السوق السوداء والعدوان وشركة النفط
عبدالفتاح علي البنوس
في خضم أزمة المشتقات النفطية التي تشهدها بلادنا ، الناجمة عن الحصار الغاشم الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية وتحالف العدوان السعودي السلولي على السفن المحملة بالمشتقات النفطية ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة ، تتبدى أمامنا ظاهرة السوق السوداء التي باتت منتشرة وبكثرة في عموم المحافظات وبكميات كبيرة ، سيارات مليئة بالمشتقات النفطية ، ووايتات ودينات ودراجات نارية محملة بالبراميل والعبوات المختلفة الأشكال والأحجام ، وصار للسوق السوداء الخاصة بالمشتقات النفطية الحضور اللافت في المشهد اليمني ، نظرا لتوفر المشتقات النفطية فيها دون انقطاع ، بخلاف ما عليه الحال في المحطات الرسمية التابعة لشركة النفط اليمنية ، ولا نعلم من أين يحصل هؤلاء على المشتقات النفطية ؟! فإذا كان مصدر التمويل من المحافظات الواقعة تحت سلطة الاحتلال ومرتزقته فكيف تصل هذه الكميات إليهم وهناك العديد من النقاط الأمنية المنتشرة على مداخل المحافظات ؟! وإن صح ذلك فهذا يكشف عن خلل قائم يصاحب أداء هذه النقاط وينبغي الوقوف عليه والعمل على معالجته سريعا ، فمن يسمح بدخول المشتقات النفطية المهربة ، مقابل فتات المال ، قد يسمح تحت إغراء المال بتمرير ما هو أعظم وأخطر ، مع تقديرنا للعيون الساهرة والكوادر الوطنية النزيهة التي تعمل بعصامية وروح وطنية إيمانية في مختلف النقاط والدوريات الأمنية والعسكرية.
أما إذا كان مصدر تمويل السوق السوداء من داخل بعض المحطات العاملة في نطاق المحافظات الواسعة تحت سلطة المجلس السياسي والمخصصة للبيع للمواطنين والمزارعين بالسعر الرسمي ، فهذه كارثة في حد ذاتها ، فالمواطن الذي وجد نفسه بين كماشة العدوان وسلبية وعشوائية شركة النفط التي ما تزال عاجزة عن وضع آلية دقيقة لصرف المشتقات النفطية والرقابة على ملاك المحطات والمندوبين التابعين لها ، تضمن عدم تسريب المشتقات النفطية من المحطات للسوق السوداء ، علاوة على تصريحات الشركة المثيرة للجدل قبل وبعد السماح لهذه السفينة أو تلك بالدخول إلى ميناء الحديدة ، والتي لا تتسم بالفطنة وتفتقد للحكمة ، ودائما ما تسهم بقصد أو بدون قصد في تأزيم الوضع التمويني وإنعاش السوق السوداء وإطالة أمد الأزمة ، وهنا نتساءل: ما فائدة الإعلان عن دخول سفينة محملة بالبنزين أو الديزل إلى غاطس ميناء الحديدة ، وبعدها مباشرة نعلن أن الكمية لن تكفي لخمسة أيام ؟!! وهي بذلك تطيل أمد الأزمة ، وتقدم هدايا مجانية لمافيا السوق السوداء لتكثيف نشاطهم ، ورفع أسعار المشتقات النفطية ، وذبح المواطنين من الوريد إلى الوريد، وهنا لا بد من التحلي بالحكمة والفطنة والعمل على اتخاذ سياسة إعلامية للشركة مغايرة تماما لما هي عليه الآن ، لكي لا يصدق عليها المثل القائل (جاء يكحلها أعماها).
بالمختصر المفيد، شركة النفط معنية بتفعيل الجانب الرقابي والتقييم الدقيق والشفاف لمندوبيها في المحطات ، والعمل على منع تسريب المشتقات النفطية من المحطات للسوق السوداء ومحاسبة المخالفين والتعامل معهم بحزم وصرامة ، والابتعاد عن التصريحات المستفزة وغير المنطقية التي تزيد الطين بلة ، والوضع التمويني تأزما ، لأننا بذلك نخدم العدوان وأدواته القذرة دون أن نشعر ، مع تقديرنا لكافة الجهود الصادقة والمخلصة التي تبذل من أجل التخفيف من معاناة المواطنين والحد من تداعيات أزمة المشتقات النفطية.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.