أمريكا.. وصداع الإرهاب !!

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

من محاسن الصدف أن شكوك أمريكا بشأن جائحة كورونا لم توجه إلى أي من الدول الإسلامية ، وإلا لكان ترامب صب جام غضبه على الإسلام واعتبر الوباء فعلاً إرهابياً مصدره الإسلام .
الإشكالية أن عدوى هذه الأسطوانة المشروخة انتقلت إلى بعض العرب والمسلمين ، هذه الدول بدلاً من أن تتبنى الدفاع عن الإسلام وإجلاء الصورة عن منهجه القويم تنقاد لنفس الأكاذيب وتوظف صفة الإرهاب لاستخدامها كسلاح فتاك ضد الخصوم من الخارج وتقويض المعارضة في الداخل ، هذا هو أسلوب النظام السعودي والمتحالفين معه والدور المشبوه لوسائل إعلام الدفع المسبق في الترويج للباطل ودحض الحق ، حيث تتعمد دوماً نعت كتائب الحق من المجاهدين بمليشيا الحوثي الانقلابية الإرهابية مع إضافة عبارة الإيرانية كلما استحسنت غرفة الإعلام المشتركة التابعة لما يُسمى بدول التحالف ذلك ، ما يؤكد غباء وسذاجة أعضاء هذه الغرفة أن العبارات نفسها تتردد منذ خمس سنوات وإن حدث تقديم أو تأخير في الألفاظ ، إلا أن المدلول يظل نفسه لم يتغير استناداً إلى نفس الصيغة الموضوعة من خبراء الإعلام الأمريكان في بداية العدوان ، وتحاول دوماً استجداء مواقف الإدانة والاستنكار عبر الحديث عن استهداف المدنيين في الأحياء السكنية التي طالها قصف الحوثيين بحسب وصفهم .
ما يؤكد سذاجة وعدم حنكة العاملين في غرفة العمليات الإعلامية المشتركة أنها تتبع نفس الأسلوب الممل بكل ما ينطوي عليه من مغالطة واستغفال للمتلقين طوال سنوات العدوان الماضية وهي حالة مخيفة تدل على الشذوذ الفكري وتمثل تعدياً صارخاً على ضوابط وقيم وأخلاق الرسالة الإعلامية .
لإثبات هذه المفردة لن نحتاج إلى استعراض الكثير من الأدلة والبراهين ولسنا مضطرين إلى الاستشهاد بفضائح المدعو محمد العرب بما مثلته من صفاقة وسلوك مخز وامتهان لعقل المتلقي، مع ذلك لا يُشرف أحد توظيفها لإثبات ما نحن بصدد الحديث عنه ونكتفي بنموذجين :
الأول : حدث صباح 27 مارس 2015م أوردته القنوات على لسان أحمد عسيري المتحدث السابق باسم قوات ما يسمى بالتحالف العربي الذي ظهر في حالة زهو وانتشاء يتحدث بأن هجوماً عدوانياً سافراً دمر أكبر قاعدة لمنظومة الصواريخ بالقرب من مطار صنعاء ووصف الواقعة بالقاصمة الكفيلة بحسم المهمة ودفع مليشيات الحوثي الإيرانية الإرهابية للاستسلام ، لم يطول أمد الزهو الكاذب صباح اليوم التالي فاق العالم على جريمة لاإنسانية مروعة هدمت المنازل على رؤوس المدنيين الآمنين في منطقة بني حوات وشاهد العالم أشلاء الأطفال والشيوخ والنساء متناثرة والأجسام ممزقة ، مع ذلك استمرت وسائل الإعلام على نفس الغي فأضافت قناة الحدث الأكبر معلومة جديدة مفادها أن مليشيا الحوثي الإرهابية تحتضر وأن خبراء عسكريين إيرانيين سقطوا جراء الضربة .
الثاني : صباح الخميس 16 أبريل 2020م بثت قناتي العربية والحدث خبراً بعنوان (مليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف المدنيين الآمنين في مارب بصاروخ باليستي)
وسائل الإعلام المنتظرة للثمن تناقلت المعلومة كمسلمة لمضاعفة المقابل أضافت بهارات إيران ووصف أنصار الله بالإرهاب ، وفي اليوم التالي تحولت النشوة العابرة إلى مأزق عندما ظهرت الحقيقة من نفس المصدر وهو يتحدث عن ضحايا من العسكريين ليفضح نفسه ويؤكد أن الصاروخ استهدف معسكراً يضم مرتزقة وجنوداً سعوديين ، وهناك شواهد عديدة مماثلة في هذا الجانب كفيلة بكشف الأوراق وتحديد من المجرم المعتدي ومن الإرهابي ومن المظلوم الذي يدافع عن نفسه وضمان وجوده ، إلا أن العالم يتعمد التجاهل بما في ذلك إحاطات ممثل أمين عام الأمم المتحدة الذي يعمم الاتهام ولا يفرق بين الضحية والجلاد ، مع أن الأمور واضحة ومشاهد الإثبات ماثلة للعيان كفيلة بإجلاء الحقيقة ، إلا أن عمى الألوان ووفرة المال المعزز بتوجيه ورعاية مصدر النفوذ والهيمنة أفقد الناس البصيرة والقدرة على التمييز والوقوف مع الحق ضد الباطل مما مكن الأعداء من تسويق الظلال وإتباع معايير مزدوجة وأساليب ملتوية في الوصف والتقييم وإصرار مخيف على قلب الحقائق وتوظيفها باتجاه خدمة النوايا المبيتة وإن اقتضى الأمر شيطنة كل شيء بما في ذلك المصطلحات واعتبار المتقي المدافع عن عزة وكرامة الشعب وسيادة واستقلال الوطن المستهدف من جماعات القاعدة وداعش التكفيرية إرهابياً والآخر من يرعى هذه الجماعات ويمدها بالفكر والمال ويستعين بها في معاركه الداخلية والخارجية محارباً للإرهاب .
إلى متى سيستمر هذا الظلم الفادح؟! وإلى متى ستظل أيادي الدول رخوة ومرتعشة طرية إلى درجة الصمت على النزوات التي تقتحم حياة الشعوب وتحولها إلى مرتع للعنف وإراقة الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء وتحويل الدم إلى آلية لتمرير الأمزجة وخدمة المصالح المشبوهة؟!!
بالتالي تؤكد كل المعطيات فداحة الاختلال الذي أصاب النظام ا لدولي بحيث تحول إلى واجهة لخدمة المصالح الأمريكية ، تبعاً لهذه المسلمة تتضح مشكلتنا الكبرى في اليمن ، لأن المستفيد الحقيق مما يجري هي أمريكا وهي التي توظف صفة الإرهاب في محاولة لإخضاع الشعب اليمني لإرادتها ولأن مصلحتها تقتضي إطالة أمد العدوان وتتعامل بإزدواجية حيال هذا الأمر ، من جانب تتشدق بدعم الحل السياسي ومن جانب آخر تعطي المهل والفرصة للمعتدين المباشرين وتمدهم بأفتك الأسلحة وتغذي أذرع داعش والقاعدة العسكرية بوسائل الإسناد المختلفة لإطالة أمد العدوان والحصار بقصد لإنهاك الجانب الوطني حتى يقبل بالأمر الواقع ، واستخدام كل الوسائل منها صفة الإرهاب التي يتشدق بها النظام السعودي على قاعدة ((رمتني بدائها وأنسلت)) والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا