لا.. لثقافة التخلف!! 

من علامات الجهل المركب أن يسعى البعض اليوم إلى إعادة إنتاج ثقافة القبيلة وإفرازاتها المتخلفة لكي تحل محل مؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية أو محل النظام والقانون ومنظمات المجتمع المدني ومرتكزات النهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية والحياة المدنية المتحضرة. والأصل أن من يروجون اليوم لمثل هذه الثقافة قد شعروا انه وفي ظل رسوخ النظام والقانون وانخراط الجميع في إطار الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أنهم يفقدون الكثير من مصالحهم الأنانية وما يعتبرونه نفوذاٍ لهم يكسبونه بقوة العادة والممارسات والتصرفات الفوضوية والمتخلفة والعصبية الممقوتة.. ولذلك نجدهم يقاومون مسارات التحديث في المجتمع ويقاومون فرض هيبة النظام والقانون وقيام مؤسسات الدولة بواجباتها تجاه المواطنين ومعالجة قضاياهم وتلبية احتياجاتهم من المشاريع الخدمية والإنمائية وكل ما يحقق تطلعاتهم في النماء والتطور والتقدم. ولهذا فليس بغريب أن نجد هؤلاء من دعاة ثقافة التخلف يعملون بكل جهد على مقاومة التشريعات أو الإجراءات الهادفة إلى تطوير المجتمع ووضع حد للظواهر الاجتماعية السلبية كحمل السلاح أو الاختطافات أو قطع الطرق أو الثأر وكل ما يخالف النظام والقانون لكونهم ليسوا بعيدين عن تلك الأفعال والأعمال الهوجاء بل إنهم من يقومون بالتحريض عليها من أجل تكريس ثقافة التخلف التي تتنافى مع القيم والعادات والأعراف الأصيلة لشعبنا ولما من شأنه الإبقاء على تلك التصرفات العقيمة وتمجيدها كقيم للقبيلة وهو ما يتنافى مع حقائق الواقع ويخالف تعاليم ديننا الحنيف وقيم وعادات آبائنا وأجدادنا الذين نبذوا مثل تلك التصرفات المشينة وجرموا مرتكبيها بل واعتبروها مخالفة لقيم شعبنا وللعادات الاجتماعية الأصيلة المتوارثة.. وهو ما يستدعي من العلماء والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني نبذ كل من يدعو ويروج لهذه الثقافة المتخلفة وكذا التصدي للتصرفات المشينة المثيرة للفوضى والتي لا تعبر سوى عن الجهل والحمق والتخلف والانتصار للنظام والقانون وتوجهات مؤسسات الدولة والقيم الأصيلة والحميدة لمجتمعنا والتي تتعارض تماماٍ مع ما يقوم به دعاة ثقافة التخلف والجهل خاصة وأن هناك أجيالاٍ ترعرعت في كنف الثورة وحظيت بقدر عال من التعليم وتفتح وعيها على التحولات العصرية التي كانت من ثمار الثورة ولا يمكن لها أن تقبل بتلك الثقافة المتخلفة المرتكزة على الجهل والتعصب مدركة ما عاناه مجتمعنا في الماضي من تلك الموروثات السلبية المعيقة لقيم التطور والتحديث. وكيف لهذه الأجيال أن تقبل بمثل تلك الثقافة المتخلفة وهي نفس الثقافة التي عمل النظام الإمامي الكهنوتي البائد على تكريسها وفرضها على المجتمع اليمني وقد اصطف دعاة تلك الثقافة إلى جانب فلوله المنهزمة لمناهضة تطلعات شعبنا في الثورة والحرية والديمقراطية والتنمية والتقدم كما ظل هؤلاء يناهضون كل خطوة يخطوها مجتمعنا نحو الأمام.. كما وقفوا في وجه أي جهد تبذله الدولة لنشر التعليم والوعي وترسيخ مداميك دولة النظام والقانون لأن هؤلاء هم من يؤمنون في أعماقهم بأن التعليم هو النور الذي يبدد دياجير الظلام الذي غرقوا فيه وأرادوا إغراق غيرهم معهم لكي لا يفقهون مقتضيات التطور وحجم التحولات العميقة التي شهدها الوطن في ظل ثورته ووحدته فظل أولئك يعملون بكل استماتة على تكريس واقع الجهل والتخلف والفوضى لكي يضمنوا لأنفسهم مكانة ونفوذاٍ وتأمين مصالحهم غير المشروعة التي تتصادم مع المصالح العامة. وفي إطار هذا المسلك فقد دأبوا على تجاوز النظام والقانون بعنجهية الجهل والتخلف كلما سنحت لهم الفرصة لذلك من أجل إضعاف مؤسسات الدولة لأنهم يرون في قوة هذه المؤسسات وتواجدها خاصة داخل مناطقهم بأنه يأتي على حساب ذلك الواقع المتخلف الذي حاولوا تكريسه ليصل بهم الحال إلى التفكير في إيجاد عناصر مسلحة تابعة لهم لنشر الفوضى وأعمال التقطع والاختطافات بهدف الابتزاز والعبث ولكي تكون بديلاٍ لمؤسسات الدولة وأجهزة الأمن والعدالة وهو الأمر الذي لن يسمح به مجتمعنا أو يمكنهم منه.. وسوف يتصدى شعبنا بمؤسساته وأجهزته الأمنية وأحزابه ومنظماته المدنية وفعالياته الثقافية والاجتماعية لهذه الثقافة الرجعية البائسة ومروجيها ولكل صاحب تفكير متخلف أهوج يريد العودة بمجتمعنا ومسيرة تطوره إلى الوراء وسيعمل شعبنا على مساندة مؤسساته الدستورية من أجل فرض هيبة النظام والقانون والمضي في مسيرة التحديث والنهوض والتقدم وتحقيق الأهداف والتطلعات المنشودة بعيداٍ عن تصرفات الجهل والتخلف والحمق التي لا يمكن أن يكون لها مكان في واقعنا الجديد. وعلى أولئك الغارقين في أوحال تلك الثقافة المتخلفة أن يدركوا بأن زمنهم قد فات وأن الشعب بانتصار ثورته وإشراقات نهجه الديمقراطي التعددي وتحولاته على مختلف الأصعدة قد شب عن الطوق ولا يمكن أن يقبل بالتراجع إلى الوراء أو أن تسود في واقعه مرة أخرى مثل تلك الثقافة المظلمة التي عفا عليها الزمن وتجاوزها العصر واندثرت مع ذلك الماضي البائس.

قد يعجبك ايضا