سجّانون بلا ضمائر !!

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي
المعلومات التي أفصح عنها العلامة الحجة يحيى حسين الديلمي لم تكن جديدة بالنسبة للكثيرين ممن قابلوا أسرى قبله غادروا سجون المرتزقة والعملاء وأفصحوا عن حقائق كثيرة كشفت عن خساسة هؤلاء الناس في مستوى المسؤولية أو من يتولون إدارة السجون لكنها أضفت الكثير من المصداقية كونها صادرة عن عالم جليل يحظى باحترام وثقة الناس.
فالوقائع مروعة ومخيفة تدل على انعدام أبسط الصفات الإنسانية وحالة العداء المتراكم في نفوس المرتزقة والعملاء ضد كل يمني يقع في أيديهم، لا يفرقون بين أسرى الحرب وبين عابري الطريق القادمين من أداء فريضة الحج، الكل يتعرضون لأبشع معاملة من قبل الجلادين عبيد المحتلين وأموالهم المدنسة لا يكتفون بسوء أوضاع زنازن السجون وحشر البشر فيها بأسلوب خالٍ من الآدمية، لكنهم يمارسون أساليب تعذيب مرعبة بالذات أثناء التحقيق مع السجين حيث يأخذ الأمر طابع الاستهداف الممنهج النابع من ضغائن إيديولوجية والمترجم لرؤية فريق سياسي يلجأ دائماً إلى إثارة النعرات العنصرية والطائفية والمناطقية المقرونة بالقذف والشتم والرغبة المريضة في الاستهداف لذاته والنيل من الآخر المخالف وإن تطلب الأمر التنكر للمعتقد الجامع بصفاته العظيمة المؤكدة لتحكيم العقل والمنهج والاجتهاد الفكري السليم، الصورة بشعة تفضح أساليب هؤلاء الناس وإصرارهم على إرضاخ الدين للأهواء والفتاوى الظالمة المسخرة لخدمة المصالح الذاتية والاستماتة في شرعنة جرائم الأعداء ومباركة احتلالهم القسري لأجزاء غالية من الوطن اليمني.
الأسلوب سخيف يُعبر عن الخواء الأخلاقي والفراغ الفكري، مع أن من تدعمه الأسانيد لا يحتاج إلى الشتائم، ومن يمتلك الحجة القوية لا يحتاج إلى استدعاء الماضي والإساءة إلى الآباء والأجداد لكنه يكون واضح الهدف ولا يرضخ إلا للحق، إلا أن غياب الفهم الصحيح لأصول الدين كشف عن الرحم الفاسد الذي تخلق بداخله التطرف والإرهاب والفساد والإفساد والإجرام وكل النزوات والأهواء والمطامع التي جعلت الجُهلاء والأدعياء يصعدون المنابر لتسويق الأوهام والأباطيل والخرافات التي شوهت الإسلام ومكنت الأعداء من استهدافه والتآمر عليه، وهم اليوم يكشفون عن الوجه الآخر المشبَّع بالخيانة والنفاق ويحاولون تزييف وعي الشعب اليمني بأخبار مفبركة وبطولات وهمية لا وجود لها إلا في أذهانهم.
المشهد سوداوي ومؤلم بكل المقاييس يدل على اليأس والإحباط والهزيمة الداخلية ويجعلنا نتساءل بمرارة.. أين دور منظمات حقوق الإنسان وكل الناشطين الحقوقيين؟! لماذا لا نسمع عن زيارة واحدة للسجون في المحافظات المحتلة ومنها مارب؟! وفضح هذه الأساليب وممارسات الجلاوزة والجلادين من تحركهم أصابع خسيسة تسعى إلى تعميق الحقد والكراهية بين أبناء الشعب اليمني الواحد، أين المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية التي تملأ الدنيا ضجيجاً عن انتهاكات حقوق الإنسان ؟! مع أنهم يجعلون من الأحداث العابرة والمشاكل الاجتماعية التي لا يخلو منها أي مجتمع القشة التي تقصم ظهر البعير ويملأون الدنيا ضجيجاً بشأنها، ولا تحركهم هذه الممارسات القذرة ذات الطابع الإجرامي المخالف لأبسط سنن الكون.
الغريب أن هناك محاولات بائسة للتلاعب بمشاعر الناس الدينية واستغلال رغباتهم الصادقة في معرفة أمور الدين لتحقيق مصالح ذاتية قذرة بعيدة كل البُعد عن مرتكزات الدين وشروط الانتماء الصحيح إليه.
عندما سمعت قبل سنة أو أكثر من أحد الأشخاص العائدين من سجون عدن عن هذه الممارسات اللاأخلاقية اعتقدت أن الرجل يبالغ لكنها تكررت أكثر من واحد، وأخيراً من العلامة يحيى الديلمي وفي هذا الجانب نقف أمام مفارقة عجيبة حينما نستمع في المساء إلى القنوات مدفوعة الأجر المسبق وهي تتحدث عن مأرب واحة الحرية والديمقراطية تجعلنا نصرخ وبصوت عالٍ (إذا نطق الغراب وقال خيراً فإين الخير من وجه الغراب) والأكثر غرابة أن نسمعهم يتباكون على ثورة سبتمبر، في حين أن هذا الفريق بكامل أعضائه يتنكر لمسمى الثورة والجمهورية ويعتبره ردة وكفراً وخروجاً على أحكام الإسلام السامية، وهذا ما سمعناه أكثر من شخص كانوا قد عادوا إلى الوطن من القاهرة محمّلين بأفكار جماعة الإخوان المسلمين وينطقون باسم الدفاع عن محاربة الجاهلية، إذ كانوا يقولون أن المجتمعات قد عادت إلى جاهلية أكثر وأبشع من الجاهلية الأولى وأن تحرير القدس يبدأ من تحرير صنعاء والقاهرة، هذا ما سمعناه منهم أنفسهم قبل أن يولد العرادة أو أنه كان في المهد، ولعله تشرب هذه الأفكار منهم وها هو اليوم يُفصح عنها بشكل مغاير ليؤكد مستويات الدجل والكذب الكامنة في أعماق هؤلاء البشر واستعدادهم الكبير للتلون والتحول إلى أكثر من دين وأكثر من مبدأ في لحظة واحدة، إنها كارثة!؟ نقول لهم اعملوا ما شئتم فقط دعوا الإسلام وشأنه، لا تجعلوا الإسلام ورقة للمزايدة، لا تسيئوا إلى هذا الدين العظيم دين العظماء من حملوا رايته إلى أصقاع الأرض، فلا تجعلوه مجرد وسيلة للارتزاق وخدمة المصالح الذاتية القذرة، نسأل الله لكم الهداية والشفاء وأن يوفق اليمن والمجاهدين لأن يجتثوا أوكاركم لكي يسلم اليمن واليمنيين من هذا الوباء، والله من وراء القصد..

قد يعجبك ايضا