عرس سنبان وعزاء آل الرويشان
عبدالفتاح علي البنوس
مثَّل شهر أكتوبر من العامين الأول والثاني للعدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني على بلادنا لقوى العدوان موسما لحصاد أرواح المدنيين اليمنيين (رجالا ونساء وأطفالا) حيث لوحظ فيهما زيادة النزعة الإجرامية المتوحشة لقوى العدوان والتي دفعت بهم إلى الإغراق في ارتكاب المجازر البشعة التي يندى لها جبين الإنسانية.
من مجزرة إلى أخرى، يتلذذ السفاح المجرم السعودي ومن معه في قتل الأبرياء مع سبق الإصرار والترصد، حيث سنقف اليوم أمام مجزرتين مروعتين ارتكبها طيران التحالف السعودي السلولي، الأولى وقعت في السابع من أكتوبر من العام 2015 والتي استهدفت حفل زفاف بمنطقة سنبان بمديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار والتي خلفت عشرات الشهداء والجرحى بينهم عدد من النساء والأطفال، حيث تحول كرنفال عرس آل السنباني إلى مأتم، وفي الوقت الذي كان العرسان في انتظار أن تزف إليهم عرائسهم، كانت أرواحهم الطاهرة تستعد للارتقاء إلى بارئها، في واحدة من أكثر الجرائم وحشية، والتي حلت علينا ذكراها الخامسة والتي أحياها أهالي الضحايا وسط حالة حزن شديدة، أكدوا من خلالها تمسكهم بحقهم في محاكمة القتلة والقصاص العادل لذويهم، والمضي في درب الكفاح والنضال في مواجهة التحالف السعودي السلولي ومرتزقته، من خلال الاستمرار في رفد الجبهات بالمال والمقاتلين حتى يكتب الله النصر.
المجزرة الثانية ارتكبت في الثامن من أكتوبر من العام 2016 والتي استهدفت الصالة الكبرى بشارع الخمسين بأمانة العاصمة والتي كانت تحتضن مراسيم عزاء آل الرويشان، حيث أقدمت طائرات الحقد السعودية على قصف الصالة وقت الذروة مستهدفة حياة كل من فيها، في تصرف إجرامي وحشي غير مسبوق عدد من الصواريخ الغادرة التي حولت الصالة إلى كتلة ملتهبة في مشاهد دامية ومؤلمة جدا، أجساد متفحمة، وأخرى متناثرة الأشلاء، وأخرى ممزقة، والبعض لم يعثر على جثثهم نظرا لتطايرها إلى أجزاء صغيرة جراء إصابة الصواريخ لها بصورة مباشرة، مئات الشهداء والجرحى سقطوا ضحايا لهذه المجزرة البشعة التي نحيي ذكراها الرابعة، ولو عناية الله ولطفه لكانت الحصيلة أكثر بكثير ولكن الصاروخ الأول دفع الكثير من الذين نجوا من الإصابة بواسطته تدافعوا وتقافزوا للخارج تحسبا لمعادوة القصف وهو ما حصل فعلا.
واللافت في المجزرتين هو ذهاب قوى العدوان عقبهما إلى إنكار أي صلة لهم بها، بل ذهبوا بكل جرأة ووقاحة وقلة حياء إلى تحميل الجيش واللجان الشعبية المسؤولية عنهما، وتسابقت أبواقهما على سرد وترويج الأكاذيب والافتراءات التي حاولوا من خلالها إبعاد التهمة عن أسيادهم وتحميل القوى الوطنية المسؤولية الكاملة عنها، ولكن قوى العدوان لم تفلح في ذلك مع نشر مقاطع تم تصويرها بشكل عفوي لحظة سقوط الصاروخ الثاني والتي تثبت هوية الصاروخ ومصدره وتدحض مزاعم قوى العدوان، لتضطر للاعتراف بتورطها بالقصف تحت ذريعة معلومات خاطئة، والحال من بعضه فيما يتعلق بجريمة عرس سنبان، فبعد أن قالوا أن الانفجار ناجم عن (قذيفة أو صاروخ حوثي) عادوا للاعتراف بتورطهم فيها، والعجيب أن اعتراف التحالف بارتكاب الجريمتين لم تتعامل معه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بمسؤولية ولم تتخذ أي إجراءات رادعة تجاه القتلة وكأن المسألة لا تعنيهم، وهو ديدنهم الذي دأبوا عليه منذ بداية العدوان وحتى اليوم، عقب كل جريمة أو مجزرة يقدم على ارتكابها.
بالمختصر المفيد، جريمتا عرس سنبان وعزاء آل الرويشان، تعكسا النزعة الإجرامية المتوحشة التي عليها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الصهيوني، وتظهرا للعالم أجمع الانحياز الأممي الفاضح لصف القتلة، فكل هذه المجازر لم تشعر غوتيريش وغريفيث بالقلق، الذي شعرا به مع تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية صوب مدينة مارب تحت يافطة خوفهم على المدنيين والنازحين هناك، رغم أنهما يدركان جيدا بأنهما بمواقفهما المنحازة للعدوان باتوا شركاء له في كل هذه الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدوان والآثار المترتبة على العدوان المتمثلة في النزوح والتهجير وتدمير كل مقومات الحياة والتضييق على الناس في معيشتهم.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.