سمراء وزغرودة !!

فؤاد عبدالقادر

في مقيل جيبوتي شيق .. ونافذة شرقية مفتوحة على البحر ونسمات باردة تداعب الروح وأنغام عود وايقاع ، تسلل صوت الفنان يعقوب عسيري إلى سمائنا فعطَّر المكان وأضفى عليه بهجة، فطرنا شجوا وتمايلت الرؤوس من شدة الطرب وصفقت الأكف .. ورددنا الاغنية وكأننا نسمعها لأول مرة .. كان صوته عذباً قوياً..
وأبو خضير الحب في ساحلك..
سألت انا أم ربّان
وين امطريق
أجانبي أم ربّان ما عاد
لك
أضحى في بحر الحب كمن غريق
كمن في الهوى ما سلك (1)
جلسة مقيل كل ما فيها فرح ومرح ونشوة ، ألقينا بهمومنا خلفنا، مارسنا أشواقنا، عدنا إلى طبيعتنا نغني ونمرح .. ساعة صفاء حلوة جميلة تكفي المحب لو هي قليلة.(2)
كانت المكرمة الدعوة من الفنان نهاري علي الانسي رئيس فرقة سام الغنائية الجيبوتية اليمنية .. وهي فرقة كل أفرادها من الهواة.. يشاركون في الافراح والمناسبات .. يغنون الأغاني اليمنية التراثية والجديدة..
أربعة ،عدد الفرقة .. على العود نهاري وهو القائد، الفنان يعقوب العسيري.. لطفي محمود وسواد ضابط الإيقاع..
طيور النوري البيضاء وشاطئ اللازوردي وأغاني البحارة .. والوجوه السمراء: ونا ويدان لانت بلادك موزع.
انا جعار أحسن لي
في الصبح أسقي امبستان
والليل اسامر خلي..
وصوت جاء من البحر –سرى الليل ونايم على البحر ماشي فايدة للمنام الليلة حل السرية..
زغرودة فرح انطلقت في عرس جيبوتي ،وسمراء زفت ، وشباب غنوا ورقصوا وكنت وحيداً هناك على الشاطئ أبحث عن قلبي الذي أضعته.
(عن الزقزقة والحمام)
لله مثلما تصمت الخيول عن الصهيل وتتوقف العصافير عن الزقزقة والحمام عن الهديل، صمت الشعر وتوقف عن الصهيل بموت نزار قباني.
مثل حصان قوقازي مجنون لا يتوقف أمام أي شيء .. هكذا شعر نزار العاطفي أو السياسي وخلال رحلته المعروفة مع الشعر ومع الحرية التي تزوجها لمدة خمسين عاماً دون فراق كان سيد الساحة والمواقف.
نزار ومدرسته ظاهرة في الشعر العربي لن تتكرر ، قاموسه اللغوي وتعامله مع الكلمة التي تميزت كونها ذا وقع خاص على النفس والأذن وسلسة حتى في نصوصه النثرية .. كان قادراً على إيصال فكرته والتعبير بوضوح عن هموم الناس..
الحديث عن نزار قباني لا يمل وهناك محطات كثيرة يمكن للكاتب والقارئ أن يتتبعها وسيجد الكثير عن نزار قباني الشاعر الإنسان والتي تستحق الدراسة والبحث!!
غنائيات مرايا الاشواق:
سكب في الـ42 قصيدته التي سيضمها ديوانه الشعري الذي يضع اللمسات الأخيرة عليه .. أرق وأجمل وألطف ما كتبه في الشعر الغنائي الصديق العزيز الصحفي والشاعر علي الحزمي.
ولأن العاطفة هي الأسمى ولا تأتي إلاّ من ذوي القلوب الكبيرة والطيبة .. وهل هناك أرق وأنظف من قلب الجمالي .. الذي أخشى عليه من ثقل الأحمال .. خصوصاً أنه من هؤلاء المبدعين الذين ينحتون في الصخر .. ويركبون الصعب والمستحيل .. ويعيشون معاناة الكلمة وولادتها حتى تصل ابداعاتهم إلى القارئ.
أشعر بالتعاطف مع كل المبدعين صُناع الكلمة في معاناتهم اليومية بعد لقمة العيش والحياة الكريمة .. لأنني اعتبر صدور أي عمل ابداعي مغامرة تستحق التقدير والاشادة .. بقي لي أن أذكر أن اسم الديوان.. غنائيات (مرايا الاشواق).
هوامش :
1 -اغنية للفنان أحمد فتحي
2 -أبو بكر بلفقيه

قد يعجبك ايضا