تقودها عصابات بإشراف ضباط تابعين لقوى العدوان
المحافظات الجنوبية المحتلة.. قمع للحريات واعتقال للناشطين وتصفية للمعارضين
أكثر من 18 سجناً ومعتقلاً سرياً للاحتلال تمارس فيها أبشع جرائم التعذيب بحق المعتقلين
تعيش المحافظات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة قوى الاحتلال العدوانية ومليشياتها، واقعاً مأساوياً ولم يهنأ أبناء المحافظات الجنوبية منذ أول يوم لاحتلالها من قبل تحالف الغزو والاحتلال بالاستقرار في ظل انعدام الأمن الذي تعيشه المحافظات وأعمال القمع والترهيب والاعتقالات التي تطال الناشطين والمعارضين للسياسات الاحتلالية التي تمارسها المليشيات التابعة للإمارات وقيامها بحملات منظمة بغرض تكميم الأفواه وقمع الأصوات المعارضة للسياسات الإماراتية التي تعبث بجنوب الوطن، كما تشهد المحافظات الجنوبية العديد من حالات الاغتيالات ومنها اغتيال الخطباء المؤثرين من غير الموالين للإمارات والأصوات المعارضة لها، ناهيك عن ممارسات الترهيب ضد الصحفيين والكتاب والناشطين السياسيين الجنوبيين ومصادرة الصحف وإغلاق مقراتها .
الثورة / ساري نصر
الناشط الجنوبي عبد الفتاح جماجم الربيعي، أحد أبرز الناشطين المعارضين لما يسمى المجلس الانتقالي والإمارات، أحد الأمثلة لحملات الاعتقالات وتكميم الأفواه التي تمارسها قوى الاحتلال ومليشياتها، حيث تم اعتقاله من منزله في حي الميدان بكريتر، من قبل 5 أطقم تابعة لمليشيات الانتقالي والزج به في أحد السجون التابعة لها، وذلك بسبب انتقاداته لسياسات “الانتقالي”، من خلال نشره مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي ورفض ادعاءات ومزاعم “الانتقالي” بكونه “مفوضاً باسم الجنوب، حيث تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، فيديو مسرباً من السجن، تحدث فيه “جماجم” عن تعرضه للتعذيب الوحشي في معتقله، كما تشهد المحافظات الجنوبية خروج العشرات من المواطنين ومعهم أمهات المخفيين قسراً في مسيرات احتجاجية للتنديد بممارسات المليشيات التابعة لقوى العدوان والمطالبة بالكشف عن مصير المخفيين قسراً ورفع شعارات مطالبة بالكشف عن مصير ذويهم وشعارات منددة بالانتقالي وسلوكه القمعي وكذا ممارسات التحالف الذي يتم وصفه بالاحتلال السعودي الإماراتي من قبل المحتجين .
معتقلات سرية
هؤلاء المعارضون والسياسيون والناشطون المنتقدون للسياسات الاحتلالية، يتم اقتيادهم إلى سجون سرية قامت بإنشائها الإمارات ويتعرضون فيها لأبشع أساليب التعذيب الوحشية، ففي منتصف 2017م كشفت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية عن وجود 18 سجناً ومعتقلاً تديرها الإمارات والمليشيات الموالية لها في جنوب اليمن يتوزّع أغلبها في عدن وشبوة وحضرموت ويوجد فيها الآلاف من المعتقلين المعارضين والمناهضين لسياستها الاحتلالية التي تحاول إخضاعهم بالإخفاء القسري والتعذيب والاعتداء الجنسي وكل وسائل الإذلال والهيمنة. فبحسب تقارير لفريق خبراء الأمم المتحدة، فإن الإمارات استمرت في انتهاك حقوق الإنسان والاعتقالات غير القانونية للمعارضين، في شبكة مرافق الاعتقال السرية التي تديرها, أبرزها معتقلا قاعدة البريقة وبئر أحمد2، حيث حولت الإمارات قاعدة البريقة العسكرية- التي تأسست عام 2015م، كمقر قيادة لتحالف العدوان في اليمن- مركزاً للاعتقال السري وخصصت عدداً من المباني كزنازين وغرف احتجاز واستجواب منها غرف انفرادية يسميها جنود الاحتلال الإماراتي “غرف الأحلام”، لاستجواب وتعذيب المعتقلين وهم مكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، صعقاً بالكهرباء والتعليق من السقف لفترات طويلة، والضرب المتكرر بالكابلات المعدنية، بالإضافة إلى الاعتداء الجنسي .
كما يعد معتقل بئر أحمد2، الذي شيَّدته الإمارات في نوفمبر 2017م، بمديرية البريقة، على بعد حوالي 2.5 كم شمال قاعدة البريقة العسكرية التابعة لها، أكبر مركز اعتقال بعدن، يتم فيه حبس المعارضين في غرف انفرادية، ويتعرضون لأصناف التعذيب, ويمتلك الاحتلال الإماراتي كذلك سجن عصب داخل القاعدة العسكرية الإماراتية بدولة إريتريا الذي يديره عسكريون إماراتيون وغير عرب ومجهولو الهوية، لكنهم يرتدون الزي العسكري للإمارات وتعتقل الامارات فيه المناهضين والرافضين العمل لحسابها أو لحساب ما يسمى الحزام الأمني التابع لها في محاولة لإجبارهم على القيام بعمليات اغتيال والتعاون معهم.
أساليب تعذيب وحشية
المعتقلون في السجون والمعتقلات السرية يتعرضون لأصناف شتى من التعذيب والاعتداء التي لا يتصورها عقل أو منطق وتنتهك كافة حقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية وترقى إلى جرائم حرب ، حيث أشارت تقارير صادرة عن منظمات حقوقية وإنسانية إلى أن الإمارات تنتهك في المعتقلات السرية حقوق وأعراض المحتجزين بطريقة مهينة وتستخدم الاعتداء الجنسي كأبرز أنواع التعذيب أثناء الاستجواب وخصوصاً عند عدم الحصول على اعترافات من المعتقلين، كما وثّق فريق الخبراء خلال عامي 2017 -2019م، بمركز البريقة اغتصاب 6 رجال وصبي وحالات اعتداءات جنسية وتعرٍ قسري على يد جنود الاحتلال الإماراتي وقيامهم بتعرية ما يقارب 200 معتقل أمام بعضهم، واغتصاب بعضهم بالأصابع والعصي وأدوات أخرى في معتقل بئر أحمد2، كما ارتكبت قوات العدوان السعودية انتهاكات جنسية بإجبار المعتقلين على التعري القسري أثناء الزحف عبر الأوساخ والحجارة على ظهورهم والضرب بالبنادق والعصي علاوة على الصعق بالكهرباء والإعدام الوهمي والتعليق المطول من السقف بأذرعهم.
تقارير دولية وشهادات
وكشف تقرير لجنة الخبراء الأممية أن الإمارات والسعودية تستخدمان أساليب التعذيب الجسدي الوحشي والاعتداءات الجنسية كالاغتصاب والتعري القسري لإكراه المعتقلين على الاعتراف أو لتجنيدهم في صفوفهم بالقوة، كما أكدت أنها لم تتمكن من معرفة عدد المعتقلين في معظم المرافق السرية التابعة للإمارات، لكنها توصلت إلى أن معظم المعتقلين في السجون من الناشطين الحقوقيين والصحفيين وقيادات في ما يسمى المقاومة الجنوبية وأفراد وضباط من الجيش التابع للفار هادي المناهضين للإمارات.
تجنيد بالإكراه
وما يؤكد انتهاكات الإمارات التي تمارس في السجون السرية في المحافظات الجنوبية المحتلة، الشهادات المتوالية للمعتقل السابق في سجون عدن عادل الحسني الذي قال : “كل ما أورده التقرير الدولي عن انتهاكات الإمارات في السجون صحيح”، لافتاً إلى أنه “ظل في سجن تديره الإمارات في عدن ما يقارب عامين، مارس ضدّه ضباط إماراتيون شتّى أنواع التعذيب” وأنه “رأى معتقَلين في سجن بئر أحمد ينزفون دماً بعد تحرُّش ضباط إماراتيين بهم بآلات حديدية”، مشيراً إلى أن “الفريق الدولي لم يتمكن من رصد كل السجون السرية التابعة للإمارات والسعودية في مدن الجنوب”.
وأضاف الحسني : تم تعذيبي بتهمة التحريض على الجنود الإماراتيين وخلق فوضى ضدهم، وطلبوا مني العمل معهم لتصفية قيادات سياسية، موضحاً أن “أساليب التعذيب الوحشية بلغت من الإماراتيين حد التهديد بالاغتصاب وتعذيبهم وهم عراة لكسر نفسياتهم” وتابع أن “عصابات محمد بن زايد صفّت أكثر من 100 معتقل من معارضي الإمارات في الجنوب” وأن “ضابط استخبارات إماراتي يدعى (أبوخليفة سعيد المهيري) في مديرية البريقة يقود عصابات الاغتيالات وهو الذي أمر باعتقالي في سجن المنصورة”. مردفا: إن” ضابطًا إماراتيًا يدعى (أبو متعب علي بن حمدان الشحي) توعد بعض السجناء (اليمنيين) بالتصفية”.
وقالت منظمات إنسانية وحقوقية دولية، إن الإضراب عن الطعام الذي قام به عشرات المعتقلين في عدن سلط الضوء على سوء معاملة السجناء، فيما دعت منظمات إلى ضرورة فتح تحقيق في هذه الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب، كما دعا الإمارات والمليشيات التابعة لها إلى إيقاف الاعتقالات بحق المدنيين في اليمن والابتعاد عن إدارة المعتقلات والسجون خارج إشراف وسلطة القضاء اليمني، وأكدت أن ما تقوم به الامارات يعد جريمة يجب محاسبة مرتكبيها ولا تسقط بالتقادم.