قراءة وثائق وأحكام أرض الحتارش "جمعية ذي مرمر السكنية"
توجيهات وأوامر رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس القضاء ذهبت أدراج الرياح
في العام 1986م بدأ المشروع السكني لموظفي الدولة المسمى ” مشروع الحتارش السكني” الذي يضم نحو 6 آلاف مشترك يعملون في أكثر من”21″ جهة حكومية تمثل وزارات ومؤسسات مختلفة، وتعد هذه القضية من أشهر قضايا الأراضي الإسكانية كونها أخذت ردحاً من الزمن ولم تحسم بعد على الرغم من الأحكام القضائية الصادرة وذلك بسبب النزاع عليها بين ممثلي اللجان الإسكانية والبائعين من آل الحزورة منذ ما يقارب 63 سنة في ظل امتناع البائعين عن الالتزام بتنفيذ الاتفاق..
الثورة / ساري نصر
حيث تشير الوثائق إلى أن الجهات الحكومية التي اشترك موظفوها في هذا المشروع ،وانه قد تم الاتفاق بين ممثلي اللجان الإسكانية لهذه الجهات والبائعين على شراء الأرض التي تبلغ مساحتها “68.966” لبنة عشاري كمشروع سكني متكامل لموظفي الدولة يضم مستشفى وشوارع وخدمات ما نسبته 27% من مساحة الأرض، وتم البيع والشراء وفقاً للعقد ودفعت هذه اللجان قيمة الأرض كل حسب المساحة التي حددها الراغبون من المشتركين من الجهات المختلفة، وخلال فترة قصيرة جداً بدأت النزاعات تظهر على المشروع وذلك بسبب عدم تسليم الأرض للجان الإسكانية المستفيدة من هذا المشروع من قبل الطرف الآخر “البائعين” حسب ما يؤكده العقد المحرر في أكتوبر 1986م.
تشكيل لجنة لحل النزاع
وبعد ظهور نوايا البائعين بعدم رغبتهم في تنفيذ الاتفاق وتسليم الأراضي إلى أصحابها بذل ممثلو اللجان الإسكانية كل جهودهم من أجل الوصول إلى حلول جذرية كما قام ممثلو اللجان برفع القضية إلى رئيس مجلس النواب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي بدوره جمع الطرفين وأقنعهم باتفاق مرضٍ لهم وبما يكفل لكل حقوقه وذلك من خلال تشكيل لجنة ميدانية مكلفة باستطلاع الموقع والتعرف على المعوقات وبحيث يكون العقيد/ محمد علي محسن -قائد المنطقة الجنوبية آنذاك هو المشرف على تنفيذ بنود الاتفاق حسب تكليف رئيس مجلس النواب، وتم تشكيل لجنة بشأن تسليم الأراضي مكونة من محافظ محافظة صنعاء آنذاك حمود هاشم الذارحي والقاضي جسار محمد سيف رئيس محكمة شمال صنعاء وممثل عن قائد المنطقة الشيخ محمد علي الشافعي وتفويضهم بتسليم الأراضي إلا أن اللجنة واجهت عراقيل متعددة وقامت برفع تقرير بتاريخ 20/5/1998م لرئيس مجلس النواب –آنذاك- حول العراقيل التي واجهتها اللجنة والتي كان ابرزها تهرب البائعين من تنفيذ بنود الاتفاق وتسليم الأراضي إلى أصحابها وكذلك المشاكل التي برزت بين أولاد الحزورة والبائعين لهم من أبناء المنطقة وخلافاتهم مع الشركاء، كما اكد التقرير أن المشكلة الأساسية تكمن في الطرف الآخر “البائعين” وتعنتهم عن التسليم وتخاذل اللجان الأمنية المشكلة من امن المحافظة بعدم التعامل مع القضية بجد وحزم وإلزام الطرف البائع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه ، وأكد التقرير الذي حمل توقيع المحافظ ورئيس اللجنة المكلفة أن البائعين مستمرون في عملية المراوغة ولم يلبوا طلبات اللجنة في التسليم ،كما اشتمل التقرير في ختامه على رأي اللجنة وتوصيات كان ابرزها: إيداع الطرف البائع السجن المركزي وتوفير ضابط أمني حازم وجاد ومعه عدد من الأطقم للقيام بالدور الأمني في المنطقة وإغلاق المحلات التجارية للبائعين حتى تسليم ارض المشروع وإلزام اللجنة بمباشرة عملها في استلام الأرض من البائعين إلى أولاد الحزورة بما فيهم البائعون الذين يدعون الشراكة مع كونهم بائعين بعقود مثلهم مثل غيرهم وتلزم اللجان الإسكانية بتحمل مصاريف ونفقات الحماية الأمنية ودفع المبالغ المتبقية إلى البنك، شريطة أن لا يتم صرفها في أي وجه، لأنها تعد ضمانة لتعويض من يثبت حقه من البائعين الفرعيين إلا أنه لم يتم تنفيذ أي شيء مما ذكر.
توجيهات وأحكام
وبحسب الوثائق التي حصلنا عليها فإن القضية قد حصلت على صدى واسع لأنها تمس”6000″ موظف من موظفي الدولة وقد أشارت الوثائق أيضاً إلى أن رئيس النظام السابق تدخل في العام 18/1/ 1988م ووجه بالأمر الصريح رئيس الوزراء ووزير الداخلية ومحافظ صنعاء بالضبط بموجب قرار اللجنة التي رأسها المقدم حمود عاطف بشأن الأرض المشتراة لموظفي الدولة وتلى ذلك عدد من التوجيهات من رئيس الوزراء إلى وزير الداخلية ورئاسة هيئة الأركان والمحافظ لكن دون جدوى، حيث بدأ سير إجراءات التقاضي بعد عام من البيع والشراء من أجل نيل حقوقهم، وكان قرار اللجنة آنذاك في 1988م إلزام البائع بتنفيذ العقد، ناهيك عن الغرامات المتطلبة وعدد من القرارات المتعلقة بالغرامات والضمانات العقارية الخاصة بالبائع، بعدها تواصلت إجراءات القضاء من محكمة بعد أخرى فكانت محكمة استئناف صنعاء والجوف قد أصدرت حكماً رقم”275″ لسنة 1423هـ في القضية رقم”7″ الموافق 1/10/2002م واعتبرت قرارات لجنة التحكيم التي نصت على حقوق والتزامات كل طرف الموقع عليها من الطرفين في قوة السند التنفيذي، ملزمة الطرفين بما جاء به وتنفيذه، بالإضافة إلى عدم قبول دعوتي بطلان التنفيذ ضدهما لتقديمهما بعد فوات المدة القانونية ولقبولها بتنفيذ ما جاء في العقد والاتفاقات المبرمة بين ممثلي اللجان الإسكانية وفقاً لما أشارت إليه أسباب الحكم، وقررت المحكمة أيضاً قبول طلب التنفيذ وإنابة محكمة بني الحارث في السير في الإجراءات بالطرق القانونية بالإضافة إلى قرارها المتعلق بالمطالبة بتدخل مصلحة الأراضي وعقارات الدولة وأن لها الحق في رفع دعواها في مواجهة من ترى خصامه سواء المنفذ ضدهما أو طالبي التنفيذ ومن ترى أنه قام بالاستيلاء على أي من ممتلكاتها ،واشتمل الحكم على قرار يلزم المنفذ ضدهما بتحمل خسائر وأتعاب طالبي التنفيذ أمام هذه الشعبة وذلك بمبلغ ثلاثمائة ألف ريال.
أحكام قضائية
بعد كل ذلك صدرت أحكام قضائية قاطعة تلزم بتسليم الأرض للموظفين إلا أن ممثلي اللجان الإسكانية شكوا من عدم تنفيذ الأحكام القضائية واستمروا بمطالبة الجهات المختصة بالتنفيذ وبعدها صدر قرار التنفيذ في عام 2005م ونزل إعلان المحكمة بالحجز التنفيذي على الضمانات المقدمة على المنفذ ضدهم بما يضمن استيفاء حق طالبي التنفيذ وفقاً للشريعة والقضاء، وخلال خمس سنوات لم يحدث التنفيذ وأبدى ممثلو اللجان استياءهم من المماطلة في التنفيذ من الجهات القضائية التي تتمثل في محكمة بني الحارث على الرغم من موافقة الجهات الأمنية واستعدادها إرسال الحماية بعد إشعار المحكمة بتنفيذ الحكم على الأرض المراد تنفيذها ، وفي 19/6/2005م أصدرت محكمة بني الحارث الابتدائية قرارها بالحجز التنفيذي على الضمانات المقدمة من المنفذ ضدهما وحددت المحكمة الضمانات المحجوزة عليها سواء كانت عقارات أو أملاكاً خاصة بالمنفذ ضدهما بموجب البصائر والتقارير المحررة والتي تحدد تاريخ كل وثيقة وموقع الأرض المراد حجزها، إلا أنه منذ تاريخ الإعلان آنذاك لم يحقق أي شيء لطالبي التنفيذ.