من المهم ونحن نتحدث عن التلازم الوثيق بين الأمن والتنمية أن نتأمل في مضمون ما ورد في حديث فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أثناء لقائه يوم أمس في مدينة دمت بالإخوة أعضاء المجالس المحلية والمكاتب التنفيذية والعلماء والشخصيات الاجتماعية والقيادات العسكرية والأمنية في محافظتي الضالع وإب¡ خاصة وأن ما جاء في ذلك الحديث قد اعتمد على الكثير من شواهد الواقع وحقائق ما زالت تحتفظ بها ذاكرة الناس¡ لعل أهمها المقارنة بين ما كانت عليه أوضاع ما كان يسمى بالمناطق الوسطى¡ التي حولتها أعمال التخريب في الماضي إلى مناطق ملتهبة يعمها الخوف والقلاقل والفوضى وعدم الاستقرار¡ وما هي عليه اليوم من ازدهار في مختلف مناحي الحياة بعد أن تضافرت جهود أبنائها مع الدولة في تعزيز وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار¡ الأمر الذي انعكس بتأثيره الإيجابي في أن تشهد هذه المناطق نهوضا◌ٍ تنمويا◌ٍ في مختلف المجالات. وقد بدا هذا التغيير واضحا◌ٍ في تلك الشبكة الحديثة من الطرقات¡ التي باتت تربط عزل وقرى تلك المناطق¡ ومشاريع الاتصالات والكهرباء والمستشفيات النموذجية¡ ومشاريع التعليم من مدارس ومعاهد مهنية وفنية وكليات جامعية¡ فضلا◌ٍ عن تلك النهضة الزراعية والسياحية التي جعلت من هذه المناطق واحة ترفل بمقومات النماء والتطور¡ بعد أن حل الأمن والأمان محل الخوف والمعاناة¡ والبناء محل الهدم والتخريب. وفي هذه المقارنة يتضح فعلا◌ٍ أنه وكلما حل الأمن والاستقرار¡ وتعاون المواطنون مع أنفسهم¡ كلما سهل ذلك أمام الدولة مهمة إنجاز مشاريع التنمية وتلبية احتياجات المواطنين منها. وما أحوجنا جميعا◌ٍ إلى استشراف هذه المقارنة وفهم مدلولها¡ وذلك باستيعاب حقيقة أن الأمن والاستقرار هو رديف التنمية وأنه دون أمن تتعطل جهود البناء وتتوقف حركة الحياة وتتضاءل فرص التطور والتقدم والتحديث¡ وذلك هو ما تسعى إليه تلك الثلة الصغيرة من الخارجين على النظام والقانون¡ التي عمدت إلى أعمال التخريب والممارسات الإجرامية في بعض مديريات لحج والضالع وأبين¡ مدفوعة من عناصر معروفة بتاريخها الأسود الملطخ بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا¡ والتي فقدت بإعادة وحدة الوطن في الـ22 من مايو 1990م مصالحها ونفوذها وهيمنتها على رقاب المواطنين¡ فاتجهت إلى التآمر على هذا المنجز الوحدوي العظيم الذي صنعه أبناء شعبنا ودافعوا عنه وانتصروا له ولن يفرطوا به أبدا◌ٍ¡ لكونه المعبر عن إرادتهم الحرة التي لا تقبل الوصاية عليها من أي أحد مهما كان. والواضح أن تلك العناصر الفاشلة والمنبوذة هي من تشعر اليوم بالغيظ والخيبة وهي ترى تلك المحافظات التي عانت كل صنوف الحرمان والبطش والتصفيات والسحل والمجازر الجماعية الدامية¡ والتي كان أشدها ضراوة مذبحة 13 يناير 1986م وهي تنعم اليوم بخيرات الوحدة من التحولات والإنجازات العملاقة في شتى المناحي¡ بل ويتضاعف هيجان تلك العناصر العميلة أكثر بتلك الحزمة النوعية من المشاريع الرياضية والسياحية التي تم تشييدها في محافظتي عدن وأبين¡ والتي وصلت تكلفتها إلى 120 مليار ريال¡ في إطار استعدادات المحافظتين لاستضافة بطولة خليجي 20¡ والتي تدل كل المؤشرات على أنها ستشكل عرسا◌ٍ رياضيا◌ٍ وشبابيا◌ٍ غير مسبوق¡ الأمر الذي شعرت معه تلك العناصر بأن مثل هذه المشاريع والنهضة الشاملة التي عرفتها محافظات: عدن¡ وحضرموت¡ وأبين¡ ولحج¡ والضالع¡ والمهرة¡ وشبوة¡ تعد محاكمة لها ولتاريخها الكالح المثخن بالسحل والتصفيات ووجبات العنف الكارثية. ومع ذلك فإن ما يجب أن يدركه مثل هؤلاء الحاقدين والمأزومين والفاشلين والواهمين هو أن مساعيهم الخائبة للنيل من هذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره وثوابته الوطنية ستفشل وسيتصدى لها هذا الشعب بكل صلابة وقوة وسيسقط رهاناتها كما أسقط كل المحاولات البائسة التي حاولت المساس بثورته ونظامه الجمهوري ووحدته الوطنية ومكاسبه وإنجازاته وجرع هذا الشعب أصحابها الهزيمة المنكرة¡ وهو اليوم أكثر تحفزا◌ٍ واقتدارا◌ٍ واستعدادا◌ٍ لردع كل من تسول له نفسه العبث بمسيرته الوطنية والإضرار بمصالحه العليا. والأحرى بأولئك الواهمين والمخدوعين وعبدة المال الحرام¡ أن يتعلموا من دروس التاريخ ويعلموا أيضا◌ٍ أن أبناء ضحايا حلقات العنف والمذابح الجماعية التي ظلوا يغذونها إبان الحكم الشمولي ويعملون على تأجيج نيرانها ودفع كل من يخالفهم الرأي أو الموقف كوقود لها¡ ما زالوا أحياء◌ٍ يرزقون ولم ينسوا ما ألم بآبائهم وإخوانهم وأقربائهم من ويلات وأهوال. وإذا كانت الوحدة قد جعلتهم يتسامون فوق الجراح فلاهم ولا غيرهم من أبناء شعبنا سينسون السجل الدموي لأولئك القتلة الذين ارتضوا لأنفسهم السقوط في مستنقع التآمر والخيانة والعمالة.