باريس/
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “المبادرة الفرنسية حول لبنان لم تسحب من الطاولة”، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى “انتهاز فرصة تشكيل حكومة إنقاذ”.
وفي مؤتمر صحفي حول الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان عقده مساء أمس الأحد في باريس أشار ماكرون إلى أن “الإصلاحات ضرورية كي يستطيع لبنان الاستفادة من المساعدة الدولية، مضيفاً “نحرص على أن نكون شفافين وأن نتابع المساعدات في لبنان عبر الأمم المتحدة”.
ماكرون قال أيضا “تسمية الأطراف السياسية لحكومة سياسية لن يجدي نفعاً، والمطلوب هو حكومة إنقاذ”، ووعد أن فرنسا ستبقى ملتزمة بتقديم المساعدات للشعب اللبناني، مؤكداً أن “المساعدات ستقدم من خلال المنظمات غير الحكومية وهو دعم غير مشروط للشعب اللبناني”.
وعن تشكيل الحكومة اللبنانية قال ماكرون “أنا أخجل بسبب القادة اللبنانيين”، وتحدث عن أن الحريري أخطأ في إضافة المعيار الطائفي على توزيع الحقائب الوزارية، مؤكّداً أن لا خيار داخلي في لبنان سوى بإعادة تأليف “حكومة إنقاذ”.
وفي الحديث عن حزب الله وحركة أمل قال ماكرون “قررت ألا أتبع الفكرة القائلة بضرب حزب الله كي ينهار لبنان مع الحزب”، وأضاف “إذا قرر حزب الله والرئيس بري الأسوأ فليخشوا من الأسوأ”.
وأعلن أنه لا يملك أي أدلة على أن إيران عرقلت الوضع في لبنان، معتبراً أن “الأزمة في لبنان والمنطقة أعمق مما تبدو عليه، وليس لدينا سوى جمع الأحزاب اللبنانية حول خارطة طريق”.
ماكرون قال إن حزب الله لا يمكنه أن “يقوم بشن حرب ضدّ إسرائيل وحرب في سوريا ويشعر بأنه أقوى مما هو عليه”، معتبراً أن “ما حصل هو إرادة حزب الله وحركة أمل علماً أننا جلسنا معهم وتعهدوا بالالتزام بخريطة الطريق”.
وأشار ماكرون إلى أن “تأليف حكومة من دون الشيعة ليس خياراً واقعياً”، مشدداً على أن الاتفاق لم يجرِ على المكون الطائفي خلال التعهد بتأليف الحكومة، مؤكداً أن “اتفاق الطائف لا ينص على أحقية أي حزب بالاستئثار بالوزارة وبالأموال”، وأضاف “نعمل في لبنان وفق اتفاق الطائف”.
وتابع “بالنسبة لحزب الله ومجمل الشيعة في لبنان أمامهم خيار تاريخي: هل يريدون الدولة أو الأسوأ؟”
في المقابل، اعتبر ماكرون أن “مقترح شن حرب ضدّ حزب الله غير مسؤول ولا يمكن أن نجعل الشعب اللبناني يدفع ثمن تلك التضحية”، مضيفاً أنه “في السنوات الماضية ازدادت قوة حزب الله عبر اللعب على الارتباك وعليه توضيح لعبته كجزء من القوى السياسية”.
وقال “عندما نريد أن ندفع ببلد معين يجب أن لا ننسى المكونات الأساسية وحزب الله جزء منها”.
ماكرون أكّد أن خارطة الطريق التي “طرحها باقية والمبادرة باقية والفشل هو فشل المسؤولين اللبنانيين”، معتبراً أن “العقوبات الأمريكية وتّرت الأجواء في لبنان”.
وقال ” يجب حالياً الانتظار لنرى إذا كانت هناك إمكانية لوضع خارطة طريق لمحاولة البناء عليها”.. وأضاف “لا نخشى من وقوع حرب أهلية في لبنان والعقوبات لا تبدو مناسبة حالياً”، واعتبر أن “المسؤولين اللبنانيين حالوا دون تشكيل حكومة وسمحوا للقوى الخارجية بالتدخل في الشأن اللبناني”.
وأمهل ماكرون زعماء لبنان 4 إلى 6 أسابيع أخرى لتشكيل حكومة في إطار المبادرة الفرنسية، مؤكداً أن “الناس باتوا منهكين بفعل الفساد ولن يساعد أحد لبنان طالما يسير على هذا المنوال”.
واعتبر أن “القادة اللبنانيين تعهدوا جميعا بالالتزام بمهلة 15 يوما لكن ذلك لم يحصل”، مشيراً إلى أن “عدم اتخاذ القرارات يفرض تأثيرات من الخارج”.
وأدان الرئيس الفرنسي كل الطبقة السياسية في لبنان وعلى “رأسها الرئيس الذي أمل أن يتبنى المبادرة الفرنسية”.
يذكر أن الحكومة اللبنانية أعلنت استقالتها في 10 اغسطس، وأتت الاستقالة على خلفية التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد وكان آخرها الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت.
وفي وقت سابق أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب اعتذاره عن مهمته في استكمال تأليف الحكومة، ومكتب رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري قال إن هناك من أغرق المبادرة الفرنسية بما يخالف كل الأصول المتبعة، وكان الرئيس اللبناني ميشال عون كلّف السفير اللبناني في ألمانيا، مصطفى أديب، بتشكيل الحكومة في 31 أغسطس الماضي.
وقبل اسبوع، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه “في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ اللبناني، تواجه القوى السياسية اللبنانية الاختيار بين التعافي وانهيار البلد”، مضيفةً أنها “مسؤولية ثقيلة تجاه اللبنانيين”.