الباحثون عن الخِزْيَ

منير اسماعيل الشامي
ثمة خلق من منتسبي الجيش والأمن ظهروا لأكثر من أربعة أعوام في حالات متفاوتة، فالبعض منهم تنصَّل عن مسؤوليته وواجبه تجاه وطنه تحت جلباب الحياد وشعاره مسلم يقتل مسلم، وربما تستَّر على هذا النحو لجبنه وخوفه الذي احجمه عن كشف حقيقة ارتزاقه ومنعه من الالتحاق بصفوف المرتزقة من اليوم الأول.
والبعض منهم ظل على هذه الحال مطمئنا من بداية العدوان وحتى قام تحالف العدوان بنقل البنك وإيقاف صرف المرتبات ، وبعدها اصبح في حالة تذبذب مترددا في اتخاذ قرار البقاء أو قرار الالتحاق بصفوف الارتزاق، لأنه لم يجد أمامه بعد تفكيره طويلا إلا الخيارين السابقين وعميت بصيرته عن خيار الالتحاق بصف الوطن أو ربما خطر بباله لكنه رأى هذا الخيار بعين نفسه الخبيثة أنه خيار غير مجد، فكان حاله كحال الفأر الذي خضع لتجربة دوافع إشباع الجوع، ومثلما تولدت دوافع في نفسية الفأر جعلته يحاول اجتياز الحاجز الكهربي للوصول إلى الطعام، تولدت دوافع نفسية في نفسية هذه العينة جعلت أصحابها يتجاوزون حالة الخوف والجبن من الموت ويجازفون ويلتحقون بصفوف الارتزاق.
وطائفة منهم وتحت تأثير الجوع أيضا وبسبب ما شاهدوه من جرائم العدوان أو لأسباب أخرى استجابوا لنداء العودة إلى وحداتهم بعد نزول اللجان التي كُلِّفت بحصرهم إلى المديريات ونزلت وحضروا الدورات العسكرية والثقافية لكن معظمهم اصروا على توزيعهم بعيدا عن الجبهات في الأقسام أو النقاط، وقليل منهم توزعوا في الجبهات لكن اغلبهم ممن قال الله فيهم ( مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً) وكان دافعهم للبقاء في الجبهة هو استلام عهدة السلاح ومن ثم البحث عن مغادرة الجبهة بالعهدة بأي حجة لبيعها وأكل ثمنها ثم التوجه إلى صفوف المرتزقة.
فئة أخرى من هؤلاء الخلق حاولوا إظهار موقفهم في صف الوطن واستعدادهم للدفاع عنه إلا أنهم كلما وجهوا إلى جبهة نكصوا على أعقابهم وظلوا على هذه الحال من المرواغة لأكثر من أربعة أعوام وتفاجأنا أخيرا بغيابهم وأنهم قد رحلوا إلى مارب والبعض منهم مع زوجاتهم.
هؤلاء الخلق بكل فئاتهم هم من غضب الله عليهم لسواد قلوبهم وانحراف فطرتهم لأنها لم تتأثر لا بمجازر العدوان وجرائمه، ولا بانكشاف حقيقته وأهدافه ، ولا بانتماء إلى وطن واستشعار مظلوميته، ولا بدافع إيمان بالله وارتباط به، ولا بدورات هدى الله وآياته، فكانت عاقبتهم الخزي والعار والفضيحة والشنار، وأولهم الملتحقون أخيرا في صفوف الارتزاق .
أمر آخر هو أن هناك سائقين اصبحوا متخصصين في نقل المرتزقة وزوجاتهم ذهابا وإيابا واصبحوا معروفين لكل النقاط الأمنية والعسكرية التي تفصل الوطن عن أبواب الارتزاق وكأن عملهم هذا أصبح مشروعا ومقدسا.
هذه هي حقيقة هؤلاء الخلق التي شاهدها الجميع، مواطنين وأجهزة أمن، ولهم عينات في معظم القرى والمديريات والمدن خلال الخمس سنوات، ومنهم من ذهب وعاد مرارا وتكرارا ولم يتعرض لهم أحد، أو يسألهم أحد.
أليس هذا تفريطاً؟
وإذا كان تفريطا فمن المسؤول عن هذا التفريط؟
ثم لماذا لا تتولى الأجهزة الأمنية في كل مديرية وبالتعاون مع السلطة المحلية والمشائخ والعدول والأعيان حصر المرتزقة على مستوى كل قرية وعزلة ومديرية وتأسيس قاعدة بيانات حقيقية ومتكاملة عنهم؟
وهل سيظل هذا الوضع على ما هو عليه حتى يأتي اليوم الذي يدعي فيه المرتزقة أنهم كانوا في مقدمة الصفوف في الدفاع عن الوطن ويتهموننا نحن بالارتزاق ونكون فيه عاجزين عن الرد عليهم؟
افيدونا أثابكم الله !!!!

قد يعجبك ايضا