الحفاظ على المصلين من وباء الكورونا مسؤولية مجتمعية وحكومية مشتركة خاصة بعد تفشي هذا الوباء عالمياً وإعلان أول إصابة في اليمن في حضرموت، الأمر الذي يتطلب مضاعفة الجهود والإجراءات لضمان سلامة المواطنين خاصة في دور العبادات المزدحمة بالمصلين .. «الثورة» التقت عدداً من المسؤولين في وزارة الأوقاف للاطلاع على الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لحماية دور العبادات من هذا الوباء القاتل وخرجت بالحصيلة التالية:
الثورة /أسماء البزاز
تواصل لجان وزارة الأوقاف والإرشاد أعمالها الميدانية لتعقيم دور العبادة في أمانة العاصمة ومختلف المحافظات حيث بلغ عدد المساجد التي تم تعقيمها ألفاً و500 مسجد على مستوى الأمانة، ضمن حملة تنفذها الوزارة بالتنسيق مع مكتبها بالأمانة في إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
يحيى الحوثي، الوكيل المساعد لقطاع التوجيه والإرشاد بوزارة الأوقاف، أوضح أن الواجب على المؤمنين عند نزول الشدائد والنوازل الرجوع إلى الله والتضرع له بكشف ما نزل بالناس من شدة وبلاء وبما أن المساجد هي بيوت الله فإنها أقرب الأماكن لطاعة الله ولكن لا يعني ذلك التفريط في الأخذ بالأسباب والحيطة والحذر لأن هذا مما أوجبه الله على المؤمنين فقال تعالى : (وخذوا حذركم) .
جهات مختصة
وقال الحوثي: إن التعقيم والإرشادات التي نقوم بها في وزارة الأوقاف والإرشاد والأخذ بكافة الإجراءات التي توصي بها الجهات المختصة هو واجب ديني كما أن الصلاة والتضرع إلى الله واجب ديني فالمفترص أن يكون الإنسان المؤمن المحافظ على الصلاة الملازم للمسجد هو القدوة للمجتمع في الانضباط والالتزام لأن ديننا الإسلامي هو دين الالتزام والانضباط ,والمسجد هو مصدر ومنبر التوعية والإرشاد والالتزام الديني ورواد بيوت الله هم القدوة الحسنة للمجتمع .
داء قاتل
من جانبه يقول عبدالرحمن الموشكي – مدير عام الوعظ والإرشاد بوزارة الأوقاف: إِنَّ ما يصيب العالم اليوم من وباء قاتل يُدعى كورونا لأكبر دليل على أَنَّنَا من أضعف المخلوقات داعيا لأخذ الدروس والعبر من هذا الفيروس القاتل الذي قال عنه الأطباء إِنَّهُ يصيب الجهاز التنفسي للإنسان ويتحكم فيه ويعطله فلا يقدر المصاب به على التنفس، وإذا انقطع النفس انقطعت حياتك ولحقت بربك، فتلقى جزاء عملك في الدنيا خيراً كان أو شراً، وهذا دليل على ضعفك فارجع إلى الله :(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
دروس وعبر
ومضى الموشكي يقول : إن في كورونا الذي أهلك الدول العظمى عدة دروس منها أَنَّهُ دليل واضح ينادي لِمَنْ يمجدون ويعظمون ويتحالفون مع أمريكا وإسرائيل بأنهم مخطئون في تعظيمهم، فهو دليل يناديهم: ارجعوا أيها المتحالفون مع اليهود والنصارى! فهم ضعفاء هم غير قادرين على قتال ومدافعة فيروس صغير جداً فيروس ضعيف لا يُرى بالعين المجردة فارجعوا عنهم وقاتلوهم وثقوا بربكم القاهر فوق عباده وتحالفوا مع الله أعلنوا الصلح مع الله أعلنوا الخضوع والذلة لله فهؤلاء الأمريكان واليهود مع ما يملكون من قوات وقنابل نووية وصواريخ عابرة للقارات ومدمرات وغواصات وكاسحات ومهما ملكوا فهم أضعف وأحقر وأعجز من أن يقاتلوا فيروساً صغيراً؛ ماذا عساهم يفعلون؟ أيضربونه بقنابل نووية أم نيتروجينية؟ هيهات لا يستطيعون، وليس لهم ذلك؛ فأفيقوا أيها المؤمنون والجأوا إلى القاهر فوق عباده.
وأضاف : لنا من هذا الفيروس عبر أخرى، فلم ينزل الله العذاب على قوم إلا بسبب عصيانهم وظلمهم ألم تقرؤوا قول الله : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) فهذا جزاء الظلم فأمريكا وإسرائيل، ودول الخليج آل سعود وآل نهيان وكثير من العرب قد عاثوا في الأرض الفساد نهبوا وقتلوا وحاصروا وزَنَوا وفسقوا وعملوا أقبح الأفعال، وارتكبوا أبشع الجرائم في كل فرد مسلم بل وغير مسلم، وما يحصل في اليمن لشعب بأكمله من جرائم ليس خافيا على العالم أجمع ولكنهم يتعامون. مستشهدا بالقول : يُروى أَنَّهُ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يارسول الله أنا أترك ناقتي وأنا متوكل على الله فقال له صلوات الله عليه وعلى آله: « إعقلها وتوكل « ومن هنا نعلم أَنَّهُ يجب علينا الأخذ بالأسباب للوقاية من هذا الفيروس القاتل، فالوقاية خير من العلاج، فنحن والحمد لله لم تسجل في بلدنا إلاَّ حالة واحدة فقط، وإذا فرطنا في الوقاية واتباع التعليمات والتوجيهات فنحن بلا شك لا سمح الله ونسأله أن يقينا من هذا الوباء قاتلون لأنفسنا، والله يقول :››(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا) فالحذر واجب على المؤمنين فالمؤمن حَذِقٌ حَذِرٌ).
ويقول 🙁 ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ماذا تعتقدون في الإسلام؟ (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ).
الاحتراز
وبين الموشكي أنَّ الإسلام قد اهتم بجميع جوانب الحياة، وهنا يأتي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليعلمنا الحياة الطيبة حياة الطهارة، فيحل الطيبات، ويحرم الخبائث .
ومن هنا يتضح لنا عظمة ديننا ومدى اهتمامه بنجاتنا وصحتنا في هذه الحياة وهذا هو من الاحتراز ألا تخالطوا الأشخاص المصابين وكذا غسل الأيدي بالماء والصابون وكذا عدم المصافحة وعدم الجلوس في المواضع المزدحمة والتخلص من القاذورات والنفايات وهذا واجب علينا، وﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ((اﻟﻮﺿﻮء ﻗﺒﻞ اﻟﻄﻌﺎﻡ ﺑﺮﻛﺔ، ﻭﺑﻌﺪﻩ ﺑﺮﻛﺔ، ﻭﻻ ﻳﻔﺘﻘﺮ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﻳﺄﺗﺪﻣﻮﻥ اﻟﺨﻞ، ﻭاﻟﺰﻳﺖ)).ومعنى الوضوء هو غسل اليدين . داعيا الجميع للالتزام بالتدابير والتعاليم التي تنشرها وزارة الصحة وخاصة الجلوس في البيوت وتطهير المساجد وعدم التجمعات والاجتماعات وخاصة في أسواق القات فيكفي واحد أو اثنان وعلى مسافات متباعدة وعلينا أن نهتم بأبنائنا ولا نتركهم في الشوارع .
ومع ذلك كله لا نغفل الدعاء وتلاوة كتاب الله والتسبيح والتضرع إلى الله بأن ينجينا وأهالينا وأولادنا وجميع المؤمنين من هذا الوباء فَإِنَّ الله اللطيف بعباده يقول :(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) . ويقول في الدعاء :(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
يقظة واستشعار
فضيلة العلامة حسين السراجي يرى بأن تعقيم المساجد مثلها مثل أي مكان يجب تعقيمه وأخذ الاحتياطات اللازمة وخصوصاً في مقار الأعمال والأماكن الأكثر ازدحاماً كالمساجد والأسواق .
وأكد السراجي أن بيوت الله يجب أن تبقى حية وأن يتم تعقيمها ووضع المطهرات والمعقمات على أبوابها لاستخدامها من كل مصل قبل دخول المساجد، خاصة ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم حيث تمتلئ المساجد بالمصلين وبالتالي فالمطلوب من وزارة الأوقاف تكوين غرف عمليات خاصة مع قرب الشهر الكريم وذلك للاهتمام برش جميع المساجد قبل فتحها ووضع المعقمات والمطهرات على أبوابها وإلزام كل داخل إليها باستخدامها .
وبين السراجي أن الأمر يتطلب يقظة واستشعاراً من وزارة الأوقاف ومكاتبها، فالأوقاف غنية وثرية والمساجد مسؤوليتها والحفاظ على حياة المصلين جزء من المسؤولية، موضحا أن هناك خطوات في بلدان عربية وإسلامية تم خلالها إغلاق المساجد وإيقاف الصلوات وهناك حديث بدأ يطفو على السطح عن فتاوى بجواز إفطار رمضان في بعض الدول بينما اليمنيون يمارسون حياتهم العبادية بكل أريحية وللحفاظ عليها يكون اتخاذ المزيد من الإجراءات التحوطية كتوزيع كمامات على جميع المصلين والاستنفار الكامل في بيوت الله للحفاظ عليها وعلى روادها .
وأشار إلى أهمية حملات التوعية الإرشادية وتوسعتها في خطب الجمعة والمحاضرات بعد الصلوات لوضع الناس في صورة الخطر الماحق الذي يحمله هذا الفيروس ولا شك أنها ستؤتي أُكلها فالمجتمع في رمضان روحاني والروحانية ستنعكس على وعيه .
خطط مرحلية
من ناحيته أوضح مجاهد راجح – مدير عام الإعلام والعلاقات بوزارة الأوقاف، أن ما تقوم به وزارة الأوقاف والإرشاد من جهود حثيثة بالوقاية من تلاشي فيروس كورونا الذي اجتاح العالم بأسره وأغلق دور العبادة في كثير من الدول الإسلامية بما فيها جزء من وطننا القابع تحت وطأة الاحتلال. اعتمدت وزارة الأوقاف والإرشاد بحكومة الإنقاذ بصنعاء تعقيم المساجد باستمرارية وبطريقة فاعلة حدت من تفشي أي وباء وأبقت بيوت الله عامرة بالمصلين والذاكرين والمتضرعين إلى الله بأن يجنب الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء هذا الوباء الذي أودى بحياة الكثير.
وبيَّن راجح أن النتائج الملموسة والمتوقعة جراء التعقيم المستمر تشير إلى فاعلية عالية للمعقمات مما يستوجب الاستمرارية في استخدامها كما يتوجب على المصلين التقيد بالإرشادات الصحية.
وقال راجح: نحن على يقين بأن الله لن يجمع عسرين على يمن الإيمان والحكمة عسر الحرب والحصار وعسر تفشي الأوبئة، ولهذا عززت الأوقاف بأنشطتها التعقيمية عبر كافة مكاتب الأوقاف في المحافظات كما رسخت وعيا صحيا إلى جانب الوعي الإيماني من خلال خطبة الجمعة والملصقات التوعوية الصحية فالتعقيم وحده لا يكفي اذا لم يمتلك المصلي وعيا كاملا بطرق تجنب تلاشي الوباء . مؤكدا أهمية التيقظ وعدم التزاحم في صلاة الجماعة والجمعة و ترك مسافات بين المصلين وتجنب المصافحة وبالأخص يوم الجمعة كما هو معهود لدى المجتمع اليمني.
وأشار إلى أن الوزارة حريصة على سلامة المصلين من الإصابة بالفيروس ولديها خطط مرحلية تواكب كافة الاحتمالات الطارئة في حال وجدت حالات – لا قدر الله-