المتحف الحربي‮ ‬في‮ ‬عدن نموذجا‮ ‬



‮> ‬في‮ ‬صنعاء‮ ‬‮ ‬قال لي‮ ‬الزميل‮ « ‬كمال بكار‮ « ‬إذا كنت تريد المعلومات والصورة القديمة ووثائق تتعلق بفترة الإحتلال البريطاني‮ « ‬عليك وعلى المتحف الحربي‮ ‬بكريتر‮ « ‬ستجد فيه كل ماتريد‮ . ‬عملت بالنصيحة‮ ‬‮ ‬وجعلت زيارة المتحف على رأس القائمة‮ ‬‮ ‬تمت الزيارة‮ ‬‮ ‬وهذه تفاصيلها‮ .‬

مبنى المتحف‮ ‬
المبنى من الخارج‮ ‬يبدو ذي‮ ‬قيمة تاريخية وتحفة معمارية رائعة وله نفس الطراز المعماري‮ ‬الذي‮ ‬يميز القصور الفخمة في‮ ‬مدينة تريم بحضرموت التي‮ ‬تأثرت بالطابع المعماري‮ ‬السائد في‮ ‬جنوب شرق آسيا‮ . ‬الشارع الذي‮ ‬يقع فيه المبنى‮ ‬يسمى شارع المتحف‮ ‬‮ ‬ويتقاطع مع الشارع الرئيسي‮ ‬الذي‮ ‬يربط كريتر بالمعلا والمسمى‮ « ‬طريق الملكة أروى‮ « ‬يتألف المبنى من طابقين ويرجع تاريخ بنائه إلى بدايات القرن العشرين‮ .‬
تزخر مدينة كريتر بالكثير من المباني‮ ‬القديمة الفخمة والتي‮ ‬لها نفس الطابع المعماري‮ ‬‮ ‬ولكن كثير منها مهملة ولا تبدو بحالة مبنى المتحف الذي‮ ‬خضع للصياية والترميم مرتين‮ ‬‮ ‬الأولى في‮ ‬1998م والثانية في‮ ‬2007‮ ‬م‮ .‬
المبنى على فخامته‮ ‬‮ ‬لم‮ ‬يشيد ليكون مقرا حكوميا أو قصرا للضيافة‮ ‬‮ ‬ولكن المثير للدهشة أنه بني‮ ‬كمدرسة واستمر كذلك حتى مطلع السبعينات من القرن الماضي‮ ‬عندما أصدر الرئيس سالم ربيع على قرارا في‮ ‬22‮ ‬مايو‮ ‬1971م لتحويل المبنى إلى متحف عسكري‮ . ‬
يفاخر أبناء عدن بأن مدينتهم شهدت أول عرض مسرحي‮ ‬قبل أكثر من مائة عام‮ ‬‮ ‬وكانت المسرحية بعنوان‮ « ‬يوليوس قيصر‮» ‬إحدى روائع شكسبير‮ . ‬العرض الذي‮ ‬جرى باللغة الإنجليزية في‮ ‬ميدان التنس ـ جوارملعب الشهيد الحبيشي‮ ‬ـ بكريتر عام1910م‮ ‬‮ ‬كان أبطاله من تلاميذ مدرسة الإقامة‮ «‬RESIDENCY SCHOOL‭ ‬‮ «‬التي‮ ‬عرفت فيما بعد بمدرسة السيلة الابتدائية ثم تحولت في‮ ‬1971‮ ‬م إلى المتحف الحربي‮ . ‬
بعد حرب صيف‮ ‬1994م أصبح تابعا لدائرة التوجيه المعنوي‮ ‬ـ وبحسب ماذكره مواطنون في‮ ‬كريتر ـ فقد جرى استثمار الساحة الخلفية التابعة للمبنى وبنى فيها‮ ‬24‮ ‬محلاٍ‮ ‬تجارياٍ‮ ‬في‮ ‬طابقين لصالح‮ « ‬مسؤول نافذ‮ « ‬وفي‮ ‬المتحف حاولت التأكد من الحقيقة فقالوا بأن المبنى التجاري‮ ‬تم بالإتفاق مع أحد المستثمرين الذي‮ ‬قام بالبناء مقابل عقد انتفاع لمدة‮ ‬15‮ ‬عاما‮ ‬‮ ‬تؤول بعدها ملكية المبنى إلى الدولة‮ .‬

داخل المتحف‮ ‬
يضم المتحف أربعة أجنحة تحتوي‮ ‬أكثر من عشرقاعات للعرض في‮ ‬الطابقين‮ . ‬الجناح الأول‮ ‬يحتوي‮ ‬على عدد من القطع واللقى الأثرية التي‮ ‬تعود إلى العصر الحجري‮ ‬والحضارات اليمنية القديمة ـ سبأ‮ ‬‮ ‬معين‮ ‬‮ ‬حمير‮ ‬‮ ‬أوسان وقتبان‮ ‬‮ ‬ومحطات من تاريخ اليمن بعد الإسلام‮ .‬
بالنسبة للجناحين ـ الثاني‮ ‬والثالث ـ فإن الصورة تشكل النسبة الأكبر من محتوياتهما‮ ‬‮ ‬وتتناول موضوعات تلك الصور فترة حكم الإمامة والحركات الوطنية المعارضة لها في‮ ‬شمال اليمن‮ ‬‮ ‬وهي‮ ‬الفترة الواقعة بين‮ ‬1918م حتى قيام ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬1962م‮ . ‬كما تتناول الصور محطات من تاريخ بناء الوحدات العسكرية في‮ ‬الشمال والجنوب خلال تلك الفترة‮ .‬
الجناحان الثاني‮ ‬والثالث‮ ‬يوثقان ـ من خلال الصورة أيضا ـ لفترة النظامين الجمهوريين في‮ ‬الشمال والجنوب بعد ثورتي‮ ‬26‮ ‬سبتمبر62‮ ‬و30‮ ‬نوفمبر‮ ‬67م حيث تعرض بالترتيب صور لرؤساء الجمهورية والحكومات ووزراء الدفاع والأركان الذين تولوا المسؤولية في‮ ‬كلا الشطرين حتى قيام الوحدة في‮ ‬1990م
وباعتباره متحفا‮ « ‬حربيا‮ « ‬فقد احتوت جميع قاعات الأجنحة الثلاثة على والأروقة المؤدية إليها نماذج من الأسلحة التي‮ ‬استخدمت في‮ ‬فترات مختلفة‮ ‬‮ ‬وقد أخذت بندقية‮ « ‬سك‮ « ‬الفرنسية‮ ‬‮ ‬و‮ « ‬موزر‮ « ‬الألمانية النسبة الأكبر من الأسلحة المعروضة‮ . ‬
كما تحتوي‮ ‬قاعات العرض على نماذج من أزياء وحدات الجيش والأمن‮ « ‬الحالية‮ « ‬بالإضافة إلى نماذج من النياشين والرموز و‮ « ‬الإكسسوارات‮ « ‬العسكرية الأخرى‮ ‬‮ ‬وبعض من الوثائق الثبوتية الشخصية الصادرة عن مصلحتي‮ ‬الهجرة والجنسية‮ ‬‮ ‬وقليل جدا من الصحف الصادرة في‮ ‬الشطرين خلال فترتي‮ ‬الأمامة والإحتلال‮ . ‬

الجناح الرابع مغلق‮ ‬
أكملت جولتي‮ ‬في‮ ‬الأجنحة الثلاثة واتجهت نحو الجناح الرابع والأخير‮ « ‬على أجد فيه ضالتي‮ ‬أو ما‮ ‬يشبع فضولي‮ « ‬وقد كان للأسف مغلقا‮ . ‬ولما سألت عن سبب إغلاقه وعن محتوياته‮ ‬‮ ‬قالوا‮ : ‬هناك تجديد في‮ ‬محتوياته ـ وهي‮ ‬في‮ ‬غالبيتها من الصور ـ والجناح كما قالوا خاص بفترة الوحدة‮ . ‬
وعند الخروج كان السؤال‮ ‬ينتفخ ويتوالد في‮ ‬رأسي‮ : ‬أين تاريخ‮ ‬129‮ ‬عاما من الإحتلال‮ ‬‮ ‬أين صيرة وقلعتها التي‮ ‬كانت خط الدفاع الأول عن عدن طيلة قرون‮ ‬‮ ‬أين معارك كريتر وإنتفاضة‮ ‬20‮ ‬يونيو التي‮ ‬عمت كل المعسكرات في‮ ‬عدن عام‮ ‬1967م وكان معكسر‮ « ‬البوليس المسلح‮ « ‬في‮ ‬كريتر هو بؤرة التمرد ضد قوات الإحتلال‮ ‬‮ ‬أين‮ ‬‮ ‬وأين ¿‮ . ‬

اسئلة تتوالد‮ ‬
في‮ ‬بوابة الخروج‮ ‬‮ ‬قلت مازحا لموظفي‮ ‬المتحف‮ : ‬معي‮ ‬صور أكثر من الموجودة في‮ ‬المتحف‮ ‬‮ ‬لم‮ ‬يستفزهم هذا الانطباع رغم فضاضته‮ .. ‬علامات عدم الرضا عن حال المتحف بادية أيضا على وجوههم‮ ‬‮ ‬وكان مبررهم الوحيد هو‮ : ‬كثير من مقتنيات المتحف نقلت إلى صنعاء‮ . ‬ثم دخلت في‮ ‬جدل مع المدير حول وجود صورة لبوزة ـ كواحد من أعلام ثورة‮ ‬14‮ ‬أكتوبر ـ هو‮ ‬يقول موجودة ضمن الصور‮ ‬‮ ‬وأنا أنكر وجودها‮ ‬‮ ‬ولم‮ ‬يكن بوسعي‮ ‬إعادة الجولة للتأكد‮ . ‬كما لم أتأكد من نصيحة الزميل‮ « ‬بكار‮ « ‬لي‮ ‬بزيارة المتحف‮ ‬‮ ‬هل كانت لوجه الله أم أنها مقلب‮ . ‬الشيء الوحيد الذي‮ ‬يمكن لأي‮ ‬زائرالتأكد منه‮ ‬‮ ‬هو أن التاريخ أيضا وقع في‮ ‬مستنقع‮ ‬المحاصصة تحت رحمة شطار الفيد وأغبياء السياسة‮ .‬

——
دار سعد والسكة اللحجية‮ ‬

‮‮❞ ‮ ‬سميت هذه المدينة ـ أو المديرية ـ قديماٍ‮ « ‬دار الأمير‮» ‬وقد استمرت هذه التسمية حتى الاستقلال من الاستعمار الإنجليزي‮ ‬‮ ‬وكانت تشكل أقصى منطقة جنوبية لسلطنة لحج على حدود مستعمرة عدن‮ ‬وتمر حدودها بما كان‮ ‬يعرف بـ‮ «‬نقطة رقم‮ ‬6‮» ‬وهي‮ ‬واحدة من أشهر نقاط التفتيش قبل الدخول إلى مستعمرة عدن‮ ‬‮ ‬وتأتي‮ ‬أهميتها بعد نقطة‮ « ‬باب السلب‮ « ‬قرب جبل حديد‮ ‬‮ ‬ونقطة‮ « ‬رقم‮ ‬4‮ « ‬في‮ ‬الملاح الخاصة بضبط التهريب‮ .‬
كانت دار سعد ـ‮ ‬دار الأمير ـ‮ ‬تدخل ضمن منطقة الشيخ عثمان ذاتها‮ ‬‮ ‬وكانت عبارة عن مساحة مغطاة بالأشجار الكثيفة‮ . ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1880م ضمت سلطات الإحتلال منطقة دار الأمير إلى مستعمرة عدن‮» ‬بعد التفاهم مع السلطان العبدلي‮ « ‬وبدأت أهميتها تتزايد مع إنشاء سكة حديدية تربط عدن بلحج المعروفة عند العدنيين بـ‮ « ‬طريق الريل‮ « ‬وأصبح المكان محطة للمسافرين من وإلى المناطق الشمالية خارج المستعمرة‮ .‬
مشروع طريق الريل‮ ‬‮ ‬أو السكة اللحجية‮ ‬‮ ‬بدأ تنفيذه عام‮ ‬1919م‮ ‬‮ ‬وكان القطار من النوع الصغير‮ ‬يتألف من ثمان عربات‮ ‬يسير على قضبان حديد تنتهي‮ ‬عند قرية الحداد اللحجية‮ . ‬وكان القطار‮ ‬يقوم بنقل الركاب والبضائع بين عدن ولحج‮ ‬‮ ‬وينقل كذلك خزانات المياه لتزويد معسكرات الإنجليز ونظراٍ‮ ‬لغياب الصيانة مع عوامل المناخ الغير مساعدة انتهى دور القطار عام‮ ‬1930م‮ . ‬
عرفت بعد الإستقلال بـ‮ « ‬دار سعد‮ « . ‬ووفقا لتعداد‮ ‬2004‮ ‬‮ ‬يبلغ‮ ‬عدد سكانها نحو‮ ‬80‮ ‬ألف نسمة ومساحتها‮ ‬37‮ ‬كيلومتر مربع‮ . ‬وتعد دارسعد بالإضافة إلى الشيخ عثمان‮ ‬‮ ‬المديريتان الوحيدتان من مديريات عدن الثمان ليس لهما حدود بحرية‮.‬

قد يعجبك ايضا