الإسراف الاستهلاكي في رمضان

 

الثورة / يحيى محمد الربيعي

عادات إنفاق تمارس خلال أيام الشهر الفضيل.. عادات يتحول معها الصوم من فريضة عبادة إلى حالة إسراف وبذخ في بعضها وفي بعضهل الآخر إلى حالة بذل وعطاء.. يعود هذا الإنفاق إلى العادات والتقاليد التي تربى عليها الإنسان والتي تلزمه بتقديم المساعدة إلى المحتاجين، وكذلك تجمع الأهل والأصدقاء على مائدة رمضان، مما يؤدي إلى زيادة طبيعية في الإنفاق.. وقد يزيد الإقبال في رمضان على شراء المواد الاستهلاكية بنسبة تصل نحو 100 % و150 % في بعض المواد، ويأتي هذا الأنفاق أحيانا ضمن العادات والتقاليد التي تفرض على الميسورين مساعدة المحتاجين خلال الشهر الكريم، وهو إنفاق لا يندرج ضمن الإسراف بقدر ما يدخل ضمن الحاجة لتكافل أفراد المجتمع، فشهر رمضان شهر البركة والعبادة والتبرع وفعل الخير وهذا هو السبب الرئيس لزيادة الإنفاق.
ومهما كانت الصعاب والمشقة على الناس، فإن عيش أجواء رمضان المميزة والخاصة عادة ما تكون متكاملة وواسعة، فبالرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة إلا أن الأسرة اليمنية تعمل جاهدة لعيش هذا الشهر الفضيل بأفضل صورة من خلال تحضير المائدة المميزة والمأكولات الخاصة.
أجواء رمضان الروحانية تستوجب أن يكون هناك تقليل من نسب الأكل والاعتماد على عملية التصبر أو الصبر، إلا أننا نجد البعض يبالغ في مائدة رمضان، إذ يتعمد مضاعفة الاستهلاك مقارنة بالأيام العادية، وعمليا تشتري بعض الأسر أكثر من المعتاد خلال الأيام العادية فالأسرة التي تصرف على الطعام والشراب خلال الشهر العادي مبلغ معين يتضاعف مصروفها إلى الضعف في رمضان. وعندما يزيد استهلاك الأسرة في رمضان إلى الضعف بعيدا عن الغرض أعلاه، فهي عادات استهلاكية سيئة أكثر من كونها إسرافاً ذلك أننا رمضان عمليا يجب أن نكون أقل استهلاكا، بحكم أن ثلاثة أرباع يومنا صيام، فلماذا الاستهلاك غير المعقول من قبل بعض الأسر؟. لا ندري.
إذ يُلحَظُ خلال شهر رمضان الإفراطُ في تناول الطعام وتبذيره، والإقبال بِشَرَهٍ ونَهَمٍ على مختلف المأكولات وأماكن بيعها، والاستهلاك غير المعقول، فيفوق الطلب، وتزداد حاجة الناس المُلحَّة إلى ما لذَّ وطاب من الطعام وتخزينه، وهذا يخالف المقصدَ العظيم للصيام، الذي هو إشباع لرغبة الروح والبدن معًا، نعم يجب إشباع رغبات الجسم من الطعام والشراب، لكن دون إفراطٍ وجَشَعٍ.
وزيادة استهلاك بعض الأسر إلى نحو الضعف وعكهو ما يعد عادة استهلاكية سيئة، فشهر رمضان عمليًا يجب أن يكون أقل استهلاكًا بحكم أن ثلاثة أرباع يومنا صيام.. نعم قد يرجع ذلك إلى أن الاستهلاك يزيد خلال شهر رمضان الكريم، لأن العادات والتقاليد تجبر العديد من الأسر على إضافة أنواع معينة من الغذاء على مائدتها اليومية، فيزداد الطلب عليها حتى تصل أحيانا إلى 50 ٪ إذا لم تكن أكثر من ذلك، لكن ذلك لا يمنع الناس من أن يفكروا جليا كيف يمكنهم أن يعيشوا أجواء شهر رمضان، في اقل مصروفات والامتناع عن التبذير، إذ يجب علينا التخلص من العادات الاستهلاكية السيئة التي نتبعها في هذا الشهر الفضيل حتى لا يتسبب الاستهلاك الترفي في استنزاف موارد الأسرة، وعلينا أن نعيش هذا الشهر الفضيل ليس من اجل الأكل والشرب والملبس، وإنما بالطاعات التي تجعلنا نعيش الأجواء الروحانية اكثر من البذخ المادي.
ظاهرة الإسراف الغذائي وتخمة الاستهلاك وعادة الصرف غير الموجّه، من العادات الخاطئة، ساعد على انتشارها بروز العقلية الاستهلاكية في المجتمع وشيوع الثقافة الاستهلاكية بين الأفراد، إلى جانب إغراق السوق بأصناف متنوعة، إلى جانب غياب الوعي الاستهلاكي.. أضف إلى ذلك مشكلة عدم الإدارة السليمة من قبل بعض أرباب وربات البيوت لكيفية إدارة شؤون أسرهم خصوصا المالية.

قد يعجبك ايضا