الثالوث الشيطاني!! 

بلغة واضحة وصريحة وشفافة جاءت ردود فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في المقابلة التي أجرتها معه قناة “العربية” الفضائية لتؤكد في مضمونها العام والشامل على أن ما نسعى إليه في اليمن هو تعزيز بناء دولة النظام والقانون التي ت◌ْحترم فيها ثوابت الشعب اليمني والمحددة بـ”النظام الجمهوري والوحدة والديمقراطية والدستور” باعتبار أن هذه الثوابت هي القاسم المشترك والعقد الاجتماعي والوطني والعروة الوثقى التي لا انفصام لها بالنسبة للمجتمع اليمني¡ والتي لا ينبغي لأحد تجاوزها أو المساس بها أو الارتداد عنها تحت أي مبرر من المبررات أو أية حجة من الحجج¡ فاحترام هذه الثوابت هو وحده الكفيل بترسيخ علاقات سياسية ومجتمعية راقية تستند إلى المسارات السلمية في أية معالجات أو قضايا تتطلب نوعا◌ٍ من الحلول¡ كما أن الخروج على هذه الثوابت من أي كائن كان إنما يعني الخروج على الإجماع الوطني وزرع الفتن بين أبناء الوطن الواحد وإدخال البلاد في حالة من الانفلات والفوضى وإحلال شريعة الغاب وهدم المعبد على رؤوس الجميع.
ومن هذه المعادلة المفصلية يمكن اختزال المشهد الذي مر به اليمن خلال الفترة الأخيرة¡ والذي تجلت ملامحه في دولة وحكومة تضطلع بمسؤولياتها وواجباتها الدستورية والقانونية وتقوم بصون الأمانة التي حملها إياها الشعب للحفاظ على ثوابته الوطنية ومكاسبه ومنجزاته التي قدم من أجلها هذا الشعب القرابين والقوافل من الشهداء وشلالات من الدماء الزكية عبر مراحل طويلة من النضال الوطني¡ وعلى الطرف الآخر من هذا المشهد تظهر عناصر محدودة عابثة ومتهورة ومغامرة تحركها بعض الأهواء الذاتية والمصالح والنزوات الشيطانية والفكر المتطرف الأرعن¡ تسعى للانقلاب على كل شيء بما في ذلك الثوابت الوطنية والعقد الاجتماعي الذي يشكل الرابطة الوثيقة بين أبناء هذا الوطن.
وعلى عكس ما كان متوقعا◌ٍ فقد التقت هذه النتوءات على قاعدة الهدم¡ رغم اختلاف ايديولوجياتها ومقاصدها وغاياتها الدنيئة¡ ولم يكن بمستغرب أن يجتمع المتعوس بخائب الرجاء طالما وأن هذه النتوءات تنطلق من محرك واحد هو الحقد على هذا الوطن والرغبة في تدميره وتخريبه والانتقام من أبنائه.
ومن الثابت والواضح أن ما تحدث عنه فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بشفافيته المعهودة وصراحته المشهودة ومصداقيته المعروفة¡ حيال هذه المفارقة لم يقم على استنتاج فرضي سواء في تناوله لأحداث الفتنة التي أشعلتها عناصر التمرد في صعدة وحرف سفيان والتي ظلت تحلم بإمكانية عودة الإمامة الكهنوتية بعد أن عشعشت في عقولها الدعاوى الباطلة في الحق الإلهي أو فيما يتصل بحديث فخامته عن ممارسات العناصر الانفصالية المرتدة التي فقدت مصالحها غير المشروعة بعد الوحدة فعمدت إلى التآمر عليها متوهمة أن بوسعها من خلال أعمال التخريب والفوضى ستتمكن من إعادة عجلة التاريخ بالوطن إلى ما قبل يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م واسترجاع عهدها الشمولي المظلم وفرض التشطير والتجزئة من جديد على هذا الوطن الذي تخلص بالوحدة من دورات العنف والصراعات وصنوف الظلم والقهر والاستبداد والقتل والسحل والمجازر الجماعية التي مارستها طوال 23 عاما◌ٍ على أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية الذين حكموا  بالحديد والنار حتى جاءت الوحدة لتنقذهم من وبال ذلك العهد الأسود.
وإذا ما تمعنا في الأمر قليلا◌ٍ¡ سنجد أن هدف الفريقين “الحوثيين والانفصاليين” يتركز في منطق رجعي واحد هو إعادة اليمن إلى الماضي الذي تخلص منه بعد كفاح مرير ونضال طويل¡ وهذا المنطق العديم والسقيم لا يخالف فقط سنة الحياة بل إنه يتصادم مع معطيات العصر¡ وعقليات بهذا السوء ليس بمستبعد منها أن تتحالف مع عناصر “القاعدة” وأن تجعل من نفسها غطاء للإرهابيين والمتطرفين. لكن العجيب والمريب معا◌ٍ أن يجنح البعض من القوى السياسية إلى التماهي مع هذا الثالوث المتخلف والشيطاني¡ وان يتحول هؤلاء إلى أطفال تستهويهم المشاغبة دون إدراك أن التصابي والطيش في العمل السياسي يسيء لصاحبه أكثر مما يفيده ويضره أكثر مما ينفعه.
ومع كل ذلك¡ فهاهي كل تلك التحالفات والمؤامرات تتهاوى وتتساقط وتنهار واحدة تلو أخرى.. وكما أشار فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في مقابلته الصحفية مع قناة “العربية” فإن الخير هو الأبقى ومن يحمل مشروعا◌ٍ وطنيا◌ٍ يرنو به إلى المستقبل الأفضل لابد وأن تكون له الغلبة أما الغارقون في الماضي والمتكلسون في عقولهم والميتة ضمائرهم¡ فمحكوم عليهم بالسقوط المريع والانحدار الشنيع لأنهم ليسوا أكثر من فقاعات صابونية وظاهرة صوتية سرعان ما تتلاشى في الهواء.

قد يعجبك ايضا