بسبب العدوان الغاشم على بلادنا

كسوة العيد.. الأرق الكبير الذي يواجه ربَّ الأسرة الفقيرة أواخر رمضان

 

يسعى أغلب المواطنين في أواخر شهر رمضان إلى الاقتصاد والتخفيف من مصروف رمضان خلال أيامه الأخيرة، من أجل أن تبقى بعض تلك الأموال التي سعوا للاحتفاظ بها خلال الأيام الماضية طوال السنة وكما يسميها البعض «القرش الأبيض لليوم الأسود» وتبداً مهمة أرباب تلك الأسر الفقيرة بالمهمة الشاقة بتوفير ما استطاعوا من الأموال كمصروف للعيد وكسوة لأطفالهم، إلا أن هذه المهمة أصبحت أكثر مشقة بعد ارتفاع أسعار الملابس العيدية واستغلال أصحاب القلوب المريضة من التجار للنيل من ظهر المواطن الكادح الذي يواجه الأمرين بسبب عدوان غاشم أحكم سيطرته وأعلن حصاره منذ انطلاقته عرَّى بها نفسه بأنه لا يمتلك قيماً ولا مبادئ في الحروب والتي لو فكر فيها إبليس يأبى أن يعملها، وذلك ليس غريباً عليه فلقد تفوق على إبليس في ارتكاب الكثير من الجرائم..
من هنا انطلقنا إلى بعض المواطنين والتجار لنسالهم ما الاختلاف بين الأسعار السابقة والحالية وهل يستطيع التجار المحليون تخفيف حدة هذا الغلاء الذي أثقل كاهل المواطن الغلبان وما الصعوبات التي تواجهه ليتم فرحته كالآخرين؟
العيد زمان
المواطن محمد حميد محمد يقول: العيد كان في السابق يعد فرحة يسعى الجميع للاحتفال بها ونشرها بين الناس رغم اختلافهم الاجتماعي والاقتصادي أو المادي إن صح التعبير فهم يعتقدون أن الفرحة بهذه المناسبة للجميع ولا يمكن أن تتم إلا إذا كانت تعم الجميع وإذا كان هناك متعسر من عائل أسرة ساعدوا تلك الأسرة في إتمام فرحتها بالتقضي لها ومشاركتها تلك الفرحة أو تقاسموا ما معهم من الأشياء علاوة على أن لا يشعرونهم بأنهم يختلفون عن الآخرين.. أما اليوم فقد عادت هذه الطبائع نوعاً ما بعد أن انقطعت في الفترة السابقة بسبب أن الدولة لم تعزز سابقاً هذه الغريزة في أبناء المجتمع الواحد وربما عادت تلك الطبائع الحميدة خصوصا بعد العدوان وبعد إدراك الجميع أن العدوان لم يستهدف فئة من المجتمع دون البقية بل استهدف الجميع وقتل الجميع وشرد الجميع دون استثناء أو تمييز فقد كان يستهدف كافة الطاقة البشرية على حد سواء دون تمييز بين اليمنيين ما استدعى من أبناء اليمن السعيد التكاتف والتكافل والتعاطف والتراحم بين أوساط المجتمع الواحد وجعل من تلك الصفة سمة تميزه عن باقي الشعوب، وهو ما رأيناه ولمسناه واقعاً.
ارتفاع الأسعار
أما التاجر محمد صديق قائد- وهو أحد التجار في قطاع الملابس الجاهزة للزي الشعبي في سوق الملح- يقول: أنا أحد تجار سوق الملح نحن هنا في سوق الملح نبيع بالبركة وأرباحنا ليست مرتفعة كما يعرفنا الكثير خصوصاً من أبناء القبائل والقرى الذين يزوروننا من فترة لأخرى، ولا نعمل مثل بعض المحال الكبيرة الموجودة في الشوارع الرئيسية التي بسبب الإعلانات والدعاية والإيجار المرتفع رفعت أسعارها جداً وهو ما يجعل المواطن يظن أنها الأفضل أما نحن فنمتلك بضاعة توازي بضاعتهم وأحياناً أفضل بسبب أن التجار الآخرين يبحثون عن الأرباح دون المحافظة على الزبون واحترام ذاته، كما يجعلونه مستهلكاً لمرة واحدة برفع أسعارهم، ربما ارتفاع إيجارات تلك المحال جعلها تحذو هذا الطريق، وأحيانا الجشع والطمع، وأنها فرصة لن تتكرر باستغلال الزبون والتدليس عليه والنيل من الفرص التي يظنون أنها لن تتكرر، فعلى المواطن التفكير ملياً في البحث عن حاجياته في أماكن تناسبه.
العروض الخاصة
ويقول المواطنان صادق علي ومطهر علي محمد: نحن لا نستطيع أن نشتري ملابس العيد لأولادنا إلا مرة واحدة ولعيد واحد فمع انقطاع المرتبات و تسريحنا من الوظائف وندرة فرص العمل؛ لتوفير دخل منتظم لنا ولأسرنا ولو القليل بسبب العدوان على بلادنا الذي جعلنا نتصيد العروض الخاصة لبعض المحال التجارية لتوفير ابسط ملابس لأولادنا خلال العيد مع أن تلك الملابس الرديئة لا تفي بالغرض لمدة طويلة بل نجعل أولادنا يعيدون بها ليوم أو يومين ثم يتم تنظيفها وكيها وجعلها للأعياد الأخرى القادمة، وفي بعض الأحيان نقوم بشراء ملابس عيد مرة أخرى إذا حصلنا على أموال، أموال بسيطة من رجال الخير المتبرعين، أما عن ملابس العيد للكبار من الأطفال فيكون الحال أكثر بؤساً فقد لا يشترون ملابس عيد بل يكتفون بالبحث فيما لديهم ويعتقدون أنه صالح للعيد فيقومون بغسل تلك الملابس وكيها.
أموال المغتربين
فاطمة حسين صالح –مواطنة- تقول: لولا ولدي المغترب لما استطعت أن أشتري ملابس لي ولا لأولادي وأولاد أولادي، على الرغم من أن العمل موقف في دول المهجر وولدي متوقف، لكن لإدراكه أنه الوحيد القادر على توفير تلك الأموال بادر بإرسال بعض من مدخراته عسى الله أن يفرج عنه مما هو فيه وسعياً في إرضاء أمه التي تقول إنها تعي تلك التضحية، وأنها أخبرته ألا يكلف نفسه فوق طاقتها وأنهم سوف يبحثون عن مصدرٍ آخر لتوفير احتياجات العيد، إلا أن الابن يأبى أن تطلب أمه أحداً وهو على قيد الحياة.
المنظمات الإنسانية
أما المواطن محمد إسماعيل سلام فيستصعب عليه الأمر كله فأولاً هو موظف حكومي ولا يتقاضى مرتبه منذ خمس سنوات من الانقطاع كما أن لديه ثمانية من الأولاد وذلك كفيل بأن يثقل عليه مهمة توفير ملابس العيد والبحث عن فرحتهم في ظل غياب المنظمات والهيئات والمؤسسات المجتمعية الداعمة للأسر الفقيرة في مساعدتهم في هذا المجال.. يقول سلام: فاعلو الخير هم من يقدمون لنا وجبة الغداء ولولاها لنام أطفالي جوعى دون أن يأكلوا.. فمحال على هذا الرجل أن يشتري ملابس لأولاده في ظل صعوبة أن يجد ما يطعمهم، كما أنه يعاني من مرض مزمن فمعنى ذلك أنه إذا تم منحه بعض الأموال سيجعلها لشراء علاجه الذي لو تخلى عن شرائه سيغادر الحياة وأولاده لا يمتلكون من يعيلهم.
الشراء المتدرج
عبدالحفيظ سعيد هو مواطن لأربعة أولاد بنتين وابنين يقول: لا أستطيع أن اشتري لأولادي ملابس جاهزة ولا حتى تفصيلاً من الأماكن التي يمكن أن تسمى مقبولة حيث أني لا أملك المال الكافي لذلك؛ لذا أقوم بشراء قطع القماش من السوق بنفسي بأبخس الأثمان حيث أن ما يتم شراؤه ليس بالممتاز بل الجيد ثم أذهب به لأحد أصدقائي الذين أتعامل معهم في كل هذه المناسبات من كل عام وتصل تكلفة القطعة بعد التجهيز ما يعادل النصف في الأسواق والتي لا طاقة لي بشرائها وهو الشراء المتدرج لصنع القطع إن صح التعبير.
التراحم والتعاطف
في الأخير لا بد ان يدرك هذا المجتمع النبيل في جذوره وأعماقه أن في أوساطه الكثير من أرباب الأسر وأسر لا تمتلك رب أسرة لا يستطيعون الإنفاق على أسرهم في ظل هذه الظروف الصعبة فما بالنا بتوفير كسوة العيد لأطفالهم، وليعلم الجميع أن السبب لم يكن رب الأسرة بل هو العدوان الظالم وأنه ظلم من قبل عدوان ظالم لا يرحم، لم أرَ شيئاً ساوى بين الناس مثل هذا الظلم فتدمير بنيته التحتية والسعي لتمزيق نسقه الاجتماعي واستخفاف بساكنيه سيجعل منه بركاناً لا ينطفئ في قادم الأيام فكم من يتيم مات والداه وأسرته في الحرب وكم اسرة شردت بسبب هذا العدوان وتلقت أقوى الضربات والصفعات تأبى أن تنحني لظالم لم يعد يرى بعينيه بل بعيني شيطان رجيم من قاتلي الإنسانية بشتى الطرق، فالرحمة لابد أن تناسق هذا الطاغوت والتكافل والتراحم لا بد أن يكسر مآرب العدوان، وعلى التجار النظر مرة أخرى في حاجة الفقراء والمساكين لا يدري المسلم ماذا يدخله الجنة ربما بهذه إن شاء الله وقضاء حوائجهم.

قد يعجبك ايضا