الصرخة التي أيقظت وأنقذت الأمة
يحيى الضلعي
عندما أطلق الشهيد القائد السيد/ حسين بدرالدين الحوثي –رضوان الله عليه- صرخة (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام) كان قد استشعر الحد الأقصى للخطر الأمريكي الصهيوني على شعبنا وأمتنا العربية والإسلامية، واستنتج أن نزعة الهيمنة والسيطرة على منطقتنا وتقسيمها في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يهدف إلى تسييد الغدة السرطانية “إسرائيل” على الأمة الإسلامية وإخضاع شعوبها بعد تمزيقها إلى دويلات كانتونية طائفية ومذهبية.
في ذلك الوقت لم تكن أمريكا قد احتلت العراق بغطاء وتمويل شامل من النظام السعودي وأنظمة الفريق النفطي، ولم تكن مخططات أمريكا واضحة للسيطرة كما هي الآن، وفي هذا تجلت روح المسؤولية المستشعرة لخطر ما يراد لأوطان وشعوب أمتنا، ولمواجهة هذه المخاطر الوجودية كان لا بد من مشروع عملي مستمد من جوهر إيمان هذه الأمة المتمثل بالقرآن الكريم، وكانت الصرخة مستمدة من فهم ومعرفة واعية للتعاليم الإلهية التي هي وحدها القادرة على هزيمة المشروع الاستعماري الأمريكي الصهيوني الجديد.
لقد كان الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي –رضوان الله عليه- وهو يطلق صرخته مستوعباً لما ستواجهه من صعوبات وتحديات ومخاطر، بعد أن استطاعت أمريكا تعميم ثقافة الانحطاط والخنوع والذل على الكثير من أبناء شعوبنا عبر الأنظمة التابعة والعميلة التي زرعتها لحكم هذه الأمة، ولا نحتاج إلى سرد معاناة المكبرين الأوائل الذين تحدوا أمريكا وأدواتها المعبرة عنها من أنظمة وطيف واسع ممن صاروا بحكم انسلاخهم عن عقيدة وثقافة وتاريخ هذه الأمة يعتقدون بأن الثقافة الاستعمارية الغربية هي الفكر الحضاري الذي يقدم الحلول لمشاكل هذه الأمة والقضايا المرتبطة بتطورها السياسي والاقتصادي والثقافي والذي كان فيه كثير من الشعور بالهزيمة التي عملت أمريكا والغرب والصهيونية على تعميقها لتسهل عملية تحقيق المشاريع الاستعمارية الجديدة عبر الهيمنة على العقول.
لهذا كانت الصرخة بمثابة عملية ايقاظ لشعوب هذه الأمة، وفي مقدمتها شعبنا اليمني، والتي وضعتنا أمام حقيقة ما يعدُّ لنا، مبينة في مضمونها أن أعداء هذه الأمة هم أمريكا وإسرائيل واليهود الذين حذرنا منهم القرآن الكريم باعتبارهم أعداء لن يتوقفوا عن النيل منا حتى تقوم الساعة.
اليوم وبعد مرور 18 عاماً شنت خلالها حروب وصراعات وأحداث جميعها أكدت معاني ومضامين الصرخة والفكر المقاوم لأعداء الأمة، والذي استطاع إفشال مشاريعهم، وإسقاط رهانات مخططاتهم للسيطرة والهيمنة والتقسيم، ولولا إدراك أمريكا والصهاينة والغرب عموماً لخطورة الفكر الذي حدد أعداء الأمة، لما حاربوه وحاولوا عبثاً وأده في مهده بتلك الحروب التي شنت على صعدة وتحولت إلى عدوان أمريكي سعودي صهيوني.
صحيح أنهم نجحوا في مواجهة هذا الفكر بتأجيج الفتن الطائفية والمذهبية، وتدمير دول وأوطان عربية، لكنهم هزموا أمام هذه الروح القرآنية الإسلامية الإنسانية التي انتصارها بات اليوم حقيقة مؤكدة، ويمكن قراءة كل ما جرى ويجري في اليمن وسوريا والعراق والكثير من الدول العربية والإسلامية، وهذا واضح في ما يحصل للأنظمة العميلة وخاصة النظامين السعودي والإماراتي ومن دار في فلك الأمريكي والصهيوني، ولم يعد خروج أمريكا من منطقتنا إلا مسألة وقت، وإسرائيل التي وجدت فيها تلك الأنظمة الملاذ الأخير لإنقاذها ستجد نفسها تسقط وتزول ويزول معها الحامي الأمريكي والصهيوني، وبهذا المعنى وهذه الدلالة كانت الصرخة بداية للانتصارات المحققة والانتصارات القادمة والنهائية وستثمر تضحيات الشعب اليمني ومعه كل محور المقاومة انتصاراً ليس فقط لشعبنا وأمتنا، بل للبشرية كلها التي عانت على مدى عقود طويلة من الاستكبار الأمريكي والصهيوني الغربي.