زمن◌ْ الوحدة 

بقدر اعتزازنا بالمواقف المشرفة للدول الشقيقة والصديقة التي عبرت فيها عن مساندتها ودعمها اللا محدود لليمن ووحدته وأمنه واستقراره ومسيرته التنموية¡ فإننا نقدر تقديرا◌ٍ عاليا◌ٍ الغايات النبيلة التي حملتها تلك المواقف¡ وأقرب◌ْها ما صدر عن مؤتمري لندن والرياض والاتحاد البرلماني العربي في مؤتمره الـ16 الذي اختتم أعماله يوم أمس في القاهرة¡ وكذا ما ورد على لسان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى¡ الذي أكد بوضوح تام في تصريح صحفي خص به “الثورة” على أن دعم واشنطن القوي لوحدة اليمن يأتي منسجما◌ٍ ومتوافقا◌ٍ مع مواقف جميع الأطراف الدولية والإقليمية التي تتفق جميعها في أن وحدة اليمن تشكل مرتكزا◌ٍ أساسيا◌ٍ للأمن والاستقرار ليس في اليمن وحسب وإنما أيضا◌ٍ لاستقرار وأمن المنطقة ومحيطها الإقليمي والدولي¡ معتبرا◌ٍ ما يجري في عدد من مديريات بعض المحافظات الجنوبية من أعمال تخريب شأنا داخليا◌ٍ يخص اليمن وحده وليس لأي طرف خارجي التدخل فيه.
وما من شك أن مثل هذه المواقف قد حملت في مضمونها ودلالاتها رسالة صريحة وجلية مفادها أن العالم كله يقف إلى جانب وحدة اليمن وأمنه واستقراره لقناعة المصفوفة الإقليمية والدولية على حد سواء بأن اليمن الموحد والمستقر هو القادر على القيام بواجباته ومسؤولياته في إنجاز أهداف وتطلعات أبنائه وتحقيق النماء والتطور والاضطلاع بدوره المحوري والمؤثر في حفظ أمن واستقرار هذه المنطقة الحساسة التي يمثل أمنها أهمية استراتيجية للأمن والاستقرار العالميين.
ومثل هذه الرسالة أدعى إلى الفهم من قبل أولئك الذين لا يريدون أن يفهموا أو يستوعبوا أن الوحدة وإن كانت قدر ومصير الشعب اليمني واستحقاقا◌ٍ طبيعيا◌ٍ لمسيرة نضاله الطويلة وتضحياته الغالية التي قدمها أبناؤه من أجل بلوغ هذا الهدف¡ فإنها صمام أمان وعامل◌َ أساسي◌َ لأمن واستقرار محيط اليمن الإقليمي والدولي.
وسواء استوعب أولئك الذين لا يفقهون ولا يعقلون ويسيرون خلافا◌ٍ لمعطيات حركة التاريخ ومتغيرات العصر¡ أو لم يستوعبوا وظلوا غارقين في أوهامهم تسيطر عليهم أمراضهم وعللهم وأحقادهم¡ فإن قافلة وطن الثاني والعشرين من مايو ستواصل خطوها في مسار التطور والتقدم والنماء غير آبهة لنباح الأقزام من دهاقنة العمالة والخيانة والارتزاق وأبواقهم النشاز¡ لأن هؤلاء الأقزام الذين ظلوا في كل المراحل يتاجرون بالوطن وثوابته ويسطون على مقدراته ويمارسون شتى صنوف الإذلال والقهر والاستبداد والقتل بحق أبنائه¡ أصبحوا معروفين للجميع وألاعيبهم القذرة باتت مكشوفة¡ ويعلم السواد الأعظم من أبناء شعبنا حقيقة أولئك الأقزام وتاريخهم الملطخ بالدماء وأنهم ليسوا سوى شرذمة من اللصوص والمتسولين الذين لا يحلو لهم العيش إلاø في مستنقعات التآمر والخيانة.
وفي إطار ديناميكية المسار الوحدوي ليمن الثاني والعشرين من مايو والنهج القومي الأصيل لقيادته السياسية بزعامة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية¡ ها هو اليمن – ورغم كل التحديات التي يواجهها- لم يتخل عن واجبه نحو أمته¡ وذلك عبر دوره النشط الهادف إلى إخراج هذه الأمة من وهدة ضعفها وتمكينها من ارتياد موقعها في هذا العصر الذي لا مكان فيه إلا للتكتلات القوية والكيانات الكبيرة¡ وهو الدور الذي يتجلى في الرؤية اليمنية لتفعيل العمل العربي المشترك وإنشاء اتحاد للدول العربية على غرار الاتحادات الإقليمية الناجحة كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي وغيرهما من الكيانات الفاعلة.
ولا جدال أن اليمن بهذا الجهد إنما ينطلق من استشعار مسؤولياته القومية نحو أشقائه لقناعته وإيمانه الوثيق بأن الزمن زمن الوحدة وأن العصر هو عصر التوحد¡ وأنه لا سبيل أمام هذه الأمة للحفاظ على مكانتها وصون موروثها الحضاري والثقافي وهويتها التليدة وارتياد موقعها اللائق في عالم اليوم الذي تغيرت فيه موازين القوى إلاø بالوحدة والتوحد والتضامن والاندماج في كيان إقليمي مؤسسي يحمي مصالحها وينمي مقدراتها ويهيئ لها السبل لتجاوز عثراتها ومكامن ضعفها ويقودها نحو المستقبل الوضاء المشرق.. فالوحدة قوة والتشظي والتشرذم ضعف ووهن¡ ولا خيار لنا في عصر التوحد¡ إلا الوحدة.

قد يعجبك ايضا