طهران/ وكالات
في ظل الأوضاع التي تحدث فيها حرب واسعة النطاق في منطقة قره باغ بالقرب من الحدود الشمالية لإيران بين جارتيها الشماليتين، تتابع وزارة الخارجية الإيرانية مبادرة لإنهاء الحرب والصراع العسكري في منطقة قره باغ.
وفي هذا السياق بدأ عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية، خلال الأيام القليلة الماضية، جولته الإقليمية إلى البلدان المؤثرة في صراع قره باغ.
ووفق مساعد وزير الخارجية الإيراني، فإن “إنهاء احتلال أراضي جمهورية أذربيجان، واحترام حقوق الأقليات والحقوق الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية وبدء المحادثات بمساعدة الدول المؤثرة الضامنة للسلام” هي من بين العناصر المهمة في مبادرة إيران.
ووصف عراقجي خلال زيارته لباكو جمهورية أذربيجان بأنها دولة صديقة وجارة وقال إن إيران تدعم جهود جمهورية أذربيجان لتحرير مدنها وأراضيها المحتلة، واعتبر أن وحدة أراضي جمهورية أذربيجان مبدأ مهم يجب الحفاظ عليه، ورحب المسؤولون الأذربيجانيون بتصريحات مبعوث روحاني الخاص إلى باكو، لكنهم لم يعلقوا بشكل قاطع على مبادرة إيران للسلام في قره باغ.
كما قدم عراقجي مبادرة السلام الإيرانية لوقف إطلاق النار في قره باغ يوم الجمعة إلى وزير الخارجية الأرميني زهراب مناتسكانيان. وتم أثناء لقاء عراقجي مع الجانب الأرميني ، الإعراب عن القلق بشأن “نقل الإرهابيين الدوليين من الشرق الأوسط إلى المنطقة”.
وشدد وزير الخارجية الأرميني على أن “أرمينيا تتفهم حساسيات إيران فيما يتعلق بالتهديدات الجديدة للأمن الإقليمي وترحب بدور إيران في الحفاظ على الاستقرار والسلام الإقليميين”. ووصف موقف إيران بأنه “بناء ومسؤول” ووعد بأن تدرس بلاده مبادرة إيران بعناية.
وعقب زيارة باكو وموسكو ويريفان، توجه عباس عراقجي إلى أنقرة ليشرح مبادرة إيران المقترحة لحل نزاع قره باغ.
وفي الوقت نفسه، تتابع إيران بواعث القلق بشأن التطورات في قره باغ، والتي تعتبر خطيرة ومهمة للغاية.
إن هذه المخاوف على وجه الخصوص ناجمة عن تداول بعض الأخبار عن وجود بعض الإرهابيين السوريين في مناطق القتال في قره باغ، وهو ما يعني في الحقيقة عدم الاستقرار وتصاعد حالة انعدام الأمن بالقرب من حدود إيران، وهذا أمر لا يمكن أن تتقبله الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولكن حتى الآن، وعلى الرغم من نفي مصادر رسمية في تركيا وجمهورية أذربيجان نقل عناصر إرهابية سورية إلى قره باغ، إلا ان بعض المصادر غير الرسمية نشرت صوراً لوجود هذه القوى الإرهابية.
من جهة أخرى، إن تزايد تساقط القذائف من منطقة النزاع على الأراضي الزراعية والمناطق السكنية الحدودية لإيران من جانبي الصراع هو أمر لا يحتمل بالنسبة لإيران، وقد وجه المسؤولون العسكريون الإيرانيون تحذيرات عدة مرات الى طرفي الصراع في قره باغ بشأن تساقط القذائف داخل الحدود الإيرانية.
لذلك نظرا الى هذه الاشتباكات انتهجت طهران دبلوماسية نشطة لإطفاء نيران الحرب في قره باغ.
إن مدى فعالية الدبلوماسية الإيرانية في إخماد نيران الحرب في قره باغ سيعتمد على كيفية رد فعل أطراف الأزمة ، و حتى الآن قد رحب الجانبان الأذري والأرميني بالمبادرة.
والمسألة الثانية هي رد فعل الجهات الإقليمية المتدخلة في أزمة قره باغ ، بما في ذلك روسيا وتركيا على مبادرة إيران. ويبدو أنه على الرغم من قبول روسيا لمبادرة إيران، فإن تركيا ستكون أكثر صرامة في وقف الحرب وإقرار وقف دائم لإطلاق النار في ناغورنو كاراباخ ، كما حدث في وقف إطلاق النار لثلاث مرات سابقة بوساطة روسيا وأمريكا، وتم انتهاكه بعد ساعات قليلة ، حيث كانت تركيا قد أعلنت دائمًا معارضتها الصريحة لوقف إطلاق النار بسبب حالة عدم الوضوح بشأن الوضع في قره باغ.
ومع ذلك ، فإن ترحيب جمهورية أذربيجان وأرمينيا للمبادرة الإيرانية يظهر أن طهران تمكنت من كسب رضا لافت من طرفي الصراع ، رغم أنه لا يزال من السابق لأوانه تقييم نجاح أو فشل المبادرة الإيرانية.
ووفقًا للعديد من الخبراء ، إذا أبدت جمهوريتا أذربيجان وأرمينيا بعض المرونة ، فيمكنهما متابعة مبادرة إيران ، ولكن نظرا لتعقيد نزاع قره باغ وإصرار الجانبين على انتهاك وقف إطلاق النار، لا يمكن توقع الاستجابة لمبادرة إيران بسرعة.
وفي الوقت نفسه، تكمن نقطة قوة المبادرة الإيرانية في أنه يطلب في هذه المبادرة من جمهورية أذربيجان الانتباه إلى مطالب الأرمن ومراعاة حقوقهم في سبيل وحدة أراضيها. في الواقع ، تم في المبادرة الإيرانية الأخذ بعين الاعتبار مفهومين قانونيين هما الحفاظ على وحدة الأراضي والحق في تقرير المصير، ونظراً لهذه القضية المهمة في المبادرة الإيرانية ، يبدو أنه من المرجح أن تنجح هذه المبادرة اكثر من المبادرات السابقة المماثلة لوقف الحرب في قره باغ.