عنصرية العدوان وهوية المسيرة الجامعة
احمد منصور الرازحي
في الذكرى السنوية لشعار الصرخة في وجه المستكبرين دعا قائد الثورة إلى أن تتبنى الدولة برنامجا وطنيا طويل الأمد للعناية بأحفاد بلال وإعادة دمجهم في المجتمع ،في الوقت التي تسعى الحملات الإعلامية التابعة لأبواق الارتزاق التي تجسد دورها في التحول الى معول هدم يحاول تأصيل الخلافات والسياسات الخاطئة والموروثة و تحميلها جميعا للرافعة الوطنية التي تواجه آلة الحرب والعدوان المتعددة الأوجه بقيادة أمريكا وإسرائيل ،وينبري طابور النفاق ليتولى زمام المعركة ضد وطنه في تنفيذ واضح للسياسة الأمريكية العدائية تجاه الشعب اليمني ،في تجاهل هذه الأبواق معاناة فئة المهمشين الذين يشهدون اشد أنواع الانتهاكات في أماكن سيطرة العدوان ومرتزقته وخير شاهد هي قضية الإنسانة الحرة «سميرة مارش» التي مثلت قضيتها صورة واضحة لعنصرية العدوان وأبواقه بأخذها من منزلها عنوة واختطافها وتغييبها في سجونهم السرية المحفورة تحت الأرض و التي أظهرت بشاعتهم وسوء تعاملهم وقبح ما يحملونه من أفكار تحولت إلى سلوك حقير ينتهك حرمة هذه الإنسانة المهمشة في إمعان منهم واستقواء عليها كونها من أحفاد بلال التي تحميها وفي غياب تام لدور ما تسمى بالمنظمات الحقوقية والناشطين والناشطات المهتمين بالعنف ضد المرأة، وقد تجاوز المرتزقة كل التقاليد والأعراف الإنسانية ونتاج للهويات التي عملوا على صناعتها وفرز الناس على ضوئها ففرقوا أبناء الشعب الواحد وقسموه إلى طبقات اجتماعية عنصرية مستخدمين كل وسائل تفتيت النسيج المجتمعي لتدمير هوية هذا الشعب المسلم ،و اللافت أيضا هو إسقاطهم لكل عربدتهم وتصويرها بأنها أساليب القوى الوطنية في المناطق الحرة ، والجدير ذكره ان صياحهم وعويلهم على تفعيل قانون الزكاة وإنفاذ مصارفه الثمانية التي أوجبها الله جعلهم يصعدون من لهجتهم وحملاتهم الدنيئة والعنصرية في تزييف للحقائق وتزوير للوقائع فهم لا يرون المصارف التي كانت تجبى لها الزكاة سوى بطونهم وأحزابهم وتنظيماتهم التي يجني شعبنا ويلاتها إلى الآن.
وعودة إلى التوجهات الحقيقة التي أتت بتوجيهات قيادة الثورة في ما يتعلق بأحفاد بلال والتي انطلقت لتمهد الطريق لإعادة دمجهم في المجتمع والتعاطي معهم وفق استراتيجية «خيركم للناس انفعهم للناس» ، وتغيير المفاهيم المتوارثة لأجيال انطلاقا من إعادة تسميتهم الشائعة تحت اسم «الاخدام» أو «العبيد « وتسميتهم «بأحفاد بلال» ودلالتها الحضارية الواضحة على جعل الهوية الإيمانية منهجا جامعاً لكل الناس انطلاقا من رمزية الصحابي الجليل بلال الحبشي كأنموذج سامٍ يبين النماذج العظيمة التي يصنعها الإسلام وتصنعها الهوية الإيمانية وربطهم بهذا المؤمن الذي لم تكن كل نظرات العبودية الجاهلية لتثنيه عن الالتحاق بركب الرسالة المحمدية التي تصنع من الناس باختلاف ألوانهم امة واحدة متجاوزة كل الأطر والثقافات المصطنعة القائمة على النظرة الشيطانية التي تعبد الاستكبار والاستعلاء، بعكس ما يرمي اليه أدعياء القومية من المرتزقة الذين جعلوا تاريخ اليمن العريق الضارب في جذور التاريخ المتماهي مع هوية الإسلام الى هوية عنصرية مؤطرة تحت مسمى الاقيال لتعود بهذه الثقافة وتجني على نفسها قبل غيرها فخرجت بهذه النظرية التي تؤصل لأفضلية القيل اليممي حسب وصفهم الى ان وصل بهم الحد الى ترميز ماضي اليمن الوثني الذي اعتراه في بعض الحقب الزمنية نتيجة لتولي أمثال هؤلاء من أتباع الشيطان الذي يرى انه خير من الآخرين وقد تجسدت هذه الهوية المصطنعة وتحولت الى أداة بيد الشيطان الأكبر امريكا فنراهم اليوم مستعبدين وأتباع لعبيد عبيد العبيد من الأعراب ومن لف حولهم،
ومتماهين مع المشروع الامريكي الداعي الى تقسيم المنطقة -وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنته كوندليزا رايس وزيرة خارجية بوش الابن في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين -والذي تسعى فيه أمريكا الى تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وفق تقسيمات طائفية ومذهبية وعرقية خبيثة تظل وقودا يغذي الصراعات والنزاعات في المنطقة في سبيل تفتيتها وجعلها لقمة صائغة لمشروع اليهود في المنطقة الرامي إلى إقامة ما يسمى دولة اسرائيل الكبرى .
في ظل هذه التوجهات الماكرة والمخادعة والخبيثة لقوى الشر تأتي دعوة قائد الثورة اليمنية المباركة بأن تتبنى الدولة برنامجا وطنيا طويل الأمد يستهدف العناية بأحفاد بلال وإعادة دمجهم في المجتمع ،والتي بقدر ما توضح حرص السيد القائد على كل فئات المجتمع ،بقدر ما تبدد ادعاءات أبواق العدوان ومرتزقته الرامية الى تفتيت النسيج الاجتماعي و خلق صراعات بين فئات المجتمع الأصيلة وتزايد بعناوين المساواة التي غابت عندهم وفي واقعهم عند الحديث عن الفئات المهمشة،
وبقدر ما كانت تغيب هذه الفئة عن سياسات السلطة السابقة برغم توفر الإمكانات والقدرة على إيجاد حلول جذرية لهذه الفئة وان وجدت فقد كانت معالجات آنية جزئية لا ترقى لحل الوضع والمشكلة القائمة ، في الوقت الذي نرى فيه قائد الثورة وفي ظل عدوان وحصار دخل عامه السادس مع غياب شبه تام للإمكانات والموارد المطلوبة إلا أننا نرى حرصها على إيجاد المعالجات والسعي وفق المتاح والممكن لتغيير الأوضاع الى الأفضل والتي أثبتت هذه المبادرة انه لا تغيب عنه حتى هذه الفئات التي تجاهلتها الأنظمة السابقة وكانت تستخدمها كورقة انتخابية قبيل الانتخابات.
ولعل نظرة القيادة أتت أعمق بتفهم المشكلة القائمة المتراكمة لأجيال طويلة جعلت من البرامج البسيطة وغير المكتملة عاجزة عن الحل الجذري وإيراده لمصطلح برنامج وطني طويل الأمد يدل على إلمام واسع بالمسألة وحاجتها إلى سياسات طويلة الأمد قادرة على استيعاب وحلحلة المشكلة وفق القدرات والإمكانات المتاحة والتي ستراعي كل الجوانب وتدرس التجارب المختلفة في هذا المجال ،
في خطوة تثبت ان الهوية الإيمانية هي الهوية القادرة على أن تكون الرافعة الحقيقة والواسعة لعنوان اشمل هو مسيرة الإسلام .