‭ ‬52‭ ‬عاما◌ٍ‮ ‬على ميلادها‮.. كلية بلقيس أضخم خزان استراتيجي‮ ‬لليمن‮ .. ‬يروي‮ ‬تجربتها العريقة الأستاذ فضل ردمان‮ (1-2)



‮ ‬أسسها الرعيل العملاق من رجال اليمن‮ .. ‬وأساتذتها نخبة
من أشهر الأدباء ورواد التعليم‮ ‬

,هذه أسماء المساهمين والمتبرعين المجهولين للشعب اليمني‮ ‬منذ نصف قرن

,‮ ‬الأئمة والمستعمرون جعلوا التعليم أداة فرز اجتماعي‮ .. ‬و”بلقيس‮” ‬فتحت أبوابها الذهبية لأطفال اليمن‮ ‬

,‮‬ 4‮ ‬ مراحل تعليمية‮ .. ‬و3‮ ‬فصول في‮ ‬السنة‮ .. ‬و14ساعة دراسية في‮ ‬اليوم بمناهج متقدمة‮ ‬

‮ ‬استقلال الهيئة التعليمية وإشراك المدرسين والطلبة في‮ ‬إدارة الكلية سر النجاح والتفوق‮ ‬

,‮‮ ‬أول دفعة من‮ “‬بلقيس‮ ” ‬إلى جامعة القاهرة عام‮ ‬66‬وعشرة الآف طالب تردد على الكلية حتى سنة‮ ‬68‮ ‬

,‬ أولوية قصوى لرياض الأطفال‮ .. ‬والفتيات في‮ ‬طليعة الأنشطة التربوية والثقافية والرياضية‮ ‬

الأستاذ النعمان:كلية بلقيس منارة تقدمية للعلم من أجل اليمن‮ .. ‬وليست مصنعا للقنابل والمتفجرات‮ ‬

حوار أجراه:عبدالحليم سيف

فلنبدأ بالمشهد الأول‮ .. .‬
كان ذلك التاريخ‮ ‬‮ ‬الاثنين‮ ‬6‮ ‬جماد ألأولى سنة‮ ‬1381ه‮ ‬الموافق‮ ‬16‮ ‬أكتوبر‮ ‬1961م º صباح‮ ‬يومئذ استيقظ سكان الشيخ عثمان في‮ ‬عدنº على وقع حركة نشطة لبراعم وأطفال وفتيان وفتيات في‮ ‬عمر الزهورº انتشروا في‮ ‬شوارع المدينة‮ ‬‮ ‬كل شيء فيهم مبهر‮ .. ‬زيهم الموحد‮ .. ‬أناقة مظهرهم‮ .. ‬خطواتهم الثابتة‮ .. ‬أجسامهم ونظراتهم المزهوة‮ .. ‬هاماتهم المرفوعة‮ .. ‬وابتسامتهم المبتهجة‮ .. ‬كلما اقتربت الدار الكبيرة الواقعة جنوب‮ ‬غرب المدينة º أسرعوا في‮ ‬مشيهم حتى إذا وصلوا بابها ازداد عددهم بالمئات ºقبل أن‮ ‬يصبحوا آلافاٍº في‮ ‬مشهد‮ ‬غلب عليه‮ “‬اللون الأخضر‮” .. ‬وهو بالطبع لا‮ ‬يخلوا من مغزى‮ !!‬
من هؤلاء‮ .. . !‬¿
أنهم أبناء وبنات كلية بلقيس‮ ‬‮ ‬الذين خرجوا من‮” ‬سراديب الجهل والأزقة”º إلى رحاب عالمهم الجديدºفي‮ ‬مفتتح أول‮ ‬يوم دراسي‮ .. ‬ليصبح ذاك المكان‮- ‬الذي‮ ‬كان مجهولا حتئذ‮- ‬غارقا في‮ ‬موج بشري‮ ‬يتوافد إليه صباح ومساء كل‮ ‬يوم ºوملأ صورة ساحتها حتى حوافها البعيدة º حيث بدأت تتكون قلعة وتكبر‮ ‬كمنارة شاهقة تضيء اليمن كلها بالوعي‮ ‬المتوهج‮.‬
لقد نبهتني‮ ‬هذه الصورة الحقيقية إلى النشيد الذي‮ ‬كان‮ ‬يردده الصغار والكبار في‮ ‬كل مناسبة‮ .. ‬وهو‮ ‬يجسد روح الأسرة الواحدة‮. ‬في‮ ‬مطلعه‮ :‬
‮” ‬كلية بلقيس‮ ‬‮ ‬بيتنا الثاني‮ ‬واليمن أولú‮ ‬‮ ‬بيت‮ ‬يا أخواني‮ “‬
انه أبلغ‮ ‬تعبير عن عمق العلاقة المتشابكة بين الإنسان والمكان‮ .. ‬التاريخ والزمان‮ .. ‬فالتلاميذ والتلميذات من أبناء اليمن شماله والجنوب‮ .. ‬وأساتذتها وعمادتها ومؤسسيها هم نخبة الرعيل الأول للحركة الوطنية‮ ‬الذين قدموا بسخاء مما‮ ‬يملكون‮ ‬‮ ‬لشيدوا أعظم صرح علمي‮ ‬وتربوي‮ ‬‮ ‬لصناعة عقول أجيال من الشباب المزود بسلاح العلم‮ ‬‮ ‬لينخرط أبناؤه بعد حين في‮ ‬معمعة الثورة ºثم المشاركة في‮ ‬معركة بناء مجتمع عصري‮ ‬متطور‮.‬
وفي‮ ‬لحظة تولدت عندي‮ ‬فكرة تناول هذا الموضوع‮ ‬‮ ‬وجدت نفسي‮ ‬بدون معلومات كافية‮ ‬بيد أن زميلين من أبناء‮ “‬بلقيس‮” .. ‬هما الباحث المؤرخ عبدالعزيز سلطان المنصوب‮ ‬والشاعر والكاتب عبدالكريم الرازحي‮ ‬‮ ‬اللذان أشارا إلى أن أفضل من‮ ‬يتحدث عن تجربة‮ “‬بلقيس‮ “‬‮ ‬هو الأستاذ فضل ردمان محمد مستشار أمين العاصمة الحالي‮ ‬لكونه أطوال من عاصر مسيرة الكلية منذ التحاقه بها طالباٍ‮ ‬في‮ ‬الثاني‮ ‬إعدادي‮ ‬عام‮ ‬1961م‮ ‬وعمل مدرسا‮ ‬وأميناٍ‮ ‬لصندوق الكلية عام‮ ‬1966م‮ ‬وعضواٍ‮ ‬في‮ ‬مجلسها الإداري‮ ‬ثم شغل موقع المدير المالي‮ ‬الإداري‮ ‬حتى تركها نهاية‮ ‬1974م‮ ‬كما كان الرجل شاهد عيان لكل ما جرى من تحولات ومشكلات استجدت بعد‮ ‬1967م‮. ‬وكان قريباٍ‮ ‬جداٍ‮ ‬من أعضاء مجلس الكلية وهيئة تدريسها‮ .. ‬مكنه ذلك من رصد وقائع لا‮ ‬يعرفها كثيرون وحتى طلاب الكلية‮.‬
ومن هنا كان حرصي‮ ‬على اللقاء بالأستاذ فضل ردمان‮ ‬فذهبت إليه وأمام عيني‮ ‬أكثر من علامة استفهام‮ ‬خاصة حول البدايات والنهايات‮ ‬‮ ‬التقيت به نحو خمس مرات‮ ‬‮ ‬كنت أسأله‮ .. ‬فيجيب بلا تردد‮ .. ‬عاد أكثر من مرة ليؤكد لي‮ ‬المعلومات الشفهية بمستندات ووثائق وبعض الصور الفوتوغرافية المتوفرة لديه‮ .. ‬لم‮ ‬يتضايق من كثرة أسئلتي‮ ‬º لأنه كان‮ ‬يتحدث عن أهم تجربة رائدة في‮ ‬تاريخ التعليم في‮ ‬اليمن‮ .. ‬يتداخل فيها التعليمي‮ ‬والتربوي‮ ‬بالسياسي‮ ‬والإنساني‮ .. ‬وكانت المحصلة حديث طويل وشامل هو الأول من نوعه في‮ ‬مضمونه وشخصيته‮ .. ‬والآن إلى تفاصيل الجزء الأول من الحوار‮ .‬

تحية وفاء
●أستاذ فضل ردمان‮ .. ‬فلنبدأ من حيث اللحظة الراهنة ماذا تعني‮ ‬لك الذكرى الـ52‮ ‬لميلاد كلية بلقيس¿وكيف وجدتها في‮ ‬آخر زيارة لها¿
‮-‬بداية اسمح لي‮ ‬أن اعبر عن بالغ‮ ‬سعادتي‮ ‬لمنحي‮ ‬هذه الفرصة للحديث عبر صحيفة‮ (‬الثورة‮) ‬الغراء ولأول مرة عن مكانة وتجربة كلية بلقيس كصرح تعليمي‮ ‬وتربوي‮ ‬شامخ وعريق في‮ ‬ذكرى ميلادها الــ‮ ‬52‮ ‬‭.‬‮. ‬وفي‮ ‬هذا المقام لابد من توجيه تحية إجلال ووفاء وعرفان لآبائنا وأساتذتنا الأفاضل الذين رحلوا عنا بعد أن تركوا لنا سيرهم العطرة وكانوا القدوة والمثل في‮ ‬العمل وإشاعة روح الأمل‮ .. ‬والذين لولا جهودهم الذاتية لما ولدت كلية بلقيس‮ .. ‬ولما خرج الآلاف من أطفال وشباب اليمن من الانغلاق إلى الانطلاق‮ .. ‬ولهذا فذكرى‮ “‬بلقيس‮” ‬تعني‮ ‬لي‮ ‬ولأبنائها بداية لفجر‮ ‬يتجدد لبناء اليمن الجديد بالعلم والعمل‮ .. ‬أما كيف حال‮ “‬بلقيس‮” ‬في‮ ‬ذكرى ميلادها‮ .. ‬فأنا أتابع ما‮ ‬يحدث لها من تطورات منذ أن تركتها في‮ ‬منتصف السبعينيات وحتى اليوم‮ .. ‬وفي‮ ‬كل مرة أكون في‮ ‬عدن أحرص على زيارتها مع الصديق الدكتور علوي‮ ‬عبدالله طاهر‮ .. ‬وأثناء تواجدي‮ ‬في‮ ‬مدينة الشيخ عثمان أيام إجازة عيد الأضحى المبارك‮ .. ‬وتحديداٍ‮ ‬يوم الأربعاء السادس عشر من أكتوبر الماضي‮ ‬زرت‮ “‬بلقيس ولم تعد كما تعرفها أنت وغيرك من أبنائها الذين درسوا فيها في‮ ‬ستينيات القرن العشرين‮ .. ‬فقد تغيرت أشياء كثيرة سوف أحدثك عنها لاحقا‮.‬
قبل‮ “‬بلقيس‮”‬
● ‬لك ما تريد‮ .. ‬لنخرج مؤقتا من الواقع الحالي‮ ‬وقبل أن نستعرض الخطوات الأولى لتأسيس الكلية وما تلاها من تطورات‮ .. ‬حدثنا عن ملامح التعليم في‮ ‬اليمن قبيل مولد‮” ‬بلقيس‮” ‬¿‮ ‬
‮- ‬المعروف أن التعليم قبل ميلاد‮ “‬بلقيس‮” ‬كان محدودا ومحتكرا‮ .. ‬لا وجود للمدارس العصرية في‮ ‬اليمن‮ .. ‬باستثناء عدن المستعمرة في‮ ‬تلك الأيام وجدت المدارس الأهلية مثل‮ :”‬بازرعة‮” ‬و”المعهد العلمي‮ ‬الإسلامي‮” ‬و”المدراسي‮” ‬في‮ ‬كريتر و”الأهلية‮” ‬في‮ ‬التواهي‮ ‬و”النهضة‮ “‬في‮ ‬الشيخ عثمان وكان‮ ‬يدرس فيها أبناء القادرين.وعندما ظهرت المدارس الحكومية الابتدائية والمتوسطة بما في‮ ‬ذلك كلية عدن إبان الاحتلال البريطاني‮ ‬كانت هي‮ ‬الأخرى مفتوحة للطلبة الحاملين شهادة ميلاد في‮ ‬عدن‮ .. ‬أما الذين لا‮ ‬يحملونها من أبناء الريف في‮ ‬جنوب وشمال الوطن اليمني‮ ‬فلم‮ ‬يكن بمقدورهم الانخراط في‮ ‬تلك المدارس‮ .. ‬وبسبب السياسة الإمامية الاستعمارية التي‮ ‬اتخذت من التعليم أداة للتفرقة بين أبناء وطن واحد كان من الطبيعي‮ ‬أن تجد الآلاف من الصغار والشباب‮ ‬يقعون فريسة للجهل والضِياع والتشرد‮ .. ‬حتى جاء افتتاح كلية بلقيس في‮ ‬مدينة الشيخ عثمان‮ ‬يوم‮ ‬16‮ ‬أكتوبر‮ ‬1961م‮ ‬لتحتضن أبناء اليمن المحرومين من التعليم ولتفتح أمامهم أبواب الأمل ولتعمل على إيقاظ الوعي‮ ‬الوطني‮ .. ‬وتساهم في‮ ‬دعم الثورة اليمنية حيث مثلت”بلقيس”روح الجماهير اليمنية التواقة للحرية والوحدة‮.‬
مشروع‮ ” ‬النعمان‮”‬
●كيف ولدت بلقيس الكلية¿ ومن صاحب الفكرة ¿
‮- ‬كثيرون من الأحياء ومعظمهم من الأجيال الحديثة ليس لديهم معرفة بتاريخ كلية بلقيس‮ .. ‬ومن هو صاحب الفكرة‮ .. ‬أو من كان له الفضل الأول في‮ ‬تأسيسها‮ .. ‬المهم أن‮ “‬بلقيس‮” ‬كمشروع لم‮ ‬يولد بسهولة كما قد‮ ‬يتصور البعض‮ .. ‬المهمة كانت شاقة‮ .. ‬وقد روى لي‮ ‬الأستاذ المرموق المرحوم حسين علي‮ ‬الحبيشي‮ ‬عميد كلية بلقيس الذي‮ ‬تشرفت بالعمل تحت إدارته في‮ ‬عدن‮ .. ‬ثم لازمته في‮ ‬صنعاء ومعه الأستاذ القدير والتربوي‮ ‬الكبير المرحوم سعيد قائد أحمد‮ .. ‬أن فكرة المشروع تعود إلى الأعوام الأخيرة من الخمسينيات‮ .. ‬فبعد حركة‮ ‬48‮ ‬الدستورية وإعدام قادتها من الأحرار ونجاة البعض الآخر منهم بهروبهم إلى القاهرة وعدن‮ .. ‬حدث تواصل بين من كتب لهم الحياة‮ .. ‬ودار نقاش حول سبل تغيير الأوضاع في‮ ‬البلد‮ .. ‬وفي‮ ‬نهاية المطاف وقفوا أمام اتجاهين‮ .. ‬الأول تبناه بعض مشايخ القبائل من الأحرار وخلاصته أن‮ ‬يتم جمع التبرعات من التجار وإرسالها إلى القبائل في‮ ‬الداخل‮ (‬الشمال‮) ‬للقيام بالانقلاب على الإمام أحمد‮ .. ‬في‮ ‬حين رأى الفريق الأخر أن الطريق الأفضل لليمنيين‮ ‬يكمْن في‮ ‬التعليم‮ .. ‬فهو أقوى سلاح للإطاحة بالجهل والظلم والعبودية والتخلف‮ .. ‬لذلك مال معظم الأحرار إلى هذا الرأي‮ ‬وقد تبناه الأستاذ الكبير أحمد محمد نعمان وهو صاحب الفكرة والأب الروحي‮ ‬لبلقيس‮ .. ‬حيث قام بعد عودته إلى عدن من القاهرة عام‮ ‬1960م‮ ‬بحملة مكثفة في‮ ‬أوساط التجار اليمنيين المتواجدين في‮ ‬عدن حينذاك وأقنعهم بالمساهمة والتبرع لإنشاء كلية بلقيس وهو ما تحقق بالفعل‮ .. ‬والأستاذ النعمان هو أيضا من أقنع الأستاذ الحبيشي‮ ‬بتحمل إدارة كلية بلقيس عندما التقاه في‮ ‬لندن‮.‬
●لماذا‮” ‬كلية‮” ‬وليست‮ “‬مدرسة”¿
‮- ‬الآباء المؤسسون لــ”بلقيس‮” ‬فكروا بالمستقبل وخططوا لقيام مشروع تعليمي‮ ‬طموح جداٍ‮ ‬تكون مخرجاته لخدمة اليمن ولذلك أسسوا كلية تمهيداٍ‮ ‬لجعلها جامعة شاملة لجميع العلوم والمعارف والمعاهد العلمية‮ .. ‬وقد حدد الأستاذان الجليلان النعمان والحبيشي‮ ‬ذلك التوجه في‮ ‬حفل افتتاح الكلية‮.‬
لحظة الميلاد
●يخطر في‮ ‬هذا أن أسألك عما بقي‮ ‬في‮ ‬الذاكرة من صور حفل افتتاح الكلية‮ .. ‬وكيف كانت مشاعر اليمنيين ¿‮ ‬
‮- ‬الحقيقة أن الفرحة سبقت افتتاح‮ “‬بلقيس”بأشهر‮ .. ‬وذلك عندما تسابق الآباء لتسجيل أولادهم للدراسة في‮ ‬الكلية‮ .. ‬في‮ ‬تلك الأيام كانت المسألة حلماٍ‮ .. ‬ثم توجت الفرحة الكبرى في‮ ‬الليلة التي‮ ‬شهدت فيها وقائع الافتتاح في‮ ‬مهرجان خطابي‮ ‬وفني‮ ‬جرى في‮ ‬ساحة الكلية وأمام مسرحها وبحضور حشد كبير جداٍ‮ ‬من الآباء المؤسسين والشخصيات الوطنية والمثقفين والفنانين والمواطنين والطلبة والطالبات‮ .. ‬مازلت حتى اللحظة أتذكر كيف سالت دموع الفرح من عيون الحضور‮ .. ‬خاصة عندما كانوا‮ ‬يسمعون كلمات الأستاذ المرموق والمربي‮ ‬الكبير الأستاذ حسين علي‮ ‬الحبيشي‮ ‬وهو‮ ‬يدعو أبناء اليمن في‮ ‬كل مكان إلى تعليم أبنائهم والإسراع في‮ ‬إلحاقهم بالكلية أو هو‮ ‬يعبر عن مشاعر الاعتزاز بالروح اليمنية الحية والثقة بالأمل والتفاؤل بمستقبل جديد لليمن‮ .. ‬وقد تحول افتتاح الكلية إلى حدث ضخم في‮ ‬أوساط اليمنيين أذهل الجميع بالإدارة الحكيمة والمسئولة والترابط الأسري‮ ‬بين أبناء بلقيس من العميد حتى الغفير‮ .. ‬عند هذه النقطة توقف الأستاذ فضل عن الحديث‮ .. ‬‮ ‬وذهب‮ ‬يفرد بين‮ ‬يديه ملفه الخاص ب”بلقيس‮ “‬ويلتقط من جوف الملف مجموعة من الأوراق المطبوعة بالكمبيوتر.ثم بادرني‮ ‬بقوله‮: ‬اقرأ ما قيل في‮ ‬حفل الافتتاح‮ .. ‬انظر بأي‮ ‬لغة كان عمالقة ذاك الزمن‮ ‬يفكرون في‮ ‬بعث البلد‮ .. ‬وما هي‮ ‬تصورتهم لخلق جيل جديد‮ ‬يخدم اليمن ويبني‮ ‬مستقبلها وتوحيدها‮ .. ‬فهذه كلمة الأستاذ الكبير أحمد محمد نعمان التي‮ ‬أرسلها للأستاذ الحبيشي‮ ‬من القاهرة‮ ‬‮ ‬وهذه كلمة العميد وتلك قصيدة الأستاذ أحمد حسين المروني‮ .. ‬وجميعها لم‮ ‬يسبق نشرها‮.‬
قلعة تقدمية
●أخذت أقرأ بتركيز وبصوت مرتفع أحيانا محتويات الكلمات لأعرف ماذا قال كل واحد منهم‮ .. ‬ثم عدت أتمعن بكلمة الأستاذ النعمان‮ .. ‬حتى خيل لي‮ ‬أنني‮ ‬أسمع صوته ولغته الفخمة‮ .. ‬قال في‮ ‬بعض سطورها‮ :‬
‮” .. ‬هكذا قلنا منذ عامين‮ .. ‬والكلية في‮ ‬ضمير الغيب‮ .. ‬واليوم وقد برزت إلى الوجود واستطاع المخلصون والصادقون أن‮ ‬يشيدوها وأن‮ ‬يفتحوا أبوابها‮ ‬‮ ‬ويعلنوا‮ ‬يوم ميلادها‮ .. ‬وتسابْق الشباب المدرك الواعي‮ ‬من فتيات وفتيان لأداء رسالة العلم فيها‮” .. ‬و‮ ” ‬أ ن مأساتنا الحقيقية هي‮ ‬الجهل ورثناها عن أبائنا فأضاعتنا ومزقتنا وأخرجتنا من ديارنا وأنه لحرام على كل‮ ‬يمني‮ ‬أن‮ ‬يظل هذا الميراث اللعين‮ ‬يلاحق أبناءنا وأحفادنا بعد اليوم‮”. ‬
وبعد أن‮ ‬يصف الأستاذ النعمان‮ “‬بلقيس‮” ‬بالقلعة التقدمية‮ .. ‬نجده‮ ‬يوجه حديثه لأبناء الوطن دون استثناء مخاطبا الجميع قائلاٍ‮ : ‬
‮” ‬يا أبناء اليمن في‮ ‬كل مكان‮ .. ‬أن كلية بلقيس ليست جمعية سرية للمؤامرات‮ .. . ‬ولا مصنع للقنابل والمتفجرات فاقتربوا منها مطمئنين وادخلوها بسلام أمنين‮ .. ‬أن كلية بلقيس دار للعلم والمعرفة تجذب إليها أبناءنا وبناتنا لتحررهم من الجهل وتنقذهم من الضياع‮ ‬وتحول دون تشردهم في‮ ‬الشوارع والأزقة‮ ‬لتوسع مداركهم وتنمي‮ ‬مواهبهم وتهذب نفوسهم وتصقل عقولهم وتربي‮ ‬أخلاقهم‮ .. .”‬أن فيها اليوم نحو آلف وثلاثمائة طفل ذكوراٍ‮ ‬وإناثاٍ‮ ‬وهي‮ ‬لم تبن إلا جناحاٍ‮ ‬واحداٍ‮ ‬من ستة أجنحة‮ .. ‬ويقدر العدد الذي‮ ‬تستوعبه الكلية بخمسة آلاف طالب وطالبة‮”. ‬
●ثم‮ ‬يعود الأستاذ النعمان ليدعوا التجار والعمال اليمنيين في‮ ‬عدن والمهاجرين في‮ ‬دول الاغتراب إلى سرعة المبادرة والإسهام الفاعل من أجل استكمال صرح‮ “‬بلقيس‮ ” ‬فيقول‮:‬
‮- ‬يا أبناء اليمن‮ .. ‬أن في‮ ‬هذا المشروع اليوم أكبر امتحان لوجودكم وإيمانكم وعزمكم وإرادتكم‮” .. ” ‬وأن كلية بلقيس ليست سوى النواة الروحية‮ ‬والبذرة الأولى لبناء الوطن كله بناء سليماٍ‮ .. ‬وليست مجرد بنيان‮ ‬يقام من الحجر والأسمنت والحديد ليقي‮ ‬من‮ ‬يدخله وهج الشمس ولفح الرياح‮ ‬ولذلك فلابد من أن تعد مجموعة من الشباب نفسها من أجل تحمل مهمات التعليم بعقلية متفتحة تعي‮ ‬جيداٍ‮ ‬أحوال شعبها‮ ‬وتدرك المهالك التي‮ ‬طوح فيها بالمواطنين‮ ‬‮ ‬ودفنوا فيها تاريخ أمجادهم منذ تنكبوا عن الأخذ بأسباب العلوم‮ .. ‬علوم بناء الحياة‮”.‬
●ويمضي‮ ‬النعمان‮:‬
‮ – ‬يا أبناء اليمن‮ .. ‬أن ذوي‮ ‬المال منكم مطالبون بأن‮ ‬ينفقوا مما رزقهم الله سراٍ‮ ‬وعلانية‮ .. ‬وإن خدمة الأوطان اليوم لم تعد كلاماٍ‮ ‬ولا ثرثرة ولا تشنجاٍ‮ ‬ولا ضجيجاٍ‮ ‬ولا أحلاماٍ‮ ‬ولا أماني‮. ‬وإنما تخدم الأوطان بالعلم والعمل والخبرة والفهم والتضحية والبذل والجد والتعب.أبنوا المدارس‮ ‬يا أبناء اليمن والمعاهد الفنية‮ .. ‬واخرجوا رجالاٍ‮ ‬متعلمين لبناء الوطن‮ .‬
●وختم الأستاذ النعمان كلمته البليغة بقوله‮ :‬
‮- ‬إن كلية بلقيس‮ ‬يوم تنشر أسماء الذين ساهموا وتبرعوا سيعرف الوطن كله من هم أبناؤه الحقيقيون ومن هم الغيورون على مصلحة هذا الوطن‮ . ‬سيعرف الذين تقاعسوا وتهاونوا بهذا الواجب أن الحساب عسير‮”. ‬
أجيال المستقبل
‮ ‬رفعت عيني‮ ‬من كلمة الأستاذ النعمان مؤقتاٍ‮ .. ‬وتحولت إلى كلمة الأستاذ حسين الحبيشي‮ .. ‬وكانت الأطول وفيها استعراض كامل لأهمية المشروع ورسالته وكيفية تحقيقه‮ .. ‬ومما قاله‮:‬
‮” ‬سيداتي‮ ‬سادتي‮. ‬سنكون منطقيين منصفين لو توقفنا لنستعرض الكلية في‮ ‬حاضرها وماضيها ومستقبلها‮ ‬كما نريده لها ولهذا نجتمع‮.‬
أما ماضيها فشأنه شأن أية فكرة تحمل في‮ ‬طياتها رسالة ليست عفوية ولا هي‮ ‬من بنات أفكار حالم عبقري‮ ‬وإنما أملتها ظروف مجتمع معين نهشه الجهل‮ ‬‮ ‬وتركه فريسة تتخبط في‮ ‬ظلماته الحالكة.وحسبكم أن تعلموا أنه برغم من استيعاب كليتنا لمئات الطلبة‮ ‬إلا أننا لا نكاد نعلن عن حاجتنا لعشرة طلاب مثلاٍ‮ ‬إلا وعشرات الآباء‮ ‬يتواردون بأبنائهم وبناتهم لملئ الأماكن القليلة الشاغرة‮ ‬مما اضطرنا لاستيعاب عدد أكبر مما كنا نقدر على استيعابه‮ .. ‬فأين كان هؤلاء الطلاب والطالبات ¿‮ .. ‬كانوا في‮ ‬سراديب الجهل والأزقة والشوارع تائهين ضائعين‮”.‬
و”استجابة لهذه الحاجة الملحة‮ ‬‮ ‬والضرورة القومية العاجلة هب نفر من إخوانكم‮ ‬من ذوي‮ ‬الخير الذين قد تعرفونهم وقد لا تعرفونهم‮ ‬‮ ‬لأنهم‮ ‬يودون أن‮ ‬يظلوا جنوداٍ‮ ‬مجهولين‮ ‬يبذلون المال والجهد ولا‮ ‬يزالون‮ ‬يبذلونهما لمواجهة التحدي‮ ‬واحتضان هذه الطفولة الضائعة المحتاجة للعلم وهكذا كان ميلاد بلقيس‮ .. ‬كلية بلقيس‮”.‬
●ثم‮ ‬يقول‮:‬
‮ ” ‬إن أي‮ ‬مؤسسة علمية تنشد نشر العلم‮ ‬‮ ‬في‮ ‬اعتقادنا إن هذا لا‮ ‬يكفي‮ ‬فكل مدرسة صغيرة أو جامعة‮ ‬يجب أن تحمل رسالة‮ ‬ورسالة بلقيس هي‮ ‬تثقيف أبناءها وبناتها بصفة عامة‮ ‬‮ ‬وتربيتهم بصفة خاصة‮ .. ‬تثقيفهم علمياٍ‮ ‬وإفهامهم دائماٍ‮ ‬أن العلم ليس الوسيلة لوظيفة فحسب‮ ‬وإنما هو في‮ ‬الدرجة الأولى ضروري‮ ‬كالطعام والهواء ضروري‮ ‬لآدميتهم ووطنهم والعالم أجمع وقبل ذلك نهتم بتربية أبناءنا وبناتنا تربية صحيحة لنخلق منهم مواطنين صالحين ونعني‮ ‬بذلك رجالاٍ‮ ‬يمارسون الرجولة ليس كلقب وصفة ولكن كمسئولية.ونعني‮ ‬بذلك أيضاٍ‮ ‬أمهات هن حفيدات بلقيس‮ .. ‬ورمز الضياء وهن إنسانات وكل إنسان له رسالة في‮ ‬هذه الحياة فوق اعتبارات الجنس‮ ‬ووضعها الاجتماعي‮ ‬الراهن.وبناتنا كطفلات وفتيات اليوم وأمهات‮ ‬غداٍ‮ ‬نحاول أن نشعرهن بضخامة المسئولية الملقاة على عاتقهن ليس تجاه أنفسهن فقط وإنما تجاه النصف الآخر من المجتمع حين‮ ‬يقمن بدورهن كأمهات‮.‬
●وفي‮ ‬مقطع آخر‮ ‬يبسط الأستاذ الحبيشي‮ ‬رؤيته للمستقبل فيقول‮: ‬
‮” ‬لا نريد للكلية في‮ ‬يوم من الأيام أن تصبح قلعة نائية أو ديراٍ‮ ‬في‮ ‬الصحراء تعيش بمنأى عن المجتمع الذي‮ ‬وجدت فيه فالكلية وجدت لخدمة هذا المجتمع ورفع شأنه‮ ‬لذلك سنبذل الجهد لتوطيد علاقتنا بأولياء أمور الطلبة‮ ‬يوما فيوم حتى تكون هذه العلاقة صلة دائمة‮ ‬‮ ‬وثيقة متينة في‮ ‬المستقبل عندما تفرغ‮ ‬الكلية من إرساء دعائمها التربوية والعلمية ووسيلتنا لذلك الاجتماعات في‮ ‬المستقبل والحفلات والمعارض وغيرها من الوسائل المنظمة على أن بفهم أولياء الأمور أن كلية بلقيس لا تمثل جماعة وإنما تمثل رسالة ولا تمثل شخصيات وإنما تمثل الجميع وهي‮ ‬نقطة الالتقاء في‮ ‬سبيل العلم‮ .. ‬وفي‮ ‬سبيل المجتمع‮ ‬‮ ‬وفي‮ ‬سبيل الأجيال القادمة‮”.‬
‮ ‬وختم الأستاذ الحبيشي‮ ‬مخاطبا الجميع‮ .. ‬هكذا‮ :‬
‮” ‬سيداتي‮ ‬سادتي‮ .. ‬كل من‮ ‬يشق طريقاٍ‮ ‬جديداٍ‮ ‬تعترضه العقبات‮ ‬ومن‮ ‬ينشد الكمال‮ ‬يصارع مخلفات الأجيال‮ ‬‮ ‬ونحن بشر نؤمن بالتجربة‮ ‬‮ ‬ونؤمن بالصواب ولو أخطأ المرء في‮ ‬البداية‮ ‬‮ ‬ولسنا معصومين عن الخطأ وإن حاولنا تجنبه‮ ‬‮ ‬وهنا‮ ‬يأتي‮ ‬دوركم‮ ‬‮ ‬دور مصحح الأخطاء لا مخترعها‮ ‬دور المخلص الحريص على نجاح هذه التجربة العلمية الوطنية‮ ‬‮ ‬دور الذين‮ ‬يرتفعون عن المصالح الشخصية إلى مستوى المصلحة الكبرى لبلادهم وحاجاتها العلمية وهذه الكلية ملك للشعب بأجمعه من أراد بها شراٍ‮ ‬أراد ذلك لنفسه‮ .. ‬وشعبنا جميعاٍ‮ ‬ولسنا مكتفين بهذا المطلب السلبي‮ ‬منكم‮ ‬‮ ‬وإنما نريد التأييد والتشجيع‮ ‬والمساهمة بأنواعها المختلفة من أجل العلم‮ ‬‮ ‬من أجل كلية بلقيس‮ ‬من أجل كليتكم‮”.‬
مجد‮ “‬بلقيس‮”‬
أما الأستاذ احمد المروني‮ ‬فقد حيا افتتاح كلية بلقيس بقصيدة عمودية جاءت تحت عنوان‮ “‬تحية العلúم‮” ‬قال في‮ ‬مطلعها‮:‬
‮” ‬شيدوا العلم وارفعوا أعلامه‮ ‬إنما العلم قوة وزعامة
شيدوها مدارساٍ‮ ‬تزهق الجهل‮ ‬وتمحو ضلاله وظلامه‮ “‬
ويمضي‮ ‬المروني‮ :‬

‮” ‬إن بلقيس قلعة من عقول‮ ‬تهزم الجهل ثم تمحو ظلامه
اسمها‮ ‬يبعث العزائم في‮ ‬شعــــ‮ ‬ــب‮ ‬يعاف الفنا ويبغى اقتحامه‮ “‬
إلى أن‮ ‬يقول‮:‬
‮” ‬قصر‮ “‬غمدان‮” ‬لم‮ ‬يزل ألسن الدهر‮ ‬تحيي‮ ‬نقوشه ورخامه
مجد بلقيس لم‮ ‬يشيده جهل‮ ‬أو ظلال أو سخرة أو‮ ‬غرامه‮ “‬
وختم الأستاذ المروني‮ :‬
‮”‬أنتم نسل من بنوا أخلد الآثار‮ ‬واستنبتوا الصفا ورغامه
في‮ ‬دمانا سر الحضارة‮ ‬يجري‮ ‬لو سمعنا في‮ ‬يقظة إلهامه
فلنسر للعلاء صفاٍ‮ ‬قوياٍ‮ ‬لا نبالي‮ ‬من الخصوم ملامة
مبدأ الحق لا‮ ‬يخاف انتقاداٍ‮ ‬كل نقد للحق‮ ‬يرفع هامه
سدد الله بالنجاح خطانا‮ ‬ثم زدنا هداية واستقامة‮ “‬
عقول‮ .. ‬ولكن‮!‬
●رفعت عيني‮ ‬من الورق والتفت إلى الأستاذ فضل‮ .. ‬فقال لي‮:” ‬شفت كيف كانوا‮ ‬يفكرون‮” .. ‬قلت له‮ :‬أن ما جاء في‮ ‬كل سطر من سطور هذه الكلمات‮ ‬‮ ‬لم تكن المسألة باعتقادي‮ ‬مجرد شعور أبوي‮ ‬عاطفي‮ ‬من قبل النعمان والحبيشي‮ ‬والمروني‮ ‬‮ ‬بل كانت كلماتهم نثراٍ‮ ‬وشعراٍ‮ ‬أعمق تعبيراٍ‮ ‬عن اهتمامهم ببناء الإنسان المتعلم وتربيته على الخلق والإبداع والمعرفة لكي‮ ‬يكون قادرا على المشاركة في‮ ‬تحقيق معجزة الانبعاث وإخراج اليمن من دهاليز الظلمات إلى نور الحياة والعبور على‮ “‬جسر بلقيس‮” ‬نحو فضاء جديد‮ .. ‬ثم قلت له‮ : ‬ألا ترى‮ ‬يا أستاذ أن تلك الكلمات التي‮ ‬قيلت منذ‮ ‬52‮ ‬عاما ما تزال حروفها تنبض بالحرارة وكأنها تنطق بواقع الحال ولو أن الأنظمة المتوالية على الحكم والقائمين على التربية والتعليم في‮ ‬اليمن أستو عبوا تلك الدعوات والأماني‮ ‬الذهبية لما أمسينا أو أصبحنا في‮ ‬واقع سيئ‮ .. ‬ترى أين نحن اليوم من فرسان أصالة الزمن الجميل ¿‮ ‬
‮- ‬يجيب الأستاذ فضل‮ : ‬كان لدى الرواد مشروعا عظيما للتنوير‮ ‬يضئ اليمن كلها‮ .. ‬وكانت خطواتهم تسير بشكل حثيث نحو تحقيقه‮ .. ‬أقول أن أساتذتنا الأفاضل مثل النعمان والحبيشي‮ ‬والمروني‮ ‬وغيرهم من المؤسسين لبلقيس أدركوا مبكرا خطورة الجهل وكوارثه‮ .. ‬ونظروا إلى أن التخلف هو المشكلة وان التعليم هو الحل‮ .. ‬وكما قلت لو أن الحكومات والقائمين على التعليم والتربية نفذوا ما نسبته خمسين في‮ ‬المائة من التصورات الواردة في‮ ‬كلمات أساتذتنا‮ .. ‬أو أنهم تركوا لكلية بلقيس تمضي‮ ‬في‮ ‬مشروعها الكبير لما وصلنا إلى واقع بائس في‮ ‬كل شي‮ ‬ونحن لا نريده أن‮ ‬يكون كذلك‮ .. ‬وحتى لا‮ ‬يحدث الأسوأ في‮ ‬حياتنا وفي‮ ‬مستقبل أولادنا وأجيالنا فعلينا أن نعيد قراءة وفهم دروس التجارب الناجحة ففيها الكثير من الحلول لمختلف قضايانا‮.‬
المساهمون والأنصار
●الأستاذ النعمان في‮ ‬كلمته قال ما نصه‮:” ‬يوم تنشر أسماء الذين ساهموا وتبرعوا لتأسيس كلية بلقيس سيعرف الوطن كله من هم أبناؤه الحقيقيون ومن هم الغيورون على مصلحته‮ .. .”‬فمن هم أولئك الآباء المجهولين ¿
‮- ‬سؤالك مهم جدا‮ .. ‬وبالمناسبة كثيرا مثل ما قلته‮ .. ‬وللأمانة والتاريخ ونحن نحاول توثيق الحقائق لتجربة وطنية هامة‮ .. ‬وبحسب معرفتي‮ ‬استطيع القول أن الذي‮ ‬كان له الفضل في‮ ‬مساهمته من رأس ماله في‮ ‬البداية‮ .. ‬شخصيتان من أشهر المقاولين اليمنيين‮ .. ‬الأول هو الحاج شمسان عون ألأديمي‮ ‬أما الرجل الثاني‮ ‬فهو الحاج سلام علي‮ ‬ثابت ألأديمي‮ .. ‬بعدهما توالت تبرعات أهل اليمن كافة شمالاٍ‮ ‬وجنوباٍ‮ ‬دون تردد وبينهم عدد كبير من أنصار بلقيس ولك أن تتخيل حتى العمال من أبناء الشمال في‮ ‬عدن ساهموا بدورهم في‮ ‬بناء الكلية كانوا في‮ ‬أوقات فراغهم‮ ‬يتطوعون بالعمل في‮ ‬بناء الكلية مجاناٍ‮.‬
● ‬وحين سألته عن‮ “‬أنصار بلقيس‮” ‬الذين أشار لهم‮ .. ‬وما الذي‮ ‬قدموه للكلية¿
‮- ‬أجاب بقوله‮ : ‬من ملامح تجربة‮ “‬بلقيس‮” ‬العريقة أنها تفردت دون‮ ‬غيرها من مدارس تلك المرحلة‮ ‬‮ ‬بوجود أنصار كثر لبلقيس قدموا لها إسهامات معنوية ومادية وبدون منú‮ ‬أو ادعاء‮ .. ‬منهم من تبنى رعاية عدد من طلبة الأسر الفقيرة ورعايتهم‮ .. ‬وآخرون قدموا أموالاٍ‮ ‬لاستكمال البنية الأساسية للكلية‮ .. ‬كما أن أولئك الأنصار لعبوا دوراٍ‮ ‬مؤثراٍ‮ ‬في‮ ‬المجتمع عبر تواصلهم مع أولياء الأمور وتشجيعهم على الدفع بأبنائهم وبناتهم للالتحاق للدراسة في‮ ‬بلقيس‮ .. ‬وصلة الأنصار لم تنقطع خلال العقد الأول من عمر‮ “‬بلقيس‮” .. ‬حتى عندما تغيرت الأحوال بعد الثورة والاستقلال وانتقالهم من عدن إلى صنعاء والعكس بسبب الصراعات السياسية حينذاك بقوا على علاقة قوية مع الكلية وكانوا من خيرات سفراء بلقيس‮ .‬
أما أسماء‮ “‬أنصار بلقيس‮” ‬الذين مثلوا نخبة من رجالات اليمن‮ .. ‬من الأحرار ورجال الأعمال والمثقفين والسياسيين وشيوخ العلماء الذين تواجدوا في‮ ‬عدن وقتذاك‮ .. ‬أذكر منهم‮ (‬بدون ترتيب ومع حفظ الألقاب‮) :‬أحمد محمد نعمان‮ ‬‮ ‬عبدالقادر أحمد علوان‮ ‬عبدالله فاضل فارع‮ ‬علي‮ ‬محمد باحميش‮ ‬أحمد عبده ناشر‮ ‬محمد بن سالم البيحاني‮ ‬عبدالغني‮ ‬مطهر عبده العريقي‮ ‬عبده حسن الأدهل‮ ‬عبدالله عبدالإله الأغبري‮ ‬محسن أحمد العيني‮ ‬‮ ‬عبدالمجيد السلفي‮ ‬محمد أحمد نعمان‮ ‬قائد محمد ثابت‮ ‬هائل سعيد أنعم‮ ‬عبدالرحمن عبدالرب‮ ‬اللواء محمد قائد سيف‮ ‬‮ ‬محمد عبدالواسع حميد‮ ‬عبدالقوي‮ ‬مكاوي‮ ‬علي‮ ‬أحمد الأحمدي‮ ‬حمزة محمد ناصر‮ ‬سلطان عبده ناجي‮ ‬قاسم‮ ‬غالب أحمد‮ ‬محمد عوض باوزير‮ ‬د.محمد سعيد العطار‮ ‬محمد علي‮ ‬المقطري‮ ‬محمد سعد القباطي‮ ‬علي‮ ‬محمد سعيد أنعم‮ ‬محمد علي‮ ‬عبده‮ ‬عبدالمجيد الاصنج‮ ‬طاهر أنعم‮ ‬غالب‮ ‬ياسين محمود الدبعي‮ ‬علي‮ ‬محمد عبده‮ ‬عبدالملك أسعد‮ ‬شاهر سيف أحمد الاصنج‮ ‬محمد علي‮ ‬لقمان‮ ‬‮ ‬ومجاهد عبدالله مقطري‮ ‬‮ ‬علي‮ ‬سعيد الحكيمي‮ ‬
محمد عبدالحليم الأغبري‮ ‬ناشر عبدالرحمن العريقي‮ ‬محمد سالم باسندوة‮ ‬محمد أحمد شعلان‮ ‬محمد علي‮ ‬الأسودي‮ ‬د.محمد عبده‮ ‬غانم‮ ‬هائل عبدالولي‮ ‬العريقي‮ ‬عبدالله عبدالمجيد الأصنج‮ ‬أحمد عبده حمزة‮ ‬عبدالقوي‮ ‬إبراهيم حاميم‮ ‬‮ ‬عبدالرحمن محمد عمر العبسي‮ ‬علي‮ ‬حسين‮ ‬غالب الوجيه‮ ‬محمد محسن النينو‮ ‬محمد عبده أنعم‮ ‬محمد مهيوب ثابت‮ ‬أحمد ناجي‮ ‬العديني‮ ‬محمد علي‮ ‬باشراحيل‮ ‬محمد حسين الوتاري‮ ‬‮ ‬محمد‮ ‬غالب الدميني‮ ‬محمد الحاج المحلوي‮ ‬محمد سالم باشنفر‮ ‬عبدالله محمد حاتم‮ ‬علي‮ ‬عبدالعزيز نصر‮ ‬عبدالله علي‮ ‬السنيدار‮ ‬عبدالصمد مطهر سعيد‮ ‬عبدالوهاب ثابت‮ ‬وأحمد‮ ‬يحيى الكحلاني‮.‬
●إذن دعني‮ ‬أسألك عن المالك الحقيقي‮ ‬لكلية بلقيس ¿
‮- ‬المالك الحقيقي‮ ‬للكلية هو الشعب اليمني‮ .‬
●هل‮ ‬يعني‮ ‬ذلك أن الكلية كانت بعيدة عن هيمنة سياسة بريطانيا¿
‮- ‬بكل تأكيد كانت الكلية بعيدة عن هيمنة الحكومة البريطانية‮ .. ‬فقد اشتهرت بلقيس بان لها الحرية فيما تريده وكان أن استقلت بمواردها المالية وتصريف أمورها وشؤونها الإدارية والتنظيمية ولها سياستها التعليمية والتربوية المرتكزة على الوطنية اليمنية والقومية العربية والإسلامية والإنسانية‮.‬
هيئة مستقلة
●‬في‮ ‬الشهادات الممنوحة للطلبة‮ ‬يبرز اسم‮:”‬هيئة التربية والتعليم اليمنية”وتحتها‮ ” ‬كلية بلقيس‮ -‬عدن‮” ‬من المقصود بتلك الهيئة ¿
‮- ‬المقصود بهيئة التربية والتعليم هي‮ ‬الهيئة التأسيسية للكلية‮ .. ‬وكانت تضم في‮ ‬بداية نشأتها ثمانية أعضاء من الآباء الأفاضل‮ .. ‬هم‮ :‬الحاج شمسان عون‮ ‬الحاج سلام علي‮ ‬ثابت‮ ‬احمد حيدر ثابت‮ ‬صلاح اسعد عبيد‮ ‬عبدالواحد محمد احمد نعمان‮ ‬عبدالقادر سعيد عبدالله‮ ‬‮ ‬محمد عبدالرحمن القرشي‮ ‬والحاج هائل سعيد انعم‮ ‬وبعد انضمام مدرسة‮ “‬النهضة‮ “‬إلى الكلية في‮ ‬العام‮ ‬1963م أضيف إليهم الأساتذة‮ : ‬إدريس أحمد حنبلة وسعيد أحمد الجناحي‮ ‬وعلي‮ ‬عبدالعزيز نصر‮ .. ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1969م‮ ‬انضم إليهم نصر محمد احمد والذي‮ ‬أصبح أميناٍ‮ ‬عاماٍ‮ ‬لهيئة التربية والتعليم اليمنية لكلية بلقيس‮.‬
حنكة الإدارة
●وماذا عن الهيكل الإداري‮ ‬للكلية¿ سألته‮:‬
‮- ‬الهيكل الإداري‮ ‬لكلية بلقيس ليس معقداٍ‮ ‬ولا ضخماٍ‮ ‬فكان عبارة عن فريق منسجم ومتناغم‮ ‬يتكون من العميد الأستاذ حسين علي‮ ‬الحبيشي‮ ‬ونائب العميد الأستاذ الأديب محمد انعم‮ ‬غالب‮ ‬‮ ‬الأمين العام للكلية الأستاذ سعيد قائد أحمد‮ ‬‮ ‬ومدير المرحلة الأستاذ محمد سعيد الشطفة‮ ‬‮ ‬ومدير المرحلة الأستاذ علي‮ ‬محمد حيدر‮ ‬وسكرتير المجلس حسن صالح شهاب‮ ‬‮ ‬والمسئول المالي‮ ‬والإداري‮ ‬فضل ردمان محمد إلى جانب عمله مدرساٍ‮ ‬في‮ ‬الفترة المسائية‮ ‬‮ ‬ومحمد سالم شهاب وعوض فضل شيبان في‮ ‬الحسابات‮ ‬ولعل من أهم عوامل وأسباب نجاح إدارة الكلية‮ ‬يعود بالدرجة الأولى لحنكة ودهاء وهيبة العميد الحبيشي‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يتمتع بشخصية قوية وجادة وصارمة وخبرة تربوية وإدارية عالية اكتسبها من دراسته في‮ ‬المملكة المتحدة‮.‬
نخبة الأساتذة
●قلت:والهيئة التعليمية ¿
‮- ‬من مفاخر كلية بلقيس أنها جمعت نخبة مرموقة من أكفاء الأساتذة من الرعيل الأول للرواد الحقيقيين للتعليم الذين حملوا مشاعل المعرفة لينيروا الطريق للأجيال المحرومة من العلم والمعرفة‮ ‬‮ ‬وقد تطورت هيئة التدريس بشكل كمي‮ ‬ونوعي‮ ‬خلال السنوات الثماني‮ ‬الأولى من عمرها‮ .. ‬فضمت أكثر من‮ (‬70‮) ‬معلما ومعلمة من خريجي‮ ‬أشهر الجامعات العربية والأجنبية كالقاهرة وبغداد وبيروت ولندن وأمريكا واندنوسيا وفرنسا وهم‮: ‬محمد أنعم‮ ‬غالب‮ ‬‮ ‬محمد عبدالعزيز سلام‮ ‬أحمد حسين المروني‮ ‬عبدالله عبدالرزاق باذيب‮ ‬محمد عمر صبري‮ ‬محمد سعيد شطفة‮ ‬‮ ‬صالح نصيب‮ ‬‮ ‬سلطان أحمد عمر‮ ‬علي‮ ‬عوض بامطرف‮ ‬عبدالرحيم محمد الأهدل‮ ‬عبدالفتاح إسماعيل‮ ‬أبوبكر عبدالرزاق باذيب‮ ‬قاسم‮ ‬غالب أحمد‮ ‬محمد عبده علي‮ ‬عبدالجبار نعمان‮ ‬علي‮ ‬عبدالجبار‮ ‬عمر عبده الدهبلى‮ ‬سعيد أحمد سيف‮ ‬عبدالودود سيف العريقي‮ ‬محمد أحمد حيدرة‮ ‬‮ ‬محمد سعيد مسواط‮ ‬‮ ‬عبود أبوبكر باعشر‮ ‬‮ ‬علي‮ ‬محمد حيدر الاصبحي‮ ‬‮ ‬علي‮ ‬احمد حيدر المقطري‮ ‬أحمد عبدالله حيدرة‮ (‬الباشا‮)‬‮ ‬عبدالجبار هائل عبدالولي‮ ‬عبدالله عيدروس‮ ‬عبدالله حسن العالم‮ ‬عبدالوهاب القنوع‮ ‬أحمد عمر بن سلمان‮ ‬عبدالعزيز عبدالغني‮ ‬صالح‮ ‬‮ ‬القرشي‮ ‬عبدالرحيم سلام‮ ‬عثمان محمود عسيري‮ ‬صالح باعيسى‮ ‬فارع عبده فارع عزعزي‮ ‬محمد ثابت فارع‮ ‬محمد احمد شهاب‮ ‬علي‮ ‬عبدالجليل‮ ‬سلام مارش‮ ‬وعوض سالم عوض‮ “‬عوضين‮” .. ‬وبعد ارتفاع عدد الطلبة والتوسع في‮ ‬المراحل الدراسية استعانت عمادة الكلية ومجلسها بمجموعة من الطلاب الكبار المتفوقين في‮ ‬الثانوية العامة للتدريس في‮ ‬المرحلة الابتدائية من هؤلاء‮ : ‬عبدالجبار طاهر سعيد‮ ‬علي‮ ‬إسماعيل سيف‮ ‬‮ ‬علوي‮ ‬عبدالله طاهر‮ ‬ياسين عبدالقادر‮ ‬قاسم سيف سلام‮ ‬‮ ‬علي‮ ‬أحمد الدعيس‮ ‬‮ ‬صالح احمد صالح‮ ‬أحمد علي‮ ‬مقبل‮ ‬‮ ‬محمد عبدالقادر هاشم الشعبي‮ ‬فضل ردمان محمد‮ ‬‮ ‬ونجيب احمد الباشا‮ .. ‬وللمرأة اليمنية مكانة في‮ ‬عضوية هيئة التدريس في‮ ‬كلية بلقيس أبرزهن‮ :‬
زهرة حبيشي‮ ‬‮ ‬جوهرة أحمد حيدر‮ ‬رفيقة أحمد شرف‮ ‬زينب عبدالرحمن عبدالرب‮ ‬خولة معتوق‮ ‬أم السعد محمد‮ ‬غريب‮ ‬نجاة سالم منصور‮ ‬اعتدال عرفات‮ ‬جليلة سعيد مقبل‮ ‬أم الخير حسن علي‮ ‬أنيسة حسن علي‮ ‬فريال حسن‮ ‬عفاف عبدالله العصيمي‮. ‬
●ولكن الكلية استعانت بالمدرسين العراقيين‮ .. ‬لماذا ¿
‮- ‬صحيح‮ .. ‬كان ذلك في‮ ‬العام‮ ‬65‮ ‬عندما تم اعتماد المناهج الدراسية العراقية حيث دعمت دولة العراق الكلية بعدد من المدرسين وأذكر منهم‮ :‬هاني‮ ‬عز الدين ومحمد‮ ‬يونس العبيدي‮ ‬وطالب حسن العمبكي‮ ‬وعلي‮ ‬جواد الحبيب ومحمد علي‮ ‬إبراهيم‮ (‬البرين‮).‬
أربع مراحل
●وماذا عن المراحل التعليمية وتاريخ بدايتها وتطورها¿
‮- ‬دشنت كلية بلقيس مسيرتها بثلاث مراحل تعليمية هي‮:‬رياض الأطفال‮ ‬‮ ‬الابتدائية والإعدادية وضمت في‮ ‬صفوفها نحو‮(‬1300‮) ‬تلميذا وتلميذة‮ .. ‬وكان لكل مرحلة سنواتها وخصوصيتها ومستواها وأعمار تلاميذها إلى منهجها وأساتذتها وحتى شكل زيها الموحد.وهذا النظام التعليمي‮ ‬لم‮ ‬يأت بشكل عشوائي‮ ‬وإنما جاء وفقاٍ‮ ‬للخطة المرسومة من قبل عمادة الكلية ومجلس إدارتها.فالمرحلة الأولى وأعني‮ ‬بها الروضة بدأت بـــــ‮” ‬140‮” ‬من البراعم ممن تراوحت أعمارهم بين الرابعة والخامسة‮ .. ‬أما المرحلة الابتدائية فشكلت العمود الفقري‮ ‬أو الجسم الأكبر في‮ ‬عام التأسيس وذلك لكثرة تلاميذها‮ .. ‬ووفقاٍ‮ ‬للأرقام الموثقة نجد أن هذه المرحلة في‮ ‬العام الدراسي‮ (‬61‮-‬1962‮)‬م‮ ‬بدأت بــــ‮( ‬900‮) ‬تلميذ من الجنسين‮ ‬موزعين على‮ (‬25‮) ‬فصلاٍ‮ ‬دراسياٍ‮ ‬من الأول وحتى السادس الابتدائي‮ .. ‬ومع العام الدراسي‮ (‬63‮- ‬1964‮)‬م‮ ‬تشهد الكلية تطوراٍ‮ ‬كمياٍ‮ ‬في‮ ‬أعداد الطلبة‮ ‬إذ بلغ‮ ‬الرقم نحو‮(‬1677‮) ‬تلميذاٍ‮ ‬وتلميذة‮ .. ‬وارتفع عددهم إلى‮ (‬2300‮) .. ‬ولمواجهة تلك التطورات أقرت عمادة الكلية الدراسة على فترتين صباحية وظهرية‮ .. ‬وتم الأخذ بنظام‮ “‬الشْعِبú‮” ‬على نطاق كل فصل‮ .. ‬فسادس شعبتان‮ .. ‬وخامس ثلاث شعب‮ .. ‬ورابع خمس شعب وهكذا‮. ‬
●ما تفسيرك لكثرة طلبة المرحلة الابتدائية¿
‮- ‬هناك أسباب عديدة للكثرة العددية لتلاميذ المرحلة الابتدائية حينئذ منها أن معظم التلاميذ لم‮ ‬يسبق لهم أن تلقوا تعليماٍ‮ ‬حديثاٍ‮ ‬وإنما حصلوا على التعليم التقليدي‮ ‬في‮ ‬المعلامة والكتاتيب‮ .. ‬ولهذا فقد تم تحديد منتسبي‮ ‬كل فصل من خلال العمر وتحديد المستوى‮ .. ‬وكان متوسط النسب العمرية من السابعة وحتى الثانية عشرة‮. ‬
●وماذا عن المرحلة الإعدادية ¿
‮- ‬طلاب المرحلة الإعدادية والمتوسطة كانوا أقل عدداٍ‮ ‬في‮ ‬العام الأول من عمر الكلية‮ .. ‬وهذه المرحلة بـدأت بـ‮(‬400‮) ‬طالب وطالبة‮. ‬ثم ارتفع الرقم إلى نحو‮ ( ‬1400‮) ‬عام1967م وقفز العدد عام‮ ‬1970م إلى‮ (‬2300‮) ‬طالب وطالبة‮ ‬‮ ‬ومع حلول عام‮ ‬1975ثم بدأ عدد الطلبة‮ ‬يقل بسبب انتقال العديد منهم إلى شمال الوطن أو إلى مدارس أخرى في‮ ‬عدن‮.‬
● ‬والمرحلة الثانوية ¿
‮- ‬بدأت بلقيس المرحلة الثانوية في‮ ‬العام الدراسي‮ (‬1964‮-‬1965‮) ‬بصفين‮ ‬يضمان‮ (‬85‮) ‬طالباٍ‮ ‬وزاد عدد الشعب الثانوية مع انتقال الطلبة من المرحلة الإعدادية‮ ‬وبعد فترة تم استكمال القسم التجاري‮ ‬مساءٍ‮ ‬حيث كانت الدراسة تستمر على ثلاث فترات من الثامنة صباحا وحتى التاسعة ليلاٍ‮ ‬من كل‮ ‬يوم‮ .. ‬وفي‮ ‬عام‮ ‬1966م‮ ‬أرسلت‮ “‬بلقيس‮” ‬أول دفعة من طلاب الثانوية إلى القاهرة للدراسة الجامعية‮.‬
ثلاثة فصول
●وماذا عن التقويم المدرسي‮ ‬¿
‮- ‬أجاب‮: ‬بالنسبة لتقويم المدرسي‮ ‬في‮ ‬بلقيس كان‮ ‬يمتد بين‮ ‬240‮ ‬و‮ ‬260‮ ‬يوم دراسي‮ ‬على مدار السنة تتوزع على ثلاث فصول‮ .. ‬الفصل الأول‮ ‬يبدأ‮ ‬يوم الاثنين من الأسبوع الثاني‮ ‬من‮ ‬يناير وينتهي‮ ‬في‮ ‬الأسبوع الأول من ابريل بأداء الطلبة لامتحانات الفصل‮ ‬يعقبها إجازة قصيرة مدتها‮ ‬10‮ ‬أيام‮ .. ‬لتستأنف الدراسة في‮ ‬الفصل الثاني‮ ‬من منتصف أبريل وحتى نهاية‮ ‬يونيو‮ .. ‬وأما الفصل الثالث‮ (‬صيفي‮) ‬فمدته شهران حيث‮ ‬ينتهي‮ ‬مطلع سبتمبر بالاختبارات النهائية التي‮ ‬تحدد انتقال الطالب الناجح إلى الفصل التالي‮ ‬أو المرحلة التالية‮ .. ‬‮ ‬ثم‮ ‬يذهب الطلبة لقضاء الإجازة الصيفية وتستمر شهران ونصف ثم‮ ‬يبدأ عام دراسي‮ ‬جديد‮ .. ‬وهذا التقليد درجت عليه بلقيس منذ ميلادها‮.‬
مناهج متقدمة
●ما هي‮ ‬المقررات والمناهج الدراسية في‮ ‬الكلية ¿‮ ‬
‮- ‬ما‮ ‬يتعلق بالمناهج والمقررات‮ .. ‬اختارت عمادة الكلية مجموعة من خيرة الأساتذة اليمنيين ممن لهم باع طويل في‮ ‬مجال التعليم لوضع منهج دراسي‮ ‬متقدم هدفه خلق جيل متعلم‮ ‬يعرف كيف‮ ‬يفكر‮ .. ‬وماذا‮ ‬يريد أن‮ ‬يكون في‮ ‬المستقبل‮ .. ‬ولهذا تم اختيار بعض المواد العلمية من المنهج المصري‮ .. ‬وبالنسبة لمنهج التاريخ والتربية كان‮ ‬يمنياٍ‮ .. ‬وفي‮ ‬المرحلة الأخيرة تم التحول إلى المنهج العراقي‮ ‬مع التوسع بالمواد المتعلقة بالتربية الوطنية والتاريخ‮ .. ‬ولا أبالغ‮ ‬في‮ ‬القول أن طلبة بلقيس تلقوا تعليماٍ‮ ‬متقدماٍ‮ ‬وقوياٍ‮ .. ‬وقد علمت في‮ ‬ما بعد بان العديد من المدارس في‮ ‬شمال الوطن فيذلك الحين اعتمدت مناهج كلية بلقيس منها مدرسة الحرية في‮ ‬الأعبوس بتعز وغيرها‮ .. ‬وكما قلت أن لكل مرحلة منهجها الدراسي‮ ‬فيدرس تلاميذ الابتدائية من الجنسين من الأول وحتى سادس مواد رئيسية من اللغتين العربية والانجليزية والتربية الدينية والحساب والتربية الوطنية‮ ‬والتاريخ‮ ‬والجغرافية والعلوم العامة ومواد تتصل بالتربية الفنية والأعمال اليدوية والموسيقى‮ ‬والتربية البدنية.أما بالنسبة للمرحلتين الإعدادية والثانوية فإضافة إلى المواد السابقة مع تغير محتوى كل مادة‮ ‬يدرس الطلاب مواد علمية جديدة مثل‮: ‬الجبر‮ ‬الهندسة المستوية‮ ‬الهندسة التحليلية‮ ‬المثلثات‮ ‬علم الاجتماع‮ ‬‮ ‬الاقتصاد‮ ‬العلوم العامة‮ ‬‮ ‬الميكانيكا‮ ‬الفيزياء الكيمياء‮ ‬وعلم الأحياء‮ ‬وكان أسلوب التعليم في‮ ‬بلقيس لا‮ ‬يتركز على شرح الأستاذ ونصف فهم للكتب المدرسية‮ .. ‬وإنما على التطبيق العلمي‮ ‬في‮ ‬مختبرات الكلية وإجراء التجارب العلمية كواجبات منزلية‮.‬
مظلة لليمنيين
●في‮ ‬كتابه‮ (‬محطات حياتي‮)‬أوضح الأستاذ حسين على الحبيشي‮ ‬عميد بلقيس أن‮:”‬الغرض الأساسي‮ ‬من إنشاء الكلية كان لأبناء الشماليين المحرومين من دخول المدارس الحكومية ثم اكتشفنا أن معظم أبناء المحميات والسلطنات هم أيضاٍ‮ ‬من المحرومين من التعليم في‮ ‬المدارس الحكومية فتم قبولهم‮ .. .‬وانه تردد على الكلية عشرة ألاف طالب وطالبة خلال السبع السنوات الأولى من عمر بلقيس الكلية”ماذا تعرف من تفاصيل هذا القرار¿وكيف عملت عمادة الكلية على استيعاب العدد المتزايد ¿
‮- ‬الهدف الأول لإنشاء كلية بلقيس هو إيواء أبناء اليمن من شمال الوطن وبعض محميات عدن الذين ترفض تعليمهم المدارس الحكومية بحجة أنهم لم‮ ‬يولدوا في‮ ‬عدن ولا‮ ‬يحملون شهادة ميلاد‮ .. ‬وفي‮ ‬الواقع فتحت الكلية أبوابها للجميع دون استثناء‮ ‬وفي‮ ‬العام الأول من افتتاح الكلية كان عدد الطلاب والطالبات‮ ‬1300‮ ‬كما أشرت سابقا ثم وصل العدد إلى نحو‮ ‬3700‮ ‬طالب وطالبة انتظموا في‮ ‬كافة المراحل الدراسية حتى العام الدراسي‮ (‬1974‮-‬1975‮)‬م‮ ‬وبالفعل كما قال الأستاذ الحبيشي‮ ‬تردد على الكلية عشرة آلاف طالب وطالبة خلال السنوات الثماني‮ ‬الأولى من عمرها فقد كان كثيرون‮ ‬يبدءون تعليمهم في‮ ‬بلقيس ثم‮ ‬يغادرونها بعد أعوام إلى شمال الوطن بسبب ظروف آبائهم‮ .. ‬وكان طلاب‮ “‬بلقيس‮” ‬من مختلف الأعمار بنين وبنات الذين قْدر لهم أن‮ ‬يلتقوا تحت مظلة‮ “‬بلقيس‮” ‬من أنحاء اليمن‮ .. ‬لا شي‮ ‬يشغل فكرهم عدا التحصيل العلمي‮ ‬والتفوق والنجاح‮ .. ‬حولوا صفوف الكلية وساحتها ومدرجاتها إلى خلية نحل وحركة لا تنقطع ليل نهار‮ .. ‬وتميزت روح طلبة وطالبات بلقيس بالنقاء والمحبة والتنافس الشريف على احتلال المراكز المتقدمة بجدارة وتفوق‮ .. ‬لا مجال للغش.أو الاعتماد على الغير كما‮ ‬يحدث هذه الأيام في‮ ‬مدارسنا للأسف‮.‬

قد يعجبك ايضا