استغلال ونفعية

حمود أحمد مثنى
كانت الروايات الأدبية الغربية المستشرفة للمستقبل تتحدث عن احتمالية مواجهة البشرية خطراً قادماً وحتمياً لا بد من حدوثه، إما من مخلوقات فضائية تأتي من مجرات بعيدة تتفوق علينا تكنولوجياً أو من تغير المناخ وغرق قارات أو شتاء دائم أو جراء انتشار وباء بسبب طفرة جينية لأحد المكروبات ما يتطلب اتحاد البشرية لمواجهة هذا التحدي الشامل تحت قيادة الغرب وتحديدا أمريكا وهذا قد يساعدها على منحها الجدارة لقيادة العالم وبالتالي وفق تصور السيناريو أثناء بدء حدوث الكارثة يتوجه رئيس الإدارة الأمريكية بخطاب للعالم يدعو من خلاله الأمم للاتحاد لمواجهة التهديد القادم ويقدم مبادرة لإيقاف الصراع مع شعوب العالم وسحب القواعد العسكرية الأمريكية من مناطق التوتر كدليل على حسن النية وجدية مواجهة الخطر ويدعو إلى تشكيل قيادة موحدة للعالم استعدادا لمواجهة الخطر الذي يهدد بفناء البشرية .. ومع خطر كورونا الآن نجد أن الإدارة الأمريكية لم تستطع تحقيق هذه الرؤيا واستحقاقها لقيادة العالم بل فشلت وأعاقت اتحاد البشرية لمواجهة الخطر، وأعتقد أن سبب ذلك يرجع إلى منظومتها الفلسفية السياسية والاقتصادية القائمة على الهيمنة والنفعية التي قهرت الشعوب واستغلت ثرواتها فلم تستطع التحرر من هذا الإرث والذهنية إذ تطبعت قيادتها السياسية والعسكرية أخلاقيا بهذه الفلسفة.
فتصريحات ترامب تؤكد هذا النهج أولا اتهامه الصين بهذا الفيروس وبما يعني أن علي الصين التعويض على غِرار قانون جاستا الخاص بأحداث 11سبتمبر2001م كما أن قوله بأن الكل يستورد من الصين يتضمن تهديداً آخر للدول التي تستورد من الصين، وهنا يتبادر الى الذهن الشك في أن أمريكا تريد إنقاذ اقتصادها وبقاءها كدولة عظمى باستغلال أزمة كورونا كما استغلت حادثة تفجير برجي مركز التجارة العالمي بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية.

قد يعجبك ايضا