الأسرى ومارب والحديدة وصافر
عبدالفتاح علي البنوس
منذ الوهلة الأولى للإعلان عن اتفاق تبادل الأسرى في مدينة مونترو السويسرية، والذي نص على أن يبدأ التنفيذ العملي للاتفاق منتصف شهر أكتوبر الجاري أدركت جيدا أن هنالك نوايا خبيثة مبيتة لإفشال تنفيذ هذا الاتفاق من خلال القيام بسلسلة من الاستفزازات التي تعيق تنفيذ عملية التبادل، علاوة على أن المدة الزمنية التي حددت للبدء بعملية التبادل توحي بأن هنالك نوايا خبيثة لمنح مرتزقة العدوان فرصة للتنصل منه، بذريعة تطورات الأحداث المتسارعة في محافظة مارب..
تنتاب قوى العدوان والمرتزقة الرغبة في إيقاف معركة تحرير مارب خصوصا في ظل التقدمات والانتصارات الميدانية التي يحققها أبطال الجيش واللجان الشعبية، ويسعون من خلال تأخير عملية تبادل الأسرى للضغط على القيادة الثورية والسياسية من أجل توقيف معركة تحرير مارب بالتنسيق مع الأمم المتحدة والمبعوث الأممي، فهم يشعرون بحالة مفرطة من القلق تجاه التطورات المتسارعة في هذه المعركة التي لا يريدون لها أن تحسم لصالح الجيش واللجان الشعبية، لذا لا أستغرب أن يطل علينا البريطاني مارتن غريفيث متحدثا عن فشل عملية التبادل بسبب عدم توقف ما يسميه ( هجوم الحوثيين على مارب ) وخصوصا أنه سبق أن ادعى بأن معركة تحرير مأرب تقويض لجهود إحلال السلام في اليمن- حد زعمه..
وفي سياق المؤامرة المدروسة التي تتهدد تنفيذ عملية تبادل الأسرى تحريك الأوضاع في جبهة الساحل الغربي من خلال مليشيات المرتزق العميل طارق عفاش، كورقة ضغط ثانية على القيادة والجيش واللجان لإجبارهم على إيقاف التقدم صوب مدينة مارب، حيث كثفت مليشيات العمالة والخيانة والارتزاق خروقاتها وانتهاكاتها السافرة لاتفاق السويد من خلال شن العديد من الزحوفات وعمليات القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على مدينة الدريهمي المحاصرة وحيس والقيام بمحاولات تسلل في أطراف مدينة الحديدة في تصعيد خطير يهدف إلى عرقلة تنفيذ عملية تبادل الأسرى، وإيقاف معركة تحرير مارب، وإجهاض التقدم الحاصل في قضية صيانة سفينة النفط العائمة ( صافر ) والتي من المقرر الشروع في تقييم الأضرار التي أصابتها والبدء بصيانتها تحت إشراف الأمم المتحدة..
لا يريدون إنهاء معاناة الأسرى وذويهم، ولا يرغبون في إنهاء سيطرة مليشيات الإصلاح على نفط وغاز وموارد وكهرباء مارب والتي ستحل الكثير من مشاكل وأزمات اليمنيين وفي مقدمتها مشكلة المرتبات وأزمة المشتقات النفطية، ولا جدية لهم في تنفيذ اتفاق السويد الخاص بالحديدة، وحماية البيئة البحرية في البحر الأحمر من خطورة التسرب النفطي لخزان سفينة صافر التي باتت مهددة بخطر التسرب، نظرا لتوقف عملية صيانتها وتوقف تشغيلها منذ فترة طويلة نتيجة لمنع ذلك من قبل قوى العدوان، وعدم قيام الأمم المتحدة بمسؤولياتها في هذا الجانب على الرغم من أهميته وخطورة عدم صيانتها وتشغيلها، علاوة على صمت الأمم المتحدة ومبعوثها وبعثة المراقبة الأممية على خروقات وانتهاكات مليشيات طارق عفاش التي تمثل تحديا كبيرا وتهديدا خطيرا لاتفاف السويد..
بالمختصر المفيد: تستخدم الأمم المتحدة وقوى العدوان ومرتزقتها ملف الأسرى للمزايدة والاستغلال القذر بغية تحقيق مكاسب قذرة، والحصول على مصالح رخيصة، فالجدية لديهم تجاه هذا الملف الإنساني البحت خاصة وبقية الملفات عامة منعدمة تماما، فالتطويل في فترة تنفيذ أول عملية تبادل ترجمة لاتفاق عمان يؤكد ذلك، وعدم حصول أي تقدم في بقية المسارات التفاوضية ( السياسية والاقتصادية ) يعكس ترهل الأمم المتحدة، وعدم جديتها في التوصل إلى حلول للأزمة اليمنية، توقف العدوان، وتنهي الحصار، وتجبر الغزاة والمحتلين على الرحيل، وتعالج القضايا الطارئة في الجوانب الاقتصادية والإنسانية وفي مقدمتها صرف المرتبات وتقديم المساعدات للمتضررين ووضع آلية مزمَّنة لإعادة الإعمار كخطوات بناء الثقة الممهدة لمفاوضات وحوار يمني – يمني يسدل الستار على صفحة العدوان، ويرسم ملامح المرحلة القادمة بتوافق يمني داخلي بمعزل عن الوصاية والتدخلات الخارجية.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.