين ومرض في الجبهة.
وأضافت أمه قائلة: ختم حياته منكلا بأعداء الله وأي تنكيل، فعندما طلب منه العدو الاستسلام هو ومن معه لم يسلم نفسه بل رفض وبقوة، ورغم صغر سنه كان يعشق الشهادة حتى عانقتها روحه ونام في سلام.
وبكل أسى تقول والدته: للأسف لم أر جثمانه ولم يصل، لكن روحه تعانق السماء وأشعر به قريبا من روحي أراه حيا مع الشهداء في السماء يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم.
مرات عديدة أراه في المنام يبشرني بأنه حي، كم أشتاق أن يكون له مزار لأزوره وأنادمه.. ولكني اكتفي بزيارة شقيقه الشهيد مصطفى القحوم الذي التحق بأخيه بعد عامين تماما وفي نفس الشهر أشعر وكأنني زرتهم الاثنين معا، أشعر أن الشهيدين مصطفى وحمزة كانا كالملائكة.
عاشا فترة قصيرة من العمر واستشهدا وهما في الثامنة عشرة من عمريهما لكنهما ارتقيا وفازا فوزا عظيما وتقدما على من سبقوهما بالجهاد والعمر وأصبحا في ركاب الخالدين الذين اختاروا الحياة الأبدية.
رمال التضحية
وعن شهيدها الثاني مصطفى أخو حمزة، تقول أم الشهيد: منذ أن وعى على هذه الحياة وهو مع المسيرة القرآنية انطلق بقلبه قبل جسده وتأثر بشهداء أسرته وشقيق ظهره ورفاقه.
الشهيد المجاهد مصطفى عبدالإله عبدالكريم القحوم، عاش حياة حافلة بالعطاء لم تلوث الدنيا قلبه ولم يتبع شهوات الدنيا، فقد انطلق بنقاء قلبه وإخلاصه ملتحقا بالكثير من الدورات الثقافية والعسكرية لكنه ما لبث إلا لينطلق مجاهدا ليدافع عن أرضه التي تعرضت لعدوان غاشم، تأثر الشهيد وأثر على من حوله، فقد جسد مواقف تدل على الإخلاص والعطاء.
حكى عنه الكثير من رفاقه بأنه كان شجاعا ضرغاما لا يخاف شيئا، وكان يحكي كثيرا أنه سيلتحق بأخيه الحمزة الذي سبقه إلى جنان الخلد.
وأضافت: مصطفى من اصطفاه الإله كانت له زيارة أخيرة إلى المنزل وجلس معي وحكى لي عن عظمة هذه المسيرة وكيف ستتوج بالنصر بفضل دماء الشهداء الطاهرة.
وحكى لي عن شوقه وفقدانه لحمزة وللشهيد لطف القحوم ولجميع الشهداء، وعُرض على مصطفى أن يلتحق بإحدى الدورات التي التحق فيها رفيقه في الجهاد وصديق طفولته يوسف ومدتها تتجاوز عاما.. فرد عليهم ضاحكا (ماعيخرج يوسف إلا وقد استشهدت )، وفعلا لقد شعر برحيله عن هذه الدنيا الزائفة معلنا نصره ومشاركته بدمائه في النصر الكبير بإذن الله .
ومضت بالقول: شهدت له رمال الصحراء وشمس السماء وطريق ترحاله وتنقله، على عظمة مواقفه.
فقد تنقل ما بين الجبهات منكلا بأعداء الله رغم صغر سنه.
نشأ مصطفى وتربى على الجهاد وأعلن مكبرا بصرخة البراءة ضاغطا على زناد البندقية، لم يتعب ولم يفتر ولم يتراجع عن دين الله بل كان مستشعرا لكل عمل وفي كل موقف يشاهده، فكم قال إنه لا يرغب بالعيش وهو يشاهد أشلاء الأطفال وصرخات الثكالى وبكاء الأيتام.
فكيف سيطيب له العيش والعدوان يقتل النساء والأطفال، وأن من يجلس في منزله هذه الأيام هو منافق.
والمسؤولية تقع على الجميع، فسلام الله على شهيدنا المصطفى وأخيه الحمزة وجميع الشهداء آناء الليل وأطراف النهار، ونعاهدهم أننا على خطاهم سائرون بإذن الله.