حملت النقاط والمرتكزات التي تناولها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في المقال الافتتاحي لصحيفة الثورة في عددها الصادر يوم أمس الجمعة مضموناٍ وطنياٍ وأخلاقياٍ وحضارياٍ وإنسانياٍ نبيلاٍ تتلخص أبعاده في إشاعة قيم الخير والمحبة والتسامح بين أبناء الوطن اليمني باعتبار أن هذه السمات من الخصال والصفات التي ظل اليمنيون يتميزون بها ويفاخرون باحتكامهم إليها في معالجة قضاياهم ومجابهة التحديات التي تداهم حياتهم وذلك بانتصارهم لوطنهم ومصالحه العليا.
والحق كل الحق أن الأخ الرئيس الذي عودنا دائماٍ على أن يكون هو صاحب المبادرة والموجه للمسار الوطني قد حرص بذلك الطرح المعمق والمباشر أن يفتح الأعين والقلوب على حقائق ينبغي أن تظل حاضرة وفي صدارة اهتمام كل القوى الخيرة من أبناء الشعب اليمني التي لابد لها أن تسترشد بدروس التاريخ وعبر الماضي حتى يتسنى لها حماية حاضرها من التقلبات والأزمات والفتن التي إذا ما سمح لها بالتمدد والاتساع فإنها سترمي بأثقالها وأحمالها وأخطارها على رؤوس الجميع وفي المقدمة منهم من يسعون إلى تأجيج نارها وحرائقها وشررها المتطاير.
وتتضاعف أهمية هذا الطرح ببروز عدد من الأسباب التي تدعونا جميعاٍ في السلطة والمعارضة أحزاباٍ ومنظمات سياسيين ومثقفين عمالاٍ وفلاحين علماء ووجاهات أفراداٍ وجماعات إلى استلهام دعوة رئيس الجمهورية إلى جعل فاتحة العام الميلادي الجديد 2010م منطلقاٍ للتسامح والصفح وفتح صفحة جديدة تتسم بالرشد والفهم الصائب لما يحاك ضد وطننا من مؤامرات وما تعترضه من تحديات تتطلب الإدراك العميق بأن هذا الوطن هو وطنناٍ جميعاٍ وكل أبنائه مسئولون عن حمايته وصيانته والحفاظ على أمنه واستقراره والذود عن مكاسبه ووحدته وثوابته وأن هذه المسؤولية لا تقع فقط على السلطة والحكومة بل هي مسؤولية كل يمني ولا يجوز بأي حال من الأحوال لأحد أن يقف حيالها موقف المتفرج.
ومنعاٍ لما قد يثار من تساؤلات فقد وضع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح النقاط فوق الحروف حيث دلنا على المسار الصحيح ومن أين تكون البداية وكيف نتجاوز المصاعب وعلى أي نحو يتم التغلب عليها حيث تطرق إلى المشكلات القائمة وسبل حلحلتها فأعلن عن صفح الدولة عن العناصر المتمردة في محافظة صعده إذا ما عادت لصوت العقل وتخلت عن العنف وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح والتزمت بالشروط الستة التي وضعتها الدولة. مشيراٍ إلى أنه وبموجب هذه المحددات سيصبح بإمكان تلك العناصر المتمردة ممارسة حقوقها وواجباتها التي كفلها الدستور لجميع المواطنين.
وفي ذلك تأكيد واضح على أن يد الدولة ممدودة للسلام وأنها حريصة على حقن دماء اليمنيين فهي من تأمل الخير لكل أبنائها ولم تدفعها في يوم من الأيام رغبة الانتقام أو شن الحروب والمواجهات ضد أية جماعة أو أشخاص ما لم تفرض عليها مثل تلك المواجهات وتجد نفسها مضطرة بحكم مسؤولياتها الدستورية والقانونية في الحفاظ على أمن واستقرار المجتمع وحماية مصالح الوطن من أي تجاوزات وانحرافات ومسلكيات عابثة بمقدرات الوطن وأبنائه.
وإذا ما استشعرت العناصر المتمردة دواعي الإحساس بالأمان وحكمت صوت العقل فإن ذلك سيهيأ لها فرصة الخروج من المستنقع الذي دفعت نفسها إليه والعودة إلى الاندماج في المجتمع وممارسة دورها في بناء الوطن أسوة بغيرها من المواطنين.
وبنفس هذه الإرادة المتحررة والطليقة من أغلال الأحقاد والضغائن جدد الأخ الرئيس مطالبته للقوى السياسية في المعارضة بالاستجابة لدعوة الحوار والجلوس على طاولته لبحث القضايا التي تهم الوطن بعيداٍ عن التمترس وراء المواقف المتشنجة وإحلال الوئام والتفاهم محل الاختلاف والخصام حيث وأن ما يجمع بين هذه القوى السياسية أكثر مما يفرقها.
وبصرف النظر عن عوامل الاتفاق والاختلاف فإن كل القضايا قابلة للنقاش تحت مظلة الدستور والثوابت الوطنية.
وليس بمستغرب أيضا أن نجد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح يلتمس الأعذار للخاطئين بدافع الحرص على فتح باب التوبة والأوبة لأولئك الذين تأثروا بفكر التطرف والإرهاب وبالذات الشباب منهم الذين تعوزهم الثقافة الدينية والفكرية السليمة والصحيحة والذين يقعون ضحية التغرير وسموم التطرف التي ينفثها في عقولهم وأدمغتهم دهاقنة الإرهاب في تنظم القاعدة وغيره من الجماعات المتطرفة حيث دعا هؤلاء الشباب إلى مراجعة أنفسهم وأن يتقوا الله في وطنهم ومجتمعهم ودينهم وأن يسارعوا إلى إلقاء أسلحتهم والتخلي عن أعمال العنف وسفك الدماء والعودة إلى حظيرة الدين السمح الذي ينبذ الغلو والتطرف والإرهاب.
وأبسط ما نستطيع أن نتوقعه أن رسالة رئيس الجمهورية قد وصلت إلى الجميع وعليهم أن يتفهموا حقائقها بآذان صاغية وقلوب مفتوحة بعيداٍ عن الحسابات الخاطئة والاندفاعات الخطرة والطرق الملتوية التي تقودهم إلى الانحراف عن الحق والصواب والعقلاء هم من سيحكمون ضمائرهم وعقولهم ويعيدون تقويم سلوكياتهم وفق أسس ثابتة مستندة إلى روح الإسلام وجوهره النقي والولاء والإخلاص للوطن باعتبار أن حب الوطن من الإيمان.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا