(جذور الأزمة - مخططات التهويد والاستيطان الجديدة -آفاق الحراك الشعبي)

على أبواب انتفاضة ثالثة:القدس.. إن حكت!!

إن المتابع لتطورات الصراع في فلسطين بعد الاعتداءات الأخيرة على غزة وبعد الممارسات الاسرائيلية الإجرامية في القدس ،بهدف إكمال مخطط تهويدها، يخلص إلى نتيجة مهمة، تتطلب من كل القوى المهتمة بفلسطين ، خاصة مصر ، أن تستعد لها، وهي أننا إزاء (انتفاضة فلسطينية ثالثة) متوقعة، قد تبدأ من القدس تحديدا، فهل هذه القراءة صحيحة؟ وما هي دوافعها ؟ وإذا كانت كذلك فهل استعدت لها قوانا العربية والإسلامية ، وبخاصة في مصر ؟ ولكي نلم بأبعاد الأزمة وتطوراتها في مدينة السماء .. في القدس ،نذهب إلى جذور التهويد ثم نبحث في الواقع ومخططاته وآفاقه المحتملة .

دراسة بقلم د/ رفعت سيد أحمد

التهويد تحت قهر السلاح
*لا شك لدينا في أن الانتفاضة الفلسطينية الثالثة ستندلع من القدس مثل سابقتيها وذلك لأن القدس كرمز للصراع وللإسلام وللعروبة-معا- تتعرض ،بشرا ومقدسات ،للتهويد والذبح اليومي من قبل الاحتلال الإسرائيلي ، ولأن لكل فعل رد فعل فإن رد الفعل الفلسطيني الطبيعي سيكون المقاومة بالانتفاضة وبالعمليات الاستشهادية، ولكن دعونا في البداية نعود إلى جذور التهويد لكى نفهم خطورته اليوم فلقد احتلت إسرائيل القدس في الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى عام 1948م, وهجرت من هناك نحو ثمانين ألف عربي فلسطيني, وفي عام 1950م أعلنت إسرائيل القدس عاصمة لها
بعد أن استولى اليهود على الجانب الغربي من القدس, بدأ الماراثون الإسرائيلي للسيطرة على المدينة بأكمله وتغيير معالمها بهدف تهويدها, فبعد حرب 1948م, وكنتيجة لها خرج اليهود من المدينة القديمة, وأصبحت حارة اليهود فارغة تمامًا من السكان, وأودعت الأملاك اليهودية في المدينة لدى “حارس أملاك الغائبين” الأردني, وبقيت على حالها دون تغييرات تذكر، وما إن أكملت قوات الصهاينة سيطرتها على مدينة القدس في العام 1967م, حتى تحركت الجرافات الإسرائيلية لتبدأ مخططها في القدس القديمة, فبعد الاحتلال بأربعة أيام صدر القرار الإسرائيلي بهدم حارة المغاربة, الملاصقة للحرم القدسي عند “حائط البراق”, وأمهلت سلطات الاحتلال أهل حارة المغاربة ثلاث ساعات فقط, للخروج من بيوتهم, قبل أن تسوي الجرافات حارتهم بالأرض, وبذلك طرد 650 نسمة من المدينة القديمة (135عائلة), قبل أن يمر الأسبوع الأول من دخول القوات المحتلة إلى القدس، وقد كان الهدف من هدم حارة المغاربة التاريخية معروفًا, وهو توسيع الساحة التي تطل على حائط البراق, وبذلك صار حائط البراق حائطًا للمبكى, بينما تحوَّلت حارة المغاربة إلى ساحة للبكاء.
قامت السلطات الإسرائيلية بعد ذلك بإسكان أعداد من اليهود في العقارات التي سطت عليها, وكانت عملية السطو على العقارات متعددة الوجوه, فالبيوت تم تصنيفها وجمع المعلومات عنها, وتنوعت سبل الاستيلاء عليها بين أملاك الغائبين, أو الحجز على العقار, للتورط في قروض بنكية, أو لتراكم الضرائب, مع عدم القدرة على السداد. وكذلك ثمة الأغراض الأمنية, والمنفعة العامة, ولم يكن الأمر سرًا وإنما كان مقننًا, فقد خصخصت الحكومة الإسرائيلية, في نهاية السبعينيات, ميزانيات حكومية معلنة, للسيطرة على العقارات العربية في المدينة, ووضعت الأولويات الاستيطانية في قلب أحياء الحارات الإسلامية, وعلى درجة أقل في حارة النصارى, وتوالت السيطرة على العقارات, حتى بلغ مجموع العقارات, التي استولى عليها المستوطنون, خارج الربع اليهودي 56 عقارًا, موزعة على الأحياء المختلفة, بالإضافة إلى مبان متناثرة في حارة النصارى. واستمرت إسرائيل في تنفيذ مخططاتها, حتى أعلنت في يوليو 1980م, أن القدس الكاملة والموحدة, هي عاصمة أبدية لإسرائيل.

حقوق المقدسيين المختطفة
منذ أن احتل العدو الصهيوني القدس عام 1967م, وهو يضع نصب عينيه تقليص حقوق العرب المقدسيين, وتعطيل جمع شمل الأسر العربية المقدسية, وقد تفتق ذهن الاحتلال عن سياسات تشتيت مبرمجة، فثمة إجراءات شتى اتخذها المحتل الإسرائيلي ضد القدس, وقد تم التحضير لهذه الإجراءات بتشكيل إدارة عسكرية للقدس, وقد أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي للقدس مرسومًا في اليوم التالي لاحتلال القدس, قضى بفصل القدس عن الضفة الغربية, وفي يونيو 1967م قررت إسرائيل ضم القدس الشرقية إليها, وغدت الأخيرة ضمن اختصاص بلدية القدس, وأخضعت لوزارة الداخلية الإسرائيلية, كما حلَّت إسرائيل أمانة القدس العربية المنتخبة, وألحقت موظفي الأمانة ببلدية القدس (الصهيونية), ثم وضعت خطة إسرائيلية هدفت إلى خلق أغلبية يهودية في القدس, واستحداث وقائع على الأرض تحول دون تقسيم القدس, وأيضًا عزل القدس الشرقية عن محيطها العربي الفلسطيني, وتطويقها بمستوطنات تتضمن كثافة بشرية يهودية عالية, واختراقها بمستوطنين يهود .
عمد الاحتلال إلى توسيع مساحة القدس من 44 كيلو مترًا مربعًا إلى 126 كيلو مترًا مربعًا, فقد ضم الاحتلال أراضي محيطة بالقدس, فيما أخرج مواطنين فلسطينيين عن حدود بلدية القدس, ليحد ذاك الاحتلال من نسبة العرب المقدسيين في المدينة، وجاء هذا كله في سياق خطوات محمومة لتهويد القدس, فبنى الاحتلال اثنتي عشرة مستوطنة على أراضي القدس الشرقية, أقام فيها زهاء مائتي ألف مستوطن, وتعززت المستوطنات بطرق تصلها ببعضها بعضا, وتلتف من حول أحياء القدس الشرقية, وتحوَّلها إلى معازل (كانتونات) مقطوعة الصلة ببعضها بعضا، واندفع المستوطنون الصهاينة, يحتلون مباني للعرب المقدسيين, فيما بذلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قصارى جهدها لتكثيف سياسة “الترانسفير” للمقدسيين, بحيل قانونية شتى, من بينها تجريد عائلات مقدسية من حق المواطنة, بسحب أكبر نسبة ممكنة من هويات العرب المقدسيين, الذين لا يتمكنون من إثبات مكان سكنهم, ماضيًا وحاضرًا, في مدينة القدس, وإجبارهم على مغادرتها نهائيًا, إضافة إلى سحب هويات الفلسطينيين الذين انتقلوا إلى ضواحي القدس, الأمر الذي أسفر عن هبوط نسبة العرب في القدس إلى مجرد 35% من مجموع سكان المدينة, أي أن أصحاب البلاد الأصليين غدوا أقلية في بلدهم أخذت سلطات الاحتلال, منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للقدس, تنفذ الخطط والإجراءات الرامية إلى تهويد المدينة المقدسة, فقامت بربط أهالي القدس الشرقية إداريًا وقضائيًا واقتصاديًا وتعليميًا بالواقع الإسرائيلي, إلا أن أخطر الإجراءات وأكثرها تعسفًا, هو الاستيطان والاستيلاء على الأراضي والمنازل, وإقامة المستعمرات, فقد صادرت قوات الاحتلال أكثر من 23 ألف دونم من أراضي القدس الشرقية ومحيطها, وأقامت أكثر من ألف وحدة سكنية, في حين حرّم على العرب إقامة أي وحدة سكنية, ولا تزال سلطات الاحتلال مستمرة في مخططاتها بمصادرة الأراضي, فالقدس يحيط بها حوالي عشرة أحياء سكنية يهودية, وأكثر من 41 مستعمرة تشكِّل خمس كتل استيطانية, وقد قامت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعديد من الإجراءات لرفع نسبة السكان اليهود في الجزء الشرقي من القدس, من خلال بناء حارات يهودية جديدة بين الحارات والقرى العربية الموجودة عبر “الخط الأخضر”, وتشجيع المواطنين الإسرائيليين ليستقروا فيها، ويلاحظ أن تخطيط الأجزاء الجديدة ونسيجها يختلف تمامًا عن هوية البلدة القديمة, فالشوارع متعامدة, منتظمة, متسعة, وذات بنايات مرتفعة, تشبه المدن الأوروبية الحديثة, فبنيانها من ثقافة مختلفة عن المكان .
لا تزال إسرائيل تسعى جاهدة للهبوط بنسبة العرب في القدس إلى ما دون 30% , لذا أغلقت إسرائيل المدينة عن امتدادها الجغرافي الفلسطيني, وأتمت عزل المدينة المقدسة بجدار الفصل العنصري, الذي أخرج أكثر من 25 ألف فلسطيني آخرين من نطاق القدس, وسمح لإسرائيل بمصادرة 34% من أراضي القدس, وترك 40 % أراضي خضراء, و10 % أراضي مجمدة, وغير مستعملة, بمعنى أن 90 % من أراضي القدس الشرقية غذت تحت القبضة الفعلية لإسرائيل، وقد حيل دون دخول أهالي الضفة والقطاع إلى القدس, منذ توقيع “اتفاق أوسلو”, حتى لمجرد أداء الصلاة, وتوسعت إسرائيل في مصادرة الأراضي, وشق الطرق الالتفافية, فقد هدمت إسرائيل نحو عشرين ألف منزل, خلال الاثنتين والأربعين سنة المنصرمة من الاحتلال, الأمر الذي أفضى إلى اكتظاظ بشري لافت في القدس الشرقية, ناهيك عن عدم اعتراف المحتل الإسرائيلي بأهالي بعض القرى والمدن من ضواحي القدس بأنهم مقدسيون.

التهويد في القدس
يبدو جليًا أن من أهم الخطوات التي اتخذها الاحتلال لتهويد القدس زيادة الاستيطان اليهودي في المدينة, على حساب أهلها من المسلمين والمسيحيين العرب, حتى يأتي الوقت الذي تصبح فيه أغلبية سكان المدينة من المستوطنين اليهود, فيسهل ابتلاعها في المشروع الصهيوني, وجعلها عاصمة للدولة, وفي الوقت الذي تتم فيه مصادرة الأراضي المقدسية للتوسع في الاستيطان اليهودي, يقوم الاحتلال بتطويق التجمعات السكنية الفلسطينية, والحد من توسعها, مع تهديد بعض تلك التجمعات بالإزالة, وبث الرعب في نفوس فلسطيني المقدس وضواحيها, من خلال الاعتداءات المتكررة عليهم من قبل المستوطنين المدججين بالسلاح، كما يسعى الاحتلال لعزل القدس وضواحيها عن محيطها الفلسطيني في الشمال والجنوب, وقطع التواصل الجغرافي بين أنحاء الضفة الغربية, وتقسيمها لقطع متناثرة, ليستحيل عمليًا أن تكون القدس عاصمة لأية دويلة فلسطينية, في الضفة والقطاع، هذا بالإضافة لعمليات الأعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى والحفريات المستمرة تحته ومنع الصلاة ، كما عمدت اسرائيل إلى طمس كل ما له صلة بالهوية العربية والإسلامية في القدس حتى أسماء الشوارع تم تهويدها كجزء من خطة تهويدية, تستهدف إزالة معالم الحضارة الإسلامية العربية عن المدينة المقدسة, وفيما يلي بعض هذه المناطق التي هوِّدت:
تل الشرفة أو المشارف، جيعات هفتار.
طريق السواد، رحوب هقكاي.
حارة الشرف، مشغاف لداخ.
سوق الحصر، حباد.
عقبة أغنيم ،شونيه هالكوت.
ساحة باب الخليل، ميدان عودة صهيون. باب المقار، رصوب بيتي محسيي.
عندما احتلت القوات الإسرائيلية مدينة القدس, كان عدد مكتبات القدس العامة والخاصة, يتجاوز الستين خزانة, ضمت أكثر من مائة ألف كتاب, من نوادر المؤلفات, وأكثر من نصف مليون وثيقة ومخطوطة وسجل, وقد تعرضت مكتبات القدس بعد الاحتلال إلى إجراءات بالغة الخطورة, هدفها الرئيسي تهويد القدس من جهة, والقضاء على الإرث التاريخي والحضاري من جهة أخرى, لذا فقد قامت سلطات الاحتلال بمصادرة مكتبة القدس العامة بكل محتوياتها من الكتب والدوريات والوثائق, ونقلت ملكيتها وإدارتها من بلدية القدس العربية, إلى ما يسمى “بلدية القدس الموحدة”, ونقلت عددًا آخر من الكتب والدوريات ـ التي اعتبرتها ممنوعة ـ إلى مكان مجهول, كما حددت نوعية الكتب والدوريات المسموح بإدخالها إلى هذه المكتبة, وحظرت استيراد العديد من الكتب, وتوزيعها, ومنعت تداولها في أسواق و كل مكتبات القدس.
هذا وقد تعرضت مدينة القدس وآثارها للكثير من الاعتداءات والنهب, حيث قام الصهاينة بالعديد من الاعتداءات المخططة على مدينة القدس, من تدمير للمنشآت الإسلامية, والأثرية, منها على سبيل المثال, خلع بلاطات الممر المؤدي إلى باب المغاربة من الجهة الغربية, والذي يعود إلى العصر الأموي, كمحاولة لتغيير هوية المكان, وادعى الاحتلال القيام بأعمال الترميم، وفي سبيل تحقيق أغراضها, قامت سلطات الاحتلال وأجهزتها المختلفة من رجال الحكم والدين والجيش, بمواصلة أعمالهم ومخططاتهم, من أجل وضع أيديهم على الحرم القدسي, ومحاولات هدم المسجدين, الأقصى وقبة الصخرة, وطمس معالمهما, وإقامة الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاضهما ولقد قام الاحتلال الصهيوني بآلاف الاعتداءات على المسجد الاقصى الأمر الذى دفع شباب القدس للانتفاضة والثأر ومما قاموا به عملية الكنيس اليهودي التي انجزها الشهيدان عدى وغسان أبو جمل صباح يوم2014/11/18م.

حال القدس والمسجد الأقصى اليوم
تشهد القدس حملة مسعورة من التهويد التي تطال المستويين الديني والديموغرافي على حد سواء، وتعمل “إسرائيل” من خلال مجموعة من الإجراءات على تغيير وجه المدينة العربي والإسلامي وتكريس طابع يهودي يتناسب مع ادعاءات الاحتلال بأن القدس هي العاصمة الموحدة والأبدية للدولة العبرية، والسياسات التهويدية ليست حديثة العهد وإنما تعود إلى بداية الاحتلال الذي عمل على تطهير القسم الغربي من المدينة عام 1948م وهو يعمل على استكمال مشروع التهويد منذ وضع يديه على القسم الشرقي من المدينة عام 1967م.
ومن أوجه التهويد التي يعتمدها الاحتلال بشكل أساس الاستيطان –كما سبق واشرنا-الذي يهدف إلى تعزيز الوجود اليهودي في شرق القدس واختراق الأحياء ذات الكثافة العربية ومنع التواصل الجغرافي بينها، وهو يسوّق من قبل المسؤولين الإسرائيليين على أنه حل لمشكلة الإسكان وغلاء أسعار المنازل في المدن الإسرائيلية بشكل عام بالإضافة إلى أن الدفاع عن البناء الاستيطاني بأنه بناء في عاصمة الدولة العبرية قائلينن:”من حقنا البناء في أي مكان في عاصمتنا”. وقد صرح نتنياهو مؤخرًا خلال لقائه مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن “البناء في شرق القدس لا يمكن أن يسمى استيطانًا إذ لا استيطان في عاصمتنا”، ويزيد عدد المستوطنات في القدس على 35 بالإضافة إلى مئات البؤر الاستيطانية التي تشكل نواة لإنشاء أحياء يهودية تشرّعها سلطات الاحتلال، ويبلغ عدد المستوطنين في شرق القدس ما يزيد على 200 ألف مستوطن من إجمالي 500 ألف مستوطن يقيمون في الضفة الغربية بشكل عام.
وفي مقابل تسهيل وفود المستوطنين إلى القدس عبر بناء الوحدات الاستيطانية لاستيعابهم، يعمل الاحتلال على تقييد الوجود المقدسي من خلال جملة من الوسائل منها التضييق على العرب في البناء والسكن فتتشدّد في منحهم رخص البناء ثم تهدم ما بنوا بذريعة عدم الترخيص. وتبلغ مساحة الأراضي المخططة لبناء المقدسيين حوالي 14% من مساحة شرق القدس في حين صادر الاحتلال منذ وضع يده على شرق المدينة عام 1967م ما يقارب 35% من الأراضي الخاصة لبناء وحدات استيطانية، يضاف إلى ذلك أن أحياء كاملة، مثل حي البستان في سلوان، مهددة بالهدم بشكل كامل لإقامة حدائق تلمودية. ومن وسائل الاحتلال أيضًا سحب الهويات (بطاقات الإقامة الزرقاء)، ما يعني فقدان المقدسي المكانة التي “تفضل” عليه بها الاحتلال والتي يتمتع بموجبها بصفة “مقيم” في مدينته، وقد سحب الاحتلال بين عامي 1967م و2013م ما يزيد على 14.309 هويات.
وقد تسببت سياسات الاحتلال، من قبيل فرض الضرائب والغرامات والحواجز وضرب القطاعات الحياتية المختلفة، بإفقار المقدسيين حتى تجاوزت نسبة الفقر حوالي 77 % وارتفعت إلى 85% بين الأطفال. يضاف إلى ذلك الجدار العازل وما يرافقه من نظام الحواجز والبوابات وعزل أكثر من 70 ألفاً من المقدسيين ممن تقع أحياؤهم ضمن حدود القدس البلدية على جانب الضفة الغربية من الجدار.
ولا تقف الممارسات الإسرائيلية عند هذه الحدود، فقد شهد شهرا سبتمبر واكتوبر من 2014م على سبيل المثال، سيطرة مجموعة من المستوطنين بدعم من جمعيتي “العاد” و”عطيرت كوهنيم” الاستيطانيتين وبمباركة حكومية، على نحو 25 وحدة سكينة في حي سلوان ضمن مساعي الجمعيتين لتهويد الحي الذي يسميه اليهود “مدينة داود”، ويضاف إلى ذلك محاولات السيطرة على قطاع التعليم من خلال أسرلة المناهج وإلغاء ما يرتبط بالهوية العربية-الإسلامية ناهيك عن عمليات الملاحقة والاعتقال والحبس الإداري التي لا تتوقف على مدار العام .

اقتحام المسجد الأقصى
يرى تقرير صادر عن موسسة القدس الدولية ان اقتحامات الاحتلال للمسجد الأقصى ليست بالأمر الجديد وقد كان اقتحام ارئيل شارون للمسجد مع العشرات من جنود الاحتلال في سبتمبر 2000م السبب المباشر في اندلاع انتفاضة الأقصى، إلا أن المرحلة التي تلت انتخابات الكنيست في يناير 2013م والحكومة التي شكلها نتنياهو بعد الانتخابات والتي تعد من أكثر الحكومات تطرفًا، شهدت تصعيدًا في التصريحات السياسية الداعية إلى بناء “المعبد أو الهيكل المزعوم” وإلى تأمين حرية صلاة اليهود في الأقصى، وإلى تقسيم المسجد بين المسلمين واليهود على غرار المسجد الإبراهيمي في الخليل، وقد عملت الشرطة الإسرائيلية خلال شهر رمضان على منع النساء من دخول الأقصى بشكل متكرَّر واستمرت في تطبيق هذا المنع مرات عدة بعد انقضاء شهر رمضان، وهي تستمرّ في فرض قيود عمرية على المصلين ولا سيما في أيام الجمعة بناء على “تقارير أمنية حول استعداد المسلمين للقيام بأعمال شغب بعد الصلاة”، وبالتوازي مع ذلك، يتكرر اقتحام أعضاء من الكنيست ووزراء في حكومة نتنياهو للأقصى مع إطلاق تصريحات تدعو إلى تقسيم المسجد وتتمسك ببناء “الهيكل المزعوم” ناهيك عن جلسات لجنة الداخلية في الكنيست التي عقدت لمناقشة وضع الأقصى.

الخلاصة
إن تحدي الواقع المر الذي يعيشه الفلسطينيون في مجمل الأرض المحتلة وبخاصة في كل من (غزة ) و(القدس )من المحتمل جدا أن يفجر انتفاضة ثالثة ترد على عمليات التهويد والقتل بدم بارد من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلى ،ونحسب أن القدس كرمز ومعنى مكثف يختزل كل قصة الصراع مع إسرائيل(منذ 1948م وحتى اليوم)ستكون هي الطلقة التي ستدحرج حجر الانتفاضة من فوق صدر الشعب الفلسطيني .. والله اعلم .

قد يعجبك ايضا