«الهدهد» في مارب.. سلام أم حرب؟
علي الشرجي
■ كل الطرق تؤدي إلى مارب.. فيما الهدهد لا يزال يحوم في ربوعها حاملا رسالة صنعاء بانتظار إجابة شافية!!
• كانت الملكة بلقيس أكثر حكمة وذكاء وفطنة من رؤساء قومها حينما قرأت رسالة النبي سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما استفزّتها للحرب.. إذ فكَّرت الملكة طويلاً في الرسالة التي ألقاها الهدهد في عرشها يطلب منها الانصياع لله تعالى وترك عبادة الشمس.. واعتبرته كتاباً كريماً.
فكَّرت الملكة بلقيس طويلا في رسالة النبي سليمان وكان اسمه مجهولا لديها لم تسمع به من قبل، بفطنتها وعبقريتها التي خلَّد ذكرها القرآن الكريم شعرت باحترام سليمان لها ومعرفته بملكها وفي نفس الوقت شعرت بأنه تهديد بغزو مملكتها وهزيمتها، فرجَّحت الحكمة في نفسها على التهوُّر وقررت أن تلجأ إلى الدبلوماسية التي تعد أول تجربة من نوعها في التاريخ البشري ليس خوفاً من سليمان ولكن من أجل مصالح شعبها وحفظ ماء وجهها وملكها، حينها أخذت تحذير النبي سليمان على محمل الجد ولم تستهن بالأمر فأسرعت لمقابلة سليمان في أورشليم فلسطين في موكب يليق بالملوك والممالك العظيمة كمملكة سبأ وهذا قمة الحكمة والصبر والدهاء والشجاعة والمعرفة بفساد الملوك إذا دخلوا قرية.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل سيستجيب أبناء مارب لمبادرة وقف إطلاق النار وتجنيبها ويلات الدمار؟!
• هل سيتعلم أبناء قبائل مارب من قصة الملكة بلقيس مع نبي الله سليمان الحكم والعبر والفوائد ومن ثم إيجاد القرار الصائب لصالح البلاد، وأن يجعلوا مصلحة اليمن فوق كل اعتبار وأن يستفيدوا من كل الأخطاء السابقة والأحداث الميدانية المتعاقبة؟
نأمل وجود بعض الحكماء من أحفاد بلقيس يتعاطون بإيجابية مع مبادرة تجنيب مارب ويلات الحرب التي تقترب من الأبواب درءاً للدمار وتفويت الفرصة على مؤامرات قوى العدوان ومرتزقته.
كما نأمل أن تكون هذه المبادرة فاتحة خير وبارقة أمل تضيء غياهب نفق المشهد السياسي المظلم وأن تكون فرصة جديدة لحلحلة جميع الخلافات والأزمات التي يوظفها العدوان السعودي الإماراتي لتدمير مقدرات الوطن وتقسيمه وإنهاكه وتمزيق نسيجه الوطني.
فالمبادرة تريد أن تخرج مارب من عنق الزجاجة ولا تريد للعدوان أن يعبث أكثر في اليمن..
والمؤكد وفق المعطيات والمؤشرات والوقائع الميدانية أن قوى العدوان ومرتزقته في تهاوٍ مستمر وتموضع منحسر وموقف لا يحسدون عليه بعد فقدانهم لحالة التوازن، والتشتت السياسي والعسكري.. غير أن ذلك لا يعني عدم الحاجة الوطنية لتجنيب مارب ويلات حرب ستمثل لا سمح الله أكبر استنزاف للمقدرات الوطنية الإنتاجية في الوقت الراهن والتي قد يغامر العدوان في تحويل مارب من طاقة محرِّكة لتنمية الوطن إلى محرقة لن تتوقف نيرانها ونتائجها في حدود اليمن والمنطقة.
• ولا يستبعد- في حال حدوث سيناريو مؤلم في مارب- أن يستهدف العدوان أهم ما يملكه اليمن من معالم التاريخ وشواهد الحضارة والسؤدد التي ينبغي أن نستلهم منها الحكمة والغيرة على الوطن ونبذ الارتزاق للعدو الخارجي وأن نستلهم منها الإبداع في إيجاد الحلول للأزمات وامتصاص الصدمات وعدم الاستسلام للمحبطات والمؤامرات.
• على أبناء مارب خصوصاً أن يجيدوا السير في رمال السياسة المتحركة!!
• لا بد لسد مارب أن يروي ظمأ أرض الجنتين، وأن يغسل عار الارتزاق والارتهان للأجنبي.
• لا بد لعرش بلقيس أن يخرج عن صمته الطويل ليتلو لنا آيات الحكمة اليمانية والعبقرية في التعامل مع الأحداث الكونية والوقائع والمتغيرات.
• لا بد من استدعاء وطنية الأقيال وعزة وبسالة وسماحة حملة راية التوحيد الإسلامي في مواجهة غطرسة الأعراب وأطماع “أدعياء الصليب” في خيرات المسلمين والعرب.
• نأمل أن تكون مارب نقطة الضوء لتجاوز نفق المشهد المظلم وتحريك المياه الراكدة في خارطة التجاذبات والأهواء والقناعات بعيداً عن الكيد السياسي والخصام البليد..
• “الهدهد” في مارب.. حرب أم سلام؟ّ!.. سؤال ستجيب عليه الأيام القادمة.