المكر .. وتخدير أمة الإسلام
صلاح محمد الشامي
(وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) القرآن الكريم، سورة إبراهيم” الآية 46″.
• أعدوا العدة منذ عقود، للحظة الحاسمة ونحن رقود، نتطلع باندهاش إلى موادهم الإعلامية على شاشات التلفزة، ثم شاشات الهواتف المحمولة، والكمبيوتر، وهم يغزلون خيوطهم حول مصائرنا، بيوتنا وأوطاننا، ثرواتنا ومستقبلنا، وكأنهم غزاة من الفضاء، لا نُظراؤنا بالإنسانية..
• قالوا فصدّقناهم، وقلنا فصدَقناهم بالقول والعمل، أذهلونا بما أخرجت مصانعهم التي ما كانت لتتحرك إلا بشيئين، أولهما: علوم العرب، وخاصة ما تبقى في الأندلس من كتب دمرها الصليبيون إثر استردادها، وثانيهما: النفط العربي الذي يشغل تلك المصانع.
• سلبوا أطفالنا عقولهم بمسلسلات كارتونية لا تسمن ولا تغني من فكر، بدأت بقصص هادفة وانتهت بتفاهات تعلّم الأطفال العنف وقلة الحياء والمغامرة لأجل المغامرة، لا لهدف سامٍ يرتقي بقيمة الحياة ومعناها.
• دمروا الترابط المجتمعي بغزو الأسرة، عبر مسلسلات لا تمت إلى ثقافتنا ولا تنتمي إلى هويتنا، فلبسنا هوية ليست لنا وليست لهم، هوية مسخ، لا ندري كيف حفروا ملامحها ببطء في أخلاقنا، صارت الكلمة السائدة / السادية لدى الزوجة لزوجها كلمة: ( طلقني ) !! .. صار تمردها على الزوج أمراً طبيعياً، ورفضه لمطالبها أمراً غير وارد..
• أغروا حكامنا بإبقائهم على أعناقنا، ينهبون ثرواتنا ويستعبدون أحرارنا مقابل سكوتهم عن قضيتنا الأم “فلسطين”، سكوتهم عن وجود الكيان الصهيوني بدولة طارئة محتلة تدعى إسرائيل وإسكات كل صوت ينادي بالحرية.. فلم يكتفوا، بل قاموا بقمع كل صوت حر، وإخراس كل فكر منفتح، وملأوا السجون وصفحات “المخفيين قسراً”..
• صنعوا لنا ثورات وهمية، ليتخلصوا من عملاء الأمس ويستبدلوهم بمن يعبدهم عبادة لا خدمة.. وحين كادت تكون هذه الثورات في أيدي الشعوب، أدخلوا عملاءهم فيها كالزئبق، فمسخوها وشوهوها ثم صعدوا على دماء وأعناق الشباب المثقف، وإذا بهم يتنكرون لكل شعارات الماضي وينقلبون عليها، لتدرك الشعوب أن البنك الدولي والأمم المتحدة بل والولايات المتحدة ومن ورائها إسرائيل هي من تحكم المنطقة العربية.
• الآن من ذا الذي سيثبت على مبادئه ودينه وعروبته ويربط على بطنه سوى القلة الصادقين، فقد أحكمت القبضة الماسونية على ثرواتنا وسخرتها لحرمان من يقف ضدها، والتفضل – بإذلال – على من يتخذها دون الله إلهاً.
ثورات القرن العشرين
• فلننسف إذن كل اعتقاد لما تصورناه ثورة خلال القرن العشرين، فهل كانت ثورة سبتمبر اليمن 1962م ثورة حقيقية ؟!! لقد انتقل الحكم من إمام متسلط إلى غاغة وصعاليك عسكر، وحين خرج من بينهم رجل وطني ” الشهيد إبراهيم الحمدي ” قتلته المخابرات السعودية الأمريكية بأيدي من حكموا من بعده.
• هل الثورات العربية في خمسينيات القرن الـ20 وستينياته ثورات عربية حقيقية؟، وإذا كانت كذلك بالفعل، فلماذا ما برح القرار العربي في قبضة المستعمر البريطاني والفرنسي ونظائره، ثم في يد الأمريكي “مدير الطاولة”؟ … لماذا الوجوه التي تحكمنا عربية وتتكلم بلسان عربي، بينما خدماتها سكسونية ماسونية؟.
• ألم يكف لنا الصمت العربي تجاه إسرائيل مثالاً لندرك حقيقة وواقع التطبيع السري لكافة الأنظمة العربية معها ؟!! . لماذا تُركت دولة الكيان الصهيوني تنعم بالسلام وتتفرغ لتطوير التعليم والتقنية العسكرية والتوغل التجاري الإستراتيجي وتمخر بحارنا بناقلاتها وبوارجها، بينما زعماؤنا في البارات وملوكنا في أحضان العاهرات، لا يدرون متى صحوا ليثملوا، ولا متى ثملوا ليصحوا، والشباب العربي يكافح في مدارس التعليم الكسيح، وجامعات التعليم النظري ليتخرجوا إلى الشوارع، ويتحولوا إلى عالة على المجتمع أو مجرمين ومدمنين، وعلى أفضل الوجوه باعة متجولين؟
الصرخة .. وبطل هوليوود
• لقد حصل كل هذا خلال العقود الستة الماضية، حتى غشت الأبصار وعميت البصائر، وعندما اندلعت صرخة الحق، استنكرها الغالبية، لأنهم تعودوا على أن البطل يجب أن يكون أمريكياً، كما في فيلم الأكشن “الحركة” .. ولأن الذي سيحرر الأمة يجب أن يكون “المهدي المنتظر” الذي اسمه فلان بن فلان وعلامته كذا وكذا وسيظهر في المكان الفلاني وترتبط بظهوره معجزة إلهية، ووو …، فقط لننتظر الخيال ولنتمنّ المحال ثم لا نحصل على شيء، عدا القدم الأمريكي والمدية الداعشية والاستعباد المطلق.
• إن ما يحيكه “إبليس” للأمة الإسلامية وللبشرية جمعاء، بوجهه الماسوني وخدامه الأمريك والصهاينة وعبيد العبيد قادة دول الخليج العربي وربيباتها العربية وغيرها، يفوق كل تصور، ولننتظر ما تخبئه الأيام القادمة من فظائع، فهذا زمن انكشاف الحقائق، ورحم الله الشهيد القائد الذي تنبأ بأن الصرخة هي من ستكشف الحقائق، بتحرك الشرفاء، بتحرك الحق في مواجهة الباطل الذي لن يملك إلا أن ينكشف قبل أن يزهق إلى غير رجعة.
• لن ننتظر للمنتظَر الذي يدفع المنتظرين للجمود، سنتحرك لننكل بأعداء الله أعداء الإنسانية، سنتمسك بالعلم الذي بعثه الله لنهضة هذه الأمة، سنعض على ديننا بالنواجذ، سنفعل ذلك ونحن متوكلون على الله، مؤمنون بتأييده ونصره، ونحن نعلم أن مكرهم عظيم ويفوق كل تصور، فما انكشف منه ليس إلا ما يتعلق بالفترة الهادئة، أما القادم فهو استلاب الإنسان من معناه واستلاب آدميته وتحويله إلى ما يشبه “الروبوت”، وتسخير كل إمكانياته لخدمة الشيطان الأكبر وربيبته إسرائيل، وشواهد ذلك كثيرة، يكفي منها كيف حولت الوهابية الصهيونية بعض المسلمين إلى أدوات رخيصة للقتل لصالح أعداء الإسلام، فاستلبتهم كل إرادة وفكر، حتى لم يعد لديهم ما يفرقون به بين الحلال والحرام، في أجلى صور غسل الدماغ الذي تتكلم عنه أدبياتهم الحربية، منذ محاولات هتلر إلى التجارب الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين بواسطة من استحوذت عليهم من علماء ألمان عند دخول قوات التحالف عاصمتهم نهاية الحرب العالمية الثانية.