الشهيد الصماد .. رئيس في خدمة الشعب

 

عبدالفتاح علي البنوس
مثَّل الرئيس الشهيد صالح علي الصماد شخصية فريدة من نوعها ، حيث تحلى بالسجايا والخصال الحميدة ، وتفرَّد بإنسانيته التي جسدها في حياته سلوكا وممارسة والتي طغت على كافة توجهاته ومواقفه وقراراته وخطاباته ، ولا غرابة فهو المواطن البسيط الذي جاء من قلعة الصمود صعدة ، عايش سنوات البؤس والشقاء وخاض الحروب الست منتصرا لمظلومية أبناء محافظته الذين تعرضوا للظلم والتعسف والقتل والتنكيل من قبل السلطة الغاشمة بأوامر وتوجيهات سعودية وبضوء أخضر أمريكي إسرائيلي ، بعد أن أدركوا خطر الفكر النيِّر ، والثقافة القرآنية التي يتحلى بها أنصار الله ، والتي كان الرئيس الشهيد صالح علي الصماد أنموذجا فريدا يحتذى به في جانب الوعي والبصيرة والثقافة ، فكانت محاضراته وكلماته محط إعجاب واندهاش كل المستمعين إليها ، عمق في الطرح ، قوة في المضمون ، دقة في التشخيص ، براعة في الإقناع ، ومتعة في تسلسل الأفكار ، وقدرة فائقة على التوظيف والربط القرآني الذي يلفت الانتباه ، ويشد المسامع ، ويستوطن سويداء القلوب .
ظل رضوان الله عليه متواضعا ، زاهدا في الدنيا ومغرياتها وملذاتها ، حتى قبل توليه مهام رئاسة الجمهورية ، خلال عمله رئيسا للمكتب السياسي لأنصار الله ، حيث كسب الجميع بنبل أخلاقه ، وحسن تعامله ، وإنسانيته ، فكان قريبا من أبناء الشعب ، ملامسا لهمومهم ومشاكلهم ، وعمل جاهدا على خدمتهم ، والتخفيف من معاناتهم جراء العدوان والحصار وتداعيات انقطاع المرتبات ، وأفرد رضوان الله عليه في مشروعه التنموي الوطني الذي يحمل شعار ( يد تحمي ويد تبني) حيزا كبيرا للاهتمام بالمواطنين وتطوير وتحديث الخدمات الأساسية بما يواكب التطورات التي يشهدها العالم في هذه المجالات ، لنبدأ وننطلق من حيث انتهى الآخرون ، وبما يكفل لهم الحياة الكريمة والعيش الرغيد .
وظل حريصا على المواطنين وتوفير الخدمات الأساسية لهم ، ولا زلت أتذكر عندما اشتدت وطأة أزمة الغاز المنزلي بسب قيام مرتزقة العدوان في مأرب برفع أجور نقل مادة الغاز عبر المقطورات المملوكة لهم وتأخير المقطورات التابعة لأصحاب المحطات الواقعة في المحافظات الحرة ، علاوة على قيامهم باختلاق أزمات متكررة ونصب قطاعات بهدف زيادة الطلب على مادة الغاز ، وإنعاش السوق السوداء ، في الوقت الذي تفرض فيه قوى العدوان قيودا صارمة على استيراد مادة الغاز المنزلي واحتجاز السفن المحملة بالغاز في ميناء جيزان وفي جيبوتي ، حيث عقد الرئيس الشهيد اجتماعاً مع كبار تجار الغاز واستمع إلى شكاواهم وناقش معهم سبل أنهاء أزمة الغاز ، وحينها أصدر الرئيس الصماد توجيهات بإعفاء مادة الغاز من رسوم الجمارك والتحسين وغيرها من الرسوم القانونية مقابل التزام تجار الغاز بتوفيره بسعر 3000ريال للأسطوانة الواحدة وخلال ساعات انتهت أزمة الغاز .
ولا زلت أتذكر كلمته التي ذكر فيها قيامه بتوقيف قرابة 1500قرار بمكتبه ، كلها خاصة بتعيينات جديدة لأشخاص غالبيتهم تم تذييل خطاب التعيين بأنهم من المجاهدين ، حيث أكد أن المجاهدين يقاتلون في الجبهات ويرابطون في الثغور ولا يبحثون عن وظائف ، وكذا حرصه على صرف ما يتسنى من مرتبات ، بحسب ما يتوفر للدولة من إيرادات ، وغيرها من المواقف التي جسد من خلالها الرئيس الشهيد صالح الصماد أسمى معاني الإنسانية .
بالمختصر المفيد، شخصية الرئيس الشهيد صالح علي الصماد تكاد تكون استثنائية رغم قربها من شخصية الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي ، حيث شكل الشهيد الصماد علامة فارقة في التاريخ السياسي اليمني ، فالرجل الذي نجح في قيادة سفينة الوطن والإبحار بها إلى شاطئ الأمان ، رغم الزوابع والأعاصير والأمواج المتلاطمة ، مثَّل القاسم المشترك لكل القوى اليمنية الوطنية ، فكان بمثابة شوكة الميزان ، التي يسلم الجميع لحكمها وقرارها ، وكان صمام أمان وتماسك ووحدة الجبهة الداخلية ، والتي ظل حريصا على تماسكها من باب حرصه على أبناء الشعب ، ولكي لا تذهب تضحيات الشهداء هدرا ، ولأنه صدق مع ربه ، وكان مخلصا لوطنه وشعبه ، قدم روحه الطاهرة في سبيل الله دفاعا عن الوطن ، وذودا عن حماه ، في أعلى صور التضحية والفداء ، وضحى بنفسه ، غير مكترث بالخطر الذي يتهدده ، رضوان الله عليه .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .

قد يعجبك ايضا