من سير الشهداء وسيرتهم على لسان أهلهم وذويهم: مولوعون بفعل الخير ومساعدة الآخرين ولم تفارقهم الابتسامة

أسر وعائلات عدد من الشهداء لـ “الثورة”:الشهداء لبّوا نداء الجهاد ورفعوا رؤوسنا بعطائهم

 

عبّرت عدد من أسر الشهداء عن فخرها واعتزازها بأبنائها الأبطال الذين بذلوا دماءهم في سبيل الله ودفاعا عن اليمن ، وصدقوا ما عاهدوا الله عليه وقدموا أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل الله ، وجسدوا قيم التضحية والبذل والعطاء في سبيل الله ، ولبوا نداء الواجب المقدس وكانوا مثالا وقدوة للأجيال ، فسيرة الشهداء قصص مخلّدة تتناقلها الأجيال، وسيرهم مع أهليهم وسلوكهم مع مجتمعهم مثلا تحتذى ، وتلبيتهم للنداء المقدس درس للشعب وللأجيال.
وأكدت عوائل وأسر الشهداء بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد ، واعتبرتها مناسبة زاخرة بمعاني الفخر والاعتزاز ، وسردت قبس من قصص شهدائها ومواقفهم التي سيسجلها التاريخ للأجيال ، وترويها عزة وكرامة للأجيال ،وأكدت افتخارها واعتزازها بالشهداء ، واعتبرته وساماً على الصدور وشرفاً تاريخياً.
وتحدثت لـ”الثورة” عدد من عوائل وأسر الشهداء ، عن سير الشهداء وعظمتهم وإحسانهم ، وإخلاصهم وقربهم من الله ، وأخلاقهم التي عرفوا بها وتعاملوا من خلالها مع أهلهم ، وقصص انطلاقهم وتلبيتهم لنداء الواجب المقدس.

الثورة/ الأسرة

قطع إجازته وعاد إلى الجبهة في اليوم الثاني بعد وصوله
قطع إجازته في اليوم التالي وانطلق نحو جيزان مع رفاقه الثمانية وتمكنوا من السيطرة على الجابري في جيزان .
أم الشهيد محمد حسن علي محمد الكبسي» أبو حسن» حدثتنا قائلة: لا أستطيع أن أعطى ابني الشهيد حقه من الوصف والسرد مهما حاولت لأنهم هم الخالدون في الدنيا حتى قيام الساعة، هم في المراتب العليا في الجنة، فسلام الله على الشهيد وجميع الشهداء ما بقى الليل والنهار، انطلق ابني محمد حسن علي محمد الكبسي «أبو حسن» في العمل الجهادي قبل الحرب الخامسة، وانتقل إلى صعدة للبقاء في ضحيان، وشارك في الحرب الخامسة منذ بدايتها حتى توقفت، وبعدها حضرت أنا ووالده وإخوته وأخواته لنحتفل بزفافه في ضحيان وبقينا عنده عدة أيام، وماهي إلا أيام ، ثم انطلق للمشاركة في الحرب السادسة منذ يومها الأول، وأثناء الحرب أتى لزيارتنا، ولكنه عندما شاهد طغيان طيران العدوان السعودي على المنطقة، وكيف كان يقصف القرى والبيوت بوحشية فما كان منه إلا أن قطع إجازته في اليوم الثاني، وتواصل مع قيادته للرجوع لميدان القتال، فانطلق نحو جيزان مع رفاقه الثمانية، فسطروا ملاحم البطولة والفداء وتمكنوا من السيطرة على الجابري في جيزان، واستمروا في السيطرة على الجابري حتى توقفت الحرب السادسة، وبعدها استشهد-سلام الله عليه بتاريخ 15 /12 /2009م، وتم مواراة جثمانه الطاهرة في مران روضة الخربان، فلقى الله طاهراً كريماً محسناً قوياً أميناً عابداً متولياً لله وللرسول والذين آمنوا من أهل البيت الأطهار سيدنا وقائدنا عبدالملك بن بدر الدين الحوثي-حفظه الله.
وواصلت أم الشهيد الكبسي حديثها فقالت: أستقبل ذكرى الشهيد بكل فخر وعزة وكرامة وكلي فخر بلقب «أم الشهيد» لأنه منزلة راقية تختلف عن كل مراتب وألقاب الدنيا.

ولدي منحني وساما عاليا
وبدورها أم الشهيد محمد عبد الصمد المتوكل» أبو زيد» فتحدثت قائلة: أعتذر لشهيدي بأني لا أستطيع أن أوفيه حقه كاملاً في سطور ، لقد ترعرع شهيدي في صنعاء ودرس في مدارسها وتَشَّرب فيها حُب الوطن والدين، فكان قلبه معلقاً بالمساجد، فتعلم في الجامع الكبير وتلقى فيه علوم الدين ،ولأنه مُنذ صِغر سنه مولع بالجهاد في سبيل الله فقد دفعه شغفهُ الجهادي للالتحاق بدورات ثقافية وتدريبية في صعدة حتى أصبح مؤهلاً، فكان يقضي مُعظم أوقاته في الأعمال الجهادية، فقد كان رغم صُغر سنه مكافحاً مجاهداً ورعاً تقياً نقياً يتميز بالزهد والرزانة والفطانة ورجاحة العقل ففاق عمره بِأعوام ، فقد كان مضرباً للأمثال في محاسن الأخلاق وزين الخصال، كان كريماً مِعطاءً كثير السخاء على الفقراء والمحتاجين ،كان مسارعاً ومبادراً وشديد الحب لفعل الخير ، كان محبوباً من الجميع يمتلك أسلوباً لطيفاً وراقياً في التعامل مع الآخرين فهو صاحب الوجه البشوش المطيع للكبير العطوف على الصغير المحترم للجميع، وما إن بدأ تحالف الشر عدوانه على اليمن حتى انطلق في سبيل الله مدافعاً عن الوطن والدين إلى أن طالته يد العدوان الغادر في الخوبة _جيزان2016/2/11م هنا فاضت روحه الطاهرة إلى بارئها وارتقت إلى منزلة الشهداء والأنبياء.
وواصلت أم الشهيد المتوكل قائلة: أستقبل ذكرى الشهيد كيوم نصر وعز وشموخ ، أستقبلها بسيل من أقدس وأعظم الأحاسيس المختلطة بين الفخر والحزن على فراقهم، والفرح لهم لمانالوه والشوق إليهم، ولكن حينما أتحدث عن هذه الذكرى أتحدث بفخر ورفعة، حتى عندما أزور مقابر الشهداء كأنني أزور روضات تعج بالحياة ونشعر فيها بانشراح الصدر، فسلام الله عليهم ، استقبل الذكرى بالافتخار بلقب «أم الشهيد» وكأنه كالإكليل المرصع بأغلى أنواع الجواهر الذي لا تتوج به إلا أم الشهيد ، فلقب أم الشهيد يعني فخراً وعزاً وصبراً وإيماناً وأعظم تضحية وبذل وعطاء.

اكتفى برتبة مجاهد
أما زوجة الشهيد ماجد علي محمد صالح الحوري فقالت: كان شهيدي-سلام الله عليه- يتنفس عبق الشَّهادة مُنذ أولِ يومٍ عرفتهُ فيه، كان لا ينام إلّا وقد أدى ورده اليوميّ المتمثّل ببرنامج رجال الله وأضاف أنّهُ أضاف إليه الولاء قبل أن ينام، كان جنديًا لله وفي سبيل الله في جميع ميادين الجهاد، منفقاً، محسناً، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، متحلياً بالمواصفات الإيمانية جميعُها، ومع ذلك كان إذا حدث منهُ تقصير طفيف يُعاقب نفسه بطريقتهِ وينعزل عن الناس راكضًا للجلوس مع الشهداء في روضتهم وكان يسميهم « المؤمنين» ،كان كالمغناطيس تمامًا حيثما يتواجد يلتّف حولهُ الآخرون، لأن لسانه لا يتوقّف عن بذل النُصح والتّذكير بالله وهدي الله، فكانت رفقتهُ دواء تبعث على النفس السعادة.
واسترسلت زوجة الشهيد الحوري قائلة: برغم أنّ شهيدي كان أحد قيادات النّجدة إلا أنني لم أراه للحظة يرتدي رتبته، إلى جانب أنني- ويعلم الله صدق قولي- لم أعلم برتبته إلا بعد استشهاده، وحينما استنكر عليه هذا الأمر وأقول له أنت تتبع السلك العسكري ويجب أن تنضبط بالزي، كان يقول لي: «الرتب تذهب زكاء النَّفس» ،كان أبًا للصغير، وأخًا للكبير، وأبنًا عزيزًا للمسنين، كان يتعمّد رفقة صغار السن حتى يبنيهم ويربيهم التربية الجهادية، وإن قلت أنّه الدينامو المحرّك للمجاهدين من حوله لا أكون مبالغة بقولي، كان يحمل هم أمّة بأكملها، وكأبسط مثال تقريبي قوله لي:» لو يفتح الله عليّ فسوف أشتري سيارة لكل واحد من هذولا- ويقصد أصحاب البسطات والعاملين في الجولات-، كان يسعدهُ إيذاء الآخرين لهُ بكلمة أو موقف فقط حتى يسامحهم ويبتسم في وجههم، كنت أقول له لماذا تسامحهم وهو المخطئون وكّل أمرهم إلى الله، يقول لي: « هم مساكين ومسامحتهم مفتاح لهدايتهم وأنا أريد أن يوفقني الله لأكون السبب..! « أعتقد أن هذا الأمر قد لا يُصدق إلا أنه واقع من ذابوا في الله وعرفوه حق المعرفةِ وتمامها، كان إذا ما وجد مُتَّسعًا من الوقت يذهب إلى حمام البُخار فكنت أسخط عليه وأعاتبه أن أسرته أولى بوقته حتى صارحني أنه لا يذهب رفاهيةً أو ترويحًا عن نفسه بل حتى يشعر بالحرارة في الدنيا ويتذكّر بها نار جهنم ليتشكّل في نفسه رادعاً لعلَّهُ يتجاوز تقصيرهُ فلا يذوق تسعُّرها في الآخرة، وأغلب المرات يخبرني أنّهُ يفكّر في وعيد الله ولا يدري إلّا وقد استفاق من غشيته!! وذات مرة أهداهُ صديقه ربطة معصم مكتوبٌ عليها اسمهُ الجهادي « سجّاد « رفض ارتداءه ، سألتهُ عن السبب قال: « أصبحتُ مقصّرًا ولا أستحق حمل لقب سيد الساجدين زين العابدين «؛ ولم يرتديها إلا في زيارته قبل الأخيرة، أيضًا كان أغلب الأحيان يمشي حافي القدمين وأنا استنكر هذا الأمر وأسخط عليه فيقول لي هناك من هو أولى بهِ مني فأقول لهُ سنشتري وننفق ولكن لا تخلعه فيرد :» لابد أن نشعر بمن ينزفون دمًا وهم حُفاة، أما نحن فمترفون! «، أمّا عن ملابسه وأدواته واحتفائها باستمرار كنت أسأله أين ذهبت فكان يرد: « فعَّلتهن «، كان سلام الله عليه صارفًا أنظارهُ كُليًّا عن كل متاعٍ في هذه الدنيا ودائمًا يقول لي: «فلندفن نفسياتنا تحت التراب، والآخرةُ خيرٌ وأبقى»، لا تسعني الأحرف والكلمات لأكتب عن شهيدي وبقية الشهداء لأنهم أرقى وأسمى من أن تشملهم عباراتنا القاصرة.

نهاية مشرّفة
كما تحدثت أخت الشهيد خليل جبران مكرم «أبو جبران» فقالت: خُلدت ذكرى أخي الشهيد في قلوب كل من عرفه سواء من داخل أسرته أو من خارجها، فقد كان الشهيد مثالاً حقيقياً لمعنى الرجولة والأخلاق التي ترجمت التزامه الديني الكبير وفهمه العالي للرسالة الربانية في الدين الإسلامي، فالدين معاملة لدى خليل، الذي كان بحق مؤسسة خيرية قائمة بذاتها تعنى بمساعدة المحتاج مادياً ومعنوياً، وجبر الخواطر للقريب والبعيد حتى ولو بابتسامة وكلمة طيبة .
كما سردت أخت الشهيد مكرم نبذة عن حياة الشهيد فقالت:
ولد أخي الشهيد في منطقة هبرة في صنعاء في يوم الجمعة الموافق 12 /مارس /1979م، ولديه العديد من الأشقاء والشقيقاتِ، فكان الشهيد أكثر أهله ترجمة لمعاني صلة القربى، فقد كان حريصاً على أن يكون حاضراً ليس في المناسبات الكبيرة فحسب، بل وحتى في الأيام العادية، التي يوزع نفسه فيها على كل أهله إيمانا منه بأن صلة الأرحام تجلب البركة والرحمة، لذلك لم يكن مستغرباً أن يبكيه بفخر وحزن القريب والبعيد من أهله بل كل جيرانه وأصحابه والمحيطين به من عمال وباعة ممن حرص الشهيد على مد يد الخير إليهم من منطلق إحساسه الكبير بالآخر، ورغبته بحق في أن يكون مثالاً للإنسان الملتزم المعطاء في أخلاقه وماله.
وواصلت حديثها قائلة: الشهادة لدى أخي خليل شرف كبير، لذلك ما إن شن تحالف العدوان الأمريكي الغاشم نار حقده على أبناء صعدة المجيدة في الحروب الست حتى انطلق في سبيل لله لتلبية نداء الدين والوطن والالتحاق بميادين القتال لتكون أول استجابة للشهيد في الدفاع عن أبناء وطنه من أبناء صعدة التي ترعرع ونشأ فيها كرد للوفاء كل الوفاء، فكان نعم الإنسان الذي يحمل الحب والخير والإنسانية، فانطلق محرراً مدافعاً عن صعدة من العدوان الإسرائيلي الأمريكي ، وبعد سجل حافل بالجهاد والثبات والصمود ضد أعداء الله والحق المبين نال شرف أن يتوج شهيداً في منطقة «صرواح مارب « بتاريخ 1 11/ 4 /2020م.
فهنيئاً لك الشهادة يا أخي الحبيب، وهنيئاً لكل من سار على درب رسولنا الأكرم وأعلام دينه الأطهار الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي من أحيا القرآن الكريم والكرامة والجهاد وأسس منهج المسيرة القرآنية ومن سار على نهجه من الحق القويم السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، وداعاً أخي خليل ، وداعاً ونحن صامدون فقد كنت نعم الأخ ونعم الأب الحنون صاحب الخلق القويم والابتسامة المشرقة حتى وأنت تزف إلى مثواك الأخير كنت تبتسم، فيالها من حسن خاتمة وروح طاهرة تنعم بإذن الله في جنات الخلود.
يحبهم ويحبونه.
أم الشهيدين عبدالله وأسامة عبدالحكيم عباس المتوكل تقول: ابني عبدالله- سلام الله عليه- كان رغم صغر سنه جداً، فعندما شُن العدوان علينا استشعر بحجم المسؤولية عليه في الجهاد رغم أني حاولت إقناعه أن يجلس معي بجواري مثل إخوته إلا أنه أصر بعد أن رأى جرائم العدوان، فانطلق ولدي عبدالله وقلبي راض عليه، وكُبر عبدالله في نظري أكثر وأكثر، فقد زاده الله علماً ووعياً، جُرح عبدالله أكثر من مرة فزادت قوته وزاد حماسه في سبيل الله، فعبدالله كان المدد الروحي لي لأنه سار في سبيل الله فكنت أعمل الكعك له ولرفاقه دائماً، لو تحدثت عمّا لقيت منه ومن أخيه من ثبات فلن يكفي الحبر ولا الورق ولن أوفيهم حقهم.
وواصلت أم الشهيدين المتوكل قائلة: عندما كان يأتي عبدالله لزيارتنا كان يحدثني عن مدى سعادته بالجهاد في سبيل الله وعن المعجزات الإلهية والتأييد الإلهي، أما عن آخر زيارة له لنا فكانت كلها نورانية في الثبات كأنه جبل شامخ وواثق بالله فكان يرى النصر قريباً جداً والنور في وجهه ساطع، ما أجملها من لحظات وهو يحدثني في ملزمة محياي ومماتي لله رب العالمين، ولم استطع أن أقاطعه أبداً وكنت مذهولة من تلك الكلمات المعبرة.
أدركت حينها أنه يحب الله فذكرت الآية:{ يحبهم ويحبونه}، وحينها أيقنت أنه سيستشهد لا محالة، وحين استشهد ابني استقبلت خبر استشهاده بكل رضا واحتساب وفخر واعتزاز، فقد هيأ لي ربي صداقة قوية بيني وبين ولدي فكان مدرسة لي، فتعلمت الكثير منه، علمني معنى الشهادة فأحببت أن تكون له كأعظم نصر له بعد أن نكل بأعداء الله ما يقارب الثلاث سنوات، كما أنه أوصاني أن لا أحزن بل أفرح وكأنه موكب عرس مهيب، لهذا فكل ما يأتي ذكرى الشهيد أفتخر بأبنائي الشهداء ،حتى وإن كان في قلبي لهما الشوق والحنين، إلا أنني أجهز نفسيتي لأتذكر بأنهما كمدرسة ربانية استمد منهما قوتي، ولهذا أفتخر أن ولدي لم يُدرا ظهرهما للعدو بل رفعا راية الإسلام بحق واستشعار للمسؤولية الجهادية العظيمة، ولي كل الفخر بأني أم الشهيدين، فهذا اللقب لا تتستوعبه البشر بكاملها لما له من عزة وكرامة.
وأوضحت في حديثها قائلة: أما عن شهيدي الغالي أسامة فقد انطلق بعد أخيه عبدالله بسنة ونصف إلى جبهات العزة والكرامة، كان طبع أسامة الصبر والحلم. وكان حنوناً طيباً ، فعندما أقول له هل أعمل لكم كعك مثل أخوك يقول لي: «إذا أمكن لكن لا تشغلوا نفسكم بنا أحنا مكيفين» طبعا ًوقت استشهاد أخيه عبدالله كان أسامة في الجبهة ولم يعلم بخبر استشهاد أخيه إلا بعد أسبوع لما جاء بالصدفة، وأول ما كلمته، لم يظهر لي ألمه أبداً بل قال:» نعمة والله نعمة عقبالنا إن شاء الله، ثم قال لي:» أنتوا. عارفين يا أمي أني حلمت قبل أسبوع أخي عبدالله …»
بالمختصر تفسير الحلم أن أسامة سيلحق أخاه بوقت قريب، فأجبته يا ولدي هذه نعمة من الله لو يقبلكم ربي شهداء ، فكان أسامة دائماً على اتصال روحي مع أخيه الشهيد عبدالله، وفي إحدى المرات جرح أسامة جرحاً بليغاً جداً، ورقد في المستشفى لمدة شهر وأجريت له ثلاث عمليات، ثم رقد في البيت جريحاً اقل من شهر وعاد إلى ميادين الجهاد بكل شجاعة، عاد ومازال لايقدر على الوقوف جيداً، فهذه القوة استمدها من قوة الله المعين “كذلك أذكر يوم أن جاء يودعني قبل ذهابه للجبهة فقال لي:» يا أماه ما أقدر أتحمل ما أسير الجبهة، المجاهدين منتظرون لي في المترس والعافية من الله عد ألقاها هناك» ، فقلت له مع الله يا ولدي، فقال لي :»عتتألموا لو أستشهد» فقلت له: لو يقبلك ربي شهيد فهذه نعمة كبيرة”.
“أتذكر لحظة استشهاده أنه لا يخبرني أي أحد بها إلا ربي، كان الوقت بعد الظهر وأنا في غرفتي أصلي فسمعت الباب الكبير يطرق بقوة وبصوت عااالي ياماااااه يمااااااه وكأن يوسف فتح الباب فإذا بأسامة بيقل أين أمي؟ يمااااه بصوت عالي، وقفت الصلاة وجريت أنادي يا أسامة أنا هانا يا أسامة،
فرحت بصوته، فإذا بيوسف اخوه يجري إلى عندي ويقل لي مالكم يماه ما بحد أسامة ليش بتدعوه وهو غير موجود هو في الجبهة! فقلت له الباب دق، فقال لي لا، فقلت له أنت فتحت الباب قال: لا، فقلت أنا سمعت أسامة قال أماه، فقال لي يوسف صلوا على رسول الله أنا عند الباب ما أحد دق ولا فتحت، فعرفت حينها أنه استشهد، وقلت اللهم زكي عقلي وقلبي ، اللهم اربط على قلبي كما ربطت على قلب أم موسى، وفعلاً وصل خبر استشهاده بعد أربعة أيام وقالوا لنا إنه استشهد بعد الظهر قبل أربعة أيام”!.

فزت وربّ الكعبة
وأخيراً أم الشهيد سلطان علي علي السلطان «ذو الفقار» تحدثنا قائلة : انطلق ابني للجهاد قبل العدوان، كما كانت له مشاركات عديدة في تأمين الفعاليات والمعارض والأمسيات الثقافية ، كما كان عنصراً فاعلاً في حشد الرجال لجبهات القتال وتأهيلهم، فقد شارك في حرب كتاف وعمران، وكان مع اللجان الشعبية في إب وذمار ، وعندما بدأ العدوان انطلق منذ البداية مجاهداً إلى جبهة مأرب ثم انتقل إلى جبهة نهم ، ثم في جبهة الجوف والبيضاء، وأخيراً استقر المقام به في الحدود في جبهة جيزان جبل الدود حيث استشهد هناك في جبهة جيزانبتاريخ 9 /4 /2018م.
وتضيف أم الشهيد السلطان : عندما وصلني خبر استشهاده قلت: «الله يرضى عليك يا سلطان مثلما قلبي راض عليك»، فكانت عبارات الرضا هذه بما قدمه في هذه المسيرة وبما عمله خلال سنوات جهاده المباركة، وكنت أرد على كل من يريد أن يثبطني ويوهن من عزيمتي فأقول لهن : «الحمد لله أن ولدي شهيد وأخوه جريح ، وبأذن الله يشفى و يلحق بعد أخوه» فكانت هذه الجملة سبباً في إسكات من أرادت أن تثبطني، كذلك الأهل كانوا ولازالوا فخورين بعظيم ما قدمه ابني الشهيد، فكلنا نفخر بأن جعله الله يسير في درب الحق ومع الحق وقدم روحه رخيصة في سبيل الله لرفع راية الله وإعلاء كلمة الله لتكون هي العليا والدفاع عن المستضعفين في الأرض، فكان ابني الشهيد من الرجال والقلة القليلة الذين صدقوا مع الله العهد فصدقهم رب العالمين الوعد فكانوا أحياء عند رب العزة يرزقون، مما زادنا فخراً أن آخر ما نطق به ابني الشهيد سلام الله عليه في لحظاته الأخيرة «فزت وربُّ الكعبة».

قد يعجبك ايضا