الرياضة.. المناعة.. الخوف

 

د. جابر يحيى البواب

الخوف انفعال طبيعي وعادي يشعر به جميع الناس في الظروف والمواقف التي تهدد الإنسان بالخطر، وليس هناك أخطر من ظاهرة تفشي وباء فيروس كورونا الذي أصاب العالم وهدد حياة البشرية ،وتسبب في حالة من الذعر والخوف ،والانهيار الاقتصادي والاجتماعي ،وأوقف العديد من مظاهر الحياة الطبيعية؛ في العادة لا يستمر هذا الخوف مدة طويلة، إذ سرعان ما يقوم الإنسان باستجابات توافقية مناسبة لدرء الخطر الذي يهدده، كتكثيف الإجراءات الوقائية ، وتعريف الناس بنوع المرض أو الوباء الحقيقي ، وتوعيتهم بالطرق المناسبة والصحيحة للتعامل مع هذا الفيروس، والتركيز على الأبحاث والدراسات الطبية لكي تكتشف الأدوية المناسبة للقضاء على هذا الوباء، وبث روح التفاؤل والثقة بالله في أوساط المجتمع ، وبذلك يزول الخوف ويعود الإنسان إلى استئناف أنشطته اليومية العادية في هدوء واتزان.
لكن اذا استمر هذا الخوف عند بعض الناس مدة طويلة بدون مبرر يستدعي ذلك، وبدون وجود خطر واقعي يهدد الإنسان، فإننا نكون في هذه الحالة أمام خوف شاذ يسبب للإنسان الكثير من الإزعاج والتوتر، وهو ما يحدث هذه الأيام في أوساط المجتمع اليمني الذي سيطر عليه الخوف والقلق والتوتر من هذا الوباء ، واعتقد أنها ليست سوى حرب نفسية استخدمها الغرب لبث الرعب والخوف والقلق في أوساط المجتمعات ،عن طريق إشاعة أن مرض الزكام “الانفلونزا” السنوي العادي هو مرض جديد يسمى كوفيد 19 “فيروس كورونا”، ليس له علاج وعندما يصاب به الشخص ويموت.
للخوف مظاهر متعددة ومعتمدة علميا ، عند مقارنتها بعلامات إصابة الإنسان بفيروس كورونا نجدها هي ذاتها المظاهر التي تظهر على الشخص المصاب بالخوف ، هذه العلامات أو المظاهر هي : ” العرق ، وتسارع دقات القلب ، وجفاف الفم ، والرجفة في الصوت “البحة”، سرعة التنفس “البحث عن الأكسجين”، تلك هي مظاهر الخوف وهي ذاتها مظاهر الإصابة بفيروس كورونا ، التي قد توصل الإنسان إلى حالة تسمى خواف المرض، فالناس الذين يعانون من خوف المرض قد يكونون في الواقع في صحة تامة، ومع ذلك فإن الخوف لديهم مستمر.
إن ما يحصل حاليا في العالم وفي ظل تدفق الأخبار المرعبة عن فيروس كورونا يؤثر سلبا على نفسيتنا ويجعلنا نعيش في جو يسوده التوتر والقلق والخوف، و بوجود هذه المشاعر السلبية لا يعمل جهاز المناعة لدينا بكفاءة، فجهاز المناعة مثل الجهاز العصبي موزع في جميع أنحاء الجسم؛ وهذا هو الجهاز الذي ينشط عندما يكون الجسم في حالة مقاومة للعدوى؛ وتعد خلايا الدم البيضاء إحدى الوسائل التي يحارب بها جسمنا العدوى، لقد أثبت الباحثون في مجال علم النفس المناعي العصبي أن التوتر النفسي يؤدي إلى تحرير هرمونات التوتر كالكورتيزول، وهذه الهرمونات تسبب اضطرابات في نشاط الخلايا المناعية، والمواد المنتجة من قبل الخلايا المناعية المضطربة تؤثر بدورها على خلايا الجهاز العصبي.
كما أثبتت الدراسات أن الخوف سام تماما إذا لم يستطع الجسد والدماغ تحمل ردود الأفعال الكيماوية الحيوية التي يفرزها لمدة طويلة؛ ونتيجة لتعرض الإنسان للخوف والتوتر فإنه يصاب بأضرار أخرى ، منها “تهيج النواة اللوزية ،و نقص حجمها مع العلم أن هذه النواة ترتبط مع النصف الأيسر للقشرة المخية الجبهية لتوليد المشاعر الإيجابية، نقص في عدد الخلايا الدبقية التي تمد الخلايا العصبية بالغذاء اللازم و الحماية والتي تثبت مستويات الجلوتاميت ، والمسؤولة عن تنشيط الخلايا العصبية وكذلك تلعب الخلايا الدبقية دورا هاما في نمو جهاز النقل العصبي الخاص بالسيروتونين، وهو هرمون السعادة والإحساس بالراحة النفسية، وضمور العصبونات في القشرة الجبهية واللوزة وقرن أمون، وضمور قشرة الغدة الكظرية بسبب الإفراط في إفراز هرمونات التوتر والخوف يؤدي إلى الموت.
لذلك علينا أن نعزز ونقوي مناعتنا، من خلال النظر إلى الأمر على أنه امتحان من الله عز وجل، ومراجعة الضمائر والتوبة وتقوية الإيمان وإصلاح النفوس، والنوم الكافي أثناء الليل لتنشيط الغدة الصنوبرية المسؤولة عن ضبط الإيقاع البيولوجي، وتنشيط عمليات التمثيل الغذائي أثناء الليل، وتجديد الطاقة العصبية، والالتزام بالغذاء الصحي المتوازن ،وممارسة الرياضة باعتبارها عاملاً أساسياً في التقليل من نسبة الإصابة بالعديد من الأمراض ، وتعزز مناعة الجسم والرفع من قدرته على محاربة الفيروسات الضارة بالإنسان، كما أنها ترفع معدل ثقة الإنسان بنفسه، وبالتالي يزول الخوف والقلق والتوتر الذي يصاحب المرض، وتحسين حالتنا المزاجية بإجراءات بسيطة كتشتيت الانتباه أي تجنب كثرة التركيز على موضوع وباء كورونا المستجد ومتابعة أخباره وتتبع تطوره طوال الوقت، و الاهتمام بأشياء أخرى مفيدة..” اللهم اصرف عنا الوباء والبلاء، بلطفك يا لطيف، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير”.

قد يعجبك ايضا