كتاب يرسم صورة عن قرب لفكر وهموم الشهيد القائد
قراءة في المشروع القُـرْآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي
الكتاب يسلط الضوء على الحلول والمعالجات برؤية قرآنيّة، ومعايير إلهيّة للإشكاليات التي تعاني منها الأمة وتضمنتها محاضرات الشهيد القائد
المؤلف: عظمة المشروع القرآنيّ تجلت في عالميّته وتجاوزه الأطر المناطقيّة، والطائفيّة، والمذهبيّة، والحزبيّة
“قراءة في المشروع القُـرْآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي”.. كتاب جديد يتناول المشروع الخاص بالسيد (حسين) للكاتب الأستاذ/ فاضل محسن الشرقي.. الكتاب هو الأول من نوعه، على الأقل في شموليته من حيث تضمنه للعديد من العناوين المأخوذة من ملازم ومحاضرات السيد حسين بدر الدين الحوثي.. يمكن اعتبار الكتاب حسب ما جاء لبعض من تناولوه الانطلاقة الممهدة والمبسطة لأية جهود مستقبلية يمكن أن تتناول المشروع القُـرْآني الذي قدمه السيد حسين بدر الدين بمزيد من التحليل والربط والمقارنة مع المناهج والحركات والتوجهات الأُخْــرَى، للتعمق في ما قدمه الشهيد القائد وأحدثه، ومقومات نجاح هذا التوجه الحركي الثوري الفريد في وضوحه وصدقه وثباته، أمام معوقات النهضة الفكرية والعلمية والتحرر السياسي للأُمَّــة الإسْـلَامية.
يقدم الكتاب عدداً من المستويات ضمن عنوان “مستويات الطرح والتثقيف”، مرتبة بحسب التاريخ وعناوين المواضيع التي تناولتها، ثم من خلال ما تم إدراجه في فصول الكتاب من محاور محددة وبعناوين منفصلة لتكون في خانة واحدة مع ما يؤيدها في الطرح من ملزمة أُخْــرَى، بما يسهل الجهد على الباحثين والدارسين في الوصول لمبتغاهم من المواضيع دون الاضطرار إلى البحث في كافة الملازم عن موضوع جزئي من دراستهم.
يجمع الكتاب الكثير مما طرحه السيد حسين بدر الدين من محاضرات، مبوّب في فصول ومحاور محددة، ما سيمكّن القارئ والباحث من بناء تصوُّر عام وواضح للتوجه الذي أراد السيد حسين بدر الدين لفت الناس إليه، لا سيما ممن لم يسبق وتناول (الملازم) بالدراسة والقراءة المتأنية والمجردة.. يشكّلُ الكتابُ منطلقا للكتابة والتعمُّق في دراسة وبلورة مضامين المشروع القُـرْآني للسيد حسين بدر الدين في نطاقه الأوسع والأشمل والتطبيقي.
الكتابُ من المنظور النقدي للكاتب بلال محمد الحكيم هدف إلى توسيع دائرة التعاطي والإيصال لما طرحه الشهيد القائد من رؤى إلى ما يتعدى الجمهور اليمني إلى الوطن العربي والإسْـلَامي والغربي أيضاً، كما يُفهم من مقدمة الكتاب: “نحن في هذه القراءة نحاول تسليط الأضواء على أهم مشروع إسْـلَامي وقُـرْآني حضاري مستقل قوي وجذاب، فرض حضوره في الساحة المحلية أولاً والإقليمية والدولية ثانياً”، وبما أن هذا هو الهدف أَوْ أحد أهداف هذا الكتاب، بمعنى أن استهداف الكتاب لجمهور واسع متفاوت في درجة وعيه ومعرفته وحضارته، سيتطلب التقديم لهذه الشعوب والنخب بالتركيز على محاور أساسية:
الأول: تقديم رؤى السيد حسين بدر الدين في موضع النقاش والمقارنة مع المعتقدات والمناهج والنظريات والأفكار الأُخْــرَى الموضوعة محل اعتبار وتطبيق في وقتنا الحاضر، سواء ما هو في مجتمعاتنا العربية والإسْـلَامية أَوْ المجتمعات الغربية، بوضع كُلّ فكرة في موضعها للتمكن من إجراء تقييم مباشر لها يبين التصحيح المقدم وحججه وبراهينه حتى تحظى بالقبول كحصيلة للاستقصاء المعرفي المتبع حديثا؛ مثلاً: في إيراد بعض الجوانب مما قد انحرف من الدين، ونماذج من أساليب التضليل وحرف مدلولات القُـرْآن الكريم.
الثاني: في الاعتماد على اللغة المنهجية البحثية العلمية المعاصرة المتجنبة لمفردات الثناء والتبجيل وتكرار مفردات الإطراء في تناول المدارس الفكرية أَوْ الحركات السياسية أَوْ الثورية المختلفة.
ثالثا: في إيراد المحاور والتوجهات والنظيرات والمواقف الجديدة التي قدمها السيد “حسين بدر الدين الحوثي” والتي ميزت شخصه ومنهجه عن الآخرين من القادة والمفكرين والمصلحين عبر التأريخ.
رابعاً: في تحديد الفلسفة الخَاصَّــة أَوْ المنهج الذي اتبعه السيد “حسين بدر الدين” في تعاطيه مع معطيات الواقع ومع النصوص الثابتة، “القُـرْآن الكريم” كمصدر معرفي أول.
خامساً: في اختزال وتكثيف “الرؤية” التي قدّمها السيد حسين بدر الدين في إطارٍ لُغوي مختصر كما ذكر السيد حسين في إحدى محاضراته “نحن نذكر الناس، والتذكير ليس معناه مجرد أن تذكر أن هناك عدو فقط، بل يجب أن تكون هناك رؤية تقدم للناس، رؤية عملية ليتحَــرّكوا فيها”.
سادساً: في توضيح ما كان قد التبس على القراء من أفكار السيد “حسين بدر الدين” وإرجاع الفكرة إلى مضمونها وسياقها من مجمل الحديث وموضوعه.. مثال: العنوان “خطورة التعاطي الفردي مع القُـرْآن الكريم” العنوان بهذه الصيغة فيه غموض وقد يفهم بأوجه متعددة منها أن يظن القارئ أن المقصود من ذلك تجنب التأمل الفردي في القُـرْآن الكريم واستيعاب مكنوناته بقول الكاتب “ومن يتعاطى مع القُـرْآن الكريم بطريقته الفردية فإنه لن يحصل على الهدى الواسع والشامل”، في حين المقصود من كلام السيد أن القُـرْآن فيه ما يخص الفرد المسلم وهو القليل والتكاليف الأسهل وفيه ما يخص الجماعة والأُمَّــة وهي التكاليف الأصعب والأَكْثَــر أجراً والأجدر بتحمل أعبائها لإتمام الإيْمَان وتأدية الرسالة والواجب الديني على أكمل وجه أمام الله.
سابعاً: في تفنيد ما تحتج به كُلّ مدرسة فكرية وعقائدية معاصرة على حدة، مثل تيارات الإسْـلَام السياسي المختلفة، التيارات اليسارية، التيارات السلفية، الملحدون، العلمانيون، المفكرون الإسْـلَاميون المعاصرون، ولو على سبيل ضرب الأمثلة كمرحلة أولى.
ثامناً: فيما يفترض أن تتضمنه مقدمة الكتاب من ترجمه تعريفية بشخص السيد حسين بدر الدين وبمنهجه:
التعريف بالبيئة الفكرية والعلمية التي نشأ فيها كتيار ديني أَوْ سياسي وما كان محتدماً من محاور جدل مع أطراف وهويات أُخْــرَى، وفي أثر تلك البيئة على نشأته؛ باعتباره نتاجاً ارتقائياً لها، وفيما خاضه من تجارب قديمة وحديثة ساهمت في بلورة فكره وتوجهه، وفيما كان قائماً من هيمنة ثقافية وتضليلية، دفعته للخروج عليها وتفنيد حججها وأدواتها.
تشخيص الوضع السياسي والاجتماعي الذي كان سائداً وفيما كانت تتناوله التيارات والتوجهات المتفاوتة من نقاشات ومعتركات.
متعة وحلاوة وطراوة
الكاتب المجاهد/ فاضل محسن الشرقي، وهو احد تلامذة الشهيد القائد الأوائل ثم احد مرافقيه.. له العديد من التناولات الصحفية عن سيرة الشهيد القائد ومواقفه على طريق ترسخ مبادئ الثقافة القرآنية وقيم الهوية الإيمانية.
يقول الشرقي في إحدى كتاباته: وفي أواخر العام 2003م وبداية العام 2004م كنت أذهب كلّ ثلاثاء, وأربعاء, وخميس, وجمعة وألازم مجلس السّيد حسين الذي كان يكتظّ بالنّاس والزّوار يوميّاً من مختلف المناطق من محافظة صعدة ومن بعض المحافظات، وأستمع بكلّ إصغاء للمحاضرات والدّروس, والحوارات, والنّقاشات السّاخنة مع بعض الزوار، والعلماء، وطلبة العلم، والتي كانت تستمر من بعد صلاة العصر إلى ما قبل أذان الفجر في أغلب الأيام، وكان (رضوان الله عليه) يخصّص يوما الخميس والجمعة عصراً ومساءً لمحاضرات ودروس عامّة من القرآن الكريم, وكان قد انتقل إلى المجلس الجديد, وهو المجلس الكبير الملاصق لمنزله الذي يتّسع لعدد كبير من النّاس.
وقال الشرقي: لقد كانت تلك اللحظات والأيام من أفضل وأروع أيام حياتي, حيث كنّا نستمتع فيها مع كلّ الحاضرين بهدى الله, وعظمته, وقيمته، وكان السّيد على خلق عظيم يمتلك أسلوباً جذّاباً ومؤثّراً للغاية فما أن يتكلم حتى يهدأ ويسكن المئات من الحاضرين في مجلسه، وتراهم وكأنّ على رؤوسهم الطير، فكان يحاضر، ويناقش، ويحاور بأسلوب قرآني مؤثّر جدّاً تصل كلّ كلمة من كلماته إلى أعماق النفس، وتؤثر كلماته، ومحاضراته، ودروسه تأثيراً بليغاً في أعماق النفوس, وتحرّك كلّ المشاعر والوجدان، وتلامس خصائص النفس البشريّة، وكنّا نتابع معه وفي مجلسه أهمّ الأخبار والبرامج السّياسيّة وخاصة من قناتي (الجزيرة) و(المنار) ونتابع كلّ ثلاثاء, وأربعاء, برنامج (الاتجاه المعاكس) من قناة الجزيرة وبرنامج (ماذا بعد؟) لعمر ناصر من قناة المنار، وكان السّيد يسجّل هذين البرنامجين ثمّ يتحفنا بتعليقات وإيضاحات سياسيّة مهمة جدّاً على البرامج السّياسيّة والأخبار بطريقة تحليليّة واقعيّة مرتبطة بالقرآن الكريم… وللأمانة والحقيقة أنّني لا أستطيع أن أصف متعة، وحلاوة، وطراوة تلك الأيّام والليالي.
الكاريزما العالية
ولفت الشرقي إلى أن شخصيّة السّيد حسين شخصيّة قياديّة وتتمتّع (بكاريزمية) عالية وجذّابة جدّا قل نظيرها على ما أعرف، كما كان يتمتّع بالحكمة والبصيرة، وسعة الصّدر، وعلوّ مكارم الأخلاق، والحيويّة والنّشاط، وكان يمتلك أعلى القدرات في التّبيين والتّوضيح، والطّرح، والتّثقيف، ويتمتّع بأعلى الخبرات السّياسية، والإدارية، والفنيّة، وقد حباه الله بأعظم الصّفات الإيمانيّة، والمميّزات القياديّة التي كانت من أبرز مكوّنات شخصيته، ولعبت دوراً أساسيّاً ومحوريّاً فيها، وقد عُرف السّيد بنفوذه الواسع وتأثيره الكبير على محيطه, ومجتمعه, وزوّاره ومع كلّ من كان يلتقي به ويحضر مجلسه من عامّة النّاس ونخب المجتمع، وعندما تحضر في مجلسه وتستمع لدروسه ومحاضراته القرآنيّة، ومناقشاته وأطروحاته لا تمتلك إلاّ أن تقول ما قاله الجنّ يوماً من الأيام في حضرة جدّه رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما قالوا: (إنّا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرّشد فآمنّا به ولن نّشرك بربّنا أحدا) وهذا والله ما لمسته وعايشته بنفسي.
وأردف الشرقي بالقول: لقد حظيت أطروحاته ودروسه ومحاضراته بسرعة الانتشار والتداول، وكانت حديث السّاعة والنّاس في المجالس والمدارس وفي كلّ مكان، وفي ظلّ وسط ثقافيّ تكدّست فيه الثقافات المغلوطة والعقائد الباطلة, إلاّ أنّ الثقافة القرآنيّة قد استطاعت أن تشقّ طريقها بنجاح، وتأسر القلوب والألباب، وكان المجتمع بكلّه يعيش حالة التفاعل والذّوبان مع هذه الدّروس والمحاضرات، والأحداث والقضايا.
همّ الأمّة
وتابع الشرقي: لقد حمل السّيد حسين همّ الأمّة بكلّها، وحمل قضيّة الأمّة وشعوبها على عاتقه، وتحرّك لرفع الظلم عن كاهلها، وتخليصها من هذه الحالة، وهذا ما تنضح به الدّروس والمحاضرات، وكان السّيد يعيش قضايا الأمّة والشّعوب المستضعفة في العراق، وفلسطين, ولبنان, وأفغانستان, ويهتمّ اهتماماً عالياً بقضاياها ومشاكلها، ويتابع الأخبار أوّلاً بأوّل على المستوى السّياسي، والإعلامي، والثّقافي, والاقتصادي, والأمني، والعسكري، وكنت أرى عنده كمّاً من الصحف والمجلاّت بما فيها الصحف الصادرة باللغة الإنجليزية.
وأضاف: لقد لعب السّيد دوراً تمهيديّا قبل انطلاقة المشروع على المستويات السّياسية، والفكريّة، والثقافيّة، والاجتماعيّة في محيطه ومجتمعه من خلال آراءه، ونظرته الثاقبة، ونشاطه الاجتماعي، والثقافي، والسّياسي، والخدمي، والتنموي، وكان محطّ احترام وتقدير الجميع، وكانت كلّ القلوب تكنّ له خالص المودّة، والاحترام، والتقدير إلى درجة الذوبان.
لقد كان من أبرز ما تميّز به السّيد حسين هو القدرة الفائقة على التّقييم والتّحليل، تقييم وتحليل الأحداث والمستجدات، والتقييم والتحليل الدّقيق والموضوعي للتراث الفكريّ والثقافي، مع تقديم كافة الحلول والمعالجات برؤية قرآنيّة، ومعايير إلهيّة ممّا أعاد الاعتبار للإسلام بمنهجه العظيم وقيادته الربانيّة، وقد احتوت الدّروس والمحاضرات على رؤية تقييمية وتحليليّة شاملة كما وضحناه في بحث ودراستنا عن المشروع القرآني.
مكارم الأخلاق
ويؤكد الشرقي على أن شخصيّة السيد القائد الفذّة والفريدة مصبوغة بصبغة إلهيّة من الهيبة، والجلال، والكبرياء، والبهاء الإلهي مقترنة بالحلم، والتواضع، وعلوّ مكارم الأخلاق بشكل منقطع النظير، فكان الكلّ يتقاطرون إلى مجلسه, ويتوافدون من كلّ مكان بكلّ لهف وشوق لرؤيته وسماع دروسه ومحاضراته, وكان يحضر في مجلسه الكبار، والصّغار فكان يهتمّ بالجميع، ولقد كنّا في مجلسه ذات يوم وهو مكتظّ بالنّاس إلى الدرجة التي لا ترى أين تضع فيها قدمك، فدخل ولد صغير فأفسح له السّيد ليجلس بجانبه، ودعاه للجلوس بجواره، فاستحى وأحرج ذلك الولد بشكل كبير.
وكان السّيد معروفاً ومشهوراً بكرم الضّيافة, وحسن الاستقبال للضّيوف والزّوار الوافدين فيحسن ضيافتهم قولاً وعملاً, وكان معه بجوار منزله مبنى هو عبارة عن عدد من الغرف والمرافق أشبه ما يكون (بالمطعم الشّعبي) يخصّص لإطعام الضّيوف والزّوار القادمين, ويقوم بخدمتهم وتقديم وجبات الطّعام لهم على مدار ال24 ساعة, حيث كان الزّوّار يتوافدون عليه في كلّ الأوقات في الصّباح, والظّهر, والعصر, والليل بشكل مستمر, وكان يهتمّ بمساعدة الفقراء, والمساكين, والمحتاجين, ويسعى بنفسه في قضاء حوائجهم.
المشروع القرآني
وبينّ الشرقي أن عظمة المشروع القرآنيّ تجلت في عالميّته، وصفائه، ونقائه، وتجاوزه لكلّ الأطر والقوالب المناطقيّة، والطائفيّة، والمذهبيّة، والحزبيّة، فهو لا يحمل أيّ نفس من هذه العناوين، بل نفسه وطريقته هي الطريقة القرآنيّة الواسعة والشّاملة، ويعتبر المشروع القرآنيّ واسع الأفق وعالميّ النظرة بسعة ملك الله، وهداه، وتدبيره، وعندما نتحدّث عن هذا المشروع الثقافي فإنّه لا يقتصر على الجانب الثقافي فقط، بل هو مشروع شامل، فهو يعني المشروع الثقافي الشّامل، أي أنّ رؤيته وخلفيته الثقافيّة هي تعتبر الشيء الأساسي فيه، فهو يحمل رؤية ثقافيّة، وتربويّة، وسياسيّة، وإعلامية، واقتصاديّة، واجتماعيّة، وأمنيّة، وعسكريّة….. الخ بخلفيّة ومنطلقات الرّؤية, والثقافة, والمنهجيّة القرآنيّة.
وتميّز المشروع القرآنيّ بقدرته على مواجهة الهجمة الثقافيّة, والإعلاميّة, والسّياسيّة المضلّلة التي سُخر لها ملايين الدّولارات بهدف تشويهه، ولقد لعب المشروع القرآنيّ دوراً محوريّاً في مواجهة الحرب النّاعمة والتّصدي لها، وخاض معركة المصطلحات وحقّق فيها الانتصار السّاحق؛ كما تميّز بالصّمود والثّبات في مواجهة الهجمة الشّرسة الأمنيّة والعسكريّة رغم حداثته وانعدام إمكانياته، وخاض المشروع القرآنيّ معركة الصّراع العسكريّ والأمنيّ المنظّم، والمموّل محليّاً، وإقليميا، ودوليّاً، ولا زال بكلّ قوّة وجدارة، وحقّق أيضاً الانتصارات الأسطوريّة، كلّ ذلك لأنّه يتميّز بارتباطه المباشر بالله سبحانه وتعالى، وثقته به، وتوكّله عليه، وتميّز بصناعة الرّجال العظماء الأبطال الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يخشون أحداً إلاّ الله وكفى بالله حسيبا.
ومع هذه القدرة على خوض معترك الصّراع العسكريّ، وتحقيق الانتصارات ومواكبة كلّ الأحداث والمتغيّرات المحليّة، والإقليميّة، والدّوليّة، كان لديه نفس القوّة والقدرة على خوض معترك الأحداث والتفاعلات السّياسيّة برؤية ثاقبة وبصيرة عالية رغم حداثة التجربة.
وتميّز بالمرونة والقدرة على التّأثير في البيئة والمحيط، وحسن الإدارة والتّنظيم للشأن الداخلي, والتنظيمي, والمجتمعي بشكل نموذجي، كما أنّه يمتلك الرّؤية الصحيحة لبناء الدّولة، وتحقيق العدالة في ظلّ تعقيدات الوضع، وطفرة التسلط والهيمنة.