كلمات غيَّرت واقع أمة ومستقبلها
عبدالملك سام
تغيرت الأمور كثيرا منذ العام 2002م.. كان الوضع في حينه ينذر بالويل الكثير، وكانت الأمور تزداد سوءا، وكان الشياطين منتشين مما وصلوا إليه من تسلط على الناس، أولئك التائهين في أحلام بلهاء لم ولن تتحقق، والمشغولون بتلبية أكبر قدر من الرغبات المحمومة حتى ينسوا واقعهم، الضياع كان يطغى على العقول التي باتت في حالة تشبه الغيبوبة، فكنا نسقط وكل ما حولنا يسقط، ولكننا كنا غير مدركين لما يدور حولنا.
الدين.. كثرت المساجد والمنابر والمحدثون، وانتشرت المدارس التي كان الدعم يأتيها من الخارج دون حساب، وأزداد عدد الباكين على المنابر والمحاريب، وظن الناس أن الإسلام يبعث من جديد! والواقع أن الفساد زاد، والربا ينتشر، والأخلاق تتبدل، والقيم تضيع، والظلم يستشري، والصراخ يعلو، والتشرذم يتكاثر، والأحقاد تتوقد.. أصبح الدين أفيونا كما قال عنه يوما أحد المتثقفين! وذلك حدث عندما صار دينا لا يقدم شيئا، ولا يخدم سوى أولئك الذين عرفوا أنهم لو أرادوا أن يركبوا ظهورنا فعليهم أن يقنعونا بأننا كالأنعام، نأكل ونشرب ونتكاثر وننام!
وجاء من اقصى المدينة رجل يسعى.. كان يستصرخ ما تبقى من النخوة والإباء فينا، كان ينذرنا مما حدث ويحدث وسيحدث، كان يحاول أن يزيل الغشاوة عن عيون الناس، كان يمسك بالقرآن، ويحدثنا بلغة القرآن، ويدلنا بمنطق القرآن.. كان من يسمعه ينصدم بمنطقه الواضح، ولغته البسيطة، ووصفه الدقيق. كان يجيب على أسئلة طالما اعتملت في القلوب دون أن تجد الجواب، ويزيح العتمة بنور المنطق القرآني الحكيم، فازداد مريدوه وعيا وشغفا وعددا.. كان بحق رجل المرحلة العارف المشفق الحريص على الناس، لذا فكان ظهوره كافيا ليعلن كل الشياطين حالة الاستنفار لمواجهة خطره عليهم.
أمريكا وإسرائيل وأنظمة العمالة والارتزاق، ومن خلفهم جيش من المنافقين والحمقى، ومن خلفهم جحافل الجهل واليأس.. كلهم اجتمعوا على أن يقطعوا رأس هذا الثائر الخطير، ولكنهم كانوا يعلمون أن منطقه القرآني لابد وسيهزمهم، وكالعادة لابد أن يمكروا حتى لا يتحول إلى أيقونة تجذب الناس المتعطشين للحق والعدل في زمن الظلم والضلال.. قالوا عنه ساحر، ومدعي، ومجنون، وأفاق، وطامع، وعميل، ثم خارج عن القانون! استخدموا الترغيب والترهيب، واستنفروا دعاتهم وبغاتهم، هددوا الناس لينفضوا من حوله، وحشدوا الجيوش والمرتزقة والمضللين.
كان السيد حسين هادئا وهو يرى الغيوم تحتشد حوله، كان مدركا للحقيقة وما يمكن أن تفعله في قلوب هؤلاء الشياطين، فهم يعرفون الحق ويهابونه وحتما سيحتشدون ضده، لكنه كان يعلم أنهم سيحاولون عدم اظهار هذا الخوف حتى لا ينتبه الناس، وهذا ما يعطيه بعض الوقت، فماذا يفعل؟ لابد من كتابة منهج يصحح المفاهيم ويبدد الأباطيل ويروي العطشى لمعرفة الحقيقة، لابد من منهج يستمر حتى لو غاب أو غيب المعلم، لابد من منهج يتكلم بثقافة ونهج القرآن لتوضيح ما غيب عن الناس، لذا بدأ الحبر يملأ تلك الصفحات البيضاء، وأصبحت الصفحات “ملازم” يتناقلها الناس في مناطق أخرى، كان لابد أن يصل المنهج المستقى من القرآن الكريم إلى الجميع مهما كانت الصعوبات والحواجز، فالسيد يعرف أنه بهذا لن يغيب حتى لو وصل الطغاة إليه شخصيا.
ذلك القليل الذي وصلنا من علم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي كان كافيا لضمان تغيير واقعنا ومستقبلنا، ورغم المحاولات التي بذلها أولئك الطغاة وزبانيتهم لطمس الحقيقة فقد فشلوا، وقد بذلت دماء وجهود عظيمة لتصل لنا تلك الكلمات التي قالها الشهيد القائد فزلزلت عروش الطغاة، وكان هذا النهج كفيلا بجعل ثلة من المستضعفين قادرين أن يكونوا جبالا من العزم والحق والقوة والبأس، فقهروا أعتى العواصف بجهادهم الصادق واخلاقهم القرآنية، وداسوا بأحذيتهم البالية على أغلى الأسلحة وأكثرها فتكا..
ماذا عن المستضعفين الآخرين؟! ألم يأن الوقت لمسح كل الأباطيل وقراءة الملازم بتجرد وحيادية؟! لنقرأ لعلنا ننقذ أنفسنا، ولنقرأ بتمعن لنفهم ما ينفعنا، ولنتذكر أن هذه الملازم هي ما حاول الأعداء جاهدين لمنعنا من قراءتها، وأنها لنعمة كبيرة أن تتوفر لنا هذه الفرصة بكل يسر وسهولة كما هي الحال عليه اليوم.. اقرأ ولنترك الحكم على ما جاء فيها لما بعد القراءة، فقط اقرأ..