الغضب انفعال لحظي يؤدي بصاحبه للكثير من الندم خاصة في الشهر الفضيل
أمراض القلب والسرطان والجلطات وغيرها مبنية على الغضب
الإسلام ربط بين الحليم وقت الغضب وقوة الإيمان
التصرف دون تفكير وبدافع مبالغ فيه أمر قد يخسرك كل شيء، فالغضب آفة تأكل الأخضر واليابس خاصة عندما يكون في الشهر الفضيل شهر الحسنات ينسى من يتمالكه الغضب كل القيم الإنسانية ويزيل عن رأسه كل ما تعلَّمه من تعاليم دينية وتربوية تجرِّم مثل هكذا أعمال لتكون النهاية بعد كل ذلك مأساة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويكون الشخص الذي تعامل بمثل هكذا أعمال الضحية الأولى وحينها يكون الندم محضاً من الخيال .. أسباب الغضب ونتائجه خاصة في رمضان الخير وطرق العلاج منه وغيرها من التفاصيل تجدونها في السياق التالي:
الثورة / نجلاء علي
كانت البداية عندما حاول أحد أصحاب السيارات شراء سمبوسة من أحد أصحاب العربيات في شارع هائل في تمام الساعة الثالثة عصرا نهار شهر رمضان المبارك وماهي إلا لحظات بعد التوقف فاذا بسيارة أخرى ظل صاحبها يصرخ ويشتم مما تسبب باستفزاز السائق فخرج من سيارته واطلق النار من سلاحه الشخصي مباشرة السائق الذي خلفه لم يتوقف الرجل لحظتها ولاذ بالفرار وقبل ذلك صدم صاحب عربية السمبوسة وتسبب بحرق جسده بالزيت ولم يتمكن أحد من الإمساك بهذا السائق الذي سيطر عليه الغضب تماما الذي قتل وحرق بدم بارد بسبب عدم قدرته على تمالك غضبه.
ثمن الغضب
وليد وسامي أخوان يخرجان معاً منذ الصباح الباكر للعمل في السوق التجاري لشميلة ولا يعودان للمنزل إلا عند صلاة المغرب ويعودان مرة أخرى للعمل إلى وقت السحور، البداية كانت عندما أراد وليد إغلاق المحل والتوجه للمنزل للفطار حين أتاه رجل يبلِّغه بأن جماعة من الشباب أمسكوا باخيه سامي وقاموا بضربه بطريقة وحشية فأخذ مسدسه وتوجه مسرعاً صوب مكان الحادث ليجد أخاه ملقياً على الأرض والدماء تملأ وجهه فباشر بإطلاق النار على الجناة متسبباً بمقتل أحدهم وجرح آخرين ليتم بعدها إلقاء القبض عليه وإسعاف أخيه الذي لاذ بالشفاء ليدفع بعدها وليد ثمن انفعاله وتسرعه غالياً.
غضب متزايد
محمد القدسي سائق باص لم يخف استياءه الشديد من حالات الغضب الهستيرية كما اسماها عند أصحاب الباصات، وأضاف: بالعادة توجد بعض المشاحنات بين سائقي الباصات ولكن في نهار رمضان الوضع مغاير، فبالإضافة إلى المشاحنات هناك شجارات تصل إلى تشابك بالأيادي وقطع الطرقات وما إلى ذلك ولا تحل إلا بتدخل الزبائن على متن الباص لذا قررت التوقف عن العمل نهاراً خلال أيام الشهر الفضيل لتجنب الوقوع في أي مشكلة خاصة وأني لا أتمالك نفسي عند الجوع فغضبي يزداد حينها.
الغضب والمرض
توجد علاقة قوية بين الغضب المزمن والحاد وأمراض القلب والسرطان والجلطات والإحباط حتى الإصابة بالزكام بشكل متكرر هذا ما بداء حديثه الدكتور عبدالله الذبحاني طب عام ويضيف: إن الغضب يؤثر على جهاز المناعة داخل جسم الإنسان، فالأشخاص الذين يغضبون سريعاً ويتملكهم الغضب وهذا النوع من الغضب يزداد خلال شهر رمضان المبارك الذي يكون جهاز المناعة في أجسامهم لمواجهة أي مرض ضعيفة كأمراض التهاب الوبائي والأمراض الفيروسية كما أن المراهقين الذين لا يستطيعون التحكم في الغضب قد يتسبب لهم ذلك بمشكلات صحية كخطر السمنة وزيادة الوزن وهو ما قد يؤدي لتعرضهم لأمراض مثل مرض القلب والسكر كما أن الغضب قد يتسبب للشبان بالسكتة القلبية وضغط الدم.
وأفاد الذبحاني قائلاً :من الأدلة العلمية التي ظهرت مؤخراً تشير إلى أن الغضب يطلق كميات مفرطة من هرمونات تعرف باسم كاجولامينينس ومنها الأدرنالين الذي يتكون بشكل طبيعي في الجسم وهذه الهرمونات تهيئ الجسم في حالات الطوارئ مثل الإصابة بالزكام أو الإرهاق العصبي أو الصدمة وبذلك تتقلص جدران الأوعية الدموية والضغط على القلب للعمل اكثر لضخ كميات إضافية من الدم.
انفعالات سلبية
الغضب هو انفعال سلبي مدمر يوقع الإنسان في الكثير من المشاكل قد لا يجد لنفسه خلاصة منها هذا ما يراه علماء النفس، فالغضب سبب في تفجير العلاقات الفردية والاجتماعية وبكافة سبل الحياة بشكل عام خاصة في شهر التوبة والإحسان مما قد يتسبب بعواقب لا يحمد عقباها، وكذلك فقد أوضح علماء النفس بأن طبيعة الغضب تنحصر في حالة انفعالية تختلف في شدتها من مجرد التوتر أو التهيج البسيط إلى الثورة الانفعالية الشديدة التي تتعطل معها العمليات المعرفية المرتبطة بمعالجة وتجهيز المعلومات وبالتالي التصرف والتعبير عن الغضب بطريقة عدوانية ويزداد غضب الإنسان بطاقة انفعالية غالباً ذات توجه عدواني في إطار سيطرة نوعية من المشاعر السلبية تدفعه لعمل سلوكيات عنيفة وعدائية لا يعرف مخاطرها إلا بعد زوال الغضب.
الغضب المذموم والمحمود
جاء أن النبي يحيى بن زكريا لقي عيسى بن مريم عليهما السلام فقال: اخبرني بما يقرِّب من رضا الله وما يبعِّد من سخط الله فقال (لا تغصب) قال الغضب ما يبدأ وما يعيده؟
قال : التعزز والحمية والكبرياء والعظمة وقسمت الشريعة الإسلامية الغضب إلى عدة أنواع ( الغضب المحمود وهو ما كان لله تعالى عندما تنتهك محارمه وهذا النوع ثمرة من ثمرات الإيمان كالغضب على المسلمين ومن يسفك دمائهم وينتهك أعراضهم ويستبيح الأموال ويدمر البلاد وغيرها).
النوع الآخر هو الغضب المذموم وهو ما كان على الباطل ويدفعه الشيطان لفعل أشياء قد يندم عليها الإنسان فيما بعد فهي خارجة عند الدين والقيم والأخلاق ولا تضر إلا بصاحبها أجارنا الله منها.
للتغلب على العصبية في رمضان
– التنفس بعمق ،فكلما شعرت بالتوتر حاول أن تتنفس بعمق وتسترخي ،فقد وجدت الدراسات أن التنفس العميق والاسترخاء المباشر لهما دور كبير في التخفيف من الأفكار والمشاعر السلبية وحالة التوتر والعصبية والحصول على قسط كاف من النوم ،فقد وجد أن النوم الكافي له دور في تعزيز عمل الدماغ والتخفيف من التوتر والعصبية .
– اتباع نظام غذائي صحي، حيث وجدت دراسة أن النظام الغذائي الصحي والمتوازن ،وكذلك الالتزام بمواعيد الوجبات يقللان من حالة التوتر والعصبية.
الحصول على مقدار كاف من الماء، تختلف الكمية الواجب شربها من الماء حسب العمر والجنس والوزن، ولكن عموماً تتراوح ما بين 5-10 أكواب من الماء ويتم تناولها ابتداء من فترة الإفطار حتى فترة السحور وليس دفعة واحدة لتجنب حصول الشبع أو الإدرار الحصول على مقدار كاف من السكريات من خلال تناول الأطعمة والمشروبات المحتوية على السكريات التي لا ترفع سكر الدم بشكل سريع ومفاجئ (كالتمر والفواكه والعصائر) وليس الحلويات.
– العصبية الزائدة تضعك في الكثير من المواقف السيئة سواء في العمل أو في محيط الأسرة، لذا عليك أن تحاول بقدر الإمكان التخلص منها ،كما عليك أن تدرك أن الصيام له الكثير من الفوائد العظيمة التي تعود عليك ،لذا لا تتذمر ولا تتعصب حتى يكون لك الثواب الكامل.
علاج الغضب
قال تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) وهذه صفات أهل الجنة وهم الأشخاص الذين لا يظهرون غيظهم أمام أحد وإذا ظلموا لا يصرخون ويسيئون إلى من ظلمهم بل يعفون ويسامحون من أساء إليهم وهذا هو الإحسان الذي يحبه الله فمجاهدة النفس أثناء الغضب اشد من مجاهدة العدو.
عن أبي ذر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن لم يذهب عنه الغضب فليضطجع) وكذلك ينصح الإسلام أبناءه بالسكوت أثناء الغضب وتمالك النفس.
وأخيراً، استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ، فمن استحضر الثواب الكبير الذي أعده الله تعالى لمن كتم غيظه وغضبه كان سبباً في ترك الغضب والانتقام للذات، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “ما من جرعة أحب إليَّ من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظمها عبدلله إلاّ ملأ الله جوفه إيمانا.