تجاوزت العلاقات اليمنية السعودية منذ وقت مبكر المفهوم الجامد لأشكال التعاون الثنائي بين دولتين لتخط لنفسها أنموذجا◌ٍ متحضرا◌ٍ وراقيا◌ٍ وعمليا◌ٍ يؤسس لشراكة حقيقية وتكامل خلاق بين البلدين الشقيقين¡ وهو الأنموذج الذي برزت أهم تجلياته بشكل واضح ودقيق فيما أفضت إليه القمة اليمنية السعودية التي عقدت يوم أمس في الرياض برئاسة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز¡ من تأكيدات متبادلة وحرص مشترك على المضي بالعلاقات الثنائية قدما◌ٍ والارتقاء بها إلى مستوى ما تفرضه متطلبات التكامل والشراكة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والاجتماعية وغيرها من المجالات وبما يلبي آمال وتطلعات الشعبين اليمني والسعودي اللذين يمثل كل منهما عمقا◌ٍ استراتيجيا◌ٍ للآخر.
وفي تأكيد القيادتين السياسيتين على مضمون التكامل والشراكة دلالة مباشرة على أن العلاقات اليمنية السعودية صارت مؤطرة بسلسلة مترابطة من السياسات والبرامج والتوجهات والأجندات المشتركة وواحدية الهدف والمصير بعد أن أدركت القيادتان السياسيتان أن علاقات بهذه الحميمية تتكئ على أواصر القربى والجوار والدين واللغة والتاريخ والتراث وكذا التداخل والتشابك في المصالح والمنافع والتطلعات المشتركة¡ لا يمكن أن يحكم تطورها سقف محدد¡ لكونها من العمق والرسوخ ما يجعل من أي تطور تحققه أمرا◌ٍ م◌ْلبيا◌ٍ لرغبة القيادتين والشعبين في البلدين الجارين وم◌ْجسدا◌ٍ لقناعتهما الثابتة والراسخة بأن ما يجمعهما هو عروة وثقى لا يمكن اختزالها في مسار جامد من العلاقات التقليدية التي يغلب عليها – عادة – طابع العاطفة أو الأنماط الشكلية¡ باعتبار أن العلاقات اليمنية السعودية تتميز بخصوصية فارقة تكسبها صفة الاستثنائية.. ولا نجد أبلغ مما عبر عنه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وأخوه خادم الحرمين الشريفين وهما يربطان هذه الاستثنائية بامتزاج دم أبناء الشعبين الشقيقين في مواجهتهما لأعمال التمرد والتخريب الحوثية وهو ما مثل الشاهد الحي على المكانة الرفيعة التي تتفرد بها هذه العلاقات عن غيرها.
والشيء الثابت أن اللقاءات التي بين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز¡ وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام في المملكة العربية السعودية¡ في هذا الوقت العصيب لابد وأن نتائجها الإيجابية ستعود بثمارها على الشعبين الشقيقين ودول وشعوب المنطقة والعمل العربي المشترك بشكل عام¡ خاصة وأن تنسيق مواقف البلدين في المرحلة الراهنة التي تجابه فيها الأمة العربية والإسلامية تحديات صعبة وأخطارا◌ٍ جمة تستدعي المزيد من تعميق التضامن وتوحيد الصف.
ولا شك في أن ما تتحلى به القيادتان السياسيتان من حكمة ورؤية ثاقبة تجعل من لقاءاتهما ذات أهمية بالغة على المستوى الثنائي والإقليمي والعربي والإسلامي والدولي لاعتبارات كثيرة أهمها الدور الذي يمكن أن تلعبه القيادتان على صعيد حلحلة الملفات والقضايا العالقة¡ وإيجاد الحلول للأزمات التي تلقي بظلالها على الأوضاع في منطقة الجزيرة والخليج العربي والعالم العربي والإسلامي.
وفي ضوء ذلك حرص أيضا◌ٍ فخامة الرئيس علي عبدالله صالح على زيارة مملكة البحرين الشقيقة للقاء أخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للتشاور حول مختلف القضايا ذات الصلة بالعلاقات الثنائية التي تشهد تطورا◌ٍ مضطردا◌ٍ في مختلف المجالات¡ وكذا مناقشة القضايا التي تهم البلدين وأمتيهما العربية والإسلامية¡ وبالقدر الذي يثمن فيه أبناء الشعب اليمني دعم الأشقاء اللا محدود في المملكة العربية السعودية لأمن واستقرار ووحدة ومسيرة التنمية في اليمن¡ فإننا أيضا◌ٍ نقدر للأشقاء في مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام مساندتهم ووقوفهم إلى جانب بلادنا وهي المواقف التي عبر الأشقاء من خلالها عن أن قوة اليمن وأمنه واستقراره هي قوة لأشقائه في دول الجوار كما أنه العمق الاستراتيجي لمحيطه الخليجي وسند له¡ الأمر الذي يتأكد معه أنه ليس أمام اليمن وأشقائه في هذه المنطقة من خيار سوى العمل معا◌ٍ من أجل خدمة المصالح المشتركة وتعزيز التعاون والتنسيق في مختلف المجالات وبما يحقق الخير والأمن والسلام للجميع.
Prev Post
Next Post