الأطفال أكبر المتضررين من العدوان المتواصل والضحايا بالآلاف
استهداف الأطفال بصورة مباشرة من قبل العدوان والمدنيون وحدهم من يدفعون الثمن
الثورة/ زهور عبدالله
يحرص محمد صالح البهلولي على زيارة مقبرة المشهد الواقعة إلى الشرق من مدينة صنعاء القديمة عقب صلاة الجمعة أسبوعيا لقراءة الفاتحة والترحم على أرواح جاره الحميم الذي قضى مع جميع أفراد أسرته إثر غارة جوية لطيران العدوان السعودي الغاشم على صنعاء قبل خمسة أعوام ..ويقول هذا الرجل بأن كثيرين من أبناء حارة المفلحي لا يزالون يتذكرون أسرة حفظ الله العيني التي فاضت أرواح جميع أفرادها في تلك الليلة الكئيبة.
ويضيف في حديثه لـ”الأسرة ” والدموع ترقرق في عينيه كانت ليلة ظلماء ومرعبة ولن ننسى أبدا مشاهد الرعب التي اتبعت لحظات قصف الطيران لمنازل النائمين بأمان مع أسرهم ويستطر المواطن البهلولي لقد كان الحاج حفظ الله العيني من أفضل وأنبل سكان الحي وأكثرهم استقامة وهدوءا ولم نعلم أبدا أنه قد أساء لأحد الجيران لعقود من الزمن وكذلك كانت زوجته وأبناؤه الثمانية الذين رافقوه الرحلة إلى الدار الآخرة في تلك الغارة ولا نزال نتذكر بأسى وحسرة كيف كان أطفاله الصغار يملأون الحي لعبا ومرحاً لكنهم الآن جثثا هامدة في هذه القبور.
ليس محمد صالح البهلولي وحده من يقف باستمرار على قبور هذه الأسرة فكل من يشيع قريبا أو صديقا إلى مثواه الأخير بمقبرة “المشهد ” لا بد له أن يعرج على أضرحة حفظ الله العيني وزوجته وأبنائه وقد تمت إقامة أضرحتهم إلى جانب بعض في الجهة الغربية من هذه المقبرة لتروي تلك القبور الصامتة الكثير والكثير عن وحشية العدوان على اليمن منذ خمسة أعوام ونصف العام.
كان الحاج حفظ الله العيني نائما مع زوجته وأطفاله الثمانية في منزلهم الشعبي بحي المفلحي التاريخي بصنعاء القديمة ولم يكن يدري أن هذه النومة هي الأخيرة لجميع أفراد هذه الأسرة وأنهم سينقلون بصورة جماعية إلى المقبرة المجاورة بعد ساعات حيث سيمضون رقدتهم الأبدية.
سلك العيني طريق الآخرة برفقة جميع أفراد أسرته مساء الـ17 من سبتمبر من العام 2015م إثر غارات جوية لطائرات العدوان وهي الغارات التي أسفرت أيضا بحسب الإحصائيات عن وفاة 13مدنيا بينهم 8اطفال و5نساء وإصابة 15آخرين وتهدم منزل العيني وتضرر أكثر من 120منزلا من المنازل المجاورة لمنزل هذه الأسرة الراحلة.
وتروي أضرحة أسرة العيني فصولا لا تنتهي من وحشية وقذارة هذا العدوان المستمر للعام السادس على التوالي.
ليست الوحيدة
ما حل بأسرة العيني في صنعاء القديمة ليست الكارثة الوحيدة لهذا العدوان فقد وقعت منذ اندلاع العدوان الغاشم في الـ26من مارس 2015م العديد من المآسي المماثلة سواء في العاصمة صنعاء أو غيرها من المحافظات والتي قضت على إفراد أسر بأكملها أو كتبت النجاة لأحد أفرادها أو بعضهم ليعيش بقية حياته في حزن وألم لا يتوقف على غرار ما حل بالمواطن عبدالله الأبي في صعدة وذلك بعد شهرين فقط من بدء العدوان على اليمن حين كان يتناول وجبة العشاء مع زوجتيه وأطفاله وأحفاده لتستهدف منزلهم غارة جوية أسفرت عن استشهاد 27 فردا من أفراد أسرته وعلى الرغم انه نجا في تلك الليلة إلا أنه لم يعلم بمقتل أفراد أسرته إلا بعد ستة أسابيع في المستشفى.
هذه الغارة أسفرت عن وفاة 27بينهم 17 طفلا أصغرهم حفيدته إيناس وكان عمرها شهرا واحدا فقط بينما نجا هو وثلاثة من أولاده الكبار الذين خرجوا من تحت الأنقاض بجراح خطيرة وبكثير من مشاعر الأحزان التي ستلازمهم بقية حياتهم.
ومنذ الأيام والأسابيع الأولى لبدء العدوان لم تتوقف عمليات استهداف المدنيين في منازلهم من قبل العدوان ولا يكاد يمر أسبوع أو شهر من الزمن إلا وتضاف أسرة جديدة إلى قائمة طويلة لضحايا هذه العدوان الظالم ، وتؤكد الأمم المتحدة بأن المدنيين يدفعون الثمن الباهظ للحرب في اليمن.
وتوضح المنظمة الأممية الأكبر في العالم في بيان لها صدر في مارس الماضي بمناسبة مرور خمسة أعوام على اندلاع الحرب والعدوان أن خمس سنوات من العدوان على اليمن مزقت حياة عدد لا يحصى من الأسر.
وتضيف أن العدوان على اليمن أدى إلى مقتل وجرح سبعين ألف شخص من المدنيين الذين لا علاقة لهم بالصراع فيما تقدر تقارير حقوقية إعداد الضحايا بنحو مائة ألف يمني.
ومرارا أكدت الأمم المتحدة ومؤسساتها الإنسانية المختلفة أن هذا العدوان والاستهداف للأبرياء خلف أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
الأطفال أكبر المتضررين
هذه العمليات التي استهدفت وتستهدف المدنيين بصورة متعمدة غالبا ما يكون اغلب ضحاياها من الأطفال ويوضح أحدث تقارير المركز اليمني لحقوق الإنسان في صنعاء أن الضحايا من فئة الأطفال بلغ 7 آلاف و272طفلا يمنيا ويضيف التقرير الذي صدر يوم الاثنين الموافق السابع من سبتمبر الجاري تحت عنوان «طفولة بلون الدم ورائحة الموت» بأن من بين إجمالي الضحايا من الأطفال 3 آلاف و468قتيلاً و3 آلاف و804جرحى ومعاقين .
ولم تفلح الدعوات والمناشدات التي أطلقتها منظمة الأمومة والطفولة العالمية «يونيسف» والعديد من المنظمات المهتمة بشؤون الطفولة إلى تحييد المدنيين ووقف استهداف المدنيين وخاصة من الأطفال ليتواصل هذا السيناريو المرعب والذي أصبح يضيف المزيد من الصغار إلى قائمة ضحاياه.