اعتبرها السفير الصيني انتصاراً كبيراً للتعددية والتجارة الحرة على الأحادية الأمريكية
التوقيع في آسيا على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاقليمية الشاملة
الثورة / متابعات
شهد قادة الدول المشاركة في اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة الأحد الماضي توقيع الاتفاقية التجارية من قبل وزراء التجارة لدى الدول المشاركة على هامش القمة الافتراضية الـ37 الحالية للآسيان.. وقال مسؤولون وخبراء إن اتفاقية التجارة الحرة للشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ستكون قوة دفع اقتصادية لدفع النمو الإقليمي والعالمي في حقبة ما بعد وباء كوفيد-19.
وتعد الاتفاقية- التي بادرت بها رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في عام 2012م، اتفاقية تجارية ضخمة بين أعضائها العشرة (بروناي وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا وميانمار والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام) وشركائها في اتفاقات التجارة الحرة، وهم الصين واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا ونيوزيلندا.
وصرح السفير الصيني لدى الآسيان دنغ شي جيون لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن التوقيع الناجح على الاتفاقية يعد انتصارا كبيرا للتعددية والتجارة الحرة، ودفعا كبيرا للتعافي الاقتصادي الإقليمي والعالمي في ظل الوضع الطبيعي الجديد لكوفيد-19.
وتغطي الاتفاقية سوقا يبلغ تعداد سكانه 2.2 مليار شخص، أو قرابة 30 % من سكان العالم، مع ناتج محلي إجمالي مجمع يبلغ 26.2 تريليون دولار أمريكي أو حوالي 30 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويمثل قرابة 28 % من التجارة العالمية (استنادا إلى أرقام 2019)، وفقا لبيان مشترك في قمة الاتفاقية الرابعة التي عقدت في وقت سابق من يوم الأحد قبل حفل التوقيع.
وتظهر الاتفاقية التجارية الإقليمية الضخمة غير المسبوقة “التزاما قويا بدعم التعافي الاقتصادي والتنمية الشاملة وخلق فرص العمل وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية فضلا عن دعمنا لترتيب تجاري واستثماري مفتوح وشامل وقائم على القواعد”.
وقال وزير التجارة الدولية والصناعة الماليزي محمد عزمين علي في بيان يوم الأحد “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة يمكن أن تكون أداة انتعاش اقتصادي لمواجهة كوفيد-19 مما سيساعد على ضمان فتح الأسواق وكذلك عدم انقطاع سلسلة التوريد”.
وذكر تشهيانغ فاناريث -رئيس معهد الرؤية الآسيوية ومقره بنوم بنه -أن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة ستوفر قوة دفع اقتصادية لدول المنطقة للتعافي معا من الركود الاقتصادي الناجم عن وباء كوفيد-19.
وصرح لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن “الاتفاقية ستعزز التجارة والاستثمارات الإقليمية عبر الحدود لأنها ستعمل على تقليل الحواجز أمام التجارة وتوسيع السوق الإقليمية المتكاملة وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية”.
وأفاد كين فيا، المدير العام لمعهد العلاقات الدولية في كمبوديا، أن هذا هو الوقت المناسب لتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، مبينا أنها سوف تقلل الحواجز التجارية وتعزز الوصول إلى الأسواق. وقال إن ذلك “سيجعل كل عضو في الاتفاقية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب ويشجع الاستثمارات عبر الحدود بين أعضائها”.
هزيمة الأحادية
وأفاد تشهيانغ فاناريث أن الاتفاقية أرسلت إشارة واضحة بأن التكامل الاقتصادي الإقليمي في آسيا لا يزال قويا وحيويا على الرغم من تصاعد الحمائية والأحادية في الولايات المتحدة ومناطق أخرى.
وقال “الاتفاقية هي دفعة كبيرة لمواجهة الحمائية والأحادية”، مضيفا أنها “ستساعد على تعزيز الانتعاش الاقتصادي الإقليمي والعالمي لأنها ستعزز الثقة في قطاع الأعمال، وتقوي سلاسل التوريد الإقليمية، وتعد دليلا على الالتزام السياسي الجماعي من أجل نظام تجاري متعدد الأطراف مفتوحاً وشاملاً وقائماً على القواعد”.
وبيّن بيتر درايسدال -رئيس مكتب شرق آسيا للبحوث الاقتصادية في الجامعة الوطنية الأسترالية- أن الاتفاقية لها أهمية خاصة في هذا الوقت الذي تتعرض فيه التجارة العالمية للتهديد بسبب الحمائية المتزايدة.
وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) “هذا تصريح كبير لتحرير التجارة وحماية نظام التجارة العالمي المفتوح”.
وأشار جين جيان مين -وهو زميل بارز في معهد فوجيتسو للأبحاث في طوكيو- إلى أن الاتفاقية توفر نموذجا للتعاون والتنمية في المناطق الأخرى والعالم بأسره لاستعادة أو تحسين نظام التجارة الحرة وآلية الحوكمة.
التكامل لصالح الجميع
ويعتقد المراقبون أن الاتفاقية ستعزز نمو التجارة والاستثمار والتكامل الاقتصادي الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعزز الاستقرار والترابط بين السلاسل الصناعية الإقليمية وسلاسل التوريد وتزيد من فرص العمل وتحفز النمو الاقتصادي.
وقال وزير التجارة والصناعة السنغافوري تشان تشون سينغ إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة تؤسس شراكة اقتصادية حديثة وشاملة وعالية الجودة وذات منفعة متبادلة.
وأضاف تشان “الاتفاقية هي دليل على التزام الدول الشريكة بتكامل اقتصادي أكبر لصالح شعبنا وأعمالنا. وبعيدا عن قيمتها الاقتصادية، فهي أيضا بيان عن نيتنا الاستراتيجية في أن يكون لدينا مصلحة مشتركة في ازدهار ونجاح بعضنا البعض”.
وقال كين فيا من كمبوديا إن هيكل الاتفاقية يهدف حقا إلى إفادة جميع البلدان المشاركة لأن الجميع سيخضعون لنفس القواعد التجارية.
وتابع “اتفاقية التجارة هذه مفيدة في تقويض الأحادية الزاحفة لأنها تسحب جميع اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية إلى مجال اقتصادي واحد، بموجب حكم تجاري شامل واحد”.
وأكد أن الاتفاقية يمكن أن تساعد الاقتصادات الأصغر في الآسيان مثل كمبوديا ولاوس وميانمار، على زيادة تعزيز اتفاقيات التجارة الحرة الخاصة بها وتضييق الفجوة التنموية بين الدول الأعضاء في الآسيان من خلال تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر للاقتصادات الأصغر ودمجها بشكل كامل في النشاط الاقتصادي الإقليمي.
وقال محمد عزمين علي إن الاتفاقية ستسهل أيضا الشفافية وتبادل المعلومات ومواءمة اللوائح والمعايير الفنية.
وأضاف “الاتفاقية تعكس التزامنا القوي بالتجارة الدولية والترابط والنظام التجاري متعدد الأطراف القائم على القواعد وتعزز التدفق الحر للتجارة والاستثمار”.