في عيدها الـ30 المقترن بسيد الشهور وبعد مرور ثلاثة عقود على تحقيقها.. سياسيون وأكاديميون يتحدثون لـ(الثورة ):
الوحدة اليمنية مصانة بوعي شعبنا في الجنوب والشمال
تحل علينا الذكرى الـ30 لقيام الجمهورية اليمنية وتحقيق الوحدة الوطنية المباركة في ظل أوضاع مأساوية تشهدها بلادنا إثر استمرار العدوان الغاشم الذي تشنه مملكة آل سعود وحلفاؤها منذ أكثر من خمس سنوات على الشعب اليمني العزيز أرضاً وإنسانا..
30 عاماً مرت على تحقيق الوحدة اليمنية ،غير أن ثمة مخاطر وتحديات تهدد مسار هذا الإنجاز الوطني التاريخي تتمثل في الأطماع الخارجية ومشاريع الاحتلال التي تنفذها قوى الاستكبار وثقافة التشطير لإجهاض الوحدة الوطنية وتفكيك اللحمة اليمنية والشروع في الاقتتال الداخلي..
وفي ذكرى قيام الجمهورية اليمنية وتحقيق الوحدة الوطنية المباركة، يرى الكثيرون أن الوحدة كانت ومازالت أبرز وأهم حدث عربي تجسَّد قبل ثلاثة عقود، واليوم وبعد 30 عاماً على تحقيقها تحوَّلت إلى شماعة لتحميلها كل الأخطاء والمشكلات التي عصفت باليمن، مؤامرات ودسائس تحاك ضدها وتسعى لإجهاضها من اطراف داخلية وخارجية، والسؤال الذي يتكرَّر دائماً هو: إلى أي مدى يمكن أن تصمد الوحدة اليمنية أمام كل تلك التحديات..الثورة / يحيى الضلعي
الوحدة مصانة بوعي الشعب
يؤكد المحلل السياسي توفيق الشنواح أن الشعب اليمني ظل على امتداد تاريخه الوطني، يدفع أثماناً باهظة في سبيل استعادة وحدة بلده التي مزَّقها الاستعمار وراح يقتطع مساحاتها لمرتزقته في حقب زمنية معروفة..
وأضاف: استعاد شعبنا لحمته في الـ22 من مايو المجيد، كقدر تفاخر به الأجيال التي لم تشهد هذا المنجز العظيم، ولم تتمكن، للأسف، من استشعار عظمته، أولاً لأنها لم تعش عهد التشطير الدامي وما ألحقه بشعبنا من ويلات عانت منه الأسرة الواحدة، وأبناء الأب الواحد، قبل الوطن الكبير في صورته الشاملة، كما لم تستشعر بعظمة هذا المنجز التاريخي..
ثانياً: عندما أهملت وتغافلت سلطات الدولة المتعاقبة، عن تحصين شعبنا وأجيالنا المتعاقبة من نوازع التشظي الشيطانية ودواعي الانفصال حتى عادت أصوات الاستعمار اليوم أكثر ضراوة وأشد فتكاً من ذي قبل وبأدوات محلية تدَّعي حمل هموم وقضايا الناس، كما جرت العادة..
غير أن دوافع الماضي التشطيرية ومسبباته الموضوعية، ظلت عاجزة عن اختراق الوعي الشعبي الذي قدَّم الكثير من رجاله الشرفاء صفحات مشرقة من النضال المشهود في غير جبهة وميدان من ميادين استعادة توحيد وطننا، لذا وبالرغم من أن الاستعمار قد نجح في تجزئة الأرض الواحدة، بأدواته المعروفة التي تعود اليوم في لبوس جديد تحت يافطات برَّاقة باسم الحقوق وتقرير المصير، إلا أن شعبنا ظل موحداً متحداً، ومتحدياً جبالاً من الحواجز المصطنعة عندما نجح في لحظة تاريخية فاصلة بعد نضال دؤوب وتضحيات جسام من ازالة هذه الحواجز التي حاولت منع الأسرة الواحدة من العيش مع بعضها تحت سقف بيت وبلد واحد..
وها هي وحدة شعبنا تهدِّدها هجمات شرسة من الداخل والخارج على السواء بذات الأدوات التي استخدمها الاستعمار، بعدوان همجي غاشم أهلك الحرث والنسل، ودمَّر كل شيء في بلدنا شماله وجنوبه، بأدوات ارتزاق محلية بات الجميع يعرف صوتها الناعق المنادي بانفصال جنوب الوطن عن شماله وتمزيقه وتفتيته مقابل حصول “الاستعمار الجديد” على مزايا من الأرض والثروة والبحار والمضائق الاستراتيجية في عمليات بيع سافرة أضحت واضحة، نثق تمام الثقة أن شعبنا في جنوب الوطن أولاً لها بالمرصاد، وسيقف وقد بدأ يقف في وجهها وسيحافظ على منجز وحدته وسيلفظ عصابات الاحتلال الجديد إلى البحر، فاليمن على امتداد تاريخه، يرفض كل غاز وطامع، فالأجداد الأفذاذ الذين حوَّلوا حدود بلدهم العظيم إلى مقابر للغزاة البرتغال والاحباش والانجليز وغيرهم من أعتى الامبراطوريات الحاكمة حينها، لن يكون أحفادهم اليوم عاجزين عن طرد المحتل الجديد الذي لا يستحق صفة غاز أو مستعمر..
ويوماً بعد آخر، وفي خضم احتفالنا بالعيد الـ30 لإعادة تحقيق وحدة الوطن، وما شهدته تلك المرحلة من تحديات وتطورات كشفت الأقنعة الزائفة، يثبت شعبنا أنه عند مستوى الأحداث ومدرك لكل التحديات التي تحاك ضده وضد وطنه الغالي من قبل عصابات البترودولار وتجار الأوطان وعملاء الأمريكان..
تحقيق الوحدة اليمنية حدث عظيم
ويتحدث الدكتور الأكاديمي محمد حسين النظاري الأستاذ المشارك بجامعة البيضاء قائلاً:
عندما تمزَّق العالم التأم شملنا وعندما تشظت الشعوب اندمجنا وعندما كان العالم لا يريد وحدة توحَّدنا..
من خلال ذلك يتبين لنا بجلاء أن ما تحقق كان حدثاً عظيماً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن ما يمر به وطننا اليوم من عدوان (بمبررات واهية) تشنَّه دول عارضت الوحدة حينها ولم تستطع الوقوف أمامها، فها هي اليوم تفكِّك النسيج الاجتماعي من خلال ما تقوم به اليوم..
صحيح أن ما تلى الوحدة لم يكن مرضياً 100 % وهكذا هي كل الأعمال، وبدلاً من الدعوة إلى إصلاح أي اختلال حدث في مسار الوحدة بسبب الأشخاص لا بسبب الغاية النبيلة، صار البعض يتبنى دعوات انفصالية تغذيها دول خارجية، وجدت في الوحدة بيئة غير مناسبة لها..
نبارك لكل اليمنيين حلول الذكرى الـ 30 لتحقيق الوحدة اليمنية الخالدة بإذن الله، ونبارك للجميع اقترانها بسيِّد الشهور، جعله الله شهر خلاص لليمن واليمنيين مما هم فيه..
الوحدة اليمنية أمانة تاريخية
ويقول المحلل السياسي فؤاد الروحاني : تحل علينا الذكرى الـ 30 لقيام الوحدة المباركة الغالية على قلوبنا جميعاً، وبلادنا واقعة تحت ضراوة وبشاعة صواريخ طائرات تحالف العدوان الغاشم، الذي أحرق ودمَّر كل المنجزات والبنى التحتية وقتل وجرح وشرَّد عشرات الآلآف من أبناء الوطن في ظل صمت وتخاذل عربي وخارجي غير مسبوق..
الوحدة اليمنية تتعرَّض لمؤامرة مزدوجة داخلية وخارجية، تتعرَّض على المستوى الخارجي لمؤامرة إقليمية خاصة من الدول التي جاهرت العداء للوحدة من أول يوم لتحقيقها، وعملت بكل الوسائل على تدميرها وإضعافها من خلال مشاريع صغيرة ووسائل مختلفة تمت تغذيتها من الخارج وهي تعد الأدهى والأمرّ وهو الخطر الداخلي الحقيقي الذي يهدِّد مصير هذه الوحدة ، بدعم ومساندة خارجية ،وما نلاحظه الآن من سير البلاد نحو التجزئة والتشطير بأيدي عملاء تلك القوى الإقليمية خير دليل على ذلك..
إن الحفاظ على الوحدة اليمنية أمانة تاريخية يتحملها كافة أبناء الوطن في صون وحدة قُدِّر لها أن تتم بطريقة سلمية أذهلت العالم وحيَّرت الباحثين الذين وقفوا يتابعون وهم يؤسسون لتجربة فذَّة وفريدة في معالجة إشكالية الوحدة اليمنية بعقلانية وهدوء، مستحضرين في ذلك تراثاً حضارياً كبيراً ضارباً جذوره في أعماق التاريخ اليمني وكان لهم ما أرادوا وتحققت لهم وحدة الوطن والتأم الشمل وانتهى التشطير وأصبح ماضياً مؤلماً، نتمنى على كل القوى السياسية تجاوز ذلك الماضي المؤلم وعدم العودة إليه.
22مايو راسخ في وجدان كل يمني
ويعبّر الكاتب الصحفي السياسي العزي عبده العصامي بالقول: كل يوم يمضي علينا في ظل الانقسام والتشظي والتشرذم والفرقة والخلاف الذي بدأ يضرب صفوف اليمنيين منذ 2011م، يزداد يقيني بعظمة يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م كأعظم إنجاز كان قد تحقق لشعبنا اليمني متمثلاً بإعادة تحقيق الوحدة التي كانت وما زالت راسخة في وجدان كل يمني شريف وحر..
اليوم ونحن نعاني كل هذه الويلات ندرك كم كان الثاني والعشرون من مايو 90م بالنسبة لنا منعطفاً تاريخياً للتحول الإيجابي في علاقاتنا دون قتال أو سفك للدماء وأنه كان يوماً توِّج بإنهاء كل مظاهر العداء وتراكمات الماضي السحيق ..
كلنا وإن اختلفنا ، ما زالنا نؤمن بعظمة هذا التاريخ ، وقلَّة منا لا يبحثون إلا عن مصالحهم الشحصية على حساب أبناء هذا الوطن ، فيرتمون في أحضان الداعمين لتمزيق الوطن من أجل أن يكونوا هم ولاة على قسم جريح من هذا الوطن يستوطنونه ويتسلطون على أهله.
يجب أن يزداد الوعي بيوم الثاني والعشرين من مايو ترسّخاً وعمقاً في قلوب جميع أبناء شعبنا اليمني، وفي نفس الوقت يجب أن تكون هناك حملة لتصحيح أخطاء الماضي بما يجبر الخواطر ويهدِّئ النفوس.