لا ندري ما هو الدافع الذي قاد البعض إلى الاستعجال في إطلاق تخميناتهم وتوقعاتهم بشأن مؤتمر لندن الذي سيعقد يوم الأربعاء القادم لدعم اليمن حيث عمد هؤلاء إلى إثارة المخاوف من تدويل قضايا اليمن انطلاقاٍ من هذا المؤتمر المعروف من عنوانه بأنه مؤتمر لدعم ومساندة اليمن في مواجهة تحدياته الراهنة الاقتصادية منها والتنموية والأمنية والتغلب عليها ولما من شأنه تعزيز قدراته في مجابهة الأنشطة الإرهابية والتخريبية لتنظيم القاعدة وعناصر التمرد بمحافظة صعدة والخارجين على النظام والقانون في مديريات بعض المحافظات الجنوبية.
حيث وأن أسوأ ما في تلك التخمينات والتوقعات محاولة أصحابها التشكيك مسبقاٍ ودون علم بمقاصد هذا المؤتمر الذي تقف وراءه دول شقيقة وصديقة لليمن استشعرت واجبها أمام هذا البلد والتحديات التي يمر بها وأهمية استقراره على المستويين الإقليمي والدولي بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي ودوره الفاعل في ترسيخ عوامل الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم.
والأشد إيلاماٍ أن يصل العمى السياسي بهؤلاء درجة التشكيك في كل أمر يخص اليمن دون ترو في ما يصدرونه من أحكام وما يروجونه من أقاويل كما هو حالهم دائماٍ.
ولذلك لم يستغرب الكثيرون من ذلك النزوع التضليلي الذي تجاوز هذه المرة أعمدة الصحف والتصريحات الإعلامية عبر بعض القنوات الفضائية إلى منابر المساجد وخطب الجمعة على الرغم من أن مؤتمر لندن الجديد لا يختلف عن مؤتمر لندن للدول المانحة الذي عقد عام 2006م وأن الهدف الأول والأخير هو دعم اليمن والوقوف إلى جانبه في هذا الظرف الذي يعاني فيه الكثير من التحديات وليس التدخل في شؤونه الداخلية أو تدويل قضاياه باعتبار أن مسألة كهذه مرفوضة جملة وتفصيلاٍ.
فاليمن دولة ذات سيادة ولا يمكن أن تسمح قيادتها السياسية بانتهاك هذه السيادة أو الانتقاص منها أو النيل والمساس بها تحت أي مبرر من المبررات أو بأي شكل من الأشكال وأن هذه القيادة السياسية التي منحها الشعب ثقته لإدارة شؤونه والحفاظ على مصالح وطنه أحرص من أولئك المزايدين على صون هذه السيادة وقد أثبتت ذلك في كل مواقفها وفي كل المراحل والمنعطفات وليس بوسع أحد التشكيك في هذه الحقيقة أو الالتفاف عليها.
ورغم إيماننا بأن هذا الأسلوب لم يعد ينخدع به الناس وضحالة من يلجأون إليه إما بهدف التكسب السياسي أو لأسباب حزبية أو ذاتية الغرض منها إحراج الدولة فإن الأدهى من ذلك أن يتحول مثل هذا الأسلوب الخاطئ إلى سلوك يدمن عليه البعض دون وعي بما ينطوي عليه مثل هذا الفعل من أضرار على الوطن توجب الملاحقة القانونية لكل من تسبب فيها خاصة وأن هذا الجرم لا تتوقف تأثيراته عند التشويش على الرأي العام الداخلي بل أنها تمتد إلى تضليل الخارج وتشويه سمعة اليمن.
والسؤال: ماذا يستفيد هؤلاء المرجفون من وراء تلك الاختلاقات والأراجيف التي لا تلحق الضرر إلا بالوطن ومصالح أبنائه¿.
وكيف يفهمون حرية الرأي والتعبير¿ هل هي حرية الانتقام من وطنهم¿ أم حرية الثأر من أبنائه¿ وهل الديمقراطية في نظرهم تكمن في العداء السافر للسلطة والفجور في الخصومة وتسويد كل عمل تقوم به¿ وكأن هؤلاء البعض خارج أطر الشرعية الدستورية أو أنهم على الطرف النقيض من هذه السلطة التي لم تقم يوماٍ بمصادرة حقوقهم السياسية أو تكميم أفواههم ولم تفرط يوماٍ في مسؤولياتها وواجباتها في الحفاظ على أمن واستقرار الوطن وتحصين سيادته من أي اختراق.
ولماذا يسعى أولئك إلى تشويه صورة بلادهم على نحو محموم وغير مسبوق لدى القاصي والداني وهم الذين لا يمتلكون سنداٍ أو دليلاٍ¿.
لقد تغيرت الكثير من الأشياء في هذا البلد دون أن يتغير هؤلاء بل أنهم يزدادون عناداٍ ومكابرة وإصراراٍ على تكرار ارتكاب الأخطاء والوقوع في الخطايا.. وكلما قيل لهم اتقوا الله في وطنكم أصروا واستكبروا وتمادوا في غيهم في إيذاء هذا الوطن وكأنه ليس وطنهم الذي يستظلون تحت سقفه ويعيشون في كنف خيره ويتمتعون بمناخاته الحرة موفوري الكرامة فهل يستحق هذا الوطن كل ذلك العقوق والجحود والعصيان¿.
وهل من الوفاء أو الحرية أو الديمقراطية أن يكون المرء عاقاٍ لوطنه¿.
وهل من الإسلام والدين والعقيدة أن تتحول منابر المساجد إلى منابر لإشعال الحرائق ونسج الإشاعات واختلاق زوابع ومعارك وهمية لا وجود لها سوى في عقول أصحابها¿.
لقد آن الأوان لوقفة جادة تصحو فيها الضمائر والمعاني النبيلة لقيم الاختلاف وتزهو فيها النفوس بالحب الصادق للوطن الذي بدونه لا نساوى شيئاٍ.
وأحوج ما يكون إلى مثل هذه الوقفة أولئك الذين أمعنت ضمائرهم وحناجرهم وألسنتهم في كيل الإساءات لهذا الوطن عبر إفراغ أحقادهم وإفرازاتهم السياسية والحزبية على سمعته ومكانته وصورته الحضارية حتى يكفروا عن ذنوبهم بحق هذا الوطن الذي إذا ما حل به أي مكروه فإنهم سيكونون أول الخاسرين وأول الغارقين وأول الهالكين وأول المطاردين من الغربان الناعقة بالمصائب والخرائب.
فأصلحوا أنفسكم مع وطنكم قبل أن تندموا يوم لا ينفع الندم.
Prev Post
Next Post