الدكتور إبراهيم السراجي أخصائي علوم بيولوجية لـ”الأسرة “: عدم وصول الفيروس إلى اليمن نعمة من الله يجب المحافظة عليها بمنع دخول القادمين من الدول الموبوءة
المسلّم به عالميا أن ظهور فيروس المستجد كورونا يشكل تحديا أمام بلدان العالم ..ونحن نعلم جيدا أن هذا المرض ينتمي إلى فيروسات كورونا وتعتبر فيروسات متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم من أفرادها ..الدكتور إبراهيم محمد حسن السراجي أخصائي علوم بيولوجية، علم النباتات الطبية ، دكتوراه في النباتات الطبية من الهند، “مقيم في ماليزيا”، استعرض في هذا الحوار الذي أجرته معه “الأسرة” تفاصيل دقيقة عن المرض وكيفية الوقاية منه وطرق انتقال العدوى.. تفاصيل أخرى عن فيروس كورونا تجدونها في ما يلي :
الثورة /
وائل الشيباني
كورونا حديث الشارع على مستوى العالم ؟ماذا يعني وماهية هذا الفيروس؟
– كورونا فيروس يحتوي على شريط RNA ويحتوي على غلاف جليكوبروتيني يغلف المادة النووية تسمى CAPSID ويتميز باحتوائه على غشاء دهني ثنائي الطبقة يتكون من جزئين ،جزء محب للماء وهو الجزء القطبي، وجزء آخر كاره للماء وهو الجزء غير القطبي، هذه الصفات التي اكتسبها الفيروس بالإضافة إلى صفات أخرى لم تكن موجودة في أنواع الفيروسات التاجية الأخرى، ساعدت هذه الصفات الفيروس على التخفي من جهاز المناعة لاحتوائها على مواد جليكوبروتينة ومواد دهنية تعمل على إرباك وتشويش الجهاز المناعي ولذلك لا يستطيع التمييز بينها ولا يقاومها ولا يعتبرها من الأعداء، ولذلك يسهل دخول الفيروس إلى الجسم دون مقاومة من جهاز المناعة في بداية العدوى أو تكون المقاومة محدودة وتزداد المقاومة بعد بدء الفيروسات بالتناسخ والتكاثر والانتشار عن طريق المادة الوراثية بعد أن تصل إلى الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي وعندما تبدأ بالتكاثر يبدأ الجسم بالمقاومة ولذلك تظهر الحمى خفيفة ثم تزداد تدريجيا حتى تصل إلى درجات عالية بعد فترة من خمسة أيام إلى أسبوع منذ بداية العدوى.
طريقة انتقال العدوى ؟ وكيف تتم ؟ وكيفية الوقاية منه؟
– تضاربت الروايات عن طرق العدوى وطرق انتقال الفيروس وخلاصة الموضوع أنها لا تتم إلا بانتقال جزء من الفيروس من الشخص المصاب أو الحامل للعدوى إلى الشخص السليم عن طريق الرذاذ أو عن طريق أي من سوائل الجسم المختلفة ، ولذلك يجب الوقاية من مخالطة المرضى والمصابين وعزلهم أو الحاملين للفيروس أو حتى الاحتراز من الأشخاص الذين تماثلوا حديثا للشفاء حيث يحتمل قدرتهم على نقل العدوى في فترة النقاهة وقد تختلف هذه الفترة من شخص لآخر حسب قدرة جهازه المناعي وعلى درجة حيوية الفيروس ونشاطه وتواجده في الأغشية المخاطية، ولذلك فإن الحظر مهم جدا لإبعاد احتمالية انتقال الفيروس وعزله في إطار جغرافي محدد، ويجب على أولياء الأمور عزل أنفسهم ووقايتهم وأفراد أسرهم من احتمالية العدوى والبقاء في المنازل والوقاية الشخصية عن طريق النظافة الشخصية وغسل اليدين والتعقيم للأيدي والأنف والفم والعينين والوجه بالغسل والنظافة المستمرة أمرٌ مهم جدا للوقاية، لقد نشرنا في مقال سابق في جريدة “الثورة” طريقة تحضير معقم منزلي بسيط وفعال لحماية أفراد الأسرة من الجراثيم.
هل تنتقل العدوى من الشخص المتعافي إلى الشخص السليم ؟
– احتمال كبير جدا انتقال العدوى من الأشخاص المتعافين حديثا حتى اذا اختفت الأعراض وحصل الشفاء ويجب التأكد من عدم إمكانية نقل الشخص لعدوى جديدة عن طريق اختبارات بلازما الدم، ولهذا يجب أخذ الاحتياطات اللازمة أثناء مخالطة الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء.
هل يمكن أن تعود العدوى وتصيب الأشخاص المتعافين مجددا؟
– نعم ..بالتأكيد فهذا النوع من العدوى الفيروسية الوبائية لا تعتمد اعتمادا كليا على جهاز المناعة للتشافي و لا يستطيع جهاز المناعة تمييز هذا النوع من الفيروسات ولذلك لا يستطيع أيضا تكوين مناعة دائمة ضد هذا النوع من الفيروسات وهناك احتمالات عديدة، أما احتمال تعرض الشخص المتعافي لعدوى خارجية جديدة من شخص مصاب مثلها مثل باقي أنواع الأنفلونزا الفيروسية العادية التي يمكن أن يصاب بها الشخص مرة أو مرتين في الشهر أو أكثر من ذلك ولا يستطيع الجسم تكوين مناعة ذاتية ضد هذه الأنواع من الفيروسات، ولم نسمع بأن أي شخص تعافى تماما من الأنفلونزا الاعتيادية ولم تعد تصيبه من جديد، والاحتمال الآخر هو ظهور إصابة جديدة بالفيروس مصدرها داخلي من آثار الإصابة القديمة حيث من الممكن تحول الإصابة إلى إصابة مزمنة يستمر بقاء الفيروس في حروب متقطعة مع جهاز المناعة ويعاود الظهور كل ما سنحت له الفرصة بذلك أثناء ضعف جهاز المناعة، كما أن هناك احتمالاً ثالثاً وهو احتمال إصابة الشخص بأنفلونزا عادية يمكن في أثنائها أن يستغل الفيروس الكامن الفرصة عندما يضعف جهاز المناعة فيبدأ بالظهور مجددا، ولهذا من المؤكد أن الإصابة التي يمكن ان يتعرض لها الجسم مجددا كإصابة ثانوية أو انتكاسة غالبا ما تكون أشدّ فتكا من الإصابة السابقة لأن الفيروس كان في مرحلة كمون وتطور وتأقلم مع دفاعات الجسم وتكيف مع الأدوية المتاحة يستطيع خلال هذه الفترة إنتاج أجيال أكثر مقاومة للأدوية وعادة ما تكون اشد ضراوة من أسلافها.
هل هذا الفيروس طبيعي أو مهجَّن ؟
– أجزم بأن هذا الفيروس لا يمكن أن يكون طبيعياً مقارنة بالفيروسات التاجية الأخرى التي تحمل شريط RNA، وان هذا الفيروس مطوَّر وخريج مختبرات وليس فيروسا عاديا وصفاته مكتسبة بالهندسة الوراثية وهناك دراسات عديدة أشارت إلى ارتباط الشفرات الوراثية للفيروس بشفرات وراثية لفيروسات أخرى أو مأخوذة من حيوانات أخرى، وهذا دليل على شدته وضراوته ومقاومته للأدوية وسرعة انتشاره وسرعة فتكه بالمرضى ومقاومته للظروف البيئية والتغيرات المتباينة لنوع الفيروس حيث تم اكتشاف ثمان سلالات مختلفة لنفس النوع وهذا دليل على التطور والتأقلم والتكيف الشديد الذي يتمتع به هذا الفيروس، كل هذه الصفات تدل على أن هذا الفيروس مهندس وراثيا لاستخدامه في الحروب البيولوجية القذرة ولم يظهر بمحض الصدفة وهو ليس طبيعياً.
هل يمكن أن ينتهي هذا الوباء بسهولة؟ أم سيظل لفترة طويلة ؟
– هذا الفيروس من الأحياء الدقيقة المصنفة كوباء، لأن الفيروسات الأخرى المسببة لبعض الأمراض ليست بمثل هذه الضراوة والشدة والسرعة في الفتك بالمريض، وهناك أوبئة يعتقد بعض العلماء بأنها انقرضت ولكنها مع الأسف لم تنقرض بل ما زالت في حالة كمون والفيروسات والبكتيريا تظل في حالة من الكمون والتطور والانتظار إلى أن تكون العوامل البيئية مواتية للظهور و الانتشار فقد يظهر وباء مرة أخرى بعد أن ظن العلماء انه انقرض ويعاود الظهور بعد فترة زمنية طويلة قد تمتد إلى قرن من الزمان أو أكثر أو أقل، فلكل زمان ولكل مكان فيروسات وجراثيم تظهر عندما تكون الظروف البيئية ملائمة ولذلك فإن اختلاف البيئة والتغيرات المناخية لها دور واضح في تفشي أمراض وفيروسات جديدة أو حتى تطور فيروسات وظهور صفات أخرى جديدة فيها، كما تعمل التلوثات البيئة والصناعية والمواد الكيميائية والمبيدات والمضادات الحيوية والأدوية ومخلفات الإنسان والمعامل والمستشفيات ومخلفات الحيوانات على ظهور أنواع جديدة أو تطور أنواع قديمة وظهورها بمميزات جديدة اكثر فتكا من أسلافها. فالتطورات الغريبة التي تحدث في الفيروسات الطبيعية دون تدخل الإنسان ما هي إلا وسائل للدفاع عن النفس وحماية الأجيال لغرض التكاثر والحفاظ على النوع، ولذا يجب التفكير بمنطق لإيجاد حلول ناجعة تعالج مثل هذه الأوبئة بحكمة وتحمي الناس من المخاطر المحتملة جراء هذه الوبئة الفتاكة، واعتقد أن هذا الوباء ليس الأشد أو الأكثر خطورة إلا أنه يمكن أن يكون بداية لعصر الأوبئة الأشد خطورة والأكثر فتكا من هذه الفيروسات.
ماذا عن النظريات الحديثة الرائجة حاليا مثل علاقة 5G بظهور الفيروس ؟كذلك نظرية ارتباط الفيروس بهيموجلوبين الدم وليس مع خلايا الحويصلات الرئوية؟
– نظرية 5G أنا لا استبعدها أبداً ولكن ليست كلها وإنما جزء منها، من وجهة نظري يمكن أن تسبب الإشعاعات المنبعثة من أجهزة البث ذات السعات العالية والطول الموجي القصير والمدى البعيد والترددات العالية يمكن أن تحدث طفرات جينية تتسبب بانتشار فيروسات معينة موجودة مسبقا ولكن حدوث طفرات في جيناتها أدت إلى ظهور صفات جديدة في أنواع محددة من الفيروسات سواء داخل جسم الإنسان المعرض لجرعات عالية من هذه الإشعاعات أو يمكن إن حصل تطور الفيروسات داخل خلايا كائنات حية أخرى وبعدها يمكن أن ينتقل إلى الإنسان، ولهذا يمكن أن يكون لهذه الإشعاعات المؤينة دور في تطوير طفرات جينية تحول الفيروسات إلى كائنات اشد فتكا، كما قد تساعد هذه الإشعاعات المؤينة في ظهور طفرات جينية في خلايا الجسم البشري أو إحداث تلاعب في الجينات تؤدي إلى ظهور أنزيمات جديدة أو عدم إفراز أنزيمات محددة خاصة بالشفرات الوراثية البشرية أو الحيوانية أو إحداث تغيرات فسيولوجية خاصة بجهاز المناعة، تسمح بظهور وتطور أنواع جديدة من الفيروسات وتكاثرها دون أي مقاومة من الجهاز المناعي، وهناك احتمالات كثيرة وواردة في هذا الخصوص، يجب دراسة الآثار المترتبة على مثل هذه الإشعاعات قبل انطلاقها على حيوانات التجارب.
أما بالنسبة لنظرية الهيموجلوبين وارتباط الفيروس وتأثيره على كريات الدم الحمراء ومنع حمل الأكسجين عبر الحديد ومنع التبادل الغازي فهي النظرية الأرجح ولهذا فإن إعطاء المرضى مميعات الدم سوف يساهم في عدم حدوث الجلطات ،حيث يموت اغلب المصابين بفيروس كورونا بسبب الجلطات في أوردة الرئة أو المخ، وبالنسبة لنظرية المستقبلات الخاصة بالفيروس على غشاء الخلية البشرية يمكن أن تساهم في إيجاد دواء لعلاج هذا الوباء العنيد.
المرضى والوفيات الكثيرة في الدول المتقدمة لماذا لم تحدث في الدول الأخرى؟
– أولاً سرعة الاستجابة والإعداد الجيد من أهمّ العوامل المؤثرة وكذلك عدم الاستهانة بالوباء وسرعة العزل للأصحاء والحجر الصحي للمصابين من اهم العوامل المساعدة لحصار الوباء، وبالنسبة لعدد الوفيات رغم التقدم العلمي فهو ناتج عن العمر حيث يقضي الفيروس على الأشخاص الأقل مقاومة والحالات المرضية المزمنة حيث تكون مناعة الأشخاص أقل وكذلك التهاون وعدم التجهيز المسبق للوباء وعدم أخذ الاحتياطات الصحية اللازمة قبل تفشي الوباء، وكذلك اعتماد الدول على بروتوكولات طبية وعلاجية جاهزة، وفي اعتقادي أن الوفيات أغلبها ناتجة عن البروتوكولات العلاجية الخاطئة وأهمها وضع جهاز التنفس الاصطناعي دون إتاحة الفرصة للمريض بأن يتخلص من البلغم والسوائل المتراكمة في الرئتين وامتلاء الحويصلات الرئوية بالسوائل والسموم مما يؤدي إلى عدم إتاحة الفرصة للرئتين بالتبادل الغازي رغم وجود الأوكسجين عن طريق الجهاز، ولذلك اكتشف مؤخرا بعد تشريح جثث الموتى في إيطاليا بأن سبب الوفاة ليس فشل الجهاز التنفسي ولكن وجود جلطات صغيرة في الأوردة والشرايين الخاصة بالرئتين ولذلك بدأوا باستعمال مذيبات الجلطات وكانت النتائج ممتازة جدا في تقليل عدد الوفيات.
ما هو وضع اليمن حاليا في حال انتشار الوباء لا سمح الله في جميع أنحاء العالم ؟
– نحمد الله سبحانه وتعالى أن منّ على اليمن بهذه النعمة العظيمة وهي عدم دخول الوباء إلى اليمن وهذه النعمة الإلهية والرحمة العظيمة تحتاج للمحافظة عليها وذلك بمنع القادمين من الدول الموبوءة من الدخول.. ويجب تشديد إجراءات الحجر الصحي والاحترازي والتوعية المجتمعية والنظافة الشخصية والاستعداد لأي طارئ وذلك بتخصيص مكان بعيد للحالات المشتبه بها ومكان آخر للحجر الصحي المفرد والمعزول وليس الحجر الصحي الجماعي وكذلك توفير الأدوية اللازمة ووسائل التعقيم الصحيح والأجهزة والأدوات وتدريب الكوادر الصحية وغيرها من خطط الطوارئ لمواجهة الأوبئة.
ما هو السيناريو الأكثر احتمالا لعلاج فيروس كورونا ؟
– السياريو الأكثر احتمالا من وجهة نظري لعلاج فيروس كرونا هو السعي نحو اكتشاف وتطوير علاج يعتمد كلية على آلية عمل تمنع تكاثر وتناسخ الشفرة الوراثية للفيروس عن طريق البروتينات التي تحمي الفيروس وتؤدي إلى تخفيف حدة الفيروس وشراسته وتحد من انتشاره وهذا العمل البحثي يحتاج إلى وقت وجهد وتكاتف الباحثين في شتى مجالات البيولوجي وعلم الأدوية السريرية والمختبرات الطبية وغيرها من العلوم ذات الصلة.
ماذا عن طرق الوقاية للحد من انتشار الوباء ؟
– يجب أن يكون شعارنا دوما الوقاية خير من العلاج، وهناك الكثير من طرق التثقيف الصحي حول طرق الوقاية والتعقيم وغسل اليدين يجب اتباعها وكذلك استخدام الأدوية النباتية المتاحة للوقاية وهي تلك النباتات التي تحتوي على مواد مضادة للأكسدة والتي تحتوي على مواد قلوية عالية يستطيع الجسم بها رفع مناعته ومواجهة الفيروس وعدم السماح له بالانتشار والتكاثر وتخفيف الآثار السلبية التي يتركها في خلايا المصاب ..نسال الله تعالى أن يجنّب اليمن شر هذا الوباء وغيره من الأوبئة .