بعد أكثر من خمسين عاماً على طردها .. بريطانيا تحيي مشاريعها الاستعمارية في اليمن

 

7 آلاف بريطاني في السعودية لتقديم المشورة وتدريب القوات السعودية
شهادات: بريطانيا منخرطة بشكل مباشر في الحرب ولولا خبراؤها لما ارتفعت طائرة في الجو

في عيد الاستقلال الـ 30 من نوفمبر ، ذكرى طرد المحتل البريطاني من اليمن 1967م والتي يحتفي بها اليمنيون اليوم وبريطانيا تحتل نفس الأجزاء والمناطق اليمنية التي احتلتها سابقاً لأكثر من قرن من الزمان، ولكن هذه المرة عبر أذرعها وأدواتها في المنطقة السعودية والإمارات اللتين يبدو أنهما تطوعت لإعادة بريطانيا للتحكم بمصير اليمن .
فمنذ اليوم الأول للعدوان على اليمن لعبت بريطانيا دوراً محورياً في الحرب ووقفت بكل ثقلها السياسي إلى جانب دول العدوان واستصدرت القرارات التي تشرعن لحربها على اليمن خدمة لمصالحها الاستعمارية التي تريد تحقيقها في اليمن .

الثورة / محمد الروحاني

إلى جانب ذلك عملت بريطانيا على تزويد دول العدوان بالأسلحة التي تجاوزت مبيعاتها الـ 19 مليار دولار منذ بداية الحرب على اليمن بالإضافة إلى البرمجيات في المجال العسكري لتصبح ثاني الدول المزوِّدة لدول العدوان بالأسلحة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وفق تقارير وسائل الإعلام البريطانية .
دعوات بريطانيا وحثها على التسوية السياسية في اليمن تتناقض مع واقعها ، والذي يظهر واضحاً في تصريحات مسؤوليها الداعمة للعدوان وتحركاتها على الأرض لإحياء مشاريعها الاستعمارية التي تريد تحقيقها عبر أدواتها في المنطقة السعودية والإمارات .
شرعنة الحرب على اليمن
عملت بريطانيا على توظيف ثقلها السياسي في مجلس الأمن واستصدرت العديد من القرارات التي تشرعن لتحالف العدوان بقيادة السعودية العدوان على اليمن ومنها القرار” 2216″ والذي كان بمثابة شرعنة للتحالف ليشن حربه على اليمن التي انطلقت في الـ26 من مارس 2015م.
فمنذ اليوم الأول للحرب على اليمن احتفظت بريطانيا بملف اليمن في مجلس الأمن ، وعملت على دعم دول العدوان واستصدار القرارات لصالحها ومنها قرارات التمديد للعقوبات المفروضة على اليمن منذ 2015م والتي كان آخرها التمديد الذي أقره مجلس الأمن في الـ 25 من فبراير العام الجاري بموجب قرار صاغته بريطانيا .. وغيرها من القرارات التي تصب في مصلحة دول العدوان التي تمثل مصلحة بريطانيا .
ثاني مزوِّد لدول العدوان بالأسلحة
بالتوازي مع التحرك البريطاني في دعم دول العدوان في أروقة مجلس الأمن والمحافل الدولية واستصدار القرارات التي تشرعن العدوان على اليمن الذي تقوده السعودية، وعملت بريطانيا على تزويد دول العدوان بالأسلحة التي تقتل بها الشعب اليمني لتصبح ثاني دولة مزودة لدول العدوان بالأسلحة بعد الولايات المتحدة الأمريكية .
صحيفة الغارديان البريطانية كشفت في تقرير منشور في الـ 16 من ابريل العام الجاري عن ان شركة” بي إيه إي سيستيمز ” البريطانية المتخصصة بالطائرات والمقاتلات، باعت أسلحة وخدمات بقيمة 19 مليار دولار للجيش السعودي في فترة تتزامن مع خوض الرياض حرباً عدوانية في اليمن منذ 2015م.
إلى جانب الأسلحة تقدم بريطانيا ” البرمجيات البشرية”، حيث يوجد في السعودية حوالي 7000 بريطاني مدني وعسكري لتقديم المشورة والتدريب ، وإدارة الطائرات المقاتلة التي توفّرها بريطانيا وغيرها من المعدّات العسكرية بحسب تقرير لموقع ” ورد سوشيالست ويب سايت ” البريطاني تم نشره في يوليو العام الجاري .
محلل سياسي بريطاني: الحرب في اليمن هي حربنا
في الـ 4 من ابريل 2019م أكد المحلل السياسي والكاتب المتخصص في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة في الشرق الأوسط، ديفيد ويرنغ، أن ” الحرب على اليمن حرب بريطانيا في المقام الاول” وأنها “ما كانت لتبدأ من دون الدور البريطاني فيها”، متهماً بريطانيا بأنها ساعدت في خلق أسوأ كارثة إنسانية في العالم .
وفي مقالة له نشرتها صحيفة الغاردين البريطانية ، تحت عنوان “يمكن لبريطانيا أن توقف الحرب في اليمن خلال أيام، لكنها لا تفعل ذلك”، قال ويرنغ: “تدعي حكومة المملكة المتحدة أنها ليست طرفًا في الحرب ، لكن هذا أمر مخادع بشكل صارخ .. مشيراً إلى أن بريطانيا تعد عاملاً حاسمًا في تمكين حملة القصف السعودية التي تتميز بـ”هجمات واسعة النطاق ومنهجية” على أهداف مدنية، على حد تعبير محققي الأمم المتحدة، مع سلسلة من الفظائع بما في ذلك حالات جرائم الحرب المحتملة .
ووفق الكاتب البريطاني ديفيد ويرنغ: “قد لا تكون بريطانيا مقاتلًا رسمياً على الرغم من أن هناك تقارير عن وجود قوات خاصة بريطانية تعمل على الأرض إلا أنها تقوم بدور مشارك وملحق لا غنى عنه.
ويقول : إذا كان الدعم البريطاني يجعل العنف السعودي ممكنًا، فهذا العنف هو العنف البريطاني أيضًا، مما يجعل المملكة المتحدة مسؤولة بشكل كبير عن كلفتها البشرية .
وفي إثبات محورية دور بريطانيا في الحرب على اليمن، لفت الكاتب البريطاني ديفيد ويرنغ إلى فيلم وثائقي عرضته القناة الرابعة بعنوان “الحرب الخفية لبريطانيا” وقال: “كشف الفيلم الوثائقي للقناة الرابعة، “الحرب الخفية” في بريطانيا، عن عمق تورط المملكة المتحدة في تفجير المملكة العربية السعودية لليمن”.
وعرج ويرنغ إلى دور بريطانيا في تسليح تحالف الحرب على اليمن وقال: “بموجب صفقة أسلحة موقعة من قبل حكومة حزب العمال الجديد، زودت بريطانيا السعوديين بأسطول من الطائرات العسكرية ‘تايفون’ وكذلك الإمداد المستمر من الذخيرة والمكونات والتدريب والدعم التقني اللازم للحفاظ على هذه الطائرات العاملة ، وهذا يخلق درجة عالية من الاعتماد السعودي على الدعم البريطاني المستمر .
وأضاف: “أخبر فني بريطاني سابق، تمركز في المملكة العربية السعودية حتى وقت قريب “القناة الرابعة” أنه إذا تم سحب هذا الدعم، فلن تكون هناك طائرة في السماء خلال سبعة إلى 14 يومًا”.
انخراط مباشر في الحرب
في الحادي عشر من فبراير من العام الجاري كشفت وسائل إعلام عن وصول قوات بريطانية أمريكية إلى مدينة عدن جنوب اليمن، لغرض السيطرة على المحافظة.
وقالت وسائل الإعلام إن 450 جنديًا أمريكياً وبريطانياً كانوا قد حطوا رحالهم في عدن في شهر مارس وأن العدد سيصل إلى انتشار 3000 جندي لاحقًا بحسب المخطط البريطاني الأمريكي.
وأشار التقرير إلى أن المهام الموكلة لهذه القوات هي إحكام السيطرة على عدن التي تعد من أهم المدن الاستراتيجية اليمنية ملاحيًا، بالإضافة إلى ارتباطها بباب المندب وبحر العرب.
ووفق الصحيفة يأتي انتشار الجنود البريطانيين والأمريكيين في اليمن كدليل قاطع على تورط الحكومتين البريطانية والأمريكية في الحرب التي تشنها السعودية على اليمن ودخلت عامها السادس منذ مارس 2015م.
عرقلة الحل السياسي
وفي الوقت الذي تدعي بريطانيا بحثها عن تسوية سياسية في اليمن تقف إلى جانب دول العدوان في حربها على اليمن وهو ما ظهر على لسان أكثر من مسؤول بريطاني والذين كان آخرهم وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “جيمس كليفرلي” الذي حمل صنعاء مسؤولية فشل السلام في اليمن في لقاء مع جريدة ” الشرق الأوسط ” نشر مطلع الشهر الحالي وهو قول مناف للحقيقة .
ووفق مراقبين فإن تصريحات الوزير البريطاني تكشف عن نية بريطانية لعرقلة تحقيق الحل السياسي في اليمن واستمرار الحرب لسنوات قادمة حتى تستطيع بريطانيا إكمال مشروعها الاستعماري وبسط نفوذها بشكل كامل على المناطق التي تريدها في إطار مشروعها الخاص الذي تريد تحقيقه في اليمن عبر أدواتها السعودية والإمارات .
مشروع بريطاني لتقسيم جنوب اليمن
ما تمارسه دول تحالف العدوان في المحافظات الجنوبية وتطبيقها نفس السياسية الاستعمارية التي كانت تمارسها بريطانيا عندما كانت تحتل اليمن وهي تقسيم الجنوب إلى كانتونات جيوسياسية وتشكيل القوى والنخب المسلحة على أساس مناطقي وقبلي ” النخبة الحضرمية – الشبوانية – المهرية .. إلخ ” يؤكد أن بريطانيا هي من تشرف على مشروع التقسيم الذي يجري التخطيط له في محافظات اليمن الجنوبية .
فعلى غرار بريطانيا تقوم دول تحالف العدوان بتغذية الصراعات وإذكاء المناطقية بين الأطراف المتصارعة ومن خلال النظر في الحرب الدائرة اليوم في جنوب اليمن، سنجد انها لا تخلو من اللمسات البريطانية ويظهر ذلك من خلال توجهات الأطراف القبلية والمناطقية والعرقية والنزعة الانفصالية التي وصلت إلى حد طرد الشماليين من المحافظات الجنوبية وهو ما يؤكد الأهداف البريطانية القديمة في اليمن وليس لغيرها أية مصلحة في ذلك.
العودة إلى مناطق السيطرة القديمة
عودة البريطانيين إلى المناطق التي كانوا يسيطرون عليها خلال احتلالهم لجنوب اليمن سابقاً من أهم الأهداف التي تسعى بريطانيا لتحقيها حالياً حيث تسعى ومن خلال دول تحالف العدوان وخصوصاً الإمارات لحجز مكانها، بجانب الأمريكيين، واستعادة موطئ قدم إضافي عند تقاطع المنافذ الاستراتيجية المائية من حول باب المندب وجنوب اليمن .
ووفق تقارير إعلامية فإن القوات البحرية البريطانية هي من تقود العمليات المشتركة لتحالف العدوان في البحر الأحمر ومضيق باب المندب كما أن قواتها تتواجد إلى جانب القوات الأمريكية والإسرائيلية في أغلب الجزر اليمنية ومنها جزر كمران وميون وسقطرى .
كذلك تسعى بريطانيا ومن خلال الإمارات للسيطرة على الساحل الغربي لليمن لأهميته الاستراتيجية.. ويرى مراقبون أن البريطانيين هم من هندسوا لمعركة الساحل الغربي التي استولت فيها القوى الموالية للإمارات على أجزاء واسعة فيه .
ووفق المراقبين فإن ميناء الصليف في الحديدة وساحل تعز على البحر الأحمر، هما الهدف والجائزة التي تسعى لها بريطانيا عبر ما يسمى تحالف المحيطات الذي تم إعلانه في يونيو 2017م، واعتماد بريطانيا مركزاً له.
حيث تسعى بريطانيا لتطبيق خطة الضابط “والتون” التي وضعها قبل مائة عام لتقسيم اليمن حينما كانت بريطانيا تحتل اليمن وتقوم الخطة على إنشاء مستعمرة “الحديدة عدن”، أي السيطرة على الركن الجنوبي الغربي لليمن، وهذه هي أهم منطقة استراتيجية كون السيطرة عليها تعني السيطرة على الحديدة وتعز وباب المندب وعدن.
ولتنفيذ الخطة تستخدم بريطانيا الإمارات التي دفعت بالقوى الموالية لها للسيطرة على الساحل الغربي خدمة لأجندة بريطانيا الاستعمارية في اليمن.
إحكام السيطرة على الملف اليمني
من الواضح أن مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث “البريطاني ” للحل السياسي في اليمن لا تخرج عن سياسات دولته التي تريد فرضها في اليمن .
فرغم أن مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث تقتضي حياده مع جميع الأطراف، إلا أن الحيادية ظلت جزءاً مفقوداً في مهمته، منذ توليه منصبه، وتحوله إلى راعٍ للحرب التي يشنها تحالف العدوان على اليمن للعام السادس على التوالي .
فمنذ اليوم الأول لتولي غريفيث مهمته في اليمن أظهر تواطؤه الكبير مع دول العدوان وحاول مراراً تمرير أجندتها المشبوهة وفق املاءات دولته التي سعت لتعيينه في منصبه بكل جهدها للسيطرة على الملف اليمني في داخل أروقة الأمم المتحدة بعد سيطرتها عليه داخل أروقة مجلس الأمن .

قد يعجبك ايضا