إمكانية تنفيذ عملية "العلم الكاذب" على الأراضي العراقية
سجل أسود أمريكي في لطم الذات وخلق الأعذار للعمليات العسكرية
بغداد/
في الأيام الأخيرة كانت هناك موجة أنباء واسعة النطاق وشائعات غريبة حول إمكانية حدوث انقلاب أو عملية عسكرية واسعة النطاق من قبل الجيش الأمريكي ضد مواقع الحشد الشعبي العراقي.
بدأت الموجة الإخبارية تظهر على عدد من المواقع ووكالات الأنباء المجهولة وانتشرت حتى في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ، وربما بدت في البداية كأنها انتشار لشائعة وتضليل للرأي العام عن أزمة كورونا على المستوى الدولي ، لكن تغريدة من دونالد ترامب على صفحته الشخصية جذبت الكثير من الاهتمام مرة أخرى.
هل كانت كلمات دونالد ترامب مجرد تهديدات جوفاء؟
وبينما كانت جميع مصادر الأخبار العربية والإنجليزية في الأسبوع الماضي تنشر أنباء عن الهجوم الاستباقي الأمريكي على مواقع الحشد الشعبي في العراق ادعى ترامب في تغريدة له على موقع تويتر “إيران والمجموعات المناصرة لها في العراق تخطط للقيام بعملية ضد القوات الأمريكية في العراق وسوف يدفعون ثمنا باهظا إذا فعلوا ذلك”!.
إلى جانب هذه التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي والتي تعد مادة دسمة لوسائل الإعلام الأجنبية فقد انقلبت اخبار وسائل الإعلام هذه 180 درجة وأصبحت أخبارها أن هناك احتمالية هجوم قوات الحشد الشعبي العراقي على القواعد الأمريكية وتنفيذ عمليات انتقام من الجيش الأمريكي بدلاً من احتمال وقوع هجمات على القواعد الأمريكية أو قيام انقلاب.
أدت جميع هذه التطورات الإعلامية الى تكهن العديد من الخبراء بأن المسؤولين الأمريكيين يبحثون عن عذر مناسب ومقبول للقيام بعمليات عسكرية في العراق بهدف تدمير قدرة قوات الحشد الشعبي في البلاد.. في الواقع قد يواصل الجيش الأمريكي عملية لطم الذات أو عمليات العلم الزائف من أجل تحقيق هدفه على الأراضي العراقية.
ما هي عملية العلم الكاذب أو (False Flag)؟
في التعريف العسكري والدولي ، فإن عمليات “العلم الكاذب” تعني مجموعة الإجراءات التي تقوم بها دولة معينة عن طريق توجيه ضربات عسكرية متعمدة تضر بمصالحها الخاصة واتهام الدولة المنافسة بالقيام بذلك، وبالتالي الحصول على الذريعة اللازمة للحرب.
ولعل من أبرز سيناريوهات “العلم الكاذب” هجمات 11 سبتمبر على البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية ، وبدء الحملات العسكرية الأمريكية في أفغانستان والعراق.
ولا تزال هذه الهجمات التي مضى عليها أكثر من عقدين من الزمن تحتوي على زوايا خفية وشكوك كبيرة خاصة حول كيفية قيام جماعة إرهابية ذات قدرات محدودة بمثل هذه الهجمات داخل أراضي القوة العظمى الأولى في العالم.
تظهر الوثائق الصادرة عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيضًا أنه في العديد من الحالات التي حدثت في البلاد -في الستينيات- خططت أمريكا لتنفيذ سيناريوهات ضرب الذات للحصول على الذريعة اللازمة لتنفيذ هجوم عسكري على كوبا والإطاحة بحكومة فيدل كاسترو زعيم كوبا. ولكن الرئيس الولايات المتحدة آنذاك جون كينيدي رفض ذلك ، وقد أطلق على هذه العملية اسم (Operation Northwoods).
وكمثال آخر على هذا السيناريو الهجمات الكيميائية على الأراضي السورية، في حالتين عندما وقعت هجمات كيميائية في مدينة خان شيخون عام 2017م ودوما عام 2018م، بينما كان الجيش السوري يتقدم ويحرر شمال حماة والغوطة الشرقية في دمشق.
حيث تم تفجير قنابل تحتوي على غازات كيميائية في هذه المناطق ما تسبب في قتل العشرات وأتاح لهم الفرصة لتوجيه أصابع الاتهام للجيش السوري في حال ان البلاد كانت في وضع متفوق على الأرض وليست هناك حاجة لتنفيذ من هذه الهجمات المزعومة من قبل دول الغرب، لكنها كانت مجرد عذر لشن غارات جوية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها على قاعدة شعيرات الجوية وبعض المنشآت العسكرية السورية في منطقتي القابون وبرزة في ريف دمشق.
هل نتوقع أن تضرب الولايات المتحدة نفسها في العراق؟
على الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة وموثوقة على هذه الفرضية في الوقت الحاضر ، ولكن بالنظر إلى موجة الاخبار الإعلامية الأخيرة وتغريدة دونالد ترامب حول إمكانية مهاجمة القوات الأمريكية على الأراضي العراقية ، فمن المحتمل أن تنفذ وكالات الاستخبارات والتجسس والمجموعات الخفية التي تأتمر بأمر الولايات المتحدة سيناريو مشابهاً لما ذكر سابقاً، وعلى سبيل المثال فإنه إذا تم اغتيال دبلوماسيين أمريكيين على الأراضي العراقية، أو الهجوم على موظفي السفارة ، أو تنفيذ محاكاة لهجمات على القواعد العسكرية الأمريكية على الأراضي العراقية ستوجه أصابع الاتهام نحو قوات الحشد الشعبي وستوفر الفرصة للقيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق في البلاد.
كما أن إخلاء قواعد عسكرية من الدرجة الثانية مثل قاعدة القائم في محافظة الأنبار وK1 في كركوك وإمكانية اخلاء قواعد بعيدة أخرى مثل القيارة والبلد في محافظتي نينوى وصلاح الدين لتركيز القوات في موقعين محددين هما مخيم التاجي وعين الأسد هي إجراءات من شأنها الحد من قدرة قوات الحشد الشعبي العراقي على الانتقام وضرب قوات الاحتلال في حال نفذت الأخيرة عمليات عسكرية.