اليمن وقطر.. وحلم الأمة 

القمة “اليمنية- القطرية” التي جمعت يوم أمس في العاصمة القطرية الدوحة¡ فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح وأخاه صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر¡ عكست في دلالاتها ومعانيها عمق العلاقات الأخوية الحميمة بين البلدين الشقيقين وما تتميز به من رسوخ ومتانة¡ وأنها التي باتت مؤطرة بعوامل الثقة المتبادلة والقواسم المشتركة التي تستمد حيويتها وديمومتها من الوشائج الوثيقة التي تربط بين أبناء الشعبين الشقيقين اللذين استطاعا في ظل رعاية قيادتي البلدين الانتقال بهذه العلاقات إلى فضاءات رحبة من التعاون البناء في مختلف المجالات.
وقد تجلت هذه الروح الأخوية الوثابة فيما أكد عليه زعيما البلدين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني¡ وأبدياه خلال لقاء القمة من حرص مشترك على تنمية مجالات التعاون بين البلدين والمضي بالعلاقات الثنائية قدما◌ٍ نحو الأمام وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين ويعود بالنفع عليهما وعلى سائر بلدان وشعوب المنطقة..
وتتبلور ملامح هذا الحرص أكثر في تجديد صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة خلال القمة التأكيد على أن دولة قطر ستظل إلى جانب اليمن وداعمة لأمنه واستقراره ووحدته وكذا اندماجه في مجلس التعاون الخليجي باعتبار أن اليمن جزء لا يتجزأ من هذه المنطقة واستقراره هو استقرار لجميع أشقائه.
ومثل هذا الموقف الأخوي¡ وكما أشار فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح¡ لاشك وأنه ي◌ْضاف إلى ذلك الموقف المشرف لدولة قطر أثناء فتنة حرب الردة والانفصال في صيف العام 1994م¡ والذي لن ينساه الشعب اليمني وأجياله المتعاقبة.
وتكتسي القمة “اليمنية- القطرية” أهمية استثنائية بالتوقيت والعامل الزمني لانعقادها¡ والذي يأتي بعد أيام قلائل على انعقاد القمة العربية الثانية والعشرين في مدينة “سرت” الليبية وما تمخضت عنه من نتائج وبخاصة ما يتعلق منها بتطوير آليات العمل العربي المشترك والتي تتطلب المزيد من التنسيق والتشاور لما من شأنه الإسراع في إنجاز هذا الهدف وإخراجه إلى حيز التنفيذ على أرض الواقع.
وبالتالي فقد شكل لقاء القمة بين الزعيمين فرصة للتباحث حول السبل الكفيلة بضمان مسلمات النجاح لجهود اللجنة الخماسية المشكلة من قمة “سرت” والتي تضم في عضويتها إلى جانب اليمن وقطر كلا◌ٍ من مصر وليبيا والعراق¡ حيث أوكلت إليها مهمة الإعداد والإشراف على الصيغة النهائية لمشروع تطوير العمل العربي المشترك في ضوء المبادرة اليمنية الخاصة بإنشاء اتحاد للدول العربية.
وما من شك أن لقاء الدوحة “اليمني- القطري” قد دشن حركة نشطة من المتوقع أن تشهدها العواصم العربية الخمس خلال الأيام القادمة لما من شأنه بلورة المقترحات والملاحظات المتصلة بتطوير وتفعيل العمل العربي المشترك¡ واستيعابها في صيغة نهائية تتناغم وتتوافق مع حجم تطلعات وآمال الشعوب العربية¡ بعد أن أصبحت هذه الخطوة ضرورة قومية ملحة في ظل التحديات التي تواجهها هذه الأمة والأخطار المحدقة بها في المرحلة الراهنة.
وبقدر ما تعوله الأمة من آمال على مثل هذه اللقاءات في تقريب وجهات النظر¡ فإنها التي تنتظر منها وخلال الستة الأشهر القادمة إحداث النقلة النوعية المرتقبة في مسيرة العمل العربي المشترك وتحريك مياهه الراكدة وتجاوز حالة الضعف والشتات والتشظي العربي وتمكين هذه الأمة من استعادة دورها الريادي وامتلاك ناصية الفعل والتأثير والقدرة على التفاعل مع المتغيرات الحاصلة في عالم اليوم ونسج شراكة حقيقية مع التكتلات الإقليمية والدولية تقوم على أسس متكافئة في تبادل المصالح والمنافع.
واتساقا◌ٍ مع كل ذلك¡ فقد جاءت القمة “اليمنية- القطرية” في الدوحة¡ حاملة أول الغيث للتحرك العربي الحقيقي والفاعل¡ باتجاه تحقيق ذلك الحلم الكبير الذي تتحد فيه الإرادات العربية في كيان قوي قادر على صون الحقوق العربية وحماية الأمن القومي وتحقيق النهضة العربية الشاملة والمنشودة.

قد يعجبك ايضا