انتصار القائد لأحفاد بلال.. انتصار للسجايا المحمدية وإعادة بناء الجسد اليمني
صلاح محمد الشامي
• لم نعتد عبر عقود وربما قرون من الزمان، ما نشهده الآن من انتصار ثورة 21 سبتمبر للشرائح المجتمعية داخل الشعب اليمني، فالثورة التي اتهمها أعداء هذا الشعب ومستغلو ثرواته ومقدراته بأنها عنصرية سلالية، أثبتت العكس تماماً، وأثارت غيرتهم ودهشتهم، بل وذهول العالم، بانتصارها لكافة شرائح المجتمع اليمني، وإعادة الفئات المهمشة إلى واجهة المجتمع، وإلى واجهة الأدوار التاريخية، التي كان لها دورها وثقلها عبر التاريخ الإسلامي.
• أحفاد بلال، لو لم تكن إلا التسمية لكفى شرفاً من ينتمي إلى هذه الفئة أن يفاخر بسيدنا الصحابي الجليل ( بلال )، وانتسابه إليه، وأن يفاخر بانتمائه إلى اليمن في هذه المرحلة التي يقود مسيرتها السيد القائد، الذي تحطمت الرماح على صخرة صموده، وتكسرت كل سهام إعلام ودعاية العدوان وأدواته على حائط مبادئه المحمدية السامية، فهو وحده من أعاد لكل مواطن قيمته ودوره، وانتصر لكل مبادئ الدين والعقيدة والشرف والمواطنة، بأصالته اليمنية العريية، وقيمه المحمدية، القائمة على مبدأ : ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) الذي أطلقه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ليكون نبراساً لكل من يحمل الراية من بعده، لتحقيق استمرار هذه الرسالة، بمبادئها وأهدافها السامية، حتى قيام الساعة.
• ولأن أعداء الإنسانية، عبر التاريخ، اتخذوا من الناس خَوَلاً، بل واستعبدوهم، حتى بعد ظهور الرسالة المحمدية، حيثُ حَنَّ عُبّادُ العروش إلى زمان الجاهلية، حيث هم الأسياد، وبقية الناس إما أتباع منقادون، أو عبيد وأقنان، كان لزاماً أن يبعث الله من يحيي الرسالة المحمدية، التي تنتصر للإنسان باعتباره إنساناً، لا لاعتبار لونه أو عرقه أو نسبه أو قوميته، انطلاقاً من أن التباين القبلي والشعبوي ليس للتمايز بل للتعارف، انسجاماً مع الآية الكريمة : (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).. الآية…، لا لتفاضلوا، أو لتناكروا، فالتعارف هو إرادة الله من جعل الناس ( شعوباً وقبائل )، ولو أراد الله لجعل الناس كلهم أمة واحدة، قال تعالى : (وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ) .. فقد آتى كل قبيلة وشعب وقومية ما آتاها من مُكنات الحياة والحكم، وابتلاهم كيف سيصنعون بذلك، فامتهن القويُّ الضعيفَ، وأذلَّ الغنيُّ الفقيرَ، واستعبد الحاكم المحكوم، حتى أصبحت أسواقاً يباع فيها الإنسان ويُشترى، ثم انطلقت هذه المظالم خارج أُطُر وحدود هذه القبائل والشعوب، وتنامت قوىً عالمية، بدأت تفرض سيطرتها وأحكامها على الأضعف منها، بل وسعت لاحتلالها طمعاً في كنوزها وثرواتها وتسخير أبنائها للعمل كخدم أو عبيد في إنماء مصالحها.
• من هنا ندرك أهمية إعادة الاعتبار لكافة شرائح المجتمع، حتى نصل إلى طمس معالم كل ما يطلق عليه شرائح أو طبقات مجتمعية، ليكون المجتمع أمة واحدة بحق، قال تعالى : (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) .. لأن خلاف ذلك سيؤدي بالضرورة إلى التمزق والشتات، قال تعالى : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون).
• إن تجميع المجتمع وتوحيده، والرفع من مستوى جميع أفراده وشرائحه، في كافة المجالات، سيؤدي بالضرورة إلى قوة هذا المجتمع وتماسكه، وتفويت كل فرصة للأعداء للنفود إليه، وتسخير بعضه لضرب بعض، وهو ما لم يفت على قائد الثورة وهو يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية، وينظر برحمة القائد النبيل إلى جزء من المجتمع، يراهم في ذمته، ويرى نفسه مسؤولاً عنهم، ومحاسباً عن أي تقصير بحقٍ يمكنه أن يمنحهم إياه.
• إن شرع الله وسيرة نبيه صلى الله عليه وآله هما الحل لكل مشاكلنا العصرية، لا ينبغي أن نفتش عن نظريات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها هنا وهناك، وبين أيدينا الدستور الإلهي والمنهاج السماوي، القرآن الكريم، ونموذج تطبيق هذا القرآن في سيرة سيدنا محمد والنماذج الأرقى من آل سيدنا محمد، الذين لم يُتح لهم الاستمرار في السير من قبل الكثرة الباغية، عبر مراحل مختلفة من الزمان، ولكن الله وعد بأن هذا المنهج سيسود حتماً، قال تعالى : (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ)، فحين نكون أمة واحدة، والله ربنا، ولا أرباب يطوعون الناس لمصالحهم الخاصة، بل قادة شرفاء مؤمنون يدلون الناس على الله وعلى طريق الله، ويعملون بما أمر به الله، حينها سنكون أمة واحدة، ولن ينصر الله علينا أعداءنا، بل سينصرنا عليهم، لأننا سنكون من أنصاره، بأقوالنا وأفعالنا وسائر أحوالنا.